الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب وَلِي العَمْدِ يَأْخُذُ الدِّيَةَ
4504 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدُ بْنُ مسَرهَدٍ، حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا ابن أَبي ذِئْبٍ، قالَ: حَدَّثَني سَعِيدُ بْنُ أَبي سَعِيدٍ قالَ: سَمِعْتُ أَبا شُرَيْحٍ الكَعْبي يَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلا إِنَّكُمْ يا مَعْشَرَ خُزاعَةَ قَتَلْتُمْ هذا القَتِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ وَإِنّي عاقِلُهُ فَمَنْ قُتِلَ لَهُ بَعْدَ مَقالَتي هذِه قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ: أَنْ يَأْخُذُوا العَقْلَ، أَوْ يَقْتُلُوا"(1).
4505 -
حَدَّثَنا عَبّاسُ بْنُ الوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، أَخْبَرَنا أَبي، حَدَّثَنا الأَوْزاعي، حَدَّثَني يَحْيَى ح، وَحَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن إِبْراهِيمَ، حَدَّثَني أَبُو داوُدَ، حَدَّثَنا حَرْبُ بْنُ شَدّادٍ، حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ أَبي كَثِير، حَدَّثَني أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنا أَبُو هُرَيْرَةَ قالَ: لَمّا فُتِحَتْ مَكَّةُ قامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقالَ: "مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمّا أَنْ يُودى أَوْ يُقادَ". فَقامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ يُقالُ لَهُ: أَبُو شاهٍ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُبْ لي -قالَ العَبّاسُ: اكْتُبُوا لي- فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اكْتُبُوا لأَبي شاهٍ"(2). وهذا لَفْظُ حَدِيثِ أَحْمَدَ.
قالَ أَبُو داوُدَ: اكْتُبُوا لي يَعْني: خُطْبَةَ النَّبي صلى الله عليه وسلم.
4506 -
حَدَّثَنا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ راشِدٍ، حَدَّثَنا سُلَيْمان بْن مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"لا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكافِرٍ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا دُفِعَ إِلَى أَوْلِياءِ المَقْتُولِ فَإِنْ شاؤوا قَتَلُوهُ وَإِنْ شاؤوا أَخَذُوا الدِّيَةَ"(3).
* * *
(1) رواه الترمذي (1406)، وأحمد 4/ 32، 6/ 384.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في "الإرواء"(2220).
(2)
رواه البخاري (112)، ومسلم (1355).
(3)
تقدم عند المصنف ضمن الحديث (2751). =
باب ولي العمد يرضى بالدية
[4504]
(ثنا مسدد بن مسرهد) قال (ثنا يحيى بن سعيد) قال (ثنا) محمد بن عبد الرحمن (ابن أبي ذئب) قال (ثنا سعيد بن أبي سعيد) المقبري، قال (سمعت أبا شريح) خويلد بن عمر (الكعبي) الخزاعي كان يحمل أحد ألوية بني كعب يوم الفتح (1).
(يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ألا إنكم (2) يا معشر خزاعة) قبيلة كبيرة من الأزد، إنكم (قتلتم هذا القتيل) هو خبر في معنى الإنكار عليهم (من هذيل) بالذال المعجمة حي من مضر (وإني عاقله) أي: مؤد عنه عقله، أي: ديته، وسميت الدية عقلا؛ لأن الذي يؤدي العاقلة يعقل الإبل بفناء المقتول (فمن قتل له بعد مقالتي هذِه قتيل) فإن قلت: قتل القتيل محال؛ لأنه لا يقتل إلا الحي؟ قلت: المراد: القتيل بهذا القتل لا بقتل سابق؛ لأن قتل القتيل محال، ومثله يذكر في علم الكلام، قالوا: لا يمكن إيجاد موجود؛ لأن الموجود إما أن يوجد في حال وجوده فهو تحصيل الحاصل، وإما حال العدم، فهو جمع بين النقيضين، فيجاب باختيار الشق الأول إذ ليس إيجاد للوجود بوجود سابق؛ ليكون تحصيل الحاصل، بل إيجادًا له بهذا الوجود، وكذا
= ورواه الترمذي (1387)، وابن ماجه (2626، 2659)، وأحمد 2/ 194. وحسنه الألباني في "الإرواء" (2199).
(1)
انظر: "الوافي بالوفيات" 13/ 276، "تهذيب الكمال" 5/ 164 (5997).
(2)
ساقطة من (م).
