المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌16 - باب في خبر ابن صائد - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٧

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌2 - باب في النَّهْي عَنِ السَّعْي في الفِتْنَةِ

- ‌3 - باب فِي كَفِّ اللِّسَانِ

- ‌4 - باب ما يُرَخَّصُ فِيهِ مِنَ البَدَاوَةِ في الفِتْنَةِ

- ‌5 - باب فِي النَّهْى عَن القِتَالِ في الفِتْنَةِ

- ‌6 - باب فِي تَعْظِيمِ قَتْلِ المُؤْمِنِ

- ‌7 - باب ما يُرْجَى فِي القَتْلِ

- ‌كتاب المهدي

- ‌1 - باب

- ‌كتاب الملاحم

- ‌1 - باب ما يُذْكَرُ فِي قَرْنِ المِئَةِ

- ‌2 - باب ما يُذْكَرُ مِنْ مَلاحِمِ الرُّومِ

- ‌3 - باب فِي أَماراتِ المَلاحِمِ

- ‌4 - باب فِي تَوَاتُرِ المَلاحِمِ

- ‌5 - باب فِي تَداعِي الأُمَمِ عَلَى الإِسْلَامِ

- ‌6 - باب فِي المَعْقِلِ مِنَ المَلَاحِمِ

- ‌7 - باب ارْتِفاعِ الفِتْنَةِ فِي المَلاحِمِ

- ‌8 - باب فِي النَّهْي عَنْ تَهْيِيجِ التُّرْكِ وَالحَبَشَةِ

- ‌9 - باب في قِتَالِ التُّرْكِ

- ‌10 - باب فِي ذِكْرِ البَصْرَةِ

- ‌11 - باب النَّهْي عَنْ تهْيِيجِ الحَبَشَةِ

- ‌12 - باب أَماراتِ السّاعَةِ

- ‌13 - باب حَسْرِ الفُراتِ عَنْ كَنْزٍ

- ‌14 - باب خُرُوجِ الدَّجّالِ

- ‌15 - باب فِي خَبَرِ الجَسّاسَةِ

- ‌16 - باب فِي خَبرِ ابن صائِدٍ

- ‌17 - باب الأَمْرِ والنَّهْي

- ‌18 - باب قيامِ السّاعَةِ

- ‌كتاب الحدود

- ‌1 - باب الحُكْمِ فِيمَنِ ارْتَدَّ

- ‌2 - باب الحُكْمِ فِيمَنْ سَبَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - باب ما جاءَ في المُحارِبَةِ

- ‌4 - باب في الحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ

- ‌5 - باب العَفْوِ عَن الحُدُودِ ما لَمْ تَبْلُغِ السُّلْطانَ

- ‌6 - باب فِي السَّتْرِ عَلَى أَهْلِ الحُدُودِ

- ‌7 - باب فِي صاحِبِ الحَدِّ يَجَيءُ فَيُقِرُّ

- ‌8 - باب فِي التَّلْقِينِ في الحَدِّ

- ‌9 - باب فِي الرَّجُلِ يَعْترِفُ بِحَدٍّ ولا يُسَمِّيهِ

- ‌10 - باب في الامْتِحانِ بِالضَّرْبِ

- ‌11 - باب ما يُقْطَعُ فِيهِ السّارِقُ

- ‌12 - باب ما لا قَطْعَ فِيهِ

- ‌13 - باب القَطْعِ في الخُلْسَةِ والخِيانَةِ

- ‌14 - باب مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ

- ‌15 - باب فِي القَطْعِ في العارِيَةِ إِذا جُحِدَتْ

- ‌16 - باب فِي المَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا

- ‌17 - باب فِي الغُلامِ يُصِيبُ الحَدَّ

- ‌18 - باب السّارِق يَسْرِقُ في الغَزْوِ أَيُقْطَعُ

- ‌19 - باب فِي قَطْعِ النَّبّاشِ

- ‌20 - باب فِي السّارِق يَسْرِقُ مِرارًا

- ‌21 - باب فِي السّارقِ تُعَلَّقُ يَدُهُ في عُنُقِهِ

- ‌22 - باب بَيْع المَمْلُوكِ إِذا سَرَقَ

- ‌23 - باب في الرَّجْمِ

- ‌24 - باب رَجْمِ ماعِزِ بْن مالِكٍ

- ‌25 - باب المَرْأَةِ التي أَمَرَ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِها مِنْ جُهَيْنَةَ

