الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - باب القَسامَةِ
4520 -
حَدَّثَنا عُبَيْد اللَّهِ بْن عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ -المَعْنَى- قالا: حَدَّثَنا حَمّادُ بْن زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبي حَثْمَةَ وَرافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ انْطَلَقا قِبَلَ خَيْبَرَ فَتَفَرَّقا في النَّخْلِ، فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ فاتَّهَمُوا اليَهودَ، فَجاءَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن سَهْلٍ وابْنا عَمِّهِ حُويِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ، فَأَتَوُا النَّبي صلى الله عليه وسلم فَتَكَلَّمَ عبد الرَّحْمَنِ في أَمْرِ أَخِيهِ وَهُوَ أَصْغَرهُمْ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"الكُبْرَ الكُبْرَ". أَوْ قالَ: "لِيَبْدَإِ الأَكْبَرُ". فَتَكلَّما في أَمْرِ صاحِبِهِما فَقالَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ على رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ". قالوا: أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ كَيْفَ نَحْلِفُ؟ قالَ: "فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ". قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ قَوْمٌ كُفّارٌ. قالَ: فَوَداهُ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِهِ. قالَ: قالَ سَهْلٌ دَخَلْتُ مِرْبَدًا لَهُمْ يَوْمًا فَرَكَضَتْني ناقَةٌ مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ رَكْضَةً بِرِجْلِها. قالَ حَمّادٌ: هذا أَوْ نَحْوَهُ (1).
قالَ أَبُو داوُدَ: رَواهُ بِشْرُ بْن المُفَضَّلِ وَمالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قالَ: فِيهِ: "أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قاتِلِكُمْ؟ " وَلَمْ يَذْكُرْ بِشْرٌ دَمًا. وقالَ عَبْدَةُ: عَنْ يَحْيَى كَمَا قالَ حَمّادٌ، وَرَواه ابن عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى فَبَدَأَ بِقَوْلِهِ:"تُبرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا يَحْلِفُونَ". وَلَمْ يَذْكرِ الاسْتِحْقاقَ.
قالَ أَبُو داوُدَ: وهذا وَهَمٌ مِنِ ابن عُيَيْنَةَ.
4521 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ أَخْبَرَنا ابن وَهْبٍ أَخْبَرَني مالِكٌ، عَنْ أَبي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أبي حَثْمَةَ أَنَّه أَخْبَرَهُ هوَ وَرِجالٌ مِنْ كُبَراءِ قَوْمِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصابَهُمْ، فَأُتي محَيِّصَةُ فَأُخْبِرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قتِلَ وَطُرِحَ في فَقِيرٍ أَوْ عَيْنٍ فَأَتَى
(1) رواه البخاري (3173، 6142)، ومسلم (1669).
يهَودَ فَقالَ: أَنْتُمْ واللَّه قَتَلْتُمُوهُ. قالُوا: واللَّه ما قَتَلْناهُ. فَأَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ على قَوْمِهِ فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ- وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ وَهُوَ الذي كانَ بِخَيْبَرَ فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَبِّرْ كَبِّرْ". يُرِيدُ السِّنَّ فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ فَقالَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِمّا أَنْ يَدُوا صاحِبَكُمْ وَإِمّا أَنْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ". فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَكَتَبُوا إِنّا واللَّه ما قَتَلْناهُ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ: "أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟ ". قالُوا: لا. قالَ: "فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ". قالُوا: لَيْسُوا مُسْلِمِينَ فَوَداهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِائَةَ ناقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمُ الدّارَ. قالَ سَهْلٌ: لَقَدْ رَكَضَتْني مِنْها ناقَةٌ حَمْراءُ (1).
4522 -
حَدَّثَنا مَحْمُودُ بْنُ خالِدٍ وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ قالا: حَدَّثَنا ح وَحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبّاح بْنِ سُفْيانَ أَخْبَرَنا الوَلِيدُ، عَنْ أَبي عَمْرٍو، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَتَلَ بِالقَسامَةِ رَجُلًا مِنْ بَني نَصْرِ بْنِ مالِكٍ بِبَحْرَةِ الرُّغاءِ عَلَى شَطِّ لِيَّةِ البَحْرَةِ قالَ: القاتِلُ والمَقْتُولُ مِنْهُمْ. وهذا لَفْظُ مَحْمُودٍ: بِبَحْرَةٍ أَقامَهُ مَحْمُودٌ وَحْدَهُ عَلَى شَطِّ لِيَّةِ البَحْرَةِ (2).
