الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - باب فِي خَبَرِ الجَسّاسَةِ
4325 -
حَدَّثَنا النُّفَيْلي، حَدَّثَنا عُثْمانُ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنا ابن أَبي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْري، عَنْ أَبي سَلَمَةَ، عَنْ فاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَّرَ العِشاءَ الآخِرَةَ ذاتَ لَيْلَةٍ ثُمَّ خَرَجَ فَقالَ:"إِنَّهُ حَبَسَني حَدِيثٌ كانَ يُحَدِّثُنِيهِ تَمِيمٌ الدّاري، عَنْ رَجُلٍ كانَ في جَزِيرَةٍ مِنْ جَزائِرِ البَحْرِ فَإِذا أَنا بِامْرَأَةٍ تَجُرُّ شَعْرَها قالَ: ما أَنْتِ؟ قالَتْ: أَنا الجَسّاسَةُ، اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ القَصْرِ. فَأَتَيْتُهُ فَإِذا رَجُلٌ يَجُرُّ شَعْرَهُ مُسَلْسَلٌ في الأَغْلالِ يَنْزُو فِيما بَيْنَ السَّماءِ والأَرْضِ فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قالَ: أَنا الدَّجّالُ خَرَجَ نَبي الأُمِّيِّينَ بَعْدُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قالَ: أَطاعُوهُ أَمْ عَصَوْهُ قُلْتُ: بَلْ أَطاعُوهُ. قالَ: ذاكَ خَيْرٌ لَهُمْ"(1).
4326 -
حَدَّثَنا حَجّاجُ بْن أَبي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنا أَبي قالَ: سَمِعْتُ حُسَيْنًا المُعَلِّمَ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْن بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنا عامِرُ بْنُ شَراحِيلَ الشَّعْبي، عَنْ فاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قالَتْ: سَمِعْتُ مُنادي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنادي أَنِ الصَّلاةَ جامِعَةٌ. فَخَرَجْتُ فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاةَ جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ قالَ: "لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسانٌ مُصَلَّاهُ". ثمَّ قالَ: "هَلْ تَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟ ". قالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قالَ: "إِنّي ما جَمَعْتُكُمْ لِرَهْبَةٍ وَلا رَغْبَةٍ ولكن جَمَعْتُكُمْ أَنَّ تَمِيمًا الدّاريَّ كانَ رَجُلًا نَصْرانِيّا فَجاءَ فَبايَعَ
(1) رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3180)، (3181)، وأبو يعلى في "معجم شيوخه"(157)، والطبراني 24/ 372 (923).
نقل الترمذي في "علله الكبير" 2/ 828 عن البخاري أنه سأله عن حديث الجساسة، فقال البخاري: يرويه الزهري عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس، وحديث الشعبي عن فاطمة بنت قيس في الدجال هو حديث صحيح.
وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح قصة الدجال.
وَأَسلَمَ وَحَدَّثَني حَدِيثًا وافَقَ الذي حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الدَّجّالِ حَدَّثَني أَنَّهُ رَكِبَ في سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذامٍ فَلَعِبَ بِهِمُ المَوْجُ شَهْرًا في البَحْرِ وَأَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ حِينَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ فَجَلَسُوا في أَقْرَبِ السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْهُمْ دابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرَةُ الشَّعْرِ قالُوا: وَيْلَكِ ما أَنْتِ؟ قالَتْ: أَنا الجَسّاسَةُ انْطَلِقُوا إِلَى هذا الرَّجُلِ في هذا الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْواقِ. قالَ: لَمّا سَمَّتْ لَنا رَجُلًا فَرِقْنا مِنْها أَنْ تَكُونَ شَيْطانَةً فانْطَلَقْنا سِراعًا حَتَّى دَخَلْنا الدَّيْرَ فَإِذا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسانٌ رَأَيْناهُ قَطُّ خَلْقًا وَأَشَدُّهُ وَثاقًا مَجْمُوعَةٌ يَداهُ إِلَى عُنُقِهِ". فَذَكَرَ الحَدِيثَ، وَسَأَلهُمْ عَنْ نَخْلِ بَيْسانَ وَعَنْ عَيْنِ زُغَرَ وَعَنِ النَّبي الأُمّي قالَ: إِنّي أَنا المَسِيحُ وَإِنَّهُ يُوشِك أَنْ يُؤْذَنَ لي في الخُرُوجِ.
قالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "وَإِنَّهُ في بَحْرِ الشّامِ أَوْ بَحْرِ اليَمَنِ لا بَلْ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ ما هُوَ". مَرَّتَيْنِ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ قِبَلَ المَشْرِقِ قالَتْ: حَفِظْتُ هذا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَساقَ الحَدِيثَ (1).
4327 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن صُدْرانَ، حَدَّثَنا المُعْتَمِرُ، حَدَّثَنا إِسْماعِيلُ بْنُ أَبي خالِدٍ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عامِرٍ قالَ: حَدَّثَتْني فاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَرَ وَكانَ لا يَصْعَذ عَلَيْهِ إِلَّا يَوْمَ جُمْعَةٍ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ ذَكَرَ هذِه القِصَّةَ.
قالَ أَبُو داوُدَ: وابْن صُدْرانَ بَصْري غَرِقَ في البَحْرِ مَعَ ابن مِسْوَرٍ لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ غَيْرُهُ (2).
4328 -
حَدَّثَنا واصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، أَخْبَرَنا ابن فُضَيْلٍ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيعٍ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذاتَ يَوْمٍ عَلَى المِنْبَرِ: "إِنَّهُ بَيْنَما أُناسٌ يَسِيرُونَ في البَحْرِ فَنَفِدَ طَعامُهُمْ فَرُفِعَتْ
(1) رواه مسلم (2942). وانظر ما قبله وما بعده.
(2)
انظر سابقيه.
لَهُمْ جَزِيرَةٌ فَخَرَجُوا يُرِيدُونَ الخُبْزَ فَلَقِيَتْهُمُ الجَسّاسَةُ".
قُلْت لأَبي سَلَمَةَ: وَما الجَسّاسَةُ؟ قالَ: امْرَأَةٌ تَجُرُّ شَعْرَ جِلْدِها وَرَأْسِها. قالَتْ: في هذا القَصْرِ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ، وَسَأَلَ عَنْ نَخْلِ بَيْسانَ وَعَنْ عَيْنِ زُغَرَ قالَ: هُوَ المَسِيحُ فَقالَ لي ابن أَبي سَلَمَةَ: إِنَّ في هذا الحَدِيثِ شَيْئًا ما حَفِظْتُهُ قالَ شَهِدَ جابِرٌ أَنَّهُ هُوَ ابن صَيّادٍ قُلْتُ: فَإِنَّهُ قَدْ ماتَ. قالَ: وَإِنْ ماتَ. قُلْتُ: فَإِنَّهُ أَسْلَمَ. قالَ: وَإِنْ أَسْلَمَ. قُلْتُ: فَإِنَّهُ قَدْ دَخَلَ المَدِينَةَ. قالَ: وَإِنْ دَخَلَ المَدِينَةَ (1).
* * *
باب في خبر الجساسة
[4325]
(ثنا) عبد اللَّه (النفيلي، ثنا عثمان بن عبد الرحمن) بن مسلم الحراني الطرائفي، وثقه ابن معين (ثنا) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة (ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن فاطمة بنت قيس) الفهرية أخت الضحاك، من المهاجرات، عاشت إلى زمن ابن الزبير.
(أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أخر العشاء الآخرة) يرجح القول بأن تأخيرها إلى ثلث الليل أو نصفه أفضل، وهو أحد قولي الشافعي (2)(ذات ليلة، ثم خرج فقال: إنه حبسني) فيكم، وفيه مشروعية اعتذار الكبير للصغير، وبيان عذره (حديث كان يحدثنيه تميم الداري) لأنه من دارين، هو
(1) رواه أبو يعلى 4/ 119 - 120 (2164)، 129 - 130 (2178)، 142 - 143 (2200).
قال الألباني في "ضعيف أبي داود": ضعيف الإسناد.
(2)
انظر: "الحاوي" 2/ 25.