- ‌26 - باب فِي رَجْمِ اليَهُودِيَّيْنِ

- ‌27 - باب فِي الرَّجُلِ يَزْني بِحَرِيمِهِ

- ‌28 - باب فِي الرَّجُل يَزْني بِجارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌29 - باب فِيمَنْ عمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌30 - باب فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً

- ‌31 - باب إِذا أَقَرَّ الرَّجُلُ بالزِّنا وَلَمْ تُقِرَّ المَرْأَةُ

- ‌32 - باب فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِن المَرْأَةِ دُونَ الجِماعِ فيَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الإِمامُ

- ‌33 - باب فِي الأَمَةِ تَزْني وَلَمْ تُحْصَنْ

- ‌34 - باب فِي إِقامَةِ الحَدِّ عَلَى المَرِيضِ

- ‌35 - باب فِي حَدِّ القَذْفِ

- ‌36 - باب الحَدِّ في الخَمْرِ

- ‌37 - باب إِذا تَتَابَعَ في شُرْبِ الخَمْرِ

- ‌38 - باب فِي إِقامَةِ الحَدِّ في المَسْجِدِ

- ‌39 - باب فِي التَّعْزِيرِ

- ‌40 - باب في ضَرْبِ الوَجْهِ في الحَدِّ

- ‌كتاب الديات

- ‌1 - باب النَّفْسِ بالنَّفْسِ

- ‌2 - باب لا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ أَخِيهِ أَوْ أَبِيهِ

- ‌3 - باب الإِمامِ يَأْمُرُ بِالعَفْوِ في الدَّمِ

- ‌4 - باب وَلِي العَمْدِ يَأْخُذُ الدِّيَةَ

- ‌5 - باب مَنْ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ

- ‌6 - باب فِيمَنْ سَقَى رَجُلًا سَمًّا أَوْ أَطْعَمَهُ فَماتَ، أَيُقادُ مِنْهُ

- ‌7 - باب مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ أَيُقادُ مِنْهُ

- ‌8 - باب القَسامَةِ

- ‌9 - باب في تَرْك القَوَدِ بِالقَسامَةِ

- ‌10 - باب يُقادُ مِنَ القاتِلِ

- ‌11 - باب أيُقادُ المُسْلِمُ بِالكافِرِ

- ‌12 - باب فِي مَنْ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ

- ‌13 - باب العامِلِ يُصابُ على يَدَيْهِ خَطَأ

- ‌14 - باب القَوَدِ بغَيْرِ حَدِيدٍ

- ‌15 - باب القَوَدِ مِنَ الضَّرْبَةِ وَقَصِّ الأَمِيرِ مِنْ نَفْسِهِ

- ‌16 - باب عَفْوِ النِّساءِ عَنِ الدَّمِ

- ‌17 - باب مَنْ قُتِلَ في عمِّيّا بَيْن قَوْمٍ

- ‌18 - باب الدّيَةِ كَمْ هي

- ‌19 - باب دِيَةِ الخَطَإِ شِبْهِ العَمْدِ

الفصل: ‌16 - باب في خبر ابن صائد

‌16 - باب فِي خَبرِ ابن صائِدٍ

4329 -

حَدَّثَنا أَبُو عاصِمٍ خُشَيْشُ بْن أَصْرَمَ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ سالِمٍ، عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِابْنِ صَائِدٍ في نَفَرٍ مِنْ أَصْحابِهِ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمانِ عِنْدَ أُطُمِ بَني مَغالَةَ وَهُوَ غُلامٌ فَلَمْ يَشْعُرُ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قالَ:"أَتَشْهَدُ أَنّي رَسُولُ اللَّهِ". قالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابن صَيّادٍ فَقالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ.