* * *
باب القتل بالقسامة
[4520]
(ثنا عبيد اللَّه) بالتصغير (ابن عمر بن ميسرة) البصري القواريري (ومحمد بن عبيد، المعنى، قالا: ثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن بشير) بضم الباء الموحدة وفتح الشين المعجمة مصغر (بن يسار) بفتح الياء تحتها نقطتان وتخفيف السين المهملة،
(1) رواه البخاري (7192)، ومسلم (1669).
(2)
رواه البيهقي 8/ 127. وقال الألباني: ضعيف معضل.
الأنصاري المدني، مولى بني حارثة.
(عن سهل بن أبي حثمة) بسكون المثلثة (ورافع بن خديج) بن رافع الخزرجي الأوسى، شهد أحدًا والخندق وأكثر المشاهد.
(أن محيصة) بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء، وتخفيفها لغة (بن مسعود) بن كعب بن عدي الأنصاري الحارثي، كان أكبر من أخيه حويصة (وعبد اللَّه بن سهل) الأنصاري الحارثي (انطلقا قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة (خيبر) رواية "الصحيح": إلى خيبر وهم يومئذ صلح (1).
(فتفرقا في النخل) لحاجتهما (فقتل عبد اللَّه بن سهل فاتهم اليهود) في قتله (فجاء أخوه عبد الرحمن بن سهل) الأنصاري، وكان له فهم وعلم (وابنا عمه حويصة ومحيصة) بتخفيف الياء وتشديدها، والمشهور التشديد، وعلى الوجهين فهما مصغران (2)، والأربعة بنو عم بعضهم لبعض (فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فتكلم عبد الرحمن في أمر أخيه) المقتول (وهو أصغرهم) سنًّا (فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الكُبْر) بضم الكاف وإسكان الباء (الكُبْر) قال في "ديوان الأدب ": يقال: الولاء للكبر (3). أي: أقربهم إلى الجد الأكبر "الكبر الكبر" منصوبان بفعل محذوف تقديره: قدموا الأكبر، وفي بعضها:"الكبر" بكسر الكاف وفتح الباء، أي: كبر الكبير في السن ونحوها، قال النووي: وفي بعض نسخ مسلم:
(1)"صحيح البخاري"(2702، 3173).
(2)
في (ل)، و (م) مصغرين.
(3)
"معجم ديوان الأدب" 1/ 154.
"للكبر" باللام، وهو صحيح (1).
والمعنى: أن عبد اللَّه هو المقتول وأخوه عبد الرحمن، فلما أراد عبد الرحمن أخو المقتول أن يتكلم قال له النبي صلى الله عليه وسلم، أي: ليتكلم الأكبر منك، واعلم أن حقيقة الدعوة إنما هي (2) لأخيه عبد الرحمن ولا حق فيها لابني عمه، وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتكلم الأكبر وهو حويصة؛ لأنه لم يكن المراد بكلامه حقيقة الدعوى سماع صورة القصة وكيف جرت، فإذا أراد حقيقة الدعوى تكلم صاحبها، ويحتمل أن عبد الرحمن وَكَّلَ حويصة ومحيصة في الدعوى ومساعدته أو أمر بتوكيله، وفي هذا فضيلة السن عند التساوي في الفضائل، ولهذا نظائر، فإنه تقدم في الإمامة وفي النكاح ندبا وغير ذلك.
(أو قال: ليتكلم (3) الأكبر) منكما؛ فيه تعظيم الشيوخ وتوقيرهم (فتكلما في أمر صاحبهما) المقتول، وفيه تسمية الميت صاحبًا باعتبار ما كان عليه قبل الموت، وقد اختلف الأصوليون في إطلاق اسم الصحبة عليه بعد انقضائها، ثلاثة أقوال أقربها كما قال الآمدي أن إطلاق اسم (4) الصاحب عليه قبل انقضاء الصحبة حقيقة، وبعد الانقضاء مجاز (فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يقسم) أي: يحلف.
نقل الرافعي عن الأئمة أن القسامة في اللغة اسم للأولياء الذين
(1)"مسلم بشرح النووي" 11/ 146.