نسبة إلى أحد أجداده الدار فلينتبه. قاله مقاتل بن حيان، وهي قرية من بلاد فارس على شاطئ البحر، وهي مرفأ سفن الهند، منها أنواع الطيب، يقال: مسك دارين، وطيب دارين، وليس بدارين طيب.
(عن رجل كان في جزيرة من جزائر البحر) زاد في رواية: "لا يعرفونها"(1)(فإذا بامرأة) سيأتي في الحديث الذي بعده أنها دابة. فيحتمل أن يجمع بين الحديثين أن للدجال جاسوستين دابة وامرأة، ويحتمل أن المرئي في كلا الحديثين شيطان أو شيطانة، وهي شخص واحد، ففي هذا الحديث أنه رآها على صورة امرأة، وفي الحديث الآتي أنه رآها على صفة دابة، فإن الشيطان يتمثل في أي صورة شاء.
(تجر شعرها) يعني: على الأرض فيسترها، فلا يرى قبلها من دبرها، ولا يعرف ذكر هي أم أنثى (قال: ) لها (ما أنت؟ قالت: أنا الجساسة) سميت بذلك؛ لأنها تتجسس الأخبار للدجال (اذهب إلى ذلك القصر) قال: (فأتيته فإذا) هو (رجل يجر شعره) على الأرض من طوله، وهو (مسلسل في الأغلال) يعني: فأتيت القصر والرجل، فإذا رجل مقيد بالسلاسل والأغلال التي في عنقه (ينزو) أي: يثب ويضطرب، والتنزي تسرع الإنسان للشر.
(فيما بين السماء والأرض) أي: هو مع كونه مقيدًا بالسلاسل والأغلال ومعلقًا بين السماء والأرض يضطرب ويتحرك؛ ليسعى في إثارة الشرور والفتن.
(1) رواها ابن ماجه (4074)، وأحمد 6/ 373، 416 وغيرهما.
(فقلت: من أنت؟ قال: أنا) المسيح (الدجال) ثم قال: أ (خرج نبي الأميين) يعني: العرب، سموا أميين؛ لأن الكتابة فيهم عزيزة أو قليلة، ومنه قوله تعالى:{الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} (1)(بعد؟ ) بضم الدال. (قلت: نعم، قال) أ (أطاعوه) فحذفت همزة الاستفهام، وهو كثير (أم عصوه؟ ) فيما جاءهم به (قلت: بل أطاعوه) وصدقوه (قال: ذاك خير لهم) فيه صدق نبوته صلى الله عليه وسلم وعظم فضيلته، فإن الفضل ما شهد به الأعداء.
[4326]
(ثنا حجاج بن أبي يعقوب) يوسف الشاعر الثقفي حافظ رجال، أخرج له مسلم (ثنا عبد (2) الصمد) بن عبد الوارث (ثنا أبي)(3) عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التنوري.
(قال: سمعت حسين)(4) بن محمد (5)(المعلم، قال: ثنا عبد اللَّه (6) ابن بريدة) بضم الموحدة مصغر، ابن الحصيب، قاضي مرو (ثنا عامر بن شراحيل الشعبي، عن فاطمة بنت قيس) وكانت من المهاجرات الأول رضي الله عنها.
(قالت: سمعت منادي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينادي) هو كالمؤذن للمكتوبة (أن) بفتح الهمزة، وتخفيف النون (الصلاة) بالنصب على الإغراء
(1) الجمعة: 2.
(2)
فوقها في (ل): (ع).
(3)
فوقها في (ل): (ع).
(4)
كذا في (ل)، (م)، وصوابه: حسينًا. كما في "السنن".
(5)
كذا في الأصول، وهو خطأ، صوابه: ذكوان. انظر: "تهذيب الكمال" 6/ 372.
(6)
فوقها في (ل): (ع).
(جامعة) نصب على الحال، ويجوز رفعهما على المبتدأ والخبر، والتقدير على نصبهما: احضروا الصلاة حال كونها جامعة. ويجوز رفع الأول ونصب الثاني على تقدير: هذِه الصلاة في حال كونها جامعة، ويجوز عكسه، وهو نصب الأول ورفع الثاني على تقدير: احضروا الصلاة وهي جامعة، فهي أربع صور، وعلى تقديرات الأربع محل الجملة نصب؛ لكونها مفعول (ينادي).
(فخرجت) زاد مسلم: إلى المسجد (1). والحديث الذي قبله مصرح بأن ذلك كان بعد صلاة العشاء الآخرة (فصليت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) صلاة العشاء الآخرة (فلما قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاته) وكنت في النساء اللاتي تلي ظهور القوم (جلس) بعد صعوده (على المنبر) بكسر الميم.
فيه استحباب الخطبة على مرتفع؛ ليكون أبلغ في سماع كلامه.
وفيه الجلوس على المنبر، أي: صعوده (وهو يضحك) وكان ضحكه صلى الله عليه وسلم تبسمًا (ثم قال: ليلزم كل إنسان) منكم (مصلاه) الذي صلى فيه.
فيه أن السنة في استماع خطبة ونحوها ألا ينتقل من مصلاه؛ بل يستمع الخطبة فيه، وكذا يصلي الجمعة في المكان الذي سمع الخطبة فيه، ولم أجد من ذكر هاتين المسألتين.
(ثم قال: أتدرون لم جمعتكم؟ ) في هذا الوقت (قالوا: اللَّه ورسوله أعلم) فيه استعمال هذا الأدب إذا سأله شيخه أو معلمه عن شيء أن يقول كما قال لجبريل: "ليس المسؤول بأعلم من السائل"(2).
(1) مسلم (2942).
(2)
رواه البخاري (50، 4777)، ومسلم (8).
(قال: إني) واللَّه (ما جمعتكم لرهبة) أي: لخوف منكم (ولا رغبة) بالنصب ولا لطلب شيء أقصده إليكم (ولكن جمعتكم) من أجل (أن تميمًا الداريَّ) قيل: إنه نسبة إلى الدار، وهو بطن من لخم (كان رجلًا نصرانيًّا) بفتح النون.
(فجاء فبايع وأسلم) لعل إسلامه كان سبب ضحكه صلى الله عليه وسلم وتبسمه (وحدثني حديثًا وافق الذي) كنت (حدثتكم عن الدجال) وهذا معدود من مناقب تميم الداري؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه هذا الحديث. وفيه شاهد على رواية الفاضل عن المفضول، ورواية المتبوع عن تابعه، وفيه قبول خبر الواحد.
(حدثني أنه ركب في سفينة بحرية) أي: من سفن البحر. ولفظ الترمذي: أن ناسًا من أهل فلسطين ركبوا سفينة في البحر (1)(مع ثلالين رجلًا من لخم) بسكون الخاء المعجمة (وجذام) بضم الجيم، وتخفيف الذال المعجمة، قبيلتان من اليمن، واسم لخم مالك بن الحارث بن مرة بن أدد، وجذام هو الصدف بن أسلم بن زيد بن مالك ابن زيد بن حضرموت الأكبر.
(فلعب بهم الموج شهرًا في البحر وأُرفِئوا) بكسر الفاء، وضم الهمزة بعدها، وأرفؤوا بفتح أي: لجؤوا (إلى جزيرة في البحر) يقال: أرفأت السفينة إذا قربتها من الشط، وذلك الموضع مرفأ، وأرفأت إليه: لجأت إليه (حين) وفي بعض نسخ مسلم المعتمدة: حيث.
(1)"سنن الترمذي"(2253).
(مغرب) بالرفع (الشمس) فيحتمل أن يكون المراد أنهم لجؤوا إلى الجزيرة عند غروب الشمس، وعلى رواية (حيث) يكون التقدير أنهم لجؤوا إلى جزيرة في الجهة التي تغرب فيها الشمس.
(فجلسوا في أقرب) بضم الراء جمع قارب، بكسر الراء وفتحها، وهو جمع على غير القياس، لكنه صحيح في السماع، والقياس في جمع قارب قوارب، ويشهد له ما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه": فقعدوا في قوارب (1)(السفينة) والقارب سفينة صغيرة تكون مع الكبيرة، ينصرف فيها ركاب السفينة لقضاء حوائجهم، وقيل: المراد بأقرب السفينة أخرياتها وما قرب منها للنزول، ويؤيده أن ابن ماهان روى هذا الحرف فقال: في أخريات السفينة، وفي بعضها: في آخر السفينة.
(فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة) تقدم الجمع بينها وبين الرواية المتقدمة: امرأة (أهلب) بفتح الهمزة واللام (كثير الشعر) والأهلب: الغليظ الشعر، والهلب: ما غلظ من الأرض، ومنه الهلبة، وهو شعر الخنزير الذي يخرز به، وذكر (أهلب) حملًا على المعنى، فكأنه قال: حيوان أهلب، ولو راعى لفظ (دابة) لقال: هلباء؛ لأن قياس (أهلب) من المذكر هلباء من المؤنث، كأحمر وحمراء.
(قالوا: ) لها (ويلك ما أنت؟ ) استفهموها ظنًّا منهم أنها ممن لا يعقل، فلما كلمتهم فرقوا منها (قالت: أنا الجساسة) للدجال؛ لأنها تتجسس له الأخبار (انطلقوا إلى هذا الرجل) الذي (في هذا الدير)
(1)"المصنف" 7/ 497 - 498 (37509)، 7/ 510 (37625).
والجساسة مشتقة من الجاسوس.
وقد روي عن عبد اللَّه بن عمرو أن هذِه الدابة هي دابة الأرض التي تخرج للناس في آخر الزمان (1)، ولفظ ابن ماجه:"فإذا هم بشيء أهدب أسود كثير الشعر، قالوا له: ما أنت؟ قال: أنا الجساسة. قالوا: أخبرينا. قالت: ما أنا بمخبرتكم شيئًا ولا سائلتكم، ولكن هذا الدير قد رمقتموه فأتوه، فإن فيه رجلًا بالأشواق إلى أن تخبروه"(2)(فإنه إلى خبركم بالأشواق) الكثيرة.
(قال: فلما سمت لنا رجلًا) وتكلمت (فرقنا) بكسر الراء، أي: خفنا (منها) وذعرنا خوفًا (من أن تكون شيطانة) من الجن (فانطلقنا سراعًا) أي: مسرعين (حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم) بالرفع (إنسان رأيناه قط) أي: في الزمن الماضي (خلقًا) بفتح الخاء (وأشده) بالرفع، أي: أشد إنسان رأيناه موثوقا (وثاقًا مجموعه) بالنصب على الحال (يداه إلى عنقه) بالسلاسل والأغلال ما بين ركبتيه إلى عنقه.
وقال الترمذي: فإذا رجل موثق بسلسلة (3)(فذكر الحديث) المذكور، وزاد:(وسألهم عن نخل بيسان) بفتح الباء الموحدة، والسين المهملة، زاد الترمذي: التي بين الأردن وفلسطين (4).
(1) رواه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" 6/ 1254 (697).
(2)
"سنن ابن ماجه"(4074). قال الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه"(883): ضعيف المسند صحيح المتن دون بعض الجمل.
(3)
"سنن الترمذي"(2253).
(4)
السابق.
وقال أبو الخطاب ابن دحية: كانت بيسان مدينة هي قصبة الغور، وفيها سوق كبيرة، وعين تسمى عين فلوس، يسقى منها.
قال أبو داود: نخلات من نخل بيسان أينعن جميعًا ونبتهن توأم. حكى أبو عبيد البكري عن الزبير أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مر بماء يقال له: بيسان. في غزوة ذي قرد، فسأل عنه، فقيل: اسمه بيسان، وهو مالح، فقال:"بل هو نعمان، وهو طيب" فغير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اسمه، وغير اللَّه الماء فاشتراه طلحة بن عبيد اللَّه، ثم تصدق [به] (1) فأخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:"ما أنت يا طلحة إلا فيَّاض" فسمي بذلك الفيَّاض (2).
وروي عن رجاء بن حيوة أنه قال لعروة بن رويم: اذكر لي رجلين من صالح أهل بيسان، فبلغني أن اللَّه اختصهم برجلين من الأبدال، لا ينقص منهم رجل (3) إلا أبدل اللَّه مكانه رجلًا (4).
