المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3 - باب ما جاء في المحاربة - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٧

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌2 - باب في النَّهْي عَنِ السَّعْي في الفِتْنَةِ

- ‌3 - باب فِي كَفِّ اللِّسَانِ

- ‌4 - باب ما يُرَخَّصُ فِيهِ مِنَ البَدَاوَةِ في الفِتْنَةِ

- ‌5 - باب فِي النَّهْى عَن القِتَالِ في الفِتْنَةِ

- ‌6 - باب فِي تَعْظِيمِ قَتْلِ المُؤْمِنِ

- ‌7 - باب ما يُرْجَى فِي القَتْلِ

- ‌كتاب المهدي

- ‌1 - باب

- ‌كتاب الملاحم

- ‌1 - باب ما يُذْكَرُ فِي قَرْنِ المِئَةِ

- ‌2 - باب ما يُذْكَرُ مِنْ مَلاحِمِ الرُّومِ

- ‌3 - باب فِي أَماراتِ المَلاحِمِ

- ‌4 - باب فِي تَوَاتُرِ المَلاحِمِ

- ‌5 - باب فِي تَداعِي الأُمَمِ عَلَى الإِسْلَامِ

- ‌6 - باب فِي المَعْقِلِ مِنَ المَلَاحِمِ

- ‌7 - باب ارْتِفاعِ الفِتْنَةِ فِي المَلاحِمِ

- ‌8 - باب فِي النَّهْي عَنْ تَهْيِيجِ التُّرْكِ وَالحَبَشَةِ

- ‌9 - باب في قِتَالِ التُّرْكِ

- ‌10 - باب فِي ذِكْرِ البَصْرَةِ

- ‌11 - باب النَّهْي عَنْ تهْيِيجِ الحَبَشَةِ

- ‌12 - باب أَماراتِ السّاعَةِ

- ‌13 - باب حَسْرِ الفُراتِ عَنْ كَنْزٍ

- ‌14 - باب خُرُوجِ الدَّجّالِ

- ‌15 - باب فِي خَبَرِ الجَسّاسَةِ

- ‌16 - باب فِي خَبرِ ابن صائِدٍ

- ‌17 - باب الأَمْرِ والنَّهْي

- ‌18 - باب قيامِ السّاعَةِ

- ‌كتاب الحدود

- ‌1 - باب الحُكْمِ فِيمَنِ ارْتَدَّ

- ‌2 - باب الحُكْمِ فِيمَنْ سَبَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - باب ما جاءَ في المُحارِبَةِ

- ‌4 - باب في الحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ

- ‌5 - باب العَفْوِ عَن الحُدُودِ ما لَمْ تَبْلُغِ السُّلْطانَ

- ‌6 - باب فِي السَّتْرِ عَلَى أَهْلِ الحُدُودِ

- ‌7 - باب فِي صاحِبِ الحَدِّ يَجَيءُ فَيُقِرُّ

- ‌8 - باب فِي التَّلْقِينِ في الحَدِّ

- ‌9 - باب فِي الرَّجُلِ يَعْترِفُ بِحَدٍّ ولا يُسَمِّيهِ

- ‌10 - باب في الامْتِحانِ بِالضَّرْبِ

- ‌11 - باب ما يُقْطَعُ فِيهِ السّارِقُ

- ‌12 - باب ما لا قَطْعَ فِيهِ

- ‌13 - باب القَطْعِ في الخُلْسَةِ والخِيانَةِ

- ‌14 - باب مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ

- ‌15 - باب فِي القَطْعِ في العارِيَةِ إِذا جُحِدَتْ

- ‌16 - باب فِي المَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا

- ‌17 - باب فِي الغُلامِ يُصِيبُ الحَدَّ

- ‌18 - باب السّارِق يَسْرِقُ في الغَزْوِ أَيُقْطَعُ

- ‌19 - باب فِي قَطْعِ النَّبّاشِ

- ‌20 - باب فِي السّارِق يَسْرِقُ مِرارًا

- ‌21 - باب فِي السّارقِ تُعَلَّقُ يَدُهُ في عُنُقِهِ

- ‌22 - باب بَيْع المَمْلُوكِ إِذا سَرَقَ

- ‌23 - باب في الرَّجْمِ

- ‌24 - باب رَجْمِ ماعِزِ بْن مالِكٍ

- ‌25 - باب المَرْأَةِ التي أَمَرَ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِها مِنْ جُهَيْنَةَ