(2)
في (ل)، (م): هيه. وهو خطأ، وما أثبتناه هو الصواب.
(3)
في مطبوعات "السنن": ليبدأ.
(4)
ساقطة من (ل).
يحلفون على استحقاق دم المقتول، وفي لسان الفقهاء اسم للأيمان (1)، والصحيح أنها اسم للأيمان عند بعضهم (خمسون) دليل على استحقاق هذا العدد من الأيمان، فلا يجزئ فيها أقل من ذلك. فإن كان المستحقون خمسين حلف كل واحد منهم يمينًا واحدة، فإن كانوا أقل من ذلك أو نكل من لا يجوز عفوه ردت الأيمان عليهم بحسب عددهم (منكم) الخطاب لجميع الأولياء.
واستدل الرافعي والنووي على أصح القولين عند الشافعي على أن الخمسين يمينًا توزع على الأولياء على قدر مواريثهم، والقول الثاني: أن كل واحد منهم يحلف خمسين يمينًا، واحتجا للأصح بأنه صلى الله عليه وسلم قال:"يحلف خمسون منكم"(2) فلم يوجب على الجماعة إلا الخمسين (3).
قال الإسنوي: والاستدلال به سهو؛ لأن الوارث إنما هو أخو القتيل، وهو أخو عبد الرحمن بن سهل، وحويصة ومحيصة عماه، والحالف إنما هو الوارث، وإنما عبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"يحلفون" لأن الحلف وإن صدر من واحد لكن بعد اتفاق من العمين فإنهما قد حضرا معهما خائضين في القصة، فعبر عن اتفاقهم على الحلف بالحلف مجازًا، وهو مجاز سائغ حسن. قال: والإمام قد نبه على ما قلناه، فكيف ذهل عنه الرافعي؟ ! انتهى، وإذا زاد الأولياء على الخمسين هل يحلف كل منهم يمينًا، أو يقتصر منهم على خمسين؟
(1)"الشرح الكبير" 11/ 12.
(2)
انظر: "شرح معاني الآثار" 3/ 201، "شرح مشكل الآثار" 11/ 513.
(3)
"الشرح الكبير" 11/ 28، "روضة الطالبين" 10/ 18.
وهذا هو الموافق لقوله: "يحلف خمسون منكم" و (من) للتبيين (على رجل منهم) أنه قتله (فيدفع) الرجل إليهم (برمته) بضم الراء، والمراد به هنا الحبل الذي يربط في رقبة القاتل ويسلم فيه إلى ولي المقتول. وفيه دليل على أن الولي أو الأولياء إذا أقسموا في محل اللوث وكانت الدعوى قتل العمد على ما ذهب إليه الشافعي في القول القديم أن القصاص يجب بالقسامة، والقول الجديد أنه لا يجب القصاص، بل تجب الدية في مال القاتل حالة، وعلى الجديد مؤول عند أصحابنا على أنه يسلم إليهم برمته ليستوفوا منه الدية لكونها ثبتت عليه لا ليقتص منه (1).
(قالوا) هذا أمر (لم نشهده) أي: لم نحضره (كيف نحلف) عليه، فيه دليل على أن الأيمان في القسامة على القطع وهو الأصل في الأيمان، إلا أن يتعذر ذلك في القسامة على القطع، وهو الأصل في الأيمان، إلا أن يتعذر ذلك فيها، وسبب ذلك أن الحالف جازم في دعواه، فلا يحلف إلا على ما تحققه كالشاهد، غير أنه لا يشترط في تحقيق ذلك الحضور والمشاهدة، إذ قد يحصل التحقيق من الأخبار بقرائن الأحوال إذا احتفت به.
(قال: فتبرئكم يهود) أي: يبرؤون إليكم مما طالبتموهم به، وتبرؤون أنتم منهم إذ ينقطع طلبكم عنهم شرعًا.
وفيه دليل على أن من توجهت عليه يمين فنكل عنها أنه لا يقضى عليه بمجرد النكول حتى يرد اليمين على الآخر ويحلف. وهو قول
(1) انظر: "الحاوي الكبير" 13/ 35، "البيان" للعمراني 13/ 223.
مالك (1) والشافعي (2)، وقال أبو حنيفة (3) وأحمد (4): يقضى عليه دون رد اليمين. وقال ابن أبي ليلى: يؤخذ باليمين (5).
(بأيمان) بفتح الهمزة جمع يمين (خمسين منهم) فيه دليل على أن اليمين المردودة لا تكون أقل من خمسين يمينًا من خمسين رجلًا إذا كان المدعى عليهم خمسين، فإن كانوا أقل من ذلك حلفوا خمسين يمينًا وردت اليمين عليهم بحسب عددهم.
(قالوا: يا رسول اللَّه) كيف نقبل أيمان كما في رواية (6)(قوم كفار) هذا استبعاد لصدقهم، وتقرير (7) لإقدامهم على الكذب، وجرأتهم على الأيمان الفاجرة، أي: ما هم عليه من الكفر والعداوة للمسلمين بجرأتهم على الأيمان الكاذبة، قال القرطبي: لا خلاف أعلمه في أن الكافر إذا توجهت عليه يمين أنه يحلفها (8). ويدل على صحة يمين الكافر والفاسق قوله قبل: "فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم".
(فوداه) بتخفيف الدال أي: أعطى ديته (رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من قبله) بكسر القاف، وفتح الباء، أي: من عنده كما في رواية، وإنما فعل ذلك على
(1) انظر: "البيان والتحصيل" 15/ 446، "الذخيرة" 11/ 76.
(2)
انظر: "الحاوي الكبير" 16/ 317، "البيان" للعمراني 13/ 88، "روضة الطالبين" 12/ 47.
(3)
انظر: "المبسوط" 17/ 29، "بدائع الصنائع" 6/ 230، "تبيين الحقائق" 4/ 294.
(4)
انظر: "المغني" 14/ 233.
(5)
انظر: "مختصر اختلاف العلماء" 3/ 383.
(6)
رواها البخاري (3173)، ومسلم (1669/ 1، 3).
(7)
ساقطة من (م).
(8)
"المفهم" 5/ 15.
مقتضى كرم خلقه، وعظيم مروءته، وجلبًا للمصلحة، ودفعًا للمفسدة، ودفعًا لثائرة الشر، وتأليفًا للأغراض المتنافرة عند تعذر الوصول إلى استيفاء الحق، وهذا اللفظ الذي هو "من قبله" أو من عنده (1). ظاهر في أن الإبل التي دفعها كانت من ماله، وهذا أصح من رواية من روى أنها كانت من إبل الصدقة؛ إذ قيل: إنها غلط من بعض الرواة، إذ ليس هذا من تصرف الزكاة.
(قال) حماد بن زيد (قال سهل) بن أبي حثمة (دخلت مربدًا لهم) بفتح الميم، وكسر الباء الموحدة (2)، وهو الموضع الذي تجتمع فيه الإبل وتحبس، والربد الحبس ([يومًا] (3) فركضتني) أي: وقصتني [أو رفستني](4)، والرفس بالسين المهملة: الضرب بالرجل (ناقة من تلك الإبل) التي أخذت في الدية، وفيه دليل على أن الأصل في الدية الإبل؛ لأن اللَّه تعالى أوجب دية مجملة في قوله تعالى:{وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (5)، وبينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:"في النفس مائة من الإبل" رواه النسائي وصححه ابن حبان والحاكم (6).
(1) رواه البخاري (7192)، ومسلم (1669/ 4).
(2)
المشهور في المربد الكسر ثم السكون وفتح الباء ودال مهملة والمذكور على غير القياس. انظر: "معجم البلدان" 5/ 97.
(3)
من المطبوع.
(4)
ليست في النسخ، وأثبتها ليستقيم السياق.
(5)
النساء: 92.
(6)
"المجتبى" 8/ 57، 59 - 60، "السنن الكبرى" 4/ 245 - 247، "صحيح ابن حبان" 14/ 501 (6559)، "المستدرك" 1/ 395 - 396.
(ركضة) منصوب على المصدر (برجلها. قال حماد) بن زيد (هذا) اللفظ الذي سمعته (أو نحوه) بالرفع، قد يستدل به من يجوِّز رواية الحديث بالمعنى.
(قال أبو داود: ورواه بشر بن المفضل ومالك، عن يحيى بن سعيد) و (قال (1) فيه) قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (أتحلفون خمسين يمينًا؟ ) فهم الشافعي منه أنه لا يحلف إلا الورثة الذين يستحقون المال (2).
(وتستحقون دم صاحبكم) فجعل الحالف هو المستحق، ومعلوم أن غير الوارث لا يستحق شيئًا، يدل على أن المراد حلف من يستحق الدية، وقد استدل بقوله:"دم (3) صاحبكم" أن بالقسامة يستحق القصاص بالدم (أو قاتلكم؟ ) شك من الراوي، ومعناه على الروايتين إن ثبت حقكم على من حلفته عليه، وهل ذلك الحق قصاص أو دية؟ فيه الخلاف.
(ولم يذكر بشر) بن المفضل (دمًا) يدل على أن الأصح من مذهب الشافعي أن المستحق بالقسامة الدية لا القصاص، لرواية مسلم:"إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب"(4) وقال عدة من رواة الحديث: (وقال عبدة) بن عبدة الكلابي (عن يحيى، كما قال حماد) بن زيد.
(ورواه) سفيان (ابن عيينة عن يحيى) بن سعيد (فبدأ) بهمز آخره، أي: ابتدأ في روايته (بقوله: تبرئكم يهود) مرفوع غير منون، لأنه لا
(1) في النسخ: قالا. بالتثنية والمثبت من المطبوع.
(2)
"الأم" 7/ 229. ط. دار الوفاء.
(3)
ساقطة من (م).
(4)
"صحيح مسلم"(1669/ 6).
ينصرف، إذ المراد يهود الطائفة أو القبيلة، فاجتمع فيه علتان وهما العلمية والتأنيث (بخمسين يمينًا يحلفون) أنهم لم يقتلوه (ولم يذكر الاستحقاق) في روايته.
(قال أبو داود: [وهذا] (1) وهم [من](2) ابن عيينة) يعني: التبدئة. قال شيخنا ابن حجر: وقد وافق وهيب بن خالد بن عيينة على روايته، أخرجه أبو يعلى (3).
[4521]
(ثنا أحمد بن عمرو بن السرح) قال (أنا) عبد اللَّه (ابن وهب) قال (أخبرني) سمعت (مالك) بن أنس يقول (حدثني أبو ليلى) عبد اللَّه بن سهل كذا قيل اسمه، وهو ثقة (ابن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن سهل) الأنصاري (عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره هو ورجال) رواية مسلم: أنه أخبره عن رجال (4)(من كبراء قومه أن عبد اللَّه بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد) بفتح الجيم، وهو الشدة والمشقة (أصابهم (5) فأُتي) بضم الهمزة، وكسر التاء (محيصة فأخبر) بضم الهمزة، وكسر الباء (أن عبد اللَّه بن سهل) الحارثي (قد قتل) في رواية البزار: قتل تحت الليل (6)(وطرح في فقير) على لفظ الفقير من الآدميين، وهي هنا البئر القريبة القعر، الواسعة الفم، وقيل: هي
(1) و (2) من المطبوع.
(3)
انظر: "التلخيص الحبير" 4/ 39.
(4)
"صحيح مسلم"(1669).
(5)
ساقطة من (م).
(6)
"البحر الزخار" 3/ 238: فقد تحت الليل.
الحفيرة العميقة التي تحفر للفسيلة (1) من صغار النخل، وقيل: هي حوض في أصل النخلة تشرب منه النخلة، والأول هو الموافق لما عطف عليه بقوله (أو عين) ماء (فأَتَى) بفتح الهمزة والتاء محيصة (يهود) بالنصب بلا تنوين؛ لأنه لا ينصرف كما تقدم.
(فقال) لهم (أنتم واللَّه قتلتموه) فأنكروا و (قالوا: واللَّه ما قتلناه). فيه أنه تجوز اليمين باللَّه تعالى على ما يغلب عليه ظنه بقرائن دلت عليه، وإلا فلا (فأقبل حتى قدم على قومه) بني حارثة (فذكر لهم ذلك) كله (ثم أقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه) أي: كان حويصة أكبر سنًّا من محيصة، وأسلم بعده (وعبد الرحمن بن سهل) ابن أخيهما وهما عمَّاه، وفي رواية: ابنا عمه، وهو الصحيح، إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، كذا في رواية "الموطأ"(2)(فذهب محيصة ليتكلم) بالوكالة عن عبد الرحمن (وهو الذي كان) حاضرًا (بخيبر) حين قتل عبد اللَّه، غير أنه كان أصغر من محيصة.
