الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا سجد خوى" أي جافى من: خوى البعير في مبركه، وخوى الفرس ما بين يديه ورجليه. و"أخذت أبا جهلٍ خوة فلا ينطق" أي فترة. وأصلها من خوى إذا خلا بطنه فجاع فلحقته تلك الخوة. ثم استعملت في كل فترةٍ، وإن لم تكن من جوعٍ.
فصل الخاء والياء
خ ي ب:
قوله تعالى: {وخاب كل جبارٍ} [إبراهيم: 15]. الخيبة: فوت الطلب وعدم الظفر بالبغية. قوله: {فينقلبوا خائبين} [آل عمران: 127] أي لم يدركوا ما طلبوا.
خ ي ر:
قوله: {بيدك الخير} [آل عمران: 26]. الخير: ما يرغب فيه كل أحدٍ كالعقل والعدل والفضل والنفع. وقيل: الخير ضربان: ضرب مطلق، وهو أن يرغب فيه كل أحدٍ بكل حالٍ كما وصف عليه الصلاة والسلام به الجنة في قوله:"لا خير بخيرٍ بعده النار، ولا شر بشر بعده الجنة". وضرب خير مقيد، وهو أن يكون خير الواحد شرًا لآخر كالمال مثلاً؛ فإنه خير لمن عمل فيه صالحًا، وشر لمن اكتسبه من حرامٍ. كما قيل: إن الرجل يكسب مالاً فيدخل به النار، فيرثه ولده فيعمل فيه خيرًا، فيدخل الجنة. وإليه الإشارة بقوله:{ذلك يوم التغابن} [التغابن: 9]. وبهذا الاعتبار سماه الله خيرًا. قال: {وإنه لحب الخير} [العاديات: 8] أي المال. وقيل في قوله: {إن ترك خيرًا} [البقرة: 180] أي مالاً كثيرًا.
وشاور بعض موالي علي رضي الله عنه عليًا في مالٍ يوصي به فقال: "لا، إن الله قال: إن ترك خيرًا، وليس مالك بكثيرٍ". وقال بعض العلماء: "إنما سمي المال ها هنا
خيرًا لمعنى لطيفٍ وهو أن المال إنما تحسن الوصية به إذا كان مجموعًا من وجهٍ مباحٍ". وعليه قوله: {وما تنفقوا من خيرٍ} [البقرة: 272].
وقوله: {أنما نمدهم به من مالٍ وبنين نسارع لهم في الخيرات} [المؤمنون: 55 - 56]. فسمى المال خيرًا بالنسبة إلى غير الممدود لهم كما تقدم، فمن ورث مالاً وعمل فيه بخيرٍ والخير والشر أفعلا تفضيل بمعنى أخير وأشر، إلا أنه لا ينطق بهذا الأصل إلا في ضرورةٍ أو نذورٍ كقوله:"بلال خير الناسٍ وابن الأخير". وقرئ شاذًا: {سيعلمون غدًا من الكذاب الأشر} [القمر: 26].
قوله: {وأن تصوموا خير لكم} [البقرة: 184] يجوز أن يكون غير تفضيل أي خير من الخيور، وأن يكون التفضيل أي: خير من غيره. قوله: {فيهن خيرات حسان} [الرحمن: 70]. يجوز أن يكون جمع خيرٍ الذي لا تفضيل فيه أي: خيور وحسان صفتها. ثم يجوز أن يكون على بابه وأن يكون عبر به عن نساء الجنة. وجعلهم نفس الخير مبالغة فوصفهم بالحسان لذلك. وقيل: خيرات فخفف من خيراتٍ جمع خيرة، نحو هين في هين. يقال: رجل خير وامرأة خيرة أي .... والخير والخيرة: من اختص بصفة الخير.
قوله: {حب الخير عن ذكر ربي} [ص: 32] أي حب الخيل، وكان عرض عليه خيل فلم يصل العصر حتى غابت الشمس فأمر بضرب عراقيبها وأعناقها بالسيوف غضبًا لله تعالى. وكان هذا إذ ذاك مباحًا. والعرب تسمي الخيل الخير. وكان زيد الخيل
فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير. وقال: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة".