- ‌26 - باب فِي رَجْمِ اليَهُودِيَّيْنِ

- ‌27 - باب فِي الرَّجُلِ يَزْني بِحَرِيمِهِ

- ‌28 - باب فِي الرَّجُل يَزْني بِجارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌29 - باب فِيمَنْ عمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌30 - باب فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً

- ‌31 - باب إِذا أَقَرَّ الرَّجُلُ بالزِّنا وَلَمْ تُقِرَّ المَرْأَةُ

- ‌32 - باب فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِن المَرْأَةِ دُونَ الجِماعِ فيَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الإِمامُ

- ‌33 - باب فِي الأَمَةِ تَزْني وَلَمْ تُحْصَنْ

- ‌34 - باب فِي إِقامَةِ الحَدِّ عَلَى المَرِيضِ

- ‌35 - باب فِي حَدِّ القَذْفِ

- ‌36 - باب الحَدِّ في الخَمْرِ

- ‌37 - باب إِذا تَتَابَعَ في شُرْبِ الخَمْرِ

- ‌38 - باب فِي إِقامَةِ الحَدِّ في المَسْجِدِ

- ‌39 - باب فِي التَّعْزِيرِ

- ‌40 - باب في ضَرْبِ الوَجْهِ في الحَدِّ

- ‌كتاب الديات

- ‌1 - باب النَّفْسِ بالنَّفْسِ

- ‌2 - باب لا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ أَخِيهِ أَوْ أَبِيهِ

- ‌3 - باب الإِمامِ يَأْمُرُ بِالعَفْوِ في الدَّمِ

- ‌4 - باب وَلِي العَمْدِ يَأْخُذُ الدِّيَةَ

- ‌5 - باب مَنْ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ

- ‌6 - باب فِيمَنْ سَقَى رَجُلًا سَمًّا أَوْ أَطْعَمَهُ فَماتَ، أَيُقادُ مِنْهُ

- ‌7 - باب مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ أَيُقادُ مِنْهُ

- ‌8 - باب القَسامَةِ

- ‌9 - باب في تَرْك القَوَدِ بِالقَسامَةِ

- ‌10 - باب يُقادُ مِنَ القاتِلِ

- ‌11 - باب أيُقادُ المُسْلِمُ بِالكافِرِ

- ‌12 - باب فِي مَنْ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ

- ‌13 - باب العامِلِ يُصابُ على يَدَيْهِ خَطَأ

- ‌14 - باب القَوَدِ بغَيْرِ حَدِيدٍ

- ‌15 - باب القَوَدِ مِنَ الضَّرْبَةِ وَقَصِّ الأَمِيرِ مِنْ نَفْسِهِ

- ‌16 - باب عَفْوِ النِّساءِ عَنِ الدَّمِ

- ‌17 - باب مَنْ قُتِلَ في عمِّيّا بَيْن قَوْمٍ

- ‌18 - باب الدّيَةِ كَمْ هي

- ‌19 - باب دِيَةِ الخَطَإِ شِبْهِ العَمْدِ

الفصل: ‌3 - باب ما جاء في المحاربة

‌3 - باب ما جاءَ في المُحارِبَةِ

4364 -

حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنا حَمّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ أَنَّ قَوْمًا مِنْ عُكْلٍ -أَوْ قالَ: مِنْ عُرَيْنَةَ- قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فاجْتَوَوُا المَدِينَةَ فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بلِقاحٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوالِها وَأَلْبانِها، فانْطَلَقُوا فَلَمّا صَحُّوا قَتَلُوا راعي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم واسْتاقُوا النَّعَمَ فَبَلَغَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم خَبَرُهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهارِ فَأَرْسَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في آثارِهِمْ فَما ارْتَفَعَ النَّهارُ حَتَّى جِيءَ بِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِعَتْ أَيْدِيهِم وَأَرْجُلُهُمْ وَسُمِّرَ أَعْيُنُهُمْ وَأُلْقُوا في الحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلا يُسْقَوْنَ.

قالَ أَبُو قِلابَةَ: فهؤلاء قَوْمٌ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَحارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ (1).

4365 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ بِإسْنادِهِ بهذا الحَدِيثِ قالَ فِيهِ: فَأَمَرَ بِمَسامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ وَقَطَّعَ أَيْدِيَهُم وَأَرْجُلَهُمْ وَما حَسَمَهُمْ (2).

4366 -

حَدَّثَنا مُحَمَّد بْنُ الصَّبّاحِ بْنِ سُفْيانَ قالَ: أَخْبَرَنا، ح وَحَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ عُثْمانَ، حَدَّثَنا الوَلِيدُ، عَنِ الأَوْزاعيُّ، عَنْ يَحْيَى -يَعْني: ابن أَبي كَثِيرٍ-، عَنْ أَبي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ بهذا الحَدِيثِ قالَ فِيهِ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في طَلَبِهِمْ قافَةً فَأُتي بِهِمْ. قالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى في ذَلِكَ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} الآيَةَ (3).

