المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الألف مع الباء - عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ - جـ ١

[السمين الحلبي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الهمزة المفردةويطلق عليها الألف

- ‌فصل الألف مع الباء

- ‌فصل الألف والتاء

- ‌فصل الألف والثاء

- ‌فصل الألف والجيم

- ‌فصل الألف والحاء

- ‌فصل الألف والخاء

- ‌فصل الألف والدال

- ‌فصل الألف والذال

- ‌فصل الألف والراء

- ‌فصل الألف والزاي

- ‌فصل الألف والسين

- ‌فصل الألف والشين

- ‌فصل الألف والصاد

- ‌فصل الألف والفاء

- ‌فصل الألف والكاف

- ‌فصل الألف واللام

- ‌فصل الألف والميم

- ‌فصل الألف والنون

- ‌فصل الألف والهاء

- ‌فصل الألف والواو

- ‌فصل الألف والياء

- ‌باب الباء

- ‌فصل الباء والألف

- ‌فصل الباء والتاء

- ‌فصل الباء والثاء

- ‌فصل الباء والجيم

- ‌فصل الباء والحاء

- ‌فصل الباء والخاء

- ‌فصل الباء والدال

- ‌فصل الباء والذال

- ‌فصل الباء والراء

- ‌فصل الباء والزاي

- ‌فصل الباء والسين

- ‌فصل الباء والشين

- ‌فصل الباء والصاد

- ‌فصل الباء والضاد

- ‌فصل الباء والطاء

- ‌فصل الباء والظاء

- ‌فصل الباء والعين

- ‌فصل الباء والغين

- ‌فصل الباء والقاف

- ‌فصل الباء والكاف

- ‌فصل الباء واللام

- ‌فصل الباء والنون

- ‌فصل الباء والهاء

- ‌فصل الباء والواو

- ‌فصل الباء والياء

- ‌باب التاء المثناة

- ‌فصل التاء والباء

- ‌فصل التاء والتاء

- ‌فصل التاء والجيم

- ‌فصل التاء والحاء

- ‌فصل التاء والخاء

- ‌فصل التاء والراء

- ‌فصل التاء والسين

- ‌فصل التاء والعين

- ‌فصل التاء والفاء

- ‌فصل التاء والقاف

- ‌فصل التاء والكاف

- ‌فصل التاء واللام

- ‌فصل التاء والميم

- ‌فصل التاء والواو

- ‌فصل التاء والياء

- ‌باب الثاء المثلثة

- ‌فصل الثاء والباء

- ‌فصل الثاء والجيم

- ‌فصل الثاء والخاء

- ‌فصل الثاء والراء

- ‌فصل الثاء والعين

- ‌فصل الثاء والقاف

- ‌فصل الثاء واللام

- ‌فصل الثاء والميم

- ‌فصل الثاء والنون

- ‌فصل الثاء والواو

- ‌باب الجيم

- ‌فصل الجيم والألف

- ‌فصل الجيم والباء

- ‌فصل الجيم والثاء

- ‌فصل الجيم والحاء

- ‌فصل الجيم والدال

- ‌فصل الجيم والذال

- ‌فصل الجيم والراء

- ‌فصل الجيم والزاي

- ‌فصل الجيم والسين

- ‌فصل الجيم والعين

- ‌فصل الجيم والفاء

- ‌فصل الجيم واللام

- ‌فصل الجيم والميم

- ‌فصل الجيم والنون