قوله: {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير} [فصلت: 49]. قيل: المال. قوله: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن} [التحريم: 5]. قال ابن عرفة: لم يكن في زمانهن خيرًا منهن. وقيل: معناه إذا أغضبن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان غيرهن خيرًا منهن، بل والعياذ بالله يكن شر الناس أجمعين.
قوله: {نأت بخير منها} [البقرة: 106] بمعنى إما بتخفيف ما كان ثقيلاً كثبات الواحد للإثنين بعد أن كان الثبات لعشرةٍ. وإما بكثرة ثوابه وإن كان أثقل، كصوم رمضان. وقد كان ثلاثة من كل شهرٍ أو يوم عاشوراء.
قوله: {أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب: 36] أي الاختيار. قوله: {فإن خير الزاد التقوى} [البقرة: 197] هذا بمعنى التفضيل كقوله: زيد أفضل الناس. ويجوز أن يكون الخير من بين جنس الزاد. قوله: {ولقد اخترناهم على علمٍ} [الدخان: 32]. الاختيار: الاصطفاء. يقال: اخترت هذا، ويجوز أن يكون ذلك إشارة إلى اتخاذه إياهم خيرًا، وأن يكون إشارةً إلى اختيارهم على غيرهم، واصطفائهم من بينهم كما تقدم وهو الأظهر. والاختيار في عرف الفقهاء والمتكلمين هو ضد الإكراه. والمختار هو ضد المكروه. والمختار مشترك بين الفاعل والمفعول فيقال: زيد مختار لغيره، أي اختار غيره، أو هو اختيار غيره. وقيل: المختار في عرف المتكلمين يقال لكل فعلٍ يفعله الإنسان لا على سبيل الإكراه. فقولهم: هو مختار لكذا. يريدون به مايراد بقولهم: فلان له اختيار؛ فإن الاختيار أخذ ما يراه الخير.
والخير يقابل بالشر تارةً، وهو الغالب، وبالضر أخرى. قال تعالى:{وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخيرٍ} [الأنعام: 17]. فالخير هنا: العافية والنفع بالصحة لاستعمال بدنه في عبادة ربه التي هي أم الخيور كلها. والاستخارة من العبد لربه: طلب ما عنده من الخير. وقوله: استخار الله مجازًا له من ذلك، أي ما ولاه خير ما سأله.
والخيرة: الهيئة التي تحصل للمستخير والمختار، نحو القعدة والجلسة للقاعد والجالس. والاختيار: طلب ما هو خير فعله. وقد يقال لما يراه الإنسان خيرًا وإن لم يكن خيرًا. وخايرت فلانًا في كذا فخرته.
وقوله: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا} [النور: 33] أي قوةً واكتسابًا للمال وحسن دينٍ. وقيل: إن علمتم أن ذلك يعود عليكم وعليهم بجريان القدر وأحلى النجوم، ويحصل فك رقابهم، فيحصل لكم ثواب العتق، لأن الكتابة مستحبة لأمينٍ قوي على الكسب، لأنه ربما يكاتب عاجزًا، فإذا عتق ضاع لعجزه عن نفقته على نفسه، ولأنه إذا كاتبه وهو غير كسوبٍ ربما يوهب له مال فيؤديه في كتابته فيعتق، فيصير ضائعًا، فهذا لا تستحب كتابته بل تكره.
وخيار الشيء جيده. وفي الحديث: "وأعطه جملاً خيارًا رباعيًا" ويستوي فيه المذكر والمؤنث؛ يقال: جمل خيار وناقة خيار. وتخاير الرجلان إذا طلب كل منهما أن يغلب الآخر في خير ما فعلاه. وتخاير صبيان إلى الحسن بن علي في خط كتباه فقال له: "احذر يابني؛ فإن الله سائلك عن هذا" وهذا شأن مثل أمير المؤمنين في هذا القدر فكيف في غيره؟ ولا غرو من باب مدينة العلم أن يصدر عنه مثل هذا التأديب.