4367 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ، أَخْبَرَنا ثابِتٌ وَقَتادَةُ وَحُمَيْدٌ

(1) رواه البخاري (233)، ومسلم (1671).

(2)

انظر حديث رقم (4364).

(3)

انظر حديث رقم (4364).

ص: 252

عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ ذَكَرَ هذا الحَدِيثَ قالَ أَنَسٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمْ يَكْدِمُ الأَرْضَ بِفِيهِ عَطَشًا حَتَّى ماتُوا (1).

4368 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن بَشّارٍ، حَدَّثَنا ابن أَبي عَديٍّ، عَنْ هِشامٍ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ بهذا الحَدِيثِ نَحْوَهُ زادَ: ثمَّ نَهَى عَنِ المُثْلَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ خِلافٍ. وَرَواهُ شُعْبَةُ، عَنْ قَتادَةَ وَسَلَّامِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ ثابِتٍ جَمِيعًا عَنْ أَنَسٍ لَمْ يَذْكُرا: مِنْ خِلافٍ. وَلَمْ أَجِدْ في حَدِيثِ أَحَدٍ: قَطَعَ أَيْدِيَهُم وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلافٍ. إِلَّا في حَدِيثِ حَمّادِ بْنِ سَلَمَةَ (2).

4369 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن صالِحٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَني عَمْرٌو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبي هِلالٍ، عَنْ أَبي الزِّنادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ -قالَ أَحْمَدُ: هُوَ يَعْني عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ- عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ ناسًا أَغارُوا عَلَى إِبِلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فاسْتاقُوها وارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلامِ وَقَتَلُوا راعي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُؤْمِنًا فَبَعَثَ في آثارِهِمْ فَأُخِذُوا فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ. قالَ: وَنَزَلَتْ فِيهِمْ آيَةُ المُحارَبَةِ وَهُمُ الذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَسُ بْن مالِكٍ الحَجّاجَ حِينَ سَأَلَهُ (3).

4370 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، أَخْبَرَنا ابن وَهْبٍ، أَخْبَرَني اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ العَجْلانِ، عَنْ أَبي الزِّنادِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمّا قَطَعَ الذِينَ سَرَقُوا لِقاحَهُ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ بِالنّارِ عاتَبَهُ اللَّهُ تَعالَى في ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعالَى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} الآيَةَ (4).

(1) انظر حديث رقم (4364).

(2)

انظر حديث رقم (4364).

(3)

رواه النسائي 7/ 100، والطبراني 12/ 324 (13247)، والبيهقي 8/ 282.

وقال الألباني في "صحيح أبي داود": حسن صحيح.

(4)

رواه النسائي 7/ 100.

وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود".

ص: 253

4371 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قالَ: أَخْبَرَنا ح وَحَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا هَمّامٌ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قالَ: كانَ هذا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الحُدُودُ. يَعْني: حَدِيثَ أَنَسٍ (1).

4372 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثابِتٍ، حَدَّثَنا عَليُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْويِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} نَزَلَتْ هذِه الآيَة في المُشْرِكِينَ فَمَنْ تابَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ أَنْ يُقامَ فِيهِ الحَدُّ الذي أَصابَهُ (2).

* * *

باب في المحاربة

[4364]

(ثنا سليمان بن حرب قال: ثنا حماد) بن زيد الأزدي الحمصي أبو إسماعيل البصري (عن أبي قلابة)(3) عبد اللَّه بن زيد التابعي المشهور.

(عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن قومًا من عكل) بضم العين، وإسكان الكاف، زاد البخاري في كتاب الجهاد: فقال: أن رهطًا من عكل ثمانية (4).

(1) رواه البخاري (5686).

(2)

رواه النسائي 7/ 101.

وقال الألباني في "الإرواء" 8/ 93: إسناده جيد.

(3)

كذا في النسخ، وقبلها في "سنن أبي داود":(عن أيوب) وهو الصواب.

(4)

"صحيح البخاري"(3018).

ص: 254

(أو قال: من عرينة) بضم العين المهملة، وفتح الراء، وبعد ياء التصغير نون، قبيلة معروفة، وهم ناس من بني سليم، وناس من بجيلة، وناس من بني عرنة (قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) من البحرين، وروى ابن جرير -مسند- عن أنس: كانوا أربعة من عرينة، وثلاثة من عكل. انتهى (1)، وعلى ما تقدم يكون واحد من بجيلة تتمة الثمانية.