ثُمَّ قالَ ابن صَيّادٍ لِلنَّبي صلى الله عليه وسلم: أَتَشْهَدُ أنّي رَسُولُ اللَّهِ فَقالَ لَهُ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "آمَنْتُ باللَّهِ وَرُسُلِهِ". ثُمَّ قالَ لَهُ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "ما يَأْتِيكَ؟ ". قالَ يَأْتِيني صادِقٌ وَكاذِبٌ.

فَقالَ لَهُ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ".

ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيئَةً". وَخَبَّأَ لَهُ (يَوْمَ تَأْتي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) قالَ ابن صَيّادٍ: هُوَ الدُّخُّ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ". فَقالَ عُمَرُ: يا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "إِنْ يَكُنْ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ". يَعْني الدَّجّالَ: "وَإِلَّا يَكُنْ هُوَ فَلا خَيْرَ في قَتْلِهِ"(1).

4330 -

حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْن سَعِيدٍ، حَدَّثَنا يَعْقوبُ -يَعْني: ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ- عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نافِعٍ قالَ: كانَ ابن عُمَرَ يَقُولُ واللَّه ما أَشُكُّ أَنَّ المَسِيحَ الدَّجّالَ ابن صَيّادٍ (2).

4331 -

حَدَّثَنا ابن مُعاذٍ، حَدَّثَنا أبِي، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْراهِيمَ، عَنْ

(1) رواه البخاري (1354)، ومسلم (2930).

(2)

رواه أبو عوانة 1/ 130 (387)، والفاكهي في "فوائد"(49)، وابن بشران في "الأمالي"(96)، والجماعيلي في "أخبار الدجال"(10).

وصححه الألباني في "المشكاة"(5501).

ص: 177

مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ قالَ: رَأَيْتُ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ باللَّهِ أَنَّ ابن صائِدٍ الدَّجّالُ فَقُلْتُ: تَحْلِفُ باللَّهِ؟ فَقالَ: إِنّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1).

4332 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللَّهِ -يَعْني: ابن مُوسَى- حَدَّثَنا شَيْبانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سالِمٍ، عَنْ جابِرٍ قالَ: فَقَدْنا ابن صَيّادٍ يَوْمَ الحَرَّةِ (2).

4333 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْن مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ -يَعْني: ابن مُحَمَّدٍ- عَنِ العَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلاثُونَ دَجّالُونَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ"(3).

4334 -

حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعاذٍ، حَدَّثَنا أَبي، حَدَّثَنا مُحَمَّدٌ -يَعْني ابن عَمْرٍو-، عَنْ أَبي سَلَمَةَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلاثُونَ كَذّابًا دَجّالًا كُلُّهُمْ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ"(4).

4335 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الجَرّاحِ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْراهِيمَ قالَ: قالَ عَبِيدَةُ السَّلْماني بهذا الخَبَرِ قالَ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ فَقُلْتُ: لَهُ أَتَرى هذا مِنْهُمْ -يَعْني المُخْتارَ- فَقالَ عَبِيدَةُ أَما إِنَّهُ مِنَ الرُّءُوسِ (5).

* * *

(1) رواه البخاري (7355)، ومسلم (2929).

(2)

رواه ابن أبي شيبة 21/ 237 (38686).

وصححه الألباني في "المشكاة"(5502).

(3)

رواه البخاري (7121)، ومسلم بإثر حديث (2923).

(4)

رواه ابن أبي شيبة 21/ 254 (38722)، وأحمد 2/ 450. وانظر السابق.

وحسن إسناده الألباني في "صحيح أبي داود".

(5)

قال الألباني في "ضعيف أبي داود": ضعيف مقطوع.

ص: 178

[باب في](1) خبر ابن صائد

ويقال: ابن صياد كما تقدم.

[4329]

(ثنا أبو عاصم خشيش) بمعجمات مصغر (بن أصرم) النسائي، حافظ ثبت (ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن الزهري، عن سالم) بن عبد اللَّه (عن) والده عبد اللَّه (ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بابن صياد في نفر من الصحابة) يعني من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يلعب مع الغلمان) لفظ الصحيح: مع الصبيان (2).