حديث: "من قتل قتيلا فله سلبه"(1) وقيل: كذا قوله تعالى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} (2)(فأهله) أي: أهل المقتول (بين خيرتين) بكسر الخاء، هو نص في التخيير، وحجة لمذهب الشافعي [كما سيأتي (بين أن يأخذوا) أي: يأخذ أهله (العقل) وهو الدية كما تقدم (أو يقتلوا) يعني: القاتل قصاصًا، وفيه حجة للشافعي] (3) في أن الولي بالخيار بين القتل قصاصًا وبين أخذ الدية، وأن له إجبار الجاني على أي الأمرين شاء (4)، وقال مالك: ليس للولي إلا القتل أو العفو، وليس له الدية إلا أن يرضى الجاني، وفيه دلالة لمن يقول: القاتل عمدًا يجب عليه أحد الأمرين؛ الدية أو القصاص، وهو أحد قولي الشافعي، والثاني أن الواجب القصاص لا غير، وإنما تجب الدية بدله بالاختيار.
[4505]
(ثنا عباس) بالباء الموحدة، والسين المهملة (ابن الوليد [بن مزيد])(5) قال (أخبرني [أبي])(6) الوليد بن مزيد، العذري بضم العين المهملة، وإسكان الذال المعجمة، ثقة، وابنه صدوق، قال (ثنا الأوزاعي) قال (ثنا يحيى) بن أبي كثير (وحدثنا أحمد بن إبراهيم) الدورقي قال (ثنا أبو داود) الطيالسي قال (ثنا حرب بن شداد) قال (ثنا يحيى بن أبي كثير) قال (حدثني أبو سلمة) عبد اللَّه (بن عبد الرحمن) ابن عوف قال (ثنا أبو هريرة قال: لما فتحت مكة قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
(1) رواه البخاري (3142)، ومسلم (1751) من حديث أبي قتادة.
(2)
البقرة: 2.
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(4)
انظر: "نهاية المطلب" 16/ 137.
(5)
و (6) من المطبوع.
فقال) رواية الترمذي و"الصحيح": لما فتح اللَّه على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة قام في الناس فحمد اللَّه وأثنى عليه (1) وقال (من قتل له قتيل فهو) أي: فولي القتيل (بخير النظرين) أي: يخير الولي فيما يراه (إما أن يودى) أي: يعطى الدية (وإما أن يقاد)(2) بالقاف، والقود: القصاص، يقال: أقدت القاتل بالمقتول إذا اقتصصت منه، ومفعول ما لم يسم فاعله ضمير فيه يرجع إلى المقتول، وفي رواية لمسلم:"يفادى" بالفاء، يقال: فداه وفاداه إذا أعطى فداءه، ورواية القاف أصوب؛ لأن الفداء والعقل واحد، وفيه تنازع المفعولين على مفعول واحد كما ذكر في التنازع.
(فقام رجل من أهل اليمن يقال له: أبو شاهٍ) بهاء في الدرج والوقف، قالوا: ولا يعرف اسم أبي شاه هذا، وإنما يعرف بكنيته، وهو كلبي يمني (فقال: يا رسول اللَّه، اكتب لي) فقال رجل من قريش وهو العباس. فيه سؤال العالم في كتابه ما سمع منه، فإن العلم صيد والكتابة قيده.
(فقال رسول اللَّه: اكتبوا لأبي شاه) قال ابن بطال: فيه إباحة كتابة العلم، وكره قوم كتابة العلم؛ لأنها سبب لضياع الحفظ والتهاون فيه اعتمادًا على كونه مكتوبًا عنده كما هو الواقع في هذا الزمان، فإن العلماء صاروا يتفاخرون بكثرة الكتب عندهم دون الحفظ، والحديث حجة لجواز الكتابة مع الحفظ، ومن الحجة أيضًا ما اتفقوا عليه من كتابة المصحف الذي هو أصل العلم، وكان للنبي صلى الله عليه وسلم كتاب يكتبون
(1)"صحيح البخاري"(2434)، "صحيح مسلم"(1355)، "سنن الترمذي"(1405).
(2)
بعدها في (ل)، (م): أو يفاد. وفوقها في (ل): (ح).
الوحي الذي ينزل عليه، وقال الشعبي: إذا سمعت شيئًا فاكتبه، ولو في الحائط (1). وفي "صحيح مسلم":"لا تكتبوا عني غير القرآن فمن كتب عني غير القرآن فليمحه"(2) وأجيب عنه بأنه في حق من يترك الحفظ ويتكل على الكتابة، أو كان النهي حين اختلاطه بالقرآن، فلما أمن ذلك باستشهار القرآن أذن بالكتابة (وهذا لفظ رواية (3) أحمد) بن إبراهيم (قال أبو داود: اكتبوا لي. يعني: خطبة النبي صلى الله عليه وسلم) يوم فتح مكة.
* * *
(1)"شرح ابن بطال" 1/ 188.
(2)
"صحيح مسلم"(2004) من حديث أبي سعيد الخدري.
(3)
في المطبوع: حديث.