الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل الخاء والواو
خ ور:
قوله تعالى: {له خوارٌ} [الأعراف: 148] أي صوتٌ. واختص ذلك بالبقر، ويستعار للبعير. وقال مجاهدٌ: خواره خفيفٌ إذا دخلت الريح جوفه. والخور: اللين. ومنه: رجلٌ خوارٌ أي جبانٌ. وخار يخور، وكأنهم تصوروا أن الصوت لا يكون إلا عند خوفٍ، ولذلك يقال: الشجاع صموتٌ.
وأرضٌ خوارةٌ: لينةٌ. ويقال للنوق الغزار اللبن: خورٌ، سمين بذلك لرقة لبنها. ولذلك يقولون في التي لا يغزر لبنها: الجلاد، فقابلوا بين الصلابة واللين في ذلك. وفي حديث عمروٍ:"ليس أخو الحرب من يضع خور الحشايا عن يمينه وعن شماله" يعني الموطأ منها؛ ذلك أنه تحشى حشوًا رخوًا. وهذا يناسب قوله: "اخشوشنوا" ورمحٌ خوار أي لين. والخوران: يقال لمجرى الروث، وصوت البهائم.
خ وض:
قوله تعالى: {وخضتم كالذي خاضوا} [التوبة: 69]. الخوض: الدخول في الحديث، وأصله الدخول في الماء؛ يقال: خاض البحر يخوضه، ثم استعير للدخول في الحديث والحرب. فقيل: فلانٌ يخوض أي يتكلم بما لا ينبغي، وغلب على الرديء من الكلام.
قال تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا} [الأنعام: 68]. وتخاوضوا في الحديث وتفاوضوا فيه بمعنى.
{وكنا نخوض مع الخائضين} [المدثر: 45] أي نوافقهم أو نرضى بما يقولون وإن لم نتكلم. ولذلك قال: {فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره} [الأنعام: 68] لأن من رضي فعلاً أو سكت عليه عد كأنه فاعله. وقوله: {كالذي خاضوا} حذفت نونه تخفيفًا، كما حذف الآخر نون التثنية في قوله:[من الكامل]
478 -
أبني كليبٍ إن عمي اللذا
…
قتلا الملوك وفككا الأغلالا
وقيل: الذي بمنزلة حرفٍ مصدري أي كخوضهم وليس بصحيحٍ وقد أتقنا ذلك في غير هذا.
خ وف:
قوله تعالى: {وآمنهم من خوف} [قريش: 4]. الخوف: توقع المكروه، ويعبر عنه بالجزع. وقيل: هو توقع المكروه لأمارةٍ مظنونةٍ أو معلومة، كما أن الطمع والرجاء توقع المحبوب لأمارةٍ مطنونةٍ أو معلومةٍ. ويقابله الأمن لما فيه من الطمأنينة. والخوف فيه قلقٌ واضطرابٌ. والخوف يكون في الأمور النيوية والأخروية. وخوف الله تعالى لا يراد به ما تعارفه الناس من الرعب كاستشعار الخوف من الأسد، إنما المراد به الانزجار عن المعاصي وتحري الطاعات وعملها. ولهذا قال بعض العلماء: لا يعد خائفًا من لم يكن للذنوب تاركًا.
وقوله: {ذلك يخوف الله به عباده} [الزمر: 16] فتخويفه إياهم: حثهم على التحرز من معاصيه. قوله: {وإن خفتم شقاق بينهما} [النساء: 35] فسر بمعنى عرفتم.
وحقيقته: إن وقع لكم خوفٌ لمعرفتكم. قوله: {إنما ذلكن الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون} [آل عمران: 175]. فتخويف الشيطان أولياءه -وهم أتباعه -فيما يأمرهم به أن يجعلهم خائفين عاقبة ما يسول لهم فيه، كتخويفه إياهم الإملاق، فيأمرهم بقتل الأولاد مثلاً. ونهي الله تعالى عن مخافة أوليائه عبارةٌ عن أمرهم بائتمار ما أمر الله والنهي عما أمرهم به الشيطان، فكأنه قال: لا تاتمروا للشيطان وآئتمروا لله تعالى.
قوله: {وإني خفت الموالي} [مريم: 5] كأن خوفه منهم لعدم مراعاتهم
الشريعة وأمر الدين، لا أن يرثوا ماله كما ظنه بعض الجهال. [فالقنيات] الدنيوية عند الأولياء أخسمن أن يشفقوا عليها فضلاً من الأنبياء.
قوله: {فأوجس في نفسه خيفةً} [طه: 67] قيل: الخيفة: الهيئة التي يكون عليها الإنسان من الخوف كالجلسة. وإنما أوجس ذلك على غيره لئلا يفتتن إذا رأى السحر، أو اعتراه ما يعترى البشر، ثم ثابت إليه نفسه المعصومة الشريفة، ولذلك عقبه بقوله:{قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى} [طه: 68].
قوله: {واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفةً} [الأعراف: 205] أي على حالةٍ مثلك من يلازمها، إشارة إلى قوله عليه السلام:"أنا أعرفكم بالله وأخوفكم منه". قوله: {والملائكة من خيفته} [الرعد: 13] إشارةٌ إلى أن الخوف منهم لربهم حالةٌ لا تفارقهم. وهو أبلغ من وصفهم بمطلق الخوف، كقوله:{يخافون ربهم من فوقهم} [النحل: 50] ولذلك عدل عنه في هذه الآية لما قرن بذكر تسبيح الرعد.
والتخوف: ظهور الخوف من الإنسان، كقوله تعالى:{أو يأخذهم على تخوفٍ} [النحل: 47]. ولذلك عبر به عن التنقص في قولهم: تخوفه الدهر أي تنقصه. وعن عمر رضي الله عنه أنه قرأها على المنبر في حال خطبته فقال: "ما التخوف؟ " فسكتوا فقال رجلٌ: التخوف: التنقص، هذا لغتنا. وأنشد لابن مقبل:[من البسيط]
479 -
تخوف السير منها تامكًا قردًا
…
كما تصوف عود النبعة السفن
أي تنقص سنامها -يعني الناقة -والتامك: السنام، والقرد: المجتمع، والسفن: آلةٌ تنحت بها الأعواد والخشب. ويحكى أن عمر قال عندها: "احفظوا ديوان العراب؛ فإن فيه تفسير كتابكم" فالمعنى أنه يأخذهم على تنقصٍ في أبدانهم وأموالهم وثمارهم.
قوله: {يريكم البرق خوفًا وطمعًا} [الرعد: 12] قيل: خوفًا من المسافر وطمعًا من المقيم. وقيل: خوفًا مما يخشى ضرره، إذ ليس كل موضعٍ ولا كل وقتٍ ينفع فيه المطر، وطمعًا مما ينتفع به. ونصبه على المفعول من أجله، وفيه بحثٌ ليس هذا موضعه.
قوله: {وادعوه خوفًا وطمعًا} [الأعراف: 56] أي خوفًا من عقابه وطمعًا في ثوابه، أي خائفين طامعين، أو لأجل الخوف. وفيه إشارةٌ إلى استواء الرجاء والخوف كقوله عليه الصلاة والسلام:"لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لا عتدلا".
خ ول:
قوله تعالى: {وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم} [الأنعام: 94] أي أعطيناكم ومكناكم، من خولته في نعمتي. والتخويل في الأصل إعطاء الخول. والخول: الأتباع والرعاة والزراع. قال: [من البسيط]
480 -
والناس خولٌ لمن دامت له نعم
والخول: جمعٌ، الواحد خايل نحو خادم وخدم، وكل من أعطى إعطاءً على غير جزاءٍ يقال لع خول. قال تعالى:{ثم إذا خولناه نعمةً} [الزمر: 49]. وقيل: أعطاه ما يصير له خولاً كالعبيد والدواب ونحوهم. وقيل: أعطاه ما يحتاج إلى تعهده، مكن قولهم: فلانٌ خال مالٍ وخايل مالٍ، أي حسن القيام عليه.
والخال أيضًا: شامةٌ في الجسد، وشيءٌ يعلق للوحش يخيل له به. وفي الحديث:"كان يتخولنا بالموعظة" أي يتعهدنا. وروي "يتحولنا" بالحاء المهملة. أي يتطلب أحوالنا. والمخيلة: التكبر. وفي الحديث: "كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خلتان: سرفٌ ومخيلةٌ". وفي حديث عمر: "إنا لا نخول عليك" أي لا نتكبر.
يقال: خال الرجل واختال: تكبير فهو خالٌ، مختالٌ أي متكبرٌ.
والمخيلة: السحابة الخليقة بالمطر. يقال: أخالت السماء فهي مخيلةٌ. وأخيل زيد: تخيل مطرًا في السماء، ذكره الهروي في هذه المادة، وكان من حقه أن يقال: تخول، نحو: تقوس. والظاهر أنه من ذات الياء، فسيأتي.
خ ون:
قوله تعالى: {لا تخونوا الله} [الأنفال: 27]. الخيانة: مخالقة الحق بنقض العهد في السر وضدها الأمانة قيل: والخيانة والنفاق واحد، إلا أن الخيانة تقال اعتبارًا بالعهد والأمانة، والنفاق اعتبارًا بالدين، ثم يتداخلان. وقيل: أصل الخيانة أن يقض المؤتمن عهدًا لك، قاله الهروي. وأنشد لزهيرٍ:[من الوافر].
481 -
بآرزة الفقارة لم يخنها
…
قطاف في الركاب ولا خلاء
أي لم ينقض فقارها. فخيانة العبد ربه ألا يؤدي الأمانات التي ائتمنه عليها وتحملها، كقوله:{إنا عرضا الأمانة} [الأحزاب: 72] ثم قال: {وحملها الإنسان} .
قوله: {تختانون أنفسكم} [البقرة: 187]. الاختيان: مراودة الخيانة، ولذلك قال:"تختانون" ولم يقل: تخونون، لأن القوم لم يخونوا أنفسهم بل كانوا يترددون في ذلك؛ فإن الاختيان تحرك شهوة الإنسان لتحري الخيانة. وقيل: بل هو بمعنى تخونون، وقد وقع ذلك من بعضهم فيما ذكره بعضهم.
قوله: {ولا تزال تطلع على خائنةٍ منهم} [المائدة: 13]. قيل: هي صفة لفرقةٍ أو جماعةٍ، أي على جماعةٍ خائنةٍ أو فرقةٍ خائنةٍ. وقيل على خائنٍ منهم، والتاء للمبالغة كرواية وداهية. وقيل: الخائنة بمعنى مصدر جاء على فاعلةٍ كالعافية والكاذبة
نحو: قم قائمًا في أحد الوجهين. وسمعت راعية الإبل وثاغية الشاء أي رعاءها وثغاءها.
ومعنى: {أماناتكم} [الأنفال: 27]، قيل: أمانة بعضهم لبعضٍ كقوله: {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء: 29]{فسلموا على أنفسكم} [النور: 61]. وقيل: هي مصدر مضاف لمفعوله أي التي ائتمنكم الله عليها من أداء فرائضه ولزوم أوامره. ويقال: خنت فلانًا وخنت أمانته بمعنى.
والخوان: المائدة سواء كان عليها طعام أو لا. تصوروا فيه الخيانة حال فقد الطعام بخلاف المائدة ويقال فيه إخوان أيضًا بلفظ إخوانٍ جمع أخٍ. قال الغرثان: [من الطويل].
284 -
ومنحر مئناثٍ تجر حوارها
…
وموضع إخوانٍ إلى جنب إخوان
فوزن إخوانٍ هذا إفعال، ووزن إخوانٍ جمعًا فعلان فاعرفه به، وقد ذكر الهروي الخوان في مادة خ وي وليس بصوابٍ. على أنه قيل: إنه معرب.
خ وي:
قوله تعالى: {خاويةٌ على عروشها} [البقرة: 259] أي ساقطة، وأصل الخواء: الخلاء. يقال: خوت الدار تخوي خوىً وخوايةً وخويًا: إذا خلت وبقيت بلا أنيسٍ. وخوى النجم وأخوى: إذا لم يكن عند سقوطه مطر، تشبيهًا بذلك. وأخوى أبلغ من خوى، كما أن أسقى أبلغ من سقى.
وخوى الرجل نحو خوي فهو خوٍ: خلا جوهفه من الزاد. وخوى الجوز تشبيهًا بذلك. قوله: {أعجاز نخلٍ خاويةٍ} [الحاقة: 7] أي انقطعت من أصلها حتى خلا مكانها، كقوله في موضعٍ آخر:{منقعرٍ} [القمر: 20].
والتخوية: ترك ما بين الشيئين فرجةً. ومنه: "كان يخي في سجوده" "وكان