(عند أطم) بضم الهمزة والطاء، وهو الحصن، يجمع على آطام (بني مغالة) بفتح الميم وتخفيف الغين المعجمة وهذا هو المشهور، وفي بعضها: ابن مغالة. وفي رواية لمسلم: بني معاوية (3). بضم الميم وبالعين المهملة، وبنو مغالة كل ما كان على يمينك إذا وقفت آخر البلاط مستقبل مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وبنو جديلة ما كان عن يسارك، وبنو معاوية هم بنو جديلة.

(وهو غلام) زاد مسلم: وقد قارب ابن صياد يومئذ الحلم (4). (فلم يشعر حتى ضرب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ظهره بيده) ولفظ الصحيحين: فلما دخل عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم النخل طفق يتقي بجذوع النخل وابن صياد

(1) ما بين المعقوفتين ليس في (ل، م). وأثبتناه من "السنن".

(2)

البخاري (1354)، مسلم (2930).

(3)

مسلم (2930).

(4)

مسلم (2930). وهو أيضًا عند البخاري (6173).

ص: 179

في قطيفة له. ذكره البخاري في الجهاد وبوب عليه باب ما يجوز من الاحتيال والحذر ممن يخشى معرته (1).

(ثم قال: أتشهد أني رسول اللَّه؟ قال: فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين) أي: رسول إلى العرب؛ لأن الغالب فيهم عدم الكتابة والحساب (ثم قال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسول اللَّه؟ ) إن قيل: كيف لم يقتله النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه ادعى بحضرته النبوة والرسالة؟

فالجواب من وجهين ذكرهما البيهقي وغيره: أحدهما: أنه كان (2) غير بالغ، واختار القاضي عياض هذا الجواب (3).

والثاني: أنه في أيام (4) مهادنة اليهود وحلفائهم، وجزم الخطابي بهذا الجواب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد قدومه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتاب صلح على أن لا يهاجوا ويتركوا على أمرهم، وكان ابن صياد منهم أو دخيلًا فيهم (5) (فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: آمنت باللَّه ورسله) هو قريب من رواية البخاري: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا باللَّه"(6).

وقال محمد بن سيرين: إذا قيل لك أنت مؤمن؟ فقل: آمنا باللَّه وما أنزل إلينا (7).

(ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يأتيك؟ ) لفظ مسلم: فرفضه (8) رسول صلى الله عليه وسلم،

(1) البخاري (3033)، ومسلم (2931).

(2)

ساقطة من (م).

(3)

"إكمال المعلم" 8/ 467.

(4)

ساقطة من (م).

(5)

"معالم السنن" 4/ 322 - 323.

(6)

البخاري (4485).

(7)

رواه ابن بطة في "الإبانة الكبرى" 2/ 879 (1207).

(8)

ساقطة من (م).

ص: 180

فقال: "آمنت باللَّه ورسله" ثم قال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ماذا ترى؟ "(1) وهو بمعنى: "ما يأتيك؟ "(قال: يأتيني صادق وكاذب) أي قال: يأتيني التابع من الشياطين كما كان (2) يأتي الكهان، فتارة (3) يصدق فيما يقوله لي، وتارة يكذب، وهذِه حالة الكهان.

(فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلط) بضم الخاء وكسر اللام (عليك الأمر) أي: الذي يأتيك به شيطانك التابع مخلط من الصدق والكذب، فلا يستقيم حالك (ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إني قد خبأت لك خبيئة) بكسر الباء الموحدة ومد الهمزة التي بعد الياء، والخبأ: اسم لما يخبأ ويعمى أمره.

(وخبأ) بتخفيف الباء بعدها همزة أي: ستر عنه، ومنه الخابية، وخبأته بالتشديد للتكثير والمبالغة (له) قوله تعالى:{يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} وذلك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دعا على قومه لمّا كذبوه فقال: "اللهم سبعًا كسني يوسف"(4) فأجدبت الأرض، وأصاب قريشًا المجاعة، فكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان من شدة الجوع.