- ‌فصل الجيم والهاء

- ‌فصل الجيم والواو

- ‌فصل الجيم والياء

- ‌باب الحاء

- ‌فصل الحاء والباء

- ‌فصل الحاء والتاء

- ‌فصل الحاء والثاء

- ‌فصل الحاء والجيم

- ‌فصل الحاء والدال

- ‌فصل الحاء والذال

- ‌فصل الحاء والراء

- ‌فصل الحاء والزاي

- ‌فصل الحاء والسين

- ‌فصل الحاء والشين

- ‌فصل الحاء والصاد

- ‌فصل الحاء والضاد

- ‌فصل الحاء والطاء

- ‌فصل الحاء والظاء

- ‌فصل الحاء والفاء

- ‌فصل الحاء والقاف

- ‌فصل الحاء والكاف

- ‌فصل الحاء واللام

- ‌فصل الحاء والميم

- ‌فصل الحاء والنون

- ‌فصل الحاء والواو

- ‌فصل الحاء والياء

- ‌باب الخاء

- ‌فصل الخاء والباء

- ‌فصل الخاء والتاء

- ‌فصل الخاء والدال

- ‌فصل الخاء والذال

- ‌فصل الخاء والراء

- ‌فصل الخاء والزاي

- ‌فصل الخاء والسين

- ‌فصل الخاء والشين

- ‌فصل الخاء والصاد

- ‌فصل الخاء والضاد

- ‌فصل الخاء والطاء

- ‌فصل الخاء والفاء

- ‌فصل الخاء واللام

- ‌فصل الخاء والميم

- ‌فصل الخاء والنون

- ‌فصل الخاء والواو

- ‌فصل الخاء والياء

الفصل: ‌فصل الألف مع الباء

المضارعةِ، نحو: اقبَلْ، واضرِبْ، واشْرَبْ. فإن ضُمَّ ثالثُه ضمةً لازمةً ضُمتْ. وإن فُتح أو كُسرَ كسرةً لازمةً كُسرتْ، نحو: اغزي يا هندُ، وارمُوا يا زيدون، وبكلِّ ماضٍ زائدٍ على أربعةِ أحرفٍ صُدرَ بهمزةٍ، نحو: انطلقَ واقتدرَ. ولا تكونُ فيه إلا مكسورةً.

وما عدا هذه الأنواعِ فلا تكونُ الهمزةُ فيه إلا همزة قطعٍ.

وقد تُقطعُ ألفُ الوصلِ كقوله: [من الطويل]

2 -

إذا جاوزَ الإثنينِ سِرٌّ فإنَّهُ

بِنَثٍّ وتكثيرِ الوُشاةِ قَمِينُ

وتوصلُ ألفُ القطع كقولهِ: [من الكامل]

3 -

إِنْ لم أقاتلْ فالسويُّ تَرفَّعا

‌فصل الألف مع الباء

أب ب:

الأبُّ من قوله تعالى: {وفاكهةً وأَبًّا} [عبس: 31] هو المرعَى مُطلقًا. وقالَ شَمِرٌ: مَرعى السَّوائمِ. وأنشدَ: [من المتقارب]

4 -

فأَنْزلْتَ ماءً منَ المُعْصراتِ

فَأَنْبَتَّ أَبًّا وغُلْبَ الشجَرْ

وقيلَ: هو للبهائم بمنزلة الفاكهةِ للناسِ. هو المرعَى المتهيِّئِ للرعيِ والجزِّ، من: أبَّ لكذا أي تَهيَّأ، أبًّا وأبابةً وأبابًا، وأبَّ إِلى وطنِه أي نَزعَ إِليه وتَهيَّأ لقصدِه. قال الأعشَى:[من الطويل]

ص: 43

5 -

أخٌ قد طوَى كَشْحًا وأبَّ ليذْهَبا

وأبَّ لسيفهِ: تَهيَّأ ليبتَدِرَهُ. وإِبّانُ الشيءِ: زَمنُه المُنْتهي لفِعلهِ، فهو فِعْلانُ منه. وقيلَ: هو التِّبنُ خاصةً، قاله الضحاكُ وأنشدَ [من المتقارب]

6 -

فما لهمُ مرتعٌ للسَّوا

مِ والأبُّ عندهمُ يُعذَرُ

ويُروى عن ابنِ عباسٍ: وقيلَ: كلُّ نباتٍ على وجهِ الأرض. ومنه قولُ ابنِ عبّاسٍ: «الأبُّ: ما تُنبتُ الأرضُ ممّا تأكلُ الناسُ والأنعامُ» . وعلى هذا فيكونُ مِن ذكرِ العام بعدَ الخاص. وقالَ الكلبيُّ: هو كلُّ نباتٍ سوى الفاكهةِ. وقيلَ: الفاكهةُ رَطبُ الثمارِ، والأبُّ يابسها، وقيلَ: ما نأكلُه حَصيدًا، وما تأكلُه البهائمُ أبٌّ. وأنشَد قولَ الشاعرِ يمدحُ سيدَنا رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم:[من الطويل]

7 -

لهُ دعوةٌ ميمونةٌ رنَّحها الصَّبا

بها يُنبتُ اللهُ الحصيدةَ والأبّا

وقيلَ: إِنَّما سُمي أبًّا لأنه يَؤُبُّ.

وعن أبي بكرٍ الصديقِ، رضي الله عنه، وقد سُئلَ عن تفسيرِ الأبِّ فقال:«أيُّ سماءٍ تُظلُّني، وأيُّ أرضٍ تُقلُّني، إِذا قلتُ في كتاب اللهِ ما لا أعلمُ؟» . وعن عمرَ رضي الله عنه حين تلاها قال: «كلُّ هذا عرفناهُ، فما الأبُّ؟» . ثم رَفع عصًا كانت بيده فقال: «هذا لعَمْرُ اللهِ التكلُّفُ، وما عليكَ يا بنَ أمِّ عمرَ أما تعرفُ ما الأبُّ» . ثم قالَ: «ما تَبيَّنَ لكم من هذا الكتاب فاتَّبعوهُ، وما لا فدَعوهُ» . يعني رضي الله عنه في ما لا يتعلقُ به حكمٌ أو فائدةٌ جليلةٌ. فإنا قد عرَّفْنا الأبَّ: نبتٌ في الجملة. فقالَ عمرُ رضي الله عنه: «لا يضرُّ الجهل بمعرفتهِ على التعيين، وهو كما قال رضي الله عنه. وهذا بخلاف الكَلالةِ

ص: 44

ونحوِها لتعلُّقِ الأحكامِ بها.

«والأبُّ: لغةٌ في الأبِ الوالدِ. قيل: أبدلوا من الواوِ المحذوفة حَرفًا يجانسُ العينَ. ومن ذلك قولُهم: استأبَبْتُ فلانًا أي اتَّخذتُه أبًا» ومثلُه: أخٌ بتشديدِ الخاءِ.

أب ت:

لم يَرِدْ منه إلا نحو: {يا أَبَتِ} [مريم: 42]. والتاءُ ليستْ بأصلٍ، وإِنما هي عِوضٌ عن ياءِ المتكلِم، والأصلُ: يا أبي. وكذلك: يا أمَّتِ، والأصلُ: يا أمي. ولم تُعوَّضِ التاءُ عن ياءِ المتكلم، إلا في هاتينِ اللفظتين في النداءِ خاصةً. فلو قلتُ: جاءني أَبَتِ وأُمَّتِ لم يجُزْ. فذكري لهذه اللفظةِ من بابِ التجوُّز؛ وإلا فالتاءُ ليست من أصولها في شيءٍ، ولكن لم أجدْ موضعًا أنسبَ لذكرها من هذا.

ويجوزُ فيها الحركات الثلاثُ. وقد قُرئَ بالكسرِ والفتحِ في السبع. وإثباتُ الألفِ معها شاذٌّ أو ضرورةٌ، نحو قولِه:[من الرجز]

8 -

يا أبتا علَّك أو عساكا

ومعَ الياءِ ممتنعٌ في المشهورِ، خلافًا للهَرويِّ، وهي تاءُ تأنيثٍ، ولذلك تُبدلُ في الوقفِ هاءً على اختلافٍ بينَ القراءِ في ذلك، كما أوضحناهُ في «العقد النَّضيد» .

ص: 45

والفرّاءُ: «الهاءُ فيها رُخصةٌ، فكثرتْ في الكلام حتى صارتْ كهاءِ التأنيثِ، وأدخَلوا عليها الإضافةَ» .

أب د:

الأبدُ: الزمنُ الطويلُ الممتدُّ غيرُ المنجزئِ، فهو أخصُّ منَ الزمانِ. قالوا: ولذلك يقال: زمانُ كذا، ولا يقالُ: أبدُ كذا. ويقالُ: أبَدٌ آبِدٌ وأبيدٌ على المبالغةِ أي دائمٌ؛ قال تعالى: {خالدين فيها أَبدًا} [النساء: 57]. أي زمانًا لا انقضاءَ لآخرهِ. قال النابغةُ الذبيانيُّ: [من البسيط]

9 -

أقْوَتْ وطالَ عليها سالفُ الأبدِ

«وحقُّه ألاّ يُثنَّى ولا يُجمَع لاستغراقهِ الأزمنةَ كلَّها. على أنه قيلَ: آبادٌ، كأنهم قصدوا به أنواعًا كما يقصدُ باسمِ الجنسِ ذلك. وقيلَ: إنَّ آبادَ مُولَّدٌ ليس من لغةِ العرب» ومن معنى الأبدِ قالوا للوحشِ أوابدِ جمع أُبَّدٍ لبقائها دهرًا طويلاً. وتأبّدَ الشيءُ: بقيَ دهرًا طويلاً. وتأبَّدتِ الدارُ: خَلتْ. وذلك أنها لخلوِّها وطولِ بقائها تحلّها الأوابدُ الوحشياتُ. فجعلَ ذلك كناية من خلوِّها. «وتأبَّد البعيرُ: توحَّشَ فصارَ كالأوابدِ» ، ومنه الحديثُ:«إنَّ لهذه البهائمِ أوابدَ كأوابدِ الوحشِ» . يقال: أبَدَتِ الوحوشُ تأبُدُ، وتأبِدُ، واستُعيرَ من ذلك: الآبدُة، وهي الكلمةُ أو الخَصلةُ التي يُنفَر منها ويُستوحشُ، فيقولون: جاءَ فلانٌ بآبدةٍ، ومن ذلك قولُهم أيضًا: تأبَّد وجهُ فلانٍ، أي توحَّش فصار يُنفَرُ منه، ومعناهُ: أَبَدَ. وقيلَ: أَبِدَ بمعنى غضِبَ، لأن الغضبَ يلازمُه ذلك غالبًا.

ص: 46

أب ر:

إِبراهيمُ: اسمٌ أعجمي، وفيه لغاتٌ: إِبراهيمُ، وهو المشهورُ، وإِبراهامُ، وقُرئَ بهما في السبعِ، وإبرَهَم بحذفِ الألفِ والياءِ.

أب ق:

الإِباقُ: هربُ العبدِ من سيدهِ. ولما كان الخلقُ كلُّهم عبيده قالَ تعالى في حقِّ عبدهِ يونسَ صلى الله عليه وسلم: {إِذْ أَبَقَ إِلى الفُلكِ} [الصافات: 140] إِذْ للهِ أن يقولَ ما يشاءُ. ولا يجوزُ لنا أن نقولَ: أبَقَ نبيٌّ، إنما ذلك للهِ تعالى. يقال: أبِقَ العبدُ يأبَق، بكسرها. وأبَق يأبِق بالعكس فيهما، فهو آبِقٌ، والجمعُ أُبَّاق، والمصدرُ الإِباقُ، وتأبَّق الرجلُ: تشبَّه به في الاسْتِتار. وقالوا في قولِ الشاعرِ: [من البسيط]