وذكر في رواية أخرى عن جرير: قدم على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قوم من عرينة حفاة مضرورين (2).

وروى ابن أبي حاتم بسنده عن أنس: كان رهط من عرينة أتوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبهم جهد، مصفرة ألوانهم، عظيمة بطونهم (3).

(فاجتووا المدينة) بالجيم والمثناة فوق، أي: استوخموها كما في الرواية الأخرى (4)، يعني: لم توافقهم، يعني: وكرهوها، مشتق من الجوى، وهو داء في الجوف (5). وفي رواية لمسلم: أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نفر من عرينة، فأسلموا وبايعوا وقد وقع بالمدينة الموم وهو البرسام (6)(فأمر لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بلقاح) جمع لقحة بكسر اللام،

(1)"جامع البيان" 4/ 549 (11819).

(2)

"جامع البيان" 4/ 548 (11815).

(3)

رواه ابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" كما في "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير 5/ 188. ورواه أيضًا أبو عوانة في "المستخرج" 4/ 83 (6110)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 433.

(4)

رواه البخاري (4192، 5727).

(5)

بعدها في النسخ: فأمرهم.

(6)

مسلم (1671/ 13).

ص: 255

وهي الناقة ذات الدر. وفي رواية: من إبل الصدقة (1).

(وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها، فانطلقوا، فلما صحوا قتلوا راعي (2) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم).

وفي رواية أبي بكر ابن مردويه عن سلمة بن الأكوع: كان للنبي صلى الله عليه وسلم غلام يقال له: يسار. فنظر إليه يحسن الصلاة، فأعتقه، فبعثه في لقاح له بالحرة، فكان بها، قال: فأظهر قوم الإسلام من عرينة وجاؤوا وهم مرضى موعوكون، قد عظمت بطونهم. قال: فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى يسار، فكانوا يشربون أبوال الإبل حتى أنطوت بطونهم، ثم عدوا على يسار فذبحوه، وجعلوا الشوك في عينيه (3).

(واستاقوا النعم، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبرهم من أول النهار، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم في آثارهم) زاد ابن مردويه: خيلًا من المسلمين أميرهم كرز بن جابر الفهري (4)(فما ارتفع النهار حتى) لحقهم و (جيء بهم، فأمر بهم فقطعت أيديهم) بسكون الياء قبل الهاء (وأرجلهم) بالرفع (وسمر) بفتح السين

(1) رواه البخاري (6802)، ومسلم (1671/ 9).

(2)

ساقطة من (م).

(3)

رواه ابن مردويه كما في "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير 5/ 191.

ورواه أيضًا الطبراني 7/ 6 (6223).

قال الحافظ ابن كثير: غريب جدًا.

وقال الهيثمي في "المجمع" 6/ 294: فيه موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي وهو ضعيف.

(4)

"تفسير القرآن العظيم" لابن كثير 5/ 191.

وهو أيضًا عند الطبراني 7/ 6 (6223).

ص: 256

والميم المخففة، قال النووي: ضبطناه في بعض المواضع في البخاري: سمَّر، بتشديد الميم، ومعنى:(سمر أعينهم) أي: كحلها بمسامير محمية (1)(أعينهم) وفي "صحيح مسلم" أنهم سملوا أعين الرعاء (2). فكان ما فعل بهم قصاصًا. وقيل: كان هذا قبل نزول الحدود والنهي عن المثلة.

(وألقوا في الحرة) بفتح الحاء المهملة، وأصلها الحجارة السود.

وفي رواية ابن جرير عن أنس: سمل أعينهم ولم يحسمهم، وتركهم يتلقمون الحجارة بالحرة (3). (يستسقون فلا يسقون) أي: يطلبون الماء فلا يسقون (4). وليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك.

قال القاضي: أجمع المسلمون على أن من وجب عليه القتل فاستسقى لا يمنع الماء قصدًا؛ فيجتمع عليه عذابان (5). لمن المرتد لا حرمة له في سقي الماء ولا غيره.

وقيل: عاقبهم اللَّه بذلك لإعطاشهم آل بيت محمد صلى الله عليه وسلم، ومن دعائه:"عطَّش اللَّه من عطش آل محمد"(6).

(قال أبو قلابة) عبد اللَّه بن زيد الراوي (فهؤلاء قوم سرقوا) لقاح النبي

(1)"مسلم بشرح النووي" 11/ 155.