خ ي ط:
قوله تعالى: {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} [البقرة: 187] الخيط الأبيض: المراد به بياض النهار، والخيط الأسود: المراد به سواد الليل. وهذا من أبلغ
الاستعارات حيث شبه ضوء النهار وظلام الليل لامتدادهما بخطين ممتدين هذه صفتهما. وقيل: بل فهموا أولاً حقيقة الخيطين. فكانوا يأكلون ويشربون في الليل، ويجعلون عندهم خيطين أسود وأبيض، إلى أن يبان هذا من هذا. وعن عدي بن حاتمٍ:"عمدت إلى عقالين أسود وأبيض". ولما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "إنك لعريض الوساد"، يعني بذلك بعد فهمه لهذه الاستعارة. وما أحسن هذه الكناية منه عليه الصلاة والسلام عن عبارته، حيث عرض وساده. وأين هذا من قولهم في مثله:"عريض القفا"؟ قال الشاعر: [من الطويل].
483 -
عريض القفا ميزانه في شماله
…
قد انحص من حسب القراريط شاربه
ويقال: إنه لم يزل الأمر كذلك حتى نزل قوله: {من الفجر} . ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال لعدي ما قال قال له: "إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل".
ويجمع خيط على خيوطٍ. وقوله: {حتى يلج الجمل في سم الخياط} [الأعراف: 40] هو الإبرة. يقال: خياط ومخيط نحو: إزار ومئزر، وخلاب ومخلب.
والخياط أيضًا: الخيط نفسه. وفي الحديث: "أدوا الخياط والمخيط"، أي الخيط والإبرة، وهذا من أمثلتهم في الأشياء المستبعدة، والمتعذرة، نحو: لا أفعال كذا حتى يبيض القار، ويشيب الغراب. وإلا فمعلوم أن الجمل لا يتصور ولوجه في خرم الإبر. وقد تقدم أن ابن عباسٍ كان يقول: إنه القلس وهو الحبل الغليظ في مادة ج م ل.
والخيط من النعام: جماعتها تشبيهًا بالخيط، والجمع خيطان. ونعامة خيطاء: ممتدة العنق كأنه خيط. وخاط الشيء يخيطه، وخيطه تخبيطًا. وخيط الشيب في رأسه: بدا كالخيط.
خ ي ل:
قوله تعالى: {والخيل} [النحل: 8]، اسم جمعٍ واحده فرس. وفرسٌ يقع للذكر والأنثى. فالذكر حصان والأنثى رملة وحجر. وهو نظير الناس؛ فإنه اسم جمع ومفرده إنسان، وإنسان يقع للذكر والأنثى. ونظير الإبل؛ فإنه اسم جمعٍ واحده بعير، وبعير عند الجمهور يقع للناقة والجمل. وقيل: الخيل في الأصل اسم للأفراس والفرسان جميعًا. قال تعالى: {ومن رباط الخيل} [الأنفال: 60]. ويستعمل في كل واحدٍ منهما منفردًا نحو: "ياخيل الله اركبي". فهذا للفرسان. وقوله عليه السلام: "عفوت لكم عن صدقة الخيل" بمعنى الأفراس. قلت: أما يا خيل الله اركبي فهو من اختصار الكلام، وذلك على حذف مضافٍ تقديره: ياركاب خيل الله. ونظره الهروي بقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يفضض الله فاك" أي لا يسقط أسنانك. فعبر عنها بالفم اختصارًا.
وأصل الخيل من لفظ الخيلاء، وهي التكبر والعجب لما قيل: إنه لا يركب أحد
الخيل إلا حصل له في نفسه خيلاء ونخوة. قال هذا القائل والخيل في الأصل اسم للأفراس والفرسان جميعًا. وفي الحقيقة فالخيلاء إنما حصلت للراكب، ولكن المركوب سبب فيها، فلذلك سمي بها.
قوله: {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} [الإسراء: 64]. قيل: هذا استعارة وتخييل لغلبة وسوسته للناس وكثرة طواعيتهم له فيما يأمرهم به، فهو بمنزلة رجلٍ أجلب على قومٍ فقهرهم وأسرهم. وقيل: كