الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كقوله: {ولا تشتروا بآياتي ثمًنا قيلًا} [المائدة: 44] سمى ما بذلوه من الآيات الهادية شراءً، وما تعوضوه من أعراض الدنيا ثمنًا. قال الهروي: جعل الثمن مشترى كسائر السلع، لأن الثمن والمثمن كلاهما مبيعٌ، ولذلك أجيز شريت بمعنى بعت. واختلفت عادات الناس في الثمن؛ فقيل: هو ما كان قيمة الأشياء، وقيل: ما يأخذه البائع في مقابلة سلعته عينًا أو سلعةً. وقيل: ما كان نقدًا، فهو ثمنٌ ليس إلا، وقيل: ما دخلت عليه الباء. وأثمنت الرجل متاعه، وأثمنت له: أكثرت الثمن.
والثمانية والثمانون عددان معلومان. والثمن جزءٌ من ثمانية أجزاءٍ كالثلث من ثلاثةٍ. والثمين أيضًا من الثمن. قال الشاعر: [من الطويل]
248 -
فما صار لي في القسم إلا ثمينها
أي ثمنها.
فصل الثاء والنون
ث ن ي:
قوله تعالى: {ثاني اثنين} [التوبة:40] أي أحد الاثنين، كـ {ثالث ثلاثة} [المائدة: 73] وهما سيدنا محمدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم -وصاحبه الصديق، إذ قال عليه الصلاة والسلام له في الغار:«ما ظنك باثنين الله ثالثهما» ، وقال تعالى:«ثاني عطفه» [الحج: 9] كنايةٌ عن التكبر نحو: صاعر خده، {ونأى بجانبه} [الإسراء: 83]، ولوى جيده وشدقه، كل ذلك كنايةٌ عن التكبر، فثاني اسم فاعلٍ من ثنى يثني كرامٍ.
والثنى: العطف والتكرير، ومنه التثنية الصناعية، لأن فيها تكرير الاسم مرتين. وقوله تعالى:{ألا إنهم يثنون صدورهم} [هود: 5] أي يطوونها على سرهم، وكنى بذلك عن إعراضهم عن الحق وتكبرهم نحو {ثاني عطفه} .
ويقال: ثنيت الشيء ثنيًا أي كنت له ثانيًا، أو أخذت نصف ماله، أو ضممت إليه ما صار به اثنين. والثنى: ما يعاد مرتين. وامرأة ثنيٌ: تلد اثنين، وذلك الولد ثنيٌ أيضًا.
وفي الحديث: «لا ثنى في الصدقة» أي لا تؤخذ في السنة مرتين. والثني من الضأن: ما دخل في السنة الثانية، ومن البقر ما سقطت ثنيته. وحلف يمينًا فيها ثنيٌ وثنوٌ، وهي ثنيةٌ. وفي حديث كعب:«الشهداء ثنية الله في الأرض» يريد أن الشهداء مستثنون من الصعقة، وذلك قوله:{فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} [الزمر: 68]. فالله تعالى قد استثناهم بقوله: {أحياءٌ عند ربهم يرزقون} [آل عمران: 169]
ومثنويةٌ وثنيا أي استثناءٌ؛ قال النابغة: [من الطويل]
249 -
حلفت يمينًا غير ذي مثنويةٍ
…
ولا علم إلا حسن ظن بصاحب
والمثناة: ما ثني من طرف الزمام، قال: والثنيان: الذي يثنى به إذا عد السادات.
والثنية من الجبل: ما يحتاج في سلوكه إلى صعودٍ وهبوطٍ، فكأنه ثنى سيرها. وفلانٌ ثنية أهله للمهاب عندهم استثقالًا له كاستثقال سير الثنية. والثنية: السير تشبيهًا بثنية الجبل في الهيئة. وفي في الإنسان أربع ثنايا: ثنيتان من أسفل وثنيتان من فوق، وهي مقدم الفم. ويليهن الرباعيات بالتخفيف.
والثنيا والثنوى: ما يثنيه الجازر لنفسه من الصلب والرأس، وفي الحديث:«ناقةٌ مريضةٌ فباعها واشترط ثنياها» قيل: قوائمها رأسها. والثنيا أيضًا: المنهي عنها في الحديث، قال القتيبي: هو أن يبيع جزافًا، فلا يجوز أن يستثنى منه شيءٌ قل أو كثر. وقيل: إن يستثن شيءٌ يفسد البيع.
والثنيا أيضًا في المزارعة هو أن يستثنى بعد النصف أو الثلث كيلٌ معلومٌ. والثنيا:
الاستثناء في اليمين.
والثناء: ما يذكر من المحامد فيثنى ذكره حالًا فحالًا، ووقتًا فوقتًا. يقال: أثنى عليه فهو مثنى إثناءً. قال الشاعر: [من الكامل]
250 -
يثني عليك وأنت أهل ثنائه
وقال الآخر: [من الطويل]
251 -
إذا مت كان الناس صنفان: شامتٌ
…
بموتي ومثنٍ بالذي كنت أصنع
والنثا بتقديم النون: ذكر المساوئ. قال تعالى: {كتابًا متشابهًا مثاني} [الزمر: 23] أنه يثنى، أي يكرر على مرور الأوقات وكر الأعصار، واختلاف الأحوال، فلا يمل ولا تخلق ديباجةٌ حسنةٌ، ولا تنقضي عجائبه، ولا تفنى فوائده، ولا تضمحل اضمحلال غيره من الكلام. وفي صفته:«لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا يخلق على كثرة الرد» . وقيل: قيل له: مثنى لما ثني فيه من القصص والأمثال. وقيل ذلك: من الثناء تنبيهًا أنه يظهر منه أبدًا ما يقتضي الثناء عليه من فوائده وإعجازه على من يتلوه ويعلمه ويعمل به. على هذا الوجه وصفه الله بالكرم في قوله: {إنه لقرآنٌ كريمٌ} [الواقعة: 77]، وبالمجد في قوله:{هو قرآنٌ مجيدٌ} [البروج: 21]. وقوله: {سبعًا من المثاني} [الحجر: 87]، قيل: أراد الفاتحة لأنها تثنى بالصلوات أو لأنها يثنى فيها تمجيده وتنزيهه. وقيل: لأنها أسست لهذه الأمة. وقيل: المثاني في التي تزيد على
المفصل وتقصر عن المئين. قيل لها مثاني كأن المئين جعلت مبادئ والتي تليها مثاني، قاله الهروي، وفيه نظرٌ لأن ما هذه صفته أكثر من سبع سورٍ. والمثانان: حبلٌ يربط بطرفه رجلا الدابة، وبطرفه الآخر يداها. قال طرفة:[من الطويل]
252 -
لكالطول المرخى وثنياه باليد
والمفرد ثنايةٌ، قال الهروي: ولم يقولوا ثناءتين لأنه حبلٌ واحدٌ يربط بطرفيه. قلت: وكان من حقه أن يقال: ثناوين بالواو أو ثناءين بالواو والهمز كـ: كساوين وكساءين، لكن لما لزمته علامة التثنية أشبه سقايةً فصحت ياؤه. وفي حديث عمر:«كان ينحر بدنته وهي باركةٌ مثنيةٌ بثنايين» أي معقولةٌ بالحبل في يديها ورجليها. وفي حديث ابن عمر: «من أشراط الساعة أن يقرأ بينهم بالمثناة فلا أحد يغيرها. قيل: وما المثناةٌ؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله تعالى» . قال أبو عبيد: سألت رجلًا -يعني من أهل العلم بالكتب الأولى قد قرأها وعرفها -عن المثناة فقال: إن الأحبار من بعد موسى وضعوا كتابًا فيما بينهم على ما أرادوا من غير كتاب الله فهو المثناة. قال: فكأن عبد الله كره الأخذ عن أهل الكتاب.
ثناء الشيء: ثانيه. وفي حديث عوف بن مالك، وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم -عن الإمارة، فقال:«أولها ملامةٌ وثناؤها ندامةٌ وثلاثها عذابٌ يوم القيامة، إلا من عدل» . فأما ثناء وثلاث بالضم فمعدولان كما تقدم. والاثنان والاثنتان والثنتان عددٌ معروفٌ يجري مجرى المثنى في الإعراب، وليس له واحدٌ من لفظه، فلا يقال: اثنٍ ولا اثنة. وقد يعرب كالمقصور في بعض اللغات فلا يضافان لما بعدهما بخلاف ثلاثةٍ فما فوقها إلى عشرةٍ، فلا يقال: اثنا رجلٍ وثنتا امرأةٍ، استغناء برجلين وامرأتين، فأما قوله:[من الرجز]
253 -
كأن خصييه من التدلدل
…
ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل