الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - باب القَوَدِ مِنَ الضَّرْبَةِ وَقَصِّ الأَمِيرِ مِنْ نَفْسِهِ
4536 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو -يَعْني: ابن الحارِثِ- عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ مُسافِعٍ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْري قالَ: بَيْنَما رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ قَسْمًا أَقْبَلَ رَجُلٌ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ، فَطَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعُرْجُونٍ كانَ مَعَهُ فَجُرِحَ بِوَجْهِهِ، فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"تَعالَ فاسْتَقِدْ". فَقالَ: بَلْ عَفَوْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ (1).
* * *
باب هل يقاد من اللطمة؟ (2)
[4536]
(ثنا أحمد بن صالح) قال (ثنا) عبد اللَّه (ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير) بن عبد اللَّه (بن الأشج) إمام ثبت (عن عبيدة) بفتح العين (بن مسافع) بالسين المهملة، الديلي، وثقه ابن حبان (3) (عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقسم) بفتح الياء، وكسر السين (قسمًا) بفتح القاف مصدر بمعنى القسمة، وأما القسم بكسر القاف فهو النصيب (أقبل رجل فأكب عليه) يشبه أن يكون المراد أنه أكب على المال الذي يقسم ليأخذ منه، وأكب من غريب اللغة فإنه يقال في المتعدي منه: كبه اللَّه.
وفي اللازم القاصر: أكب. بالهمز، والقاعدة في الأفعال أن الثلاثي
(1) رواه النسائي 8/ 32، وأحمد 3/ 28. وضعفه الألباني.
(2)
كذا في الأصول والذي في مطبوع أبي داود: باب القود من الضربة وقص الأمير من نفسه.
(3)
"الثقات" 5/ 145، 7/ 163.
إذا دخلت عليه همزة التعدية تعدى إلى المفعول بالهمزة كما يتعدى بالتضعيف.
(فطعنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعرجون) بضم العين، وهو الشمراخ المعوج الذي يكون فيه عيدان البسر.
قال الطبري في "خلاصة سير سيد البشر": كان له صلى الله عليه وسلم مخصرة تسمى العرجون (1)، فلعلها المرادة هنا (كان معه فجرح) الرجل الذي أكب عليه (بوجهه) أي: في وجهه، فالباء بمعنى (في)، كقوله تعالى:{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} (2) زاد النسائي: فصاح الرجل (3)(فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: تعال) بفتح اللام تفاعل من العلو، وهي كلمة قصد بها أولًا تحسين الأدب مع المدعو، ثم اطردت حتى صار الإنسان يقولها لعدوه وللبهيمة (فاستقد) بكسر القاف، أي: خذ القود.
بوب المصنف على هذا الحديث في بعض النسخ: باب القود بغير حديد (فقال: بل عفوت) عنك (يا رسول اللَّه).
* * *
(1)"خلاصة سير سيد البشر" لمحب الدين الطبري ص 173.
(2)
آل عمران: 123.
(3)
"السنن الكبرى" 4/ 227.
4537 -
حَدَّثَنا أَبُو صالِحٍ، أَخْبَرَنا أَبُو إِسْحاقَ الفَزاري، عَنِ الجُرَيْري، عَنْ أَبي نَضْرَةَ، عَنْ أَبي فِراسٍ قالَ: خَطَبَنا عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ رضي الله عنه فَقالَ: إِنّي لم أَبْعَثْ عُمّالي لِيَضْرِبُوا أَبْشارَكُمْ، وَلا لِيَأْخُذُوا أَمْوالَكُمْ، فَمَنْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَى أَقُصُّهُ مِنْهُ. قالَ عَمْرُو بْنُ العاصِ: لَو أَنَّ رَجُلًا أَدَّبَ بَعضَ رَعِيَّتِهِ أَتَقُصُّه مِنْهُ؟ قالَ: إي والَّذي نَفْسي بِيَدِهِ أَقُصُّهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقَصَّ مِنْ نَفْسِهِ (1).
* * *
باب القصاص من النفس (2)
[4537]
(ثنا أبو صالح) محبوب بن موسى، قال (ثنا أبو إسحاق) إبراهيم بن محمد (الفزاري، عن) سعيد بن إياس (الجريري) بضم الجيم، وفتح الراء الأولى (3)، مصغر (عن أبي نضرة) بالضاد المعجمة، المنذر بن مالك العوفي، من جلة التابعين (عن أبي فراس) بكسر الفاء، وتخفيف الراء، الربيع بن زياد الحارثي، التابعي. وقيل: إن الربيع بن زياد رجل آخر، وأما أبو فراس هذا فهو النهدي، فلا يعرف اسمه.
(قال: خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إني لم (4) أبعث عمالي
(1) رواه أحمد 1/ 41، وابن الجارود (844)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 9/ 151 (3528)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 438، والبيهقي 8/ 48، 9/ 29.
وقال الشيخ أحمد شاكر في "شرح المسند" 1/ 278 (286): إسناده حسن.
(2)
هكذا عند الشارح، وفي مطبوعاتنا جاء هذا الحديث ضمن الباب السابق.
(3)
ساقطة من (م).
(4)
قبلها في (ل)، (م): لا أبعث. وفوقها في (ل): خ.
ليضربوا أبشاركم) جمع بشرة، وهي ظاهر الجلد، فيه أن العامل ليس له أن يضرب على أخذ الصدقة؛ بل من امتنع من دفع ما عليه رفع أمره إلى ولي الأمر (ولا ليأخذوا أموالكم) أي: الزائدة على ما وجب عليهم (فمن فعل) بضم الفاء، وكسر العين (به) شيء من (ذلك فليرفعه) مجزوم بلام الأمر الساكنة، ويجوز كسرها (إلي).
قال القرطبي في "التفسير": اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه في القتل دون السلطان، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض، فإنما ذلك للسلطان أو من ينصبه السلطان [لذلك، ولهذا جعل اللَّه السلطان](1) ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض (2)(أقصه) ويجوز ضم الصاد على الإتباع، وفتحها بضم الهمزة، وكسر القاف، أي: آخذ له (3) منه القصاص، يقال: أقص الحاكم فلانًا من فلان (منه، فقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: لو أن رجلًا أدب بعض رعيته) رواية أبي داود الطيالسي عن أبي فراس أيضًا قال: خطب عمر بن الخطاب فقال: ألا (4) من ظلمه أمير فليرفع ذلك إليَّ أقده منه. فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين، لئن أدب رجل منا من أهل رعيته (5).
(أَتُقِصُّه) بفتح همزة الاستفهام، وضم التاء، وكسر القاف، وضم الصاد فقط (منه؟ قال: إي) بكسر الهمزة بمعنى: نعم (والذي نفسي
(1) ساقطة من (م).
(2)
"الجامع لأحكام القرآن" 2/ 237.
(3)
و (4) ساقطة من (م).
(5)
"مسند الطيالسي" 1/ 58 (54).
بيده لأُقِصه) (1) بضم الهمزة، وكسر القاف، رواية الطيالسي المتقدمة: كيف لا أقصه (2)؟ ! (وقد رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أقص من نفسه) قال القرطبي: أجمع العلماء على أن على السلطان أن يقتص من نفسه إن تعدى على أحد من رعيته، إذ هو واحد منهم، وإنما له مزيد النظر كالوصي والوكيل، وذلك لا يمنع القصاص، وليس بينه وبين العامة فرق في أحكام اللَّه تعالى؛ لقوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (3).
* * *
(1) في نشرة الشيخ شعيب: ألا أقصه؟ ! .
(2)
"مسند الطيالسي" 1/ 58 (54).
(3)
"الجامع لأحكام القرآن" 2/ 238.