(2)

"صحيح مسلم"(1671/ 14).

(3)

"جامع البيان" 4/ 549 (11819).

(4)

في (ل)، (م): يسقوا. والجادة ما أثبتناه.

(5)

"إكمال المعلم" 5/ 464.

(6)

رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 1/ 495، ومن طريقه أبو إسماعيل البغدادي في "تركة النبي" (ص 107) عن سعد بن المسيب قال: لما أمسى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . .

ص: 257

-صلى الله عليه وسلم (وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم) أي: قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم، وكفروا باللَّه بعد أن أسلموا كما تقدم.

(وحاربوا اللَّه ورسوله) والمحاربة هي المضادة والمخالفة، وهي صادقة على الكفر وعلى قطع الطريق وإخافة السبل.

[4365]

ثنا موسى (1) بن إسماعيل قال: ثنا وهيب) (2) مصغر، ابن خالد الباهلي (عن أيوب) بن أبي تميمة (بإسناده، بهذا الحديث) المذكور فيه (قال فيه: فأمر بمسامير، فأحميت بالنار، فكحلهم) بها (وقطع أيديهم وأرجلهم) من خلاف (وما حسمهم) أي: كواهم، والحسم: كي العرق بالنار لينقطع الدم.

[4366]

(ثنا محمد بن الصباح بن سفيان) الجرجرائي، وجرجرايا بين واسط وبغداد، وثقه أبو زرعة (3) وغيره (4).

(قال: أنا. وثنا عمرو بن عثمان) الحمصي، صدوق حافظ (عن الوليد) بن مسلم (عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أنس بهذا الحديث، قال فيه: فبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في طلبهم، فأتي بهم) فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم (فأنزل اللَّه في ذلك:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ) استدل به على أن هذِه الآية نزلت في المرتدين من العرنيين حين ارتدوا كما تقدم، وجاء

(1) في (م): محمد.

(2)

فوقها في (ل): (ع).

(3)

"الجرح والتعديل" 7/ 289.

(4)

ساقطة من (م).

ص: 258

في رواية عمر أيضًا.

قال به الإمام من أصحابنا، وزعم أن العرنيين قطاع الطريق؛ وحينئذ فيتجه ما قاله الشافعي أن الآية نزلت في قطاع الطريق، وهو قول الفقهاء وجمهور المفسرين كما حكاه في "المطلب" قال: وعلى هذا فالآية كما قال الإمام تبعًا للقاضي ناسخة للمثلة (1).

ويؤيده أنه جاء في الرواية الآتية: ثم نهى عن المثلة.

{وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ} يحتمل أن يكون المعنى: يسعون في الأرض بمحاربتهم، أو يضيفون فسادًا إلى المحاربة {فَسَادًا} منصوب على أنه مفعول له، أو هو مصدر في موضع الحال، أي: يسعون في الأرض في حال فسادهم، أو مصدر من معنى: يسعون، على معنى أنَّ {يَسْعَوْنَ} في الأرض يفسدون، ولما كان السعي في الأرض للفساد جعل فسادًا، أي: إفسادًا (الآية) إلى آخرها.

[4367]

(ثنا موسى (2) بن إسماعيل) التبوذكي الحافظ قال (ثنا حماد) ابن سلمة (قال: ثنا ثابت، وقتادة، وحميد) بن هلال.

(عن أنس بن مالك رضي الله عنه) و (ذكر هذا الحديث) المتقدم و (قال) فيه (فلقد رأيت أحدهم يكدم) بضم الدال، ويجوز الكسر (الأرض بفيه) أي: يعض على الأرض بفيه كما يكدم الحمار (عطشًا) منصوب على أنه مفعول له، أي: لكثرة ما به من العطش. ويجوز أن يكون مصدرًا في موضع الحال، أي: يكدم الأرض في حال عطشه الشديد (حتى

(1)"نهاية المطلب" 17/ 297.

(2)

فوقها في (ل): (ع).

ص: 259

ماتوا) من شدة العطش.

قال طائفة من السلف: كان هذا قبل نزول الآية في المحاربين، ثم نزلت الحدود بعد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، ونهي عن المثلة كما سيأتي، فنسخ هذِه الآية حديث العرنيين، روي هذا عن ابن سيرين (1) وسعيد بن جبير (2) وأبي الزناد (3).

وقالت طائفة: حديث العرنيين غير منسوخ، وفيهم نزلت آية المحاربين، وإنما فعل ذلك بهم قصاصًا؛ لأنهم فعلوا مثل ذلك في الرعاء. ذكره جماعة.

[4368]

(ثنا محمد بن بشار قال: ثنا) محمد بن إبراهيم (ابن أبي عدي) البصري، وثقوه (عن هشام) بن أبي عبد اللَّه الدستوائي.

(عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه بهذا الحديث نحوه) و (زاد: ثم نهى عن المثلة) بضم الميم، وهي تشويه الخلقة، كقطع الأنف والأذن والأيدي، وفيه دليل على جواز نسخ السنة بالقرآن، قال (4) ابن السمعاني وذكر الشافعي في "الرسالة" ما يدل على أن نسخ السنة بالقرآن لا يجوز (5). ولوح في موضع آخر بالجواز، فخرجه أكثر أصحابنا على قولين: أحدهما: لا يجوز، وهو الأظهر من مذهبه.

(1) رواه البخاري (5686).

(2)

"الاعتبار في الناسخ والمنسوخ"(ص 198).

(3)

ينظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس 2/ 277.

(4)

ساقطة من (م).

(5)

"الرسالة"(ص 106).

ص: 260

والثاني: يجوز. وهو الأولى بالحق (1).

قال الزركشي: ولو تأمل عقب كلامه بأن له غلط هذا [الفهم](2)، وإنما مراد الشافعي أدن الرسول إذا سن سنة -كما في قصة العرنيين أنه سمر أعينهم كما تقدم- ثم أنزل اللَّه في كتابه:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية، ففيه نسخ الحديث في سمل الأعين وغيره، فلا بد أن يسن النبي صلى الله عليه وسلم سنة أخرى موافقة للكتاب تنسخ سنته الأولى -وهي هنا نهيه عن المثلة، فإنها موافقة لآية المحاربة- لتقوم الحجة على الناس في كل حكم بالكتاب والسنة. كما في نسخ سمل الأعين وغيره في العرنيين بآية المحاربة وحديث: نهى عن المثلة. ومراد الشافعي أنه لا تكون سنة منفردة تخالف الكتاب.

والحاصل أن الشافعي يشترط لوقوع نسخ السنة بالقرآن سنة معاضدة للكتاب ناسخة، فكأنه يقول: لا تنسخ السنة إلا بالكتاب والسنة معًا؛ لتقوم الحجة على الناس بالأمرين، ولئلا يتوهم متوهم انفراد أحدهما عن الآخر، فإن الكل من اللَّه، والأصوليون لم يقعوا على مراد الشافعي ذلك، وهذا أدب عظيم من الشافعي (3).

[4369]

(ثنا أحمد بن صالح، ثنا عبد اللَّه (4) بن وهب) قال يونس بن عبد الأعلى: عُرض على ابن وهب القضاء، فجنن نفسه ولزم بيته، فاطلع

(1)"قواطع الأدلة في أصول الفقه" لأبي المظفر السمعاني 3/ 176 - 177.

(2)

"البحر المحيط في أصول الفقه" للزركشي 5/ 275.

(3)

ليست في الأصول، والمثبت من "البحر المحيط".

(4)

فوقها في (ل): (ع).

ص: 261

عليه زيد بن سعد وهو يتوضأ في صحن داره، فقال له: يا أبا محمد، لم لا تخرج إلى الناس تقضي بينهم بكتاب اللَّه وسنة رسوله؟ ! فرفع رأسه وقال: إلى هاهنا انتهى عقلك! أما علمت أن العلماء تحشر مع الأنبياء، وأن القضاة يحشرون مع السلاطين (1).

وقرئ على ابن وهب كتابه في أهوال يوم القيامة، فخر مغشيًّا عليه، فلم يتكلم بكلمة حتى مات بعد أيام (2).

(قال: أخبرني عمرو) بن الحارث بن يعقوب الأنصاري مولاهم، أحد الأعلام (عن سعيد بن أبي هلال) الليثي، نشأ بالمدينة ثم رجع إلى مصر في خلافة هشام (عن أبي الزناد) عبد اللَّه بن ذكوان (عن عبيد اللَّه) مصغر (ابن عبد اللَّه) بن عتبة بن مسعود الفقيه الأعمى.

(قال أحمد) إنما (هو) يعني (عبد اللَّه بن عبيد اللَّه) بالتصغير (ابن عمر ابن الخطاب. عن) عبد اللَّه (بن عمر رضي الله عنهما أن ناسًا) من عكل وعرينة (أغاروا على إبل النبي صلى الله عليه وسلم فاستاقوها، فارتدوا عن الإسلام وقتلوا) يسارا، رواية الطبراني: فذبحوه وجعلوا الشوك في عينيه، ثم طردوا الإبل (3).