وسألهم (عن عين زغر) هو بزاي مضمومة، ثم غين معجمة مفتوحة، ثم راء، غير منصرف للعلمية والعدل عن زاغر، كعمر معدول عن عامر، وهي بلدة معروفة في الجانب القبلي من الشام. وقال ابن الكلبي: زغر امرأة نسبت إليها هذِه العين.
قال حاتم:
(1) ليست في (ل، م)، والمثبت من "معجم ما استعجم".
(2)
"معجم ما استعجم" 1/ 292. والخبر رواه من طريق الزبير بن بكار ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 25/ 93.
(3)
في (ل)، (م): رجلًا. والمثبت هو الصحيح.
(4)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 336، 11/ 410.
سَقَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ سحًّا ودِيمَةً
…
جَنُوبَ السَّراةِ (1) من مَآبٍ إلى زُغَرْ
والسراة (2): من ناحية الشام، ومآب موضع هناك. قال ابن سهل الأحول: سميت بزغر بنت لوط، فعلى هذا فالمرأة هي التي استوطنتها (3) أو اتخذت أرضها دارًا فنسبت إليها (4).
(وعن النبي الأمي) الذي لا يكتب ولا يحسب ثم (إني أنا المسيح الدجال، وأنه يوشك أن يؤذن لي في الخروج) ثم (قال النبي صلى الله عليه وسلم: وإنه في بحر الشام) قاله على الظن، ثم عرض الشك له فقال:(أو) إنه في (بحر اليمن) أو قصد إبهام ذلك، ثم نفى ذلك كله وأضرب عنه بالتحقيق فقال:(لا بل) هو (من قبل المشرق) ثم أكد ذلك بقوله: (ما) الزائدة (هو) صلة للكلام ليست بنافية، والمراد إثبات أنه في جهة المشرق، وأكد ذلك بالتكرار (مرتين) يفيد كونه بالمشرق (وأومأ) بهمز آخره (بيده قبل) جهة (المشرق) والنبي صلى الله عليه وسلم بشر يظن ويشك، كما يسهو وينسى، إلا أنه لا يتمادى ولا يقر على شيء من ذلك، بل يرشد إلى التحقيق، ويسلك به سواء الطريق، والحاصل من هذا أنه عليه السلام ظن أن الدجال المذكور في بحر الشام، ثم عرض له أنه في بحر اليمن؛ لأنه يتصل ببحر اليمن، فجوز ذلك، ثم أطلعه العليم الخبير على تحقيق ذلك فحقق وأكد.
(1) و (2) في "معجم ما استعجم" الشراة.
(3)
في (ل، م): استيطنتها.
(4)
"معجم ما استعجم": 2/ 699.
(قالت) فاطمة بنت قيس (حفظت هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. وساق الحديث) بتمامه.
[4327]
(ثنا محمد بن) إبراهيم بن (صدران) بضم الصّاد المهملة وسكون الدال وتخفيف الراء وبعد الألف نون، المؤذن أبو جعفر البصري، صدوق. (ثنا المعتمر بن أبي خالد) (1) سعد البجلي الأحمسي مولاهم الكوفي (عن مجالد) (2) بتخفيف الجيم ابن سعيد الهمداني الأنصاري (عن عامر) بن شراحيل الشعبي (قال: حدثتني فاطمة بنت قيس) من المهاجرات رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر ثم صعِد) بكسر العين (المنبر وكان لا يصعَد) بفتح العين (عليه إلا يوم جمعة قبل يومئذ) أي: قبل اليوم الذي ذكر فيه هذِه القصة (ثم ذكر هذِه القصة) المذكورة.
(قال) المصنف: محمد بن إبراهيم (ابن صدران) بضم المهملة وسكون الدال (بصري) سليمي بفتح السين نسبة إلى سَليم وهو درب شرقي بغداد عند الرصافة (غرق في البحر مع (3) ابن مسور) بكسر الميم وسكون السين (4) لم يسلم منهم غيره.