(فقال [له] (3) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كبر كبر) قرأناه في رواية مسلم وغيره بفتح الكاف، وتشديد الباء المكسورة، وصرح به ابن الأثير فقال: كبِّر كبِّر (4). أمر بتقديم الأكبر (5).
في بعض النسخ المعتمدة الصحيحة في "الموطأ": "كبر كبر"
(1) في (م) موضعها بياض.
(2)
"الموطأ" 2/ 877 - 878.
(3)
من المطبوع.
(4)
ساقطة من (ل).
(5)
"جامع الأصول" 10/ 280.
بسكون الباء فيهما، ويشبه أن يكون مع السكون ضم الكاف كما تقدم في "الكبر الكبر" والكبر بضم الكاف، وإسكان الباء جمع أكبر كحمر جمع أحمر، أو مصدر، أو مفرد بمعنى الأكبر (يريد) كبر (السن) أي: قدم للكلام قبلك من هو أكبر سنا منك، وفيه من الفقه أن المشتركين في طلب حق ينبغي لهم أن يقدموا للكلام واحدًا منهم، وأحقهم بذلك أسنهم، إذا كانت له أهلية القيام بذلك، وقدم السن لا يستحق التقديم به إلا من حيث القدم في الإسلام، والسبق إليه، وممارسة أحواله، والفقه فيه، ولو كان الشيخ عريا عن ذلك لاستحق التأخير، وقد قدم وفد على عمر بن عبد العزيز فتقدم شاب للكلام فقال له عمر: كبر كبر. فقال: يا أمير المؤمنين، لو كان الأمر بالسن لكان هنا من هو أولى بالخلافة منك. فقال: تكلم. فتكلم فأبلغ وأوجز.
(فتكلم حويصة) لكونه أكبر في السن بالوكالة عن عبد الرحمن؛ لأنه وأخاه كانا وكيلين (ثم تكلم محيصة) ليجلي الواقعة؛ لأنه كان حاضرًا (فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) بعد سماع المدعين (إما أن يدوا) بفتح المثناة تحت (صاحبكم) أي: يدفعوا (1) الدية عنه.
قال القرطبي: هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم على جهة التأنيس والتسلية لأولياء المقتول، وعلى جهة الإخبار بالحكم على تقدير ثبوت القتل عليهم، لا أن ذلك كان حكمًا من النبي صلى الله عليه وسلم على اليهود في حال غيبتهم، فإنه بعد لم يسمع منهم، ولا حضروا حتى يسألهم؛ ولذلك كتب إليهم بعد أن صدر منهم ذلك القول، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن
(1) في (ل)، و (م) تدعوه. ولعل المثبت مراد المصنف.
سمع الدعوى لم يستحضر المدعى عليهم إليه، وفيه من الفقه أن مجرد الدعوى لا توجب إحضار المدعى عليه؛ لأن في إحضاره مبالغة من إشغاله وتضييعا لماله من غير موجب ثابت (1).
(وإما أن يؤذنوا) روي عن عبيد اللَّه بكسر الذال المعجمة، وعن غيره بفتحها، روايتان، أي: وإما أن يعلموا أنهم ممتنعون من أحكامنا اللازمة لهم فينتقض عهدهم ويصيرون حربا لنا (بحرب) من اللَّه يحتمل أن يريد نفس الحرب بنقض العهد ويحتمل أن يكون المراد المبالغة في التهديد دون نفس المحاربة، وكل من عصى اللَّه ولم يستحل فقد حارب اللَّه كما في الحديث:"من أهان لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة"(2) وحديث جابر: "من لم يدع الكبائر فليأذن بحرب من اللَّه تعالى"(3).
(فكتب إليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ذلك)(4) فيه أنه يستحب للقاضي أن يتخذ كاتبا مسلمًا، وأنه إذا لم يكن في بلد المدعى عليه [قاضٍ ولا أحد](5) يسمع الدعوى أن يكتب إلى المدعى عليه، وإن كان كافرًا (6)(فكتبوا) إليه (إنا) بكسر الهمزة؛ لأنها جاءت بعد ما هو في معنى
(1)"المفهم" 5/ 9.
(2)
رواه بنحوه البخاري (6502) من حديث أبي هريرة.