10 -

قد أُحكمتْ حَكماتِ القِدّ والأَبَقا

إِذِ الأبَقُ: القِنَّبُ وقالَ المبرِّدُ: آبَقَ: تباعدَ، ومنه غلامٌ آبِقٌ. وقيلَ: خرجَ سرًّا منَ الناس. وقد قالَ الحكيمُ التِّرمذيُّ ما لا يجوزُ أن يُقالَ في حقِّ نبيٌّ؛ ذكرتهُ للتَّنبيهِ على فسادِه؛ قال: «سمَّاه آبِقًا لأنَّه أبقَ عنِ العبودية، وإِنما العبوديةُ تركُ الهوى وبذلُ النفسِ عن أمورِ الله. فلمّا لم تبذلِ النفسُ عندما اشتدَّتْ عليه العزمةُ من الملكِ وآثرَ هواهُ لزمَه اسمُ الآبقِ، وكانت عزْمةُ المُلكِ في أمرِ اللهِ لا في أمرِ نفسهِ، وبحظِّ حقِّ اللهِ لا بحظِّ حقِّ نفسهِ. فتحرَّى يونسُ بنُ متَّى عليه السلام فلم يُصبِ الصوابَ الذي عندَ الله فسمّاهُ آبقًا ومُليمًا انتهى. ولقد أساءَ في هذه العبارةِ جدًا، يغفر الله لنا وله، وهذه زلَّةٌ فاحشةٌ. وأما القصةُ التي يذكرُها المفسرون فقد نبّهتُ عليها في التفسير وذكرتُ هناك ما يَنبغي ذكره.

ص: 47

أب ل:

قال تعالى: {طيرًا أبابيلَ} [الفيل: 3] هذا من صيغِ التكسيرِ التي لم يُسمعْ مفردُها، ومثلُه عباديدُ، وشماطيطُ، وأساطيرُ. وقيلَ: بل لها واحدٌ من لفظتها، وكأنه قياسٌ لا سَماعٌ. فقيلَ: إِبِّيلٌ، وقيلَ: إِبَّولٌ مثلُ: عجوْل وعَجاجيل. وقيلَ: إِبَّالة.

وظاهرُ كلامِ العُزَيزيِّ أنَّ هذهِ المسألةَ مسموعةٌ؛ فإِنه بعدَ ذكرِه إياها، قالَ:«ويقالُ هذه أجْمعٌ لا واحدَ لها» ، والمختارُ قولُ غيرِه، ولذلك يُنسبُ إِليها فيقالُ عبَاديديٌّ وأبابيليٌّ.

وحكى الرُّؤاسيُّ، وكانَ ثقةً، أنه سمعَ إِبّالةَ مُثقَّلاً. وحكى الفرَّاءُ: إِبَالة مخفَّفًا قال: وسمعتُ بعضَ العربِ يقولُ: «ضِغْثٌ على إِبَّالةٍ» أي حَطبٌ على حطبٍ، وهو مشكلٌ من حيثُ ظهورُ الياءَين في الجمع، ولو كان مخفَّفًا لم تردْ في الجمع ياءَين. قال: ولو قالَ إِيبالة كان صوابًا مثلُ دينار ودنانيرٍ. قلتُ: دينارٌ أصلُه دِنّارٌ، ولذلك قيلَ: دَنانيرُ. وإنما أُبدلَ أحدُ المثلين حرفَ علةٍ تخفيفًا. يقولُ: فكذلك هذا، ومثلُه: قيراط وقراريط وديوان ودواوين. ومعنى {طيرًا أبابيل} أي «جماعاتٍ في تَفرِقةٍ حَلْقة، حلْقةً» .

قال الراغبُ: «مُتفرقةً كقطعانِ إِبلٍ، واحدُها إِبيلٌ» . فرجعَ بها إِلى لفظِ الإِبل.

ص: 48

وقريبٌ من هذا ما حُكي عن إسحاقَ بنِ عبدِالله بنِ نوفل: الأبابيلُ مأخوذٌ من الإبلِ المؤبَّلة، وهي الأقاطيعُ. وعن ابنِ عباسٍ ومجاهد: متتابعةٌ بعضُها في إِثرِ بعضٍ. وقيلَ: أبابيل: متفرقةً تجيءُ من كلِّ ناحيةٍ؛ من هُنا ومن هُنا. قاله ابنُ مسعودٍ وابنُ زيدٍ والأخفشُ. ومن مجيءِ {طيرًا أبابيلَ} قولُه: [من الرجز]

11 -

ولعبت طيرٌ بهمْ أبابيلْ

فصُيِّروا مثلَ كعصفٍ مأكولْ

وقد وصفَ الأبابيلَ بكونهِ منَ الطيرِ تارةً في قولِ الأعشى: [من الطويل]

12 -

طريقٌ وجبّارٌ رِواءٌ أصولُهُ

عليه أبابيلٌ من الطيرِ تَنْعَبُ

وأضيفَ إليه أخرى في قولِ الآخرِ: [من الطويل]

13 -

تَراهمْ إلى الدَّاعي سِراعًا كأنهمُ

أبابيلُ طيرٍ تحتَ دَجنٍ تَخرَّقُ

وفي هذين دليلٌ على أن هذه اللفظةَ خاصةٌ بالطير. وقد جاءَ ما يشهد بخلافِ ذلك. قال الشاعرُ: [من البسيط]

14 -

كادتْ تهزُّ من الأصواتِ راحلتي

إِذ سالتِ الأرضُ بالجردِ الأبابيلِ

أي بالخيلِ الجردِ المتتابعةِ.

والإبلُ: اسمُ جمعٍ لا واحدَ لهُ من لفظهِ. مفردُه: جملٌ أو ناقةٌ. وقال الراغب: «الإِبلُ يقعُ على البُعرانِ الكثيرةِ» . وتقييدُه بالكثرةِ غيرُ مرادٍ، إِذ اسمُ الجمعِ كالجمعِ في

ص: 49

صدقه على ثلاثةٍ فأكثرَ. وقولُه تعالى: {أفلا ينظرُونَ إِلى الإِبِلِ كيفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: 17]. قيلَ: هي النَّعمُ المعروفةُ. وعن المبرِّد: هي السحائبُ؛ حكاها الماورديُّ وغيرهُ. وإلى ذلك ذهبَ المبردُ. قال الثعلبيُّ: لم أجدْه في كتبِ الأئمةِ. قلتُ: قد حكى ذلك قبلَه الأصمعيُّ. وقال أبو عَمرِو بنُ العلاءِ: مَن قرأ الإِبلَ بالتخفيف عنَى به البعيرَ، ومَن قرأَ بالتَّثقيل عَنى بها السَّحابَ التي تحملُ ماءَ المطرِ. قال الراغبُ:«فإنْ لم يكن ذلك صحيحًا فعلى تشبيهِ السحابِ بالإبلِ وأحوالهِ» . وإنما ذكرهم بالإِبل وإِن كان غيرُها من الحيواناتِ أعجبَ منها كالفيل والزرافة، لأن العربَ لم تألفْه، ولأنَّ فيها منافعَ لم تجتمعْ في غيرها، فإنها حلوبةٌ ركوبةٌ حَمولةٌ مأكولةٌ.

وقد سُئل الحسنُ عن ذلك فأجابَ بأن العرب بعيدةُ العهدِ بالفيل، قال: ولأنَّ الفيلَ خنزيرةٌ لا يُؤكل لحمُها، ولا يُركب ظهرُها، ولا يُحلبُ درُّها. وأيضًا إِنَّ أصغر الآدميين يَجُرُّ الأباعرَ الكثيرةَ فتطيعهُ.