(1) كذا في النسخ، والصواب:(ثنا المعتمر، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد) كما في "سنن أبي داود".
(2)
فوقها في (ل): (ع). يعني روى له الجماعة، وهو خطأ من المصنف إنما روى له الجماعة إلا البخاري وقد ضعفه ابن معين، وقال الحافظ: ليس بالقوي وقد تغير آخر عمره. انظر: "تهذيب الكمال" 27/ 219.
(3)
بعدها في (ل)، (م) بياض.
(4)
بعدها في (ل)، (م) بياض.
[4328]
(ثنا واصل بن عبد الأعلى) شيخ مسلم (ثنا) محمد (ابن فضيل)(1) بن غزوان الضبي (عن الوليد بن عبد اللَّه بن جُميع) مصغر الزهري، أخرج له مسلم في الجهاد (2)(عن أبي سلمة) عبد اللَّه (بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري (عن جابر) بن عبد اللَّه رضي الله عنهما.
(قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم على المنبر: بينما أناس)"من أهل فلسطين" كما في الترمذي (3)(يسيرون في البحر فنفد) بكسر الفاء (طعامهم) أي: فرغ (فرفعت) مبني للمفعول، أي: ظهرت (لهم جزيرة) مرتفعة (فخرجوا) من السفينة (يريدون الخبر) بفتح الخاء والموحدة، أي: يطلبون معرفة الخبر الذي يحصل لهم به الخير، ويحتمل خلاف هذا واللَّه أعلم (فلقيتهم الجساسة).
قال الوليد بن جُميع: (قلت لأبي سلمة) بن عبد الرحمن (وما) هي (الجساسة؟ قال) هي (امرأة تجر شعر جلدها و) شعر (رأسها) على الأرض حتى لا يعرف قبلها من دبرها، وهل هي آدمي أو غيره.
(قالت: ) انطلقوا لتنظروا ما (في هذا القصر) فإنه إلى خبركم بالأشواق (فذكر الحديث) المذكور (وسأل عن نخل بيسان) بفتح الباء كما تقدم (وعين زغر) غير منصرف و (قال: هو المسيح) الدجال.
(فقال لي) أخو سلمة وزينب وهو (ابن أبي سلمة: ) عبد اللَّه هو وأبوه صحابيان (إن في هذا الحديث شيئًا ما حفظته) بكسر الفاء (قال: ) فيه
(1) فوقها في (ل): (ع).
(2)
مسلم (1787). وفي موضع ثانٍ (2779) في صفات المنافقين وأحكامهم.
(3)
"سنن الترمذي"(2253).
(شهد جابر) بن عبد اللَّه (أنه) أي: أن المسيح الدجال هو صاف (ابن صياد).
وروى مسلم عن محمد بن المنكدر قال: رأيت جابر بن عبد اللَّه يحلف باللَّه أن ابن صياد الدجال، فقلت له: أتحلف على ذلك؟ قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم (1). (قلت: فإنه) يعني: ابن صياد (قد مات) بالمدينة.
قال النووي: روي أنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس، وقيل لهم: اشهدوا. وقال في الرواية الآتية بعد هذا عن جابر أنه قال: فقدنا [ابن صياد يوم](2) الحرة: إن إسناده صحيح، وإنه يبطل رواية من روى أنه مات بالمدينة وصلي عليه (3).
(قال: ) جابر (وإن مات، قلت: فإنه أسلم) لما كبر وظهرت منه علامة الخير من الحج والجهاد مع المسلمين (قلت: فإنه قد دخل المدينة) في حال إسلامه وهو متوجه إلى مكة (قال: وإن دخل المدينة) قال النووي: لا دلالة في هذِه الاحتجاجات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن صفاته وعن فتنته وخروجه في الأرض (4)، واللَّه أعلم.
* * *
(1) مسلم (2929). وهو عند البخاري (7355) وسيأتي برقم (4331).
(2)
مكانها بياض في (م)، وغير مقروءة في (ل)، والمثبت هو الموافق لما سيأتي من رواية أبي داود.
(3)
"مسلم بشرح النووي" 18/ 47.
(4)
"مسلم بشرح النووي" 18/ 46.