الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل الألف والتاء
أت ي:
الإِتْيانُ: قيل: هو المجيءُ مطلقًا، وقيل: بسهولةٍ. ومنه قيلَ للسَّيلِ المارِّ على وجهه: أَتيٌّ وأَتاوِيٌّ. وأنشدَ للنابغة: [من البسيط]
19 -
خَلَّتْ سَبيلَ أَتيٍّ كان يَبسُهُ
وقيلَ: سَيلٌ أتيٌّ جاءَ ولم يَجئْك مطرهُ. ويقالُ: أتَّيتُ الماءَ بالتشديد أي أصلحتُ مَجراهُ حتى يجريَ إِلى مقاصدهِ. وفي حديثِ ظَبْيانَ الوافدِ وقد ذكر ثمودَ وبلادَهم فقالَ: «وأتَّوا جَداولَها» أي سهَّلوا طريقَ الماءِ إليها. وقيلَ للغريبِ: أتاويٌّ، تشبيهًا بذلك، وفي الحديث:«إنَّما هو أَتيٌّ فينا» وفي حديثِ عثمانَ رضي الله تعالى عنه: «إِنّا رجلانِ أتاويّان» ويعبَّرُ به عن الإِعطاءِ، قال تعالى:{آتيناهُم مُلكًا} [النساء: 54]{وآتَينا داودَ زَبورًا} [النساء: 163]. وقُرئَ: {آتوني زُبَرَ الحَديدِ} [الكهف: 96]. بالمدّ والقصرِ، أي أعطوني أو جيئوني. الإِيتاء: خُصَّ بدفْعِ الصَّدقةِ في القرآن دونَ الإِعطاءِ. قال تعالى: {ويُؤتُون الزَّكاةَ} [الأعراف: 156]. ويقالُ: أرضٌ كثيرةُ الإِتاءِ، أي الرَّيعِ. والإتاوةُ: الخراجُ. ويُسندُ الإِتيانُ للباري تعالى، كما أُسندَ إِليه المجيءُ على معنىً يليقُ بجلالهِ، أو على حذفِ مضافٍ، كقولهِ:{أو يأتيَ أمرُ ربِّكَ} [النحل: 33] كما صرَّح به في قولهِ: أتى أمرُ اللهِ} [النحل: 1]. وكذا {فأتَى اللهُ بُنيانَهُم}
[النحل: 26]. أي بأمرِه.
وقولُه: «أتى» ، بصيغة الماضي ليخصَّ الوقوعَ، فكأنَّه قد أتى ووقعَ. وقال نِفْطويه: تقولُ: أتاكَ الأمرُ، وهو متوقَعٌ بعدُ، أي أتى أمرُ الله وعدًا فلا تستعجلوه وقوعًا. وقال ابنُ الأنباريِّ في قوله:{فأتى اللهُ بنيانَهم} : فأتى اللهُ مكرَهُم من أجلهِ، أي عادَ ضررُ المكرِ عليهم. وهل هذا مجازٌ أو حقيقةٌ؟ والمرادُ به نمرودُ وصَرْحُه خلافٌ.
ويعبَّر بالإتيانِ عنِ الهلاكِ؛ قال تعالى: {فأتاهُمُ اللهُ من حيثُ لم يُحتَسبِوا} [الحشر: 2]. ويقال: أُتِيَ فلانٌ من مَأمنهِ، أي جاءَه الهلاكُ من جهةِ أمْنه. وقولهُ:{فآتَتْ أُكُلَها} [البقرة: 265]. أي أعطتْ، والمعنى: أثمرتْ ضِعْفَيْ ما يُثمرُ غيرُها من الجنان.
وقوله: {وآتاهُم تَقْواهَم} [محمد: 17]. أي أعطاهم جزءَ اتِّقائهم. وقولُه: {إلى الهُدى ائْتِنَا} [الأنعام: 71] أي بايعْنا على ملَّتنا. وقوله: {بأتِ بصيرًا} [يوسف: 93]. أي بَعد، كقولهِ:{فارتَدَّ بَصيرًا} [يوسف: 96].
والمِيتاءُ من قولهم: طريقٌ ميتاءٌ من ذلك، فهو مِفعال من الإِتْيان. وفي الحديث:«لولا أنه طريقٌ ميتاءٌ لحزنَّا عليكَ يا إِبراهيمُ» ، أي أن الموتَ طريقٌ مسلوكٌ. وما أحسنَ هذهِ الاستعارةَ وأرشقَ هذه الإشارةَ وقال شمرٌ: ميتاءُ الطريقِ ومبدؤهُ: مَحجَّتُه. وفي الحديثِ أيضًا: «ما وجدتَ في طريقٍ ميتاءٍ فعرِّفْهُ سَنَةً» . والإِتيانُ: يقالُ للمجيءِ بالذاتِ وبالأمرِ والتدبيرِ، وفي الخيرِ والشرِّ. ومن الأولِ قولُه:[من المتقارب]
20 -
أَتَيتَ المروءةَ من بابِها
وقولُه: {يأتينَ الفاحِشةَ} [النساء: 15]. أي يتلبَّسون بها. فاستعمالُ الإتيانِ هنا كاستعمالِ المجيءِ في قولهِ: {لقد جئتِ شَيئًا فَرِيًّا} [مريم: 27]. ويُكنى بالإِتيانِ عن الوطْءِ. ومنه: أتَى امرأته. وقولُه: {أتأتُون الذُّكْرَانَ} [الشعراء: 165]{أئِنَّكُم لتأتونَ الرِّجالَ} [النمل: 55]. من ذلك، وهو من أحسنِ الكنايات.
ويقالُ: «أتَيتُه وأَتَوْتُه. ومنه يقالُ للسِّقاء إذا مُخِضَ وجاءَ زُبْدُه: قد جاءَ أَتْوُهُ.
وحقيقتُه: جاءَ ما مِن شأنِه أن يأتيَ منهُ، فهو مصدرُ معنى». قالوا:«وكلُّ موضعٍ ذُكرَ في وصفِ الكتاب «آتَينا» فهو أبلغُ من كلِّ موضعٍ ذُكير في وصفهِ «أوتوا» ، لأنَّ «أُوتوا» قد يقالُ في مَن أُوتيَ، وإِن لم يكن معَه قَبولٌ. و «آتَينا» يقالُ في مَن كانَ معَه قبول».
وقولُه: {فلنأتيَّنهُم بجنُود} [النمل: 37]: فلنجيئنَّهم. وقولُه: {كانَ وَعْدُهُ مأتيًّا} [مريم: 61] بمعنى آتٍ كَسيلٍ مُفعَمٍ بمعنى مُفعِم، وحجابًا ساترًا. والثاني أنه على بابهِ، لأنه يقالُ: أتاني الأمرُ وأتَيتُه. فهذا من قولهم: أتيتُ الأمرَ، قالَه الراغبُ. وقال الهرويُّ: يقال: أتاني خبرُه وأتيتُ خَبرَه.
وقولُه: {يؤتونَ ما آتَوْا} [المؤمنون: 60] أي يتصدَّقون بأيِّ صدقةٍ قليلةً