المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الحاء والياء - عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ - جـ ١

[السمين الحلبي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الهمزة المفردةويطلق عليها الألف

- ‌فصل الألف مع الباء

- ‌فصل الألف والتاء

- ‌فصل الألف والثاء

- ‌فصل الألف والجيم

- ‌فصل الألف والحاء

- ‌فصل الألف والخاء

- ‌فصل الألف والدال

- ‌فصل الألف والذال

- ‌فصل الألف والراء

- ‌فصل الألف والزاي

- ‌فصل الألف والسين

- ‌فصل الألف والشين

- ‌فصل الألف والصاد

- ‌فصل الألف والفاء

- ‌فصل الألف والكاف

- ‌فصل الألف واللام

- ‌فصل الألف والميم

- ‌فصل الألف والنون

- ‌فصل الألف والهاء

- ‌فصل الألف والواو

- ‌فصل الألف والياء

- ‌باب الباء

- ‌فصل الباء والألف

- ‌فصل الباء والتاء

- ‌فصل الباء والثاء

- ‌فصل الباء والجيم

- ‌فصل الباء والحاء

- ‌فصل الباء والخاء

- ‌فصل الباء والدال

- ‌فصل الباء والذال

- ‌فصل الباء والراء

- ‌فصل الباء والزاي

- ‌فصل الباء والسين

- ‌فصل الباء والشين

- ‌فصل الباء والصاد

- ‌فصل الباء والضاد

- ‌فصل الباء والطاء

- ‌فصل الباء والظاء

- ‌فصل الباء والعين

- ‌فصل الباء والغين

- ‌فصل الباء والقاف

- ‌فصل الباء والكاف

- ‌فصل الباء واللام

- ‌فصل الباء والنون

- ‌فصل الباء والهاء

- ‌فصل الباء والواو

- ‌فصل الباء والياء

- ‌باب التاء المثناة

- ‌فصل التاء والباء

- ‌فصل التاء والتاء

- ‌فصل التاء والجيم

- ‌فصل التاء والحاء

- ‌فصل التاء والخاء

- ‌فصل التاء والراء

- ‌فصل التاء والسين

- ‌فصل التاء والعين

- ‌فصل التاء والفاء

- ‌فصل التاء والقاف

- ‌فصل التاء والكاف

- ‌فصل التاء واللام

- ‌فصل التاء والميم

- ‌فصل التاء والواو

- ‌فصل التاء والياء

- ‌باب الثاء المثلثة

- ‌فصل الثاء والباء

- ‌فصل الثاء والجيم

- ‌فصل الثاء والخاء

- ‌فصل الثاء والراء

- ‌فصل الثاء والعين

- ‌فصل الثاء والقاف

- ‌فصل الثاء واللام

- ‌فصل الثاء والميم

- ‌فصل الثاء والنون

- ‌فصل الثاء والواو

- ‌باب الجيم

- ‌فصل الجيم والألف

- ‌فصل الجيم والباء

- ‌فصل الجيم والثاء

- ‌فصل الجيم والحاء

- ‌فصل الجيم والدال

- ‌فصل الجيم والذال

- ‌فصل الجيم والراء

- ‌فصل الجيم والزاي

- ‌فصل الجيم والسين

- ‌فصل الجيم والعين

- ‌فصل الجيم والفاء

- ‌فصل الجيم واللام

- ‌فصل الجيم والميم

- ‌فصل الجيم والنون

- ‌فصل الجيم والهاء

- ‌فصل الجيم والواو

- ‌فصل الجيم والياء

- ‌باب الحاء

- ‌فصل الحاء والباء

- ‌فصل الحاء والتاء

- ‌فصل الحاء والثاء

- ‌فصل الحاء والجيم

- ‌فصل الحاء والدال

- ‌فصل الحاء والذال

- ‌فصل الحاء والراء

- ‌فصل الحاء والزاي

- ‌فصل الحاء والسين

- ‌فصل الحاء والشين

- ‌فصل الحاء والصاد

- ‌فصل الحاء والضاد

- ‌فصل الحاء والطاء

- ‌فصل الحاء والظاء

- ‌فصل الحاء والفاء

- ‌فصل الحاء والقاف

- ‌فصل الحاء والكاف

- ‌فصل الحاء واللام

- ‌فصل الحاء والميم

- ‌فصل الحاء والنون

- ‌فصل الحاء والواو

- ‌فصل الحاء والياء

- ‌باب الخاء

- ‌فصل الخاء والباء

- ‌فصل الخاء والتاء

- ‌فصل الخاء والدال

- ‌فصل الخاء والذال

- ‌فصل الخاء والراء

- ‌فصل الخاء والزاي

- ‌فصل الخاء والسين

- ‌فصل الخاء والشين

- ‌فصل الخاء والصاد

- ‌فصل الخاء والضاد

- ‌فصل الخاء والطاء

- ‌فصل الخاء والفاء

- ‌فصل الخاء واللام

- ‌فصل الخاء والميم

- ‌فصل الخاء والنون

- ‌فصل الخاء والواو

- ‌فصل الخاء والياء

الفصل: ‌فصل الحاء والياء

وقيل: الأصل: "فجعله أحوى غثاء" أي شديد الخضرة، والغثاء ما يحمله السيل؛ وهو الدرين أيضًا، قال:[من الرجز].

404 -

وطال حبسي بالدرين الأسود

يقال: احووى الزرع يحووي احواوًا؛ نحو: ارعوى يرعوي ارعواء، ولا ثالث لهما، وحوى حوة؛ ورجل أحوى وامرأة حواء؛ وأمنا حواء، يجوز أن تكون سميت بذلك لحوة في لونها، كما سمي أبونا آدم لأدمة في لونه، كما قيل.

‌فصل الحاء والياء

ح ي ث:

حيث: ظرف مكان لا ينصرف غالبًا، وقد أعرب مفعولًا به في قوله تعالى:{الله أعلم حيث يجعل رسالته} [الأنعام: 124] ويجر بمن كقوله: {من حيث أمركم الله} [البقرة: 222] وفيها لغات؛ تثليث الثاء مع الياء والواو، ويقال: والألف: هو لازم الإضافة إلى الجملة الاسمية والفعلية، وإضافته للمفرد نادر في قولهم:[من الرجز].

405 -

أما ترى حيث سهيلٍ طالعًا

أو في ضرورةٍ، كقوله:[من الطويل].

406 -

حيث لي العمائم

ص: 472

ولوجوب إضافتها للجملة كان فتح أن بعدها خطأ. وزعم بعضهم أنها للتعليل كما يكون له من ظروف الزمان إذ. وزعم الأخفش أنها تكون زمانًا، وأنشد:[من المديد].

407 -

للفتى عقل يعيش به

حيث تهدي ساقه قدمه

وقد أشبعنا الكلام عليها في غير هذا.

ح ي د:

قوله تعالى: {ذلك ما كنت منه تحيد} [ق: 19] أي تميل: حاد عنه يحيد حيدًا وحيدًا. قال: [من الرجز].

408 -

قلت وفيها حيدة وذعر

عوذ بربي منكم وحجرًا

فالحيد: العدول عن الشيء والنفرة منه.

ح ي ر:

قوله تعالى: {حيران} [الأنعام: 71]: الحائر. والحيران: الذي لا يهتدي لأمره، وهو المتردد الفكر، المتشعب الرأي، يقال منه: حار يحار فهو حائر وحيران.

والحائر: الموضع الذي يتحير فيه الماء، وهو أن يمتلئ حتى يرى في ذاته حيرة. قال الهروي: وبه سمي الماء الذي لا منفذ له حائرًا، والجمع حوران. قلت: وفاعل وفعلان غريب جدًا، والظاهر أن الحائر مكان الماء لا نفس الماء كقوله:[من الرمل].

409 -

صعدة نابتة في حائر

أينما الريح تميلها تمل

وقال في حديث ابن عمر: "الرجل يطرق الفحل فيذهب حيري الدهر. فقال له رجل: ما حيري الدهر؟ قال: لا يحسب". وحيري بتشديد الياء وتخفيفها، وحير

ص: 473

بحذفها. وحاري الدهر: أبد الدهر. وأراد بقوله: "لا يحسب" لا يعرف حسابه لكثرته ودوامه على وجه الدهر.

ح ي ص:

قوله تعالى: {ما لنا من محيص} [إبراهيم:21] المحيص: المهرب والمعدل. يقال: حاص عن الحق أي مال عنه إلى شدة ومكروه، وأصله من قولهم: وقع في حيص بيص. وحيص بيص أي شدةٍ شديدةٍ. وتركت البلاد حيص بيص: أي منقلبة ظهرًا لبطنٍ، كناية عن اختلاف أهلها. وفي حديث أبي جبيرٍ:"وجعلتم الأرض عليه حيص بيص" أي ضيقة.