ويقالُ: «أبَلَ الوحشيُّ يأبِلُ أبُولاً، وأَبِلَ يأبَلُ أَبلاً: أجزأَ عن الماءِ تشبيهًا بالإِبل في صبرِها عنه» . قاله الراغبُ، وقالَ الهرويُّ: أبلَتِ الإِبلُ وتأبَّلتْ اجتزأتْ بالرُّطبِ عن الماء. وتأبَّل الرجلُ عن امرأتهِ: بعُدَ عنها من ذلك لأنه يجزِئُ بصبرِه عنها، وفي الحديثِ:«تأبَّلَ آدمُ عليه السلام على حواءَ بعدَ مقتل ابنهِ» أي توحَّش عنها، وتركَ غِشيانَها.

«وأبَّل الرجلُ: كثُرت إِبلُه. ورجلٌ أَبِلٌ وآبِلٌ: حسنُ القيامِ على الإِبل. وإِبلٌ مُؤبَّلةٌ: أي مجتمعةٌ. والإِبالةُ: الحزمةُ من الحطبِ تشبيهًا بذلكَ» . ويقالُ في النسب: إِبَليّ بفتح الباء، ويقالُ: إِبْلي بسكون الباء. ولم يجئْ من الأسماءِ على «فِعِل» إلا: إِبلِ، وإِبد،

ص: 50

وإِطِل. وقد زادَ بعضُهم ألفاظًا تحريرُها في غيرِ هذا الموضع.

أب و:

أبٌ: أصلُه أبَوٌ، حُذفت لامُه اعتباطًا. وله أخواتٌ، ويسمى منقوصًا غيرَ قياسيٍّ، والأشهرُ إِعرابُه بالحروفِ، وقد يُقصرُ. ومنه:[من السريع]

15 -

إِنَّ أباها وأبا أباها

أو يُنقَصُ، ومنه في المَثَل:[من الرجز]

16 -

بأَبِهِ اقتدَى عديٌّ في الكرمْ

ومَنْ يشابِهْ أبَهُ فما ظَلَمْ

وقد تُشدَّدُ بَاؤه كما تقدم، ويُكسرُ على آباء، ويصحَّح على أبُونَ وأبِينَ. قال: وأشبهَ فعلُه فعلَ الأنبياءِ. وقُرئ: (وإِلهَ أبيك إِبراهيم. . .)[البقرة: 133]. والمصدرُ الأبوَّة، وهو أحدُ المصادرِ التي أُخذتْ من الأسماء، ومثلُها النُّبوَّةُ، والفُتوَّةُ، والأخوَّة. والأبوَّة أيضًا جمٌ كالأُبولة.

والأبُ: الوالدُ، وكلُّ مَن نُسبَ اتِّخاذِ شيءٍ، أو إِصلاحهِ، أو ظهورهِ فهو أبٌ له.

ص: 51

ومنه قيلَ في حقّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إِنه أبو المؤمنين وفي بعض القراءاتِ: (وأزواجُه أمهاتُهم)[الأحزاب: 6]«وهو أبٌ لهم» . فأما قولُه تعالى: {ما كانَ محمدٌ أَبَا أحدٍ من رجالِكُمْ} فنفيُ الولادةِ وتَنبيهٌ على التَّبنِّي لا يَجري مَجرى البنوَّةِ الحقيقيةِ، وذلك حينَ قالوا: كيفَ تزوَّجَ امرأة زيدٍ وكان يَتبنّاه؟ وقولُه في قولهِ: {اشكُرْ لي ولوالديك} [لقمان: 14] قيلَ هما أبو الولادة وأبو التعليم. وفي قوله: {إِنَّا وجَدْنا آباءَنا على أُمةٍ} [الزخرف: 22] قيلَ: مُعلمينا، بدليل {أطَعْنا سادَتَنا وكُبَراءَنا} [الأحزاب: 67]. وفي الحديثِ أنَّه عليه الصلاة والسلام قال لعليٍّ: «أنا وأنتَ أبَوَا هذه الأمة» وصدقَ صلى الله عليه وسلم. وعليه حُملَ قولُه عليه الصلاة والسلام: «كلُّ سَببٍ ونَسبٍ مُنقطعٌ يومَ القيامةِ إِلا سَببي ونَسبي» .