(قال) صاف (ابن صياد: هو الدخ) قال الداودي: كانت في (5) يده سورة الدخان مكتوبة، وعلى هذا فيكون قوله:(الدخ). يعني به: الدخان، قالوا: وهي لغة معروفة في الدخان وأنشدوا:

(1)"صحيح مسلم"(2930).

(2)

ساقطة من (م).

(3)

في (ل، م): فيأمره. ولعل الصواب ما أثبتناه.

(4)

رواه البخاري (804، 1006)، ومسلم (675) من حديث أبي هريرة:"اللهم اجعلها سنين كسني يوسف".

(5)

ساقطة من (م).

ص: 181

عند رواق البيت يغشى الدُّخا (1)

وحكى هذِه اللغة في "الصحاح"(2)، قال القرطبي: ووجدته في كتاب للشيخ: الدخ ساكن الخاء مصححًا عليه، أعني: الذي جاء في الحديث قال: وكأنه على الوقف. قال: وأما الذي في الشعر وهو مشدد الخاء، وكذلك قراءته في الحديث فيما أعلم. وقيل: الدخ نبت موجود بين النخيل والبساتين خبأه له (3).

(فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اخسأ) بهمزة آخره، زجر للكلب ولمن يذل ويهان (فلن تعدو) بفتح الواو (قدرك) أي: لن تجاوز حالة الكهان الكذابين فيما جرى على لسانك من إلقاء الشيطان إليه فلا يليق بك إلا ذلك. وقيل: المراد أنك لن تسبق قدر اللَّه فيك وفي أمرك.

(فقال عمر: يا رسول اللَّه، إيذن) بياء ساكنة بعد (4) الهمزة يجب إبدالها من الهمزة (لي فأضرب) مضارع منصوب بأن المحذوفة لأنه جواب الأمر جاء بعد الفاء فنصب، وإن حذفت الفاء فالجزم لا غير، كرواية مسلم: دعني أضرب عنقه (5). فيه استئذان الإمام في إقامة الحد وأن الحد يكون بضرب العنق.

(فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن يكن) هو (فلن تسلط عليه. يعنى: الدجال)

(1) هو عجز بيت لأعرابية تصف زوجها، وكان قد كبر، وصدره:

وكانَ أَكلًا قاعِدًا وشخا

ويروى: (دائما) بدلا من (قاعدا).

انظر: "البرصان والعميان" للجاحظ ص 333، "إعراب القرآن وبيانه" 5/ 357.

(2)

"الصحاح" 1/ 442.

(3)

"المفهم" 7/ 264 - 265.

(4)

في (ل، م): قبل.

(5)

رواه البخاري (1354)، ومسلم (2924/ 86).

ص: 182

وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصح له شيء من أمر كونه هو الدجال أم لا، وليس هذا نقصًا في حق النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يكن يعلم إلا ما علمه اللَّه، وهذا مما لم يعلمه اللَّه له ولا هو مما يرهق إلى علمه حاجة لا شرعية ولا عادية ولا مصلحة، ولعل اللَّه تعالى قد علم في إخفائه مصلحة فأخفاه، والذي يجب الإيمان به أنه لا بد من خروج الدجال، ويدعي الإلهية، وأنه كذاب أعور كما في الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي حصل بها العلم القطعي (وإن لا يكن) لفظ مسلم:"وإن لم يكنه"(1)(فلا خير) لك (في قتله) لأنه صبي. وقيل: لأنه كان لقومه عهد من النبي صلى الله عليه وسلم لما عاهد يهود المدينة أو لأنه من حلفاء بني النجار.

[4330]

(ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن) القاري المدني، أخرج له الشيخان.

(عن موسى بن عقبة، عن نافع قال: كان) عبد اللَّه (بن عمر رضي الله عنهما يقول: واللَّه، ما أشك في أن المسيح الدجال) هو (ابن صياد) قال البيهقي في كتاب "البعث والنشور": اختلف الناس في أمر ابن صياد اختلافًا كثيرًا: هو الدجال أم لا ومن ذهب إلى أنه غيره احتج بحديث تميم الداري في قصة الجساسة، ويجوز أن توافق صفة ابن صياد صفة الدجال كما ثبت في الصحيحين: إن أشبه الناس بالدجال عبد العزى ابن قطن (2). وليس هو هو، وكان أمر ابن صياد فتنة ابتلى اللَّه بها عباده.

(1) رواه البخاري (1453، 3055)، ومسلم (2930).

(2)

البخاري (3440، 3441، 7026، 7128)، مسلم (169) من حديث ابن عمر.

ورواه مسلم (2937) من حديث النواس بن سمعان.

ص: 183

[4331]

(ثنا عبيد اللَّه) بالتصغير، شيخ مسلم وغيره (وهو ابن معاذ قال: حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري (ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

(عن محمد بن المنكدر قال: رأيت جابر بن عبد اللَّه يحلف باللَّه إن) بكسر الهمزة، لأنه بعد القسم، صاف (ابن صياد) هو (المسيح الدجال. فقلت) أ (تحلف باللَّه؟ ) تعالى على ما لا يتحقق.

(فقال: إني سمعت عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (يحلف على ذلك عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) فيه أن من سمع من يقتدى به يحلف على صحة شيء جاز له أن يحلف أنه صحيح، أو على بطلان شيء جاز له أن يحلف على بطلانه.

قال النووي: استدل جماعة بحلف عمر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم أن ابن صياد هو الدجال على جواز اليمين بالظن، وأنه لا يشترط فيه اليقين، وهذا متفق عليه عند أصحابنا، حتى لو رأى بخط أبيه الميت أن له عند فلان كذا، وغلب على ظنه أنه خط والده ولم يتيقن ذلك، جاز له الحلف على استحقاقه (1).

(فلم ينكره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) عليه، قال البيهقي: سكوت النبي صلى الله عليه وسلم على حلف عمر محمول على أنه صلى الله عليه وسلم كان كالمتوقف في أمره، ثم بعد ذلك جاءه البيان، يعني: بوحي أو غيره، أنه غيره، كما صرح به في حديث تميم الداري. هذا كلام البيهقي، وقد اختار أنه غيره.

[4332]

(ثنا أحمد بن إبراهيم) البغدادي الدورقي شيخ مسلم (ثنا

(1)"مسلم بشرح النووي" 18/ 53.

ص: 184

عبيد اللَّه بن موسى) العبسي الحافظ.

([حدثنا] (1) شيبان) بن [عبد اللَّه](2) النحوي.

(عن) سليمان (الأعمش، عن سالم) بن [عبد اللَّه](3)(عن جابر) بن عبد اللَّه.

(قال: فقدنا) بفتح القاف (ابن صياد يوم الحرة) بفتح الحاء المهملة والراء المشددة، كان بها يوم مشهور، أوقع اللَّه فيه بأهل المدينة مسلم بن عقبة المري فاستباح حرمتها، وقتل رجالها وعاث فيها ثلاثة أيام، وكان نزوله بعسكره في الحرة القريبة منها حرة النار، وكانت الوقعة في ذي الحجة سنة ثلاث وستين من الهجرة، وعقبها مات يزيد بن معاوية، وسميت الحرة؛ لشدة حرها ووهج الشمس فيها.

قال النووي: هذا الحديث إسناده صحيح. وقول جابر: (فقدنا ابن صياد يوم الحرة) لا يبطل رواية من روى أنه مات بالمدينة وصلي عليه (4).

[4333]

(ثنا عبد اللَّه بن مسلمة) القعنبي (ثنا عبد العزيز بن محمد) الدراوردي (عن العلاء) بن عبد الرحمن مولى الحرقة، أحد علماء المدينة، أخرج له مسلم والأربعة.

(عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني، أخرج له مسلم.

(عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يخرج

(1) ليست في (ل، م) والمثبت من "السنن".

(2)

كذا في الأصول، وصوابه:(عبد الرحمن). كما في "تهذيب الكمال" 12/ 592.

(3)

كذا في الأصول، وصوابه:(أبي الجعد). كما في "تهذيب الكمال" 10/ 130.

(4)

"مسلم بشرح النووي" 18/ 47.

ص: 185

ثلاثون دجالون).

حكى ابن دحية أن للعلماء في الدجال عشرة أوجه:

أحدها: الدجال: الكذاب. قاله الخليل، ودجله: كذبه، سمِّي بذلك؛ لأنه يدجل الحق بالباطل (1). جمعه: دجالون ودجاجلة.

ثانيها: الدجال مأخوذ من الدجل، وهو طلي البعير بالقطران، سمي بذلك؛ لأنه يغطي الحق بكذبه، كما يغطي الرجل جرب بعيره بالدجالة، وهي القطران. قاله الأصمعي.

ثالثها: سمي بذلك لضربه نواحي الأرض، يقال: دجل الرجل إذا فعل ذلك.

رابعها: أنه من التغطية، لأنه يغطي الأرض بجموعه، والدجل: التغطية. قال ابن دريد: كل شيء غطيته فقد دجلته، ومنه دجلة بغداد؛ لانتشارها على الأرض وتغطية ما فاضت عليه (2).

خامسها: سمي (3) دجالًا لقطعه الأرض، إذ يطأ جميع البلاد، والدجالة الرفقة العظيمة، أنشد في "المجمل":

دجالة من أعظم الرفاق (4)

سادسها: سمي دجالًا؛ لأنه يغير الناس بشره، كما يقال: لطخني فلان بشره.

(1)"العين" 6/ 80.

(2)

"جمهرة اللغة" 1/ 449.

(3)

ساقطة من (م).

(4)

"مجمل اللغة"(ص 347).

ص: 186

سابعها: الدجال: المحرف.

ثامنها: الدجال المموِّه، قاله ثعلب، يقال: سيف مدجل إذا طلي بالذهب.

تاسعها: الدجال: ماء الذهب الذي يطلى به الشيء فيحسن ظاهره، وباطنه خرب.

عاشرها: الدجال فريد السيف.

(كلهم يزعم أنه رسول اللَّه) ولمسلم: "إن بين يدي الساعة كذابين، فاحذروهم"(1) وهذا كما وقع في زمانه وبعد زمانه.

[4334]

(ثنا عبيد اللَّه بن معاذ قال: ثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري (ثنا محمد بن عمرو) بن علقمة بن وقاص الليثي (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن.

(عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابًا دجالًا) ودجال مبالغة في الكذب والدجل (كلهم) أي: كل واحد منهم (يكذب على اللَّه تعالى وعلى رسوله) قال النووي: وقد وجد من هؤلاء خلق كثير في الأعصار السالفة، فأهلكهم اللَّه تعالى، وكذلك يفعل بمن بقي منهم (2).

[4335]

(ثنا عبد اللَّه بن الجراح) التميمي القهستاني بضم القاف والهاء وسكون السين المهملة نسبة إلى قوهستان، وهي ناحية بخراسان بين هراة ونيسابور، وهو ثقة.

(1) مسلم (1822).

(2)

"مسلم بشرح النووي" 18/ 46.

ص: 187

(عن جرير، عن مغيرة) بن مقسم الضبي (عن إبراهيم) النخعي (قال: قال عبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة، وهو ابن عمرو (السلماني) بسكون اللام، وحكي فتحها (بهذا الخبر) و (قال) فيه (فذكر نحوه، فقلت: أترى هذا منهم؟ يعني: المختار) بن (1) عبيد الثقفي، ولد عام الهجرة، وليست له صحبة، وكان كما قيل فيه: المختار غير مختار وله أخبار غير مرضية جدًّا (فقال عبيدة) السلماني (أما إنه من الرؤوس) أي: من رؤوس الدجاجلة (الكذابين) وأكابرهم (المبتدعين في الشريعة) وفيه التحذير من مجالسة أهل الفساد والتباعد عنهم.

* * *

(1) كذا في (ل، م). وصوابه: (بن أبي) كما في مصادر ترجمته.

ص: 188