"وحاص المسلمون حيصة"، ومنه في حديث قيصر:"فحاصروا حيصة الحمر" أي جالوا جولة. يقال: حاص يحيص حيصًا ومحيصًا أي عدل عن ذلك وحاد عنه. وجاض- بالجيم والضاد المعجمة- بمعناه. وينشد للحماسي: [من الطويل].

410 -

ولم ندركم جضنا من الموت جيضة

كم العمر باقٍ والمدى متطاول.

يروى بالوجهين.

وأما الحوص: فهو خياطة الجلد، ومنه حصيت عين الصقر. والأحوص شاعر معروف، وليس هذا من هذه المادة، ولا المعنى في شيءٍ، وإن كان الراغب ذكره هنا.

ص: 474

ح ي ض:

قوله تعالى: {ويسألونك عن المحيض} [البقرة: 222] اختلف الناس في المحيض؛ هل هو اسم للدم أو لمكانه أو لزمانه أو لحدوثه، وهل مقيس أو شاذ؟ ومن جعله قياسًا استشهد بقول الآخر:[من الرجز].

411 -

إليك أشكو شدة المعيش

ومر أعوامٍ نتفن ريشي.

ولابد من حذف مضافٍ أو أكثر على حسب المعنى أي عن حكم المحيض أو عن قربان موضع المحيض.

ويقال: حاضت تحيض حيضًا ومحيضًا ومحاضة، وقد أتقنا هذه المادة وتصريفها ومعناها وحكمها- بحمد الله- في كتبنا المشار إليها. وبعضهم يخلط مادة الحوض بهذه لتقاربها لفظًا ومعنى لما فيهما من معنى الاجتماع.

ح ي ف:

قوله تعالى: {أن يحيف الله عليهم} [النور: 50] الحيف: الميل في الحكم والجنوح إلى أحد الجانبين، ويقال: تحيفت الشيء: أخذته من جميع جوانبه، والمعنى أم يخافون أن يحوف الله عليهم في الحكم.

ح ي ق:

قوله: {وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} [هود:8] أي حل ونزل، وأصابهم ما كانوا يستهزئون به مما جاءتهم به رسلهم. {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} .

ص: 475

[فاطر:43] والأصل: يحقق، فأبدل أحد المضعفين حرف علةٍ. قاله الراغب وجعله نظير {فأزلهما} [البقرة: 36] وأزالهما، وهذا ليس بجيد لما سيأتي في {فأزلهما}. وقال ابن عرفة: حاق به الأمر أي لزمه ووجب عليه. وقال الأزهري: الحيق في اللغة: ما يشتمل على الإنسان من مكروهٍ فعله.

ح ي ن:

قوله تعالى: {تؤتي أكلها كل حين} [إبراهيم: 25] الحين في أصل اللغة لمطلق الزمان قليلًا كان أو كثيرًا، والمراد به هنا على مدلوله الأصلي. قال: هو كالوقت يصلح لجميع الزمان طالت أم قصرت، والمعنى أنه ينتفع بها كل وقتٍ لا ينقطع نفعها البتة. وقيل: الحين: يوم القيامة. وقيل: انقضاء الأجل. وقوله تعالى: {ومتاعًا إلى حين} [النحل: 80] قيل: إلى يوم القيامة، وقيل: إلى انقضاء آجالهم.

وقوله: {ولتعلمن نبأه بعد حينٍ} [ص:88] أي نبأ محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: نبأ القرآن، وقيل: نبأ ما وعدتم به.

والحين: إما يوم القيامة، وإما مطلق الزمان. وقوله:{هل أتى على الإنسان حين من الدهر} [الإنسان:1] قيل: معناه ساعة، وقيل: أربعون سنة؛ والحاصل أن كل من فسر الحين بما ذكرته فإنما هو بحسب خاصة المكان لا أنه موضوع له بخصوصه.

وأحين بمكان كذا: أقام حينًا. وحانيته: أي عاملته حينًا حينًا. وحان حينه: قرب أوانه. وحينت الشيء: جعلت له حينًا، وفي الحديث:"حينوا نوقكم" أي احلبوها في وقتٍ معلومٍ.

ص: 476

ح ي و:

قوله تعالى: {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان} [العنكبوت: 64] الحيوان في الأصل: مقر الحياة، ثم يقال باعتبارين: أحدهما ما له حاسة كالحيوانات الحساسة، والثاني ما له بقاء سرمدي، وهو ما وصفت به الآخرة في قوله:{لهي الحيوان} ، ونبه بحرفي التأكيد بأن الحيوان الحقيقي السرمدي الذي لا يفنى، لا ما يبقى مدة ثم يفنى.

وقيل: الحيوان ما فيه حياة، والموتان ما ليس فيه حياة. وقيل: الحيوان والحياة بمعنى واحدٍ، وهذا التفات إلى أن أصله حييان- بيائين- من حيي يحيا، فأبدلت الأخيرة واوًا، وقد أتقنًا هذا في فير هذا الموضع. وقيل: الحيوان: يقع على كل شيءٍ حي، ومعناه من صار إلى الآخرة أفلح ببقاء الأبد.

وحيوان: عين في الجنة.

ح ي ي:

قوله تعالى: {وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} [آل عمران: 185] سماها دنيا باعتبار الحياة في الدار الآخرة؛ فإنها عليا لأن هذه تنقطع وتيك لا تنقطع.

والحياة: ضد الموت، فكما يستعمل حقيقةً ومجازًا نحو: مات الإنسان وماتت الأرض. كذلك الحياة، نحو: أحيا الله فلانًا، وأحيا الأرض بعد موتها. ثم الحياة تستعمل على أضرب؛ الأول: للقوة النامية الموجودة في البنات والحيوان، قال تعالى:{وجعلنا من الماء كل شيء حي} [الأنبياء: 30]، الثاني: القوة الحساسة، وبه سمي الحيوان حيوانًا، قال تعالى:{وما يستوي الأحياء ولا الأموات} [فاطر:22]، {إن الذي أحياها لمحيي الموتى} [فصلت: 29] إشارة إلى القوة الحساسة. الثالث: للقوة الفاعلة العاقلة، قال تعالى:{أومن كان ميتًا فأحييناه} [الأنعام: 122]، وقال الشاعر:[من الوافر].

ص: 477

412 -

لقد أسمعت لو ناديت حيًا

ولكن لا حياة لمن تنادي.

والرابع: عبارة عن ارتفاع الغم، وإليه أشار من قال:[من الخفيف].

413 -

ليس من مات فاستراح بميتٍ

إنما الميت ميت الأحياء.

إنما الميت من يعيش كئيبًا

كاسفًا باله قليل الرجاء.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: [من الوافر]

414 -

فلو أنا إذا متنا تركنا

لكان الموت راحة كل حي.

ولكنا إذا متنا بعثنا

ونسأل بعده عن كل شيء.

ومنه قول تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون} [آل عمران: 169] أي يتلذذون لما روي في الأخبار الكثيرة في أرواح الشهداء.

والخامس: الأخروية الأبدية، وذلك يتوصل إليها بالحياة التي هي العقل والعلم. وقوله:{يا ليتني قدمت لحياتي} [الفجر: 24] يعني به الحياة الأخروية الدائمة.

السادس: الحياة الموصوف بها الله عز وجل، فإذا قيل:"الله حي" معناه أنه الذي لا يصح عليه الموت، ولا يتصف بذلك أحد سواه.

قوله: {ولتجدنهم أحرص الناس على حياةٍ} [البقرة: 96] يريد الحياة الفانية، ونكرها إيدانًا بقلتها، أي على أدنى ما تصدق عليه حياة، لقوله:{وإذا لا تمتعون إلا قليلًا} [الأحزاب: 16]. يحكى أن بعض الأعراب مر بجدارٍ مائل فتلي عليه: {قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل، وإذًا لا تمتعون إلا قليلًا} فقال: ذلك القليل

ص: 478

الدنيوية.

وقوله" {أرني كيف تحيي الموتى} [البقرة: 260] كان يطلب منه أن يريه الحياة الأخروية المعراة عن الشوائب والآفات الدنيوية.

قوله: {ومن أحياها فكانما أحيا الناس جميعًا} [المائدة:32] أي من أنقذها من الهلكة ونجاها منها، فكأنه أحيا الناس: الأنفس، لأنه يفعل مع جميعها كذلك، وعليه:{أنا أحيي وأميت} [البقرة: 258] أي أعفو عن هذا وأقتل هذا.

قوله: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلًا} [البقرة: 26] أي لا يترك، واستحياء الله تعالى كراهته للشيء وتركه إياه، فقال تعالى ردًا على اليهود حين قالوا لما سمعوا ذكر الذباب والعنكبوت: ما يشبه هذا كلام الله! إن الله لا يترك ضرب الأمثال بالأشياء الحقيرة كالبعوضة، فأقل منها لما في ذلك من المصالح. وما أنكروه إلا عنادًا، وإلا فالتوراة محشوة من مثله. والاستحياء: تغير وانكسار يعتري المستحيي، والله تعالى منزه عن ذلك، فكان مجازه كما ذكرنا، والأكثر استحيا. وفيه أحييه استحيا، وأنشد:[من الطويل].

415 -

إذت ما استحين الماء يعرض نفسه

كرعن بسبتٍ في إناء من الورد

قوله: {ولكم في القصاص حياة} [البقرة: 179] يعني أنه إذا علم من يريد القتل أنه يقتص منه ارتدع عن القتل، فحصلت له حياة نفسه وحياة من كان يريد قتله. وكانوا يقتلون بالواحد العدد الكثير. وقصة جساسٍ بأخذه ثأر أخيه كليب مشهورة في العرب. فلما شرع القصاص أن يقتل الواحد بالواحد كان في ذلك حياة لمن لم يجن. وكانت العرب تقول: حرمنا حول هذا المعنى؛ القتل أنفى للقتل. وبين هذا وبين {ولكم في القصاص حياة} بون ظاهر قد بيناه في غير هذا الموضوع.

والحيا- بالقصر- المطر لحياة الأرض بعد موتها به، وعليه: {وجعلنا من الماء

ص: 479

كل شيء حي} [الأنبياء:3].

قوله: {بغلام اسمه يحيى} [مريم:7] نبه بذلك أنه سماه به، أي لم تمته الذنوب كما أماتت غيره كثيرًا من بني آدم، لا أنه كان يعرف بذلك فقط فإن هذا قليل الفائدة، قاله الراغب.

قوله: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي} [الروم: 19] قيل: يخرج الإنسان من النطفة والنطفة من الإنسان، والبيضة من الدجاجة والدجاجة من البيضة. وقيل: يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن. قوله: {وإذا حييتم بتحية} [النساء: 86] الآية، التحية في الأصل مصدر حيًا يحيى أي دعا له بالحياة، وأصله الخير، فصار دعاء، فمعنى حياه الله: أي حصل له حياة، ثم جعلت التحية عبارة عن مطلق الدعاء وإن لم يكن لفظ الحياة. وغلبت التحية على سلام الناس عضهم على بعض. والتحيات في الصلاة من ذلك عن بعضهم كأنه قيل: التحيات الحقيقية لله تعالى وحده. وقيل: التحيات: الملك، ومنه حياه الله، أي ملكه. وقيل: معناه أبقاه الله. وإذا قيل: حياك الله، فمعناه أبقاك الله. وقيل: حياه بمعنى أحياه، وفعل وأفعل يتواردان؛ وقد قرئ {ووصى} [البقرة:132]، "وأوصى"، و {أنزل} [البقرة:22] و"نزل". وقال تعالى: {فمهل الكافرين أمهلهم} [الطارق: 17]. وقيل: التحيات هي التحية بمعنى السلام، والمعنى: السلام على الله، إلا أنه خص بهذا اللفظ دون قوله: السلام علينا وعلى عباد الله.

قوله: {ويستحيون نساءكم} [البقرة: 49] أي يستبقوهن في قيد الحياة، أي يطلبون بقاءهن لمقابلته بقوله:{يذبحون} [البقرة: 49]، وكانوا يذبحون ذكران الإسرائيليين ويبقون آباءهم خدمًا لشيء رآه فرعون وقالت به الكهنة والمنجمون.

ص: 480

والليث فسر "يستحيون": يطؤون، وجعله من يركبون حياهن وهو الفرج ليس بشيءٍ وفي الحديث:"إن الله يستحيي أن يعذب شيبة شابت في الإسلام" أي يترك، كما تقدم تقريره، وإلا، فالحياء الحقيقي غير لائقٍ بهذا المقام.

وحي هلًا وحيهلا وحيهل وحيهل بمعنى أقبل وعجل وهات. وحي وحدها، وهلا وهل وحدها، ثم ركبا وجعلا بمنزلة كلمةٍ واحدةٍ. وقد تفرد "حي"، ومنه:"حي على الصلاة" أي أقبلوا إليها. وفي الحديث: "إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر". أي فعجل بعمر، لأنه سيد الصالحين وفيه:"يسأل الرجل عن كل شيءٍ حتى حية أهله".

أي عن كل حي في منزله حتى الهرة، وإنما أنثه ذهابًا به إلى النفس، والله تعالى أعلم.

ص: 481