(راعي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مؤمنًا) منصوب على الحال من راعي، والحال في الحقيقة صفة لصاحبه، وفي "أحكام عبد الحق": أنهم كانوا قطعوا

(1) روى هذا الخبر أبو الفتوح الطائي في "الأربعين"(ص 183).

(2)

رواه الحاكم في "المستدرك" 4/ 572، ومن وجه آخر أبو نعيم في "الحلية" 8/ 324.

(3)

"المعجم الكبير" 7/ 6 (6223).

ص: 262

أيدي الراعي ورجليه وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات، وكان عبدًا نوبيًّا رآه النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فأعتقه (1).

(فبعث في آثارهم) زاد الطبراني: خيلًا من المسلمين، أميرهم كرز ابن جابر الفهري، فلحقوهم (2).

(فأخذوا، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل) بفتح السين المهملة والميم، أي: فقأ (أعينهم) وأذهب ما فيها. وقيل: هو بمعنى سمر، والراء تبدل من اللام.

(قال: ونزلت فيهم آية المحاربة){إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (وهم الذين أخبر عنهم أنس بن مالك الحجاج) بن يوسف الثقفي (حين سأله) عن أشد ما عاقب به النبي صلى الله عليه وسلم.

[4370]

(ثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: أنا ابن وهب قال: أخبرني الليث بن سعد، عن محمد بن العجلان) المدني الفقيه، ثقة (عن أبي الزناد) عبد اللَّه بن ذكوان رضي الله عنه (أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما قطع الذين سرقوا لقاحه، وسمل أعينهم بالنار) أي: كحلها بمسامير محمية كما تقدم (عاتبه اللَّه تعالى في ذلك) أي: في سمل أعينهم بالنار.

(فأنزل اللَّه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}) قال ابن عطية: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} تبيين للحرابة، أي: ويسعون بحرابتهم. قال: ويجوز أن يكون {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} مضافًا إلى الحرابة ({أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا}){أَوْ تُقَطَّعَ} التشديد

(1)"الأحكام الوسطى" 4/ 74.

(2)

"المعجم الكبير" 7/ 6 (6223).

ص: 263

في هذِه الثلاثة قراءة الجمهور، وهو للتكثير بالنسبة إلى الذين يوقع بهم الفعل. والتخفيف في ثلاثتها قراءة الحسن ومجاهد وابن محيصن (1). (الآية) إلى آخرها.

[4371]

(ثنا محمد بن كثير قال: أنا. وثنا موسى بن إسماعيل قال: ثنا همام) بتشديد الميم، ابن يحيى العوذي الحافظ، قال أحمد: ثبت في كل المشايخ (2). (عن قتادة، عن محمد بن سيرين قال: كان هذا) الحكم (قبل أن تنزل الحدود. يعني: حديث أنس) المتقدم في العرنيين.

[4372]

(ثنا أحمد بن محمد بن ثابت) الخزاعي، ثقة قال:(حدثنا علي بن حسين، عن أبيه) الحسين بن واقد قاضي مرو (عن يزيد) بن أبي سعيد (النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} محاربة اللَّه غير ممكنة، فيحتمل على حذف مضاف، أي: يحاربون أولياء اللَّه ({وَرَسُولَهُ}) أو تجعل المحاربة بمعنى المخالفة، أي: يخالفون أحكام اللَّه ورسوله، وإلا لزم أن تكون محاربة اللَّه ورسوله جمعًا بين الحقيقة والمجاز، فإذا جعل ذلك على حذف مضاف، أو حملًا على قدر مشترك اندفع ذلك.

وقال ابن عباس: المحاربة هنا الشرك (3)({وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ}) أي: تقطع اليد اليمنى من الرسغ، والرجل الشمال من المفصل.

(1)"المحرر الوجيز" 4/ 427.

(2)

ينظر: "الجرح والتعديل" 9/ 108، "تهذيب الكمال" 30/ 305.

(3)

ينظر: "البحر المحيط" لأبي حيان 4/ 240.

ص: 264

وروي عن علي أنه كان يقطع اليد من الأصابع، ويبقي الكف، والرجل من نصف القدم، ويبقي العقب (1).

({أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ}) قال ابن عطية: الظاهر أن الأرض في هذِه الآية هي الأرض التي وقعت فيها النازلة، وقد جنب الناس قديمًا الأرض التي أصابوا فيها الذنب، ومنه حديث الذي ناء بصدره نحو الأرض المقدسة (2).

قال السدي: هو أن يطالب المحارب بالخيل والرجل حتى يؤخذ فيقام عليه حد اللَّه أو يخرج من دار الإسلام.

قال مالك: لا يضطر مسلم إلى دار الشرك (3).

(إلى قوله تعالى: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} نزلت هذِه الآية في المشركين) وبه قال الحسن وعطاء (4).

(فمن تاب منهم) بالإسلام (قبل أن يقدر عليه؛ لم يمنعه ذلك من أن يقام عليه الحد الذي أصابه) قال ابن عطية: هذا من حيث رأيا (5) الوعيد بعد المتاب، وهذا ضعيف، والعلماء [على](6) أن الآية في المؤمنين،

(1) رواه عبد الرزاق 10/ 185 (18760).

(2)

"المحرر الوجيز" 4/ 428.

والحديث المشار إليه حديث الذي قتل تسعة وتسعين إنسانًا.

رواه البخاري (3470).

(3)

ينظر: "المحرر الوجيز" 4/ 427 - 428.

(4)

رواه الطبري في "تفسيره" 6/ 220، عن الحسن وعكرمة.

(5)

قول ابن عطية هنا تعليق على قول الزهري وقتادة.

(6)

ساقطة من (ل)، (م)، والمثبت من "المحرر الوجيز".

ص: 265

وأن المحارب إذا تاب قبل القدرة عليه فقد أسقط (1) عنه حكم المحاربة، ولا نظر للإمام فيه إلا كما ينظر في سائر المسلمين، فإن طلبه أحد بدين أو دم نظر فيه وأقاد منه إذا كان الطالب وليًّا، ولذلك يتبع بما وجد عنده من مال الغير وبقيمة ما استهلك من الأموال، وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي (2).

وروى ابن جرير عن عامر الشعبي قال: جاء رجل من مراد إلى أبي موسى وهو على الكوفة في إمرة عثمان بعدما صلى المكتوبة، فقال: يا أبا موسى، هذا مقام العائذ بك، أنا فلان ابن فلان المرادي، وإني كنت حاربت اللَّه ورسوله، وسعيت في الأرض فسادًا، وإني تبت من قبل أن يقدر علي. فقام أبو موسى فقال: إن هذا فلان، وإنه كان حارب اللَّه وسعى في الأرض فسادًا، وإنه تاب من قبل أن يقدر عليه، فمن لقيه فلا يتعرض له إلا بخير، فإن يك صادقًا فسبيل من صدق، وإن يك كاذبًا تدركه ذنوبه. فأقام الرجل ما شاء اللَّه، ثم إنه خرج فأدركه اللَّه بذنوبه فقتله (3)، ثم قال ابن جرير: إن عليًّا الأسدي حارب وأخاف السبيل وأصاب الدم والمال، فطلبه الأئمة والعامة، فامتنع ولم يقدر عليه حتى جاء تائبًا، وذلك أنه سمع رجلًا يقرأ هذِه الآية:{يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} إلى آخر الآية (4)،

(1) في (ل)، (م): أسقطها. والمثبت من "المحرر الوجيز".

(2)

"المحرر الوجيز" 4/ 429 - 430.

(3)

"جامع البيان" 6/ 222.

(4)

الزمر: 53.

ص: 266

فوقف عليه فقال: يا عبد اللَّه، أعد قراءتها. فأعادها عليه، فغمد سيفه، ثم جاء تائبًا حتى قدم المدينة من السحر، فاغتسل، ثم أتى مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فصلى الصبح، ثم قعد إلى أبي هريرة في غمار أصحابه، فلما أسفر عرفه الناس وقاموا إليه، فقال: لا سبيل لكم (1) علي، جئت تائبًا من قبل أن تقدروا علي.

فقال أبو هريرة: صدق. وأخذ بيده أبو هريرة حتى أتى (2) مروان بن الحكم في إمرته على المدينة في زمن معاوية. فقال: هذا علي جاء تائبًا، ولا سبيل لكم عليه، ولا قتل. قال: ثم خرج علي (3) تائبًا مجاهدًا في سبيل اللَّه في البحر، فلقوا الروم، فقربوا [سفينته إلى](4) سفينة من سفنهم فاقتحم علي الروم في سفينهم، فهربوا منه إلى شقها الآخر؛ فمالت بهم وبه؛ فغرقوا جميعًا (5).

* * *

(1) ساقطة من (م).

(2)

ساقطة من (م).

(3)

ساقطة من (م).

(4)

ساقطة من (ل)، (م)، والمثبت من "تفسير الطبري".

(5)

"جامع البيان" 6/ 223.

ص: 267