(3)
سلف برقم (3406) بلفظ: "من لم يذر المخابرة فليأذن بحرب من اللَّه ورسوله".
ورواه أيضًا أبو يعلى في "المسند" 4/ 27 (2030). وصححه ابن حبان 11/ 611 (5200).
(4)
بعدها في (ل)، (م): نسخة: بذلك، وهو موافق للمطبوع.
(5)
في (ل)، (م): قاضيًا ولا أحدًا. والجادة ما أثبتناه.
(6)
ساقطة من (م).
القول، وهو كتب، وكذا تكسر -واللَّه أعلم- إذا جاءت في كل ما هو معنى القول، وهو لفظ ونطق وتكلم، ونحو ذلك، ولم أجد من ذكره (واللَّه ما قتلناه) فيه جواز العمل بما في الكتاب إذا علمت صحته والحكم به.
(فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ ) رواية الطبراني: فأمرهم أن يحلفوا خمسين يمينا خمسون رجلًا أن يهود قتلته غيلة، ويستحقون بذلك الذي يزعمون أنه الذي قتل صاحبهم (1) (قالوا: لا) رواية الطبراني: فنكلت بنو حارثة عن الأيمان (2).
(قال: فتحلف لكم يهود) بالرفع بلا تنوين أي: خمسين يمينا (قالوا: ليسوا) بـ (مسلمين) ظاهره أن الأيمان لا تكون إلا من المسلمين، وتقدم أنها تقبل من الكفار والفسقة ونحو ذلك (فوداه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من عنده) إصلاحًا منه وجبرًا لخاطرهم، وإلا فاستحقاقهم لم يثبت (فبعث إليهم) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الدية عنهم (بمائة (3) ناقه) فيه أن الأفضل في الدية الإناث (حتى أدخلت عليهم الدار) فيه إرسال الدية إلى دار المستحق معقولة (فقال سهل) بن أبي حثمة (لقد ركضتني) منها (ناقة حمراء) يقال: إن الأفضل في الدية وغيرها من النياق الحمر.
[4522]
(ثنا محمود بن خالد) بن يزيد السلمي قال أبو حاتم: كان
(1)"المعجم الكبير" 10/ 304 (10737).
(2)
السابق.
(3)
قبلها (ل)، (م): مائة. وفوقها: (خـ)، وهو ما في مطبوعات "السنن".
ثقة رضًا (1). (وكثير بن عبيد) الحمصي إمام جامع حمص ([قالا: حدثنا. وحدثنا] (2) محمد بن الصباح بن سفيان) الجرجراي بالقصر (3)(أن الوليد) ابن مسلم الشامي (أخبرهم عن أبي عمرو) عبد الرحمن الأوزاعي (عن عمرو بن شعيب) ابن محمد صاحب الصحيفة.
(عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قتل بالقسامة رجلا من بني نصر بن مالك) قبيلة من الأزد (ببحرة) بفتح الباء الثانية، وسكون الحاء المهملة (الرغاء) بضم الراء، وتخفيف الغين المعجمة. قال ابن الأثير: هي البلدة (4).
والعرب تسمي القرية البحرة، وفي الحديث: هذِه البحيرة. بالتصغير يعني: مدينة النبي صلى الله عليه وسلم (على شط لية) قال المنذري: لية موضع قبل الطائف كثير السدر، وهي بفتح اللام، وتشديد الياء آخر الحروف، وفتح الياء وهاء تأنيث (5). وبكسر اللام والياء المثناة تحت (البحرة) بفتح الباء الموحدة (قال: القاتل والمقتول منهم) الظاهر أن "منهم" تعود على بني نصر بن مالك (وهذا لفظ محمود) بن خالد (ببحرة أقامه محمود وحده [على شط لية البحرة])(6) ولم يذكر المضاف إلى (بحرة) وهي الرغاء، وذكرها كثير ومحمد.
* * *
(1)"الجرح والتعديل" 8/ 292.
(2)
من المطبوع.
(3)
كذا في النسخ، وفي مصادر الترجمة: الجرجرائي بالهمز والمد، انظر:"تهذيب الكمال" 11/ 358.
(4)
"جامع الأصول" 10/ 292، "النهاية" 1/ 100.
(5)
"مختصر سنن أبي داود" 6/ 319.
(6)
من المطبوع.