وأبو الحرب: لمهيِّجها. وأبو عُذْرتِها: لمن افتضَّ بِكارتَها. وأبو الأضياف: لتفقُّدهم والقيام بأمرهم. ويقالُ: أبَوتُ زيدًا أَابوهُ، إِذا كنتَ له بمنزلةِ الأبِ. ومنه: فلانٌ أبو همَّتهِ، أي يتفقَّدُها الأبِ. ويطلقُ على الجدِّ؛ فقيلَ حقيقةً وقيلَ مجازًا وهو الظاهرُ.

وعلى العمِّ والأمِّ والخالةِ، ولكنْ بالتغليب، فيقالُ أبوهُ. وقيلَ في قولهِ تعالى:{ورَفَعَ أبويه على العرشِ} [يوسف: 100] إِنهما أبوه وخالته، وقيلَ: أخي أمَّه. قال تعالى: {آبائك إِبراهيم وإِسماعيلَ وإِسحاقَ} [البقرة: 133] وإِبراهيمُ جدٌّ ليعقوبَ وإِسماعيلُ عَمُّهُم.

ص: 52

أب ي:

قال تعالى: {إِلا إِبليسَ أبَى} [البقرة: 34] و {وتابَى قلوبُهم} [التوبة: 8].

والإِباءُ: شدةُ الامتناع، فهو أخصُّ من مُطلقِ الإِباء؛ إِذ كلُّ إِباءٍ امتناعٌ من غيرِ عكسٍ.

وبعضُهم يقولُ: الامتناعُ، ومرادُه ذلك لكونهِ في قوةِ النفيِ ساغَ وقوعُ الاستثناءِ، المفرَّغ بعدَه. قال تعالى:{ويأبى اللهُ إِلا أن يُتمَّ نورَهُ} [التوبة: 32]، لأنه في قوةِ تمنُّعٍ. وشذَّ مجيءُ مضارعِه على يأبَى بالفتح؛ إِذ قياسُه يأبي بالكسر، كأتَى يأتي، ورمَى يرمي.

والذي حسَّن ذلك كونُ الألفِ حرفَ حلقٍ. ومثلُه قَلى يَقلَى، على لُغيَّةٍ. والأفصحُ يقلي بالكسر. . قال:[من الطويل]

17 -

وتَرمينَني بالطَّرفِ أيْ أنتَ مذنبٌ

وتَقلينَني، لكنَّ إِياكِ لا أَقلي

ورجلٌ أبيٌّ، من ذلك فعيلٌ من أَبَى يأبَى، أي ممتنعٌ من تحمُّل الضَّيم. قال:[من الطويل]

18 -

ولسنا إِذا تأبون سِلمًا بمُذْعِني

لكم، غيرَ أنّا إِنْ نُسالمْ نَسلمِ

أي ممتنعون.

وفي الحديث: «كلُّكم يدخلُ الجنةَ إلا من أبَى بعيرُه» ، أي امتنعَ من تَعاطي أسباب الدخولِ. قال الراغبُ: أبتِ العنزُ تأبى إِباءً، وتيسٌ آبى. وعنزٌ أبواءٌ إِذا أخذَه داءٌ من شربِ ماءٍ فيه بَولُ الأَرْوَى، فيمنعُه من شربِ الماءِ، ويَنبغي أن تكونَ الواوُ في «أبو» بدلاً من الياء، لأنَّ المادةَ في ذواتِ الواوِ لا الياءِ.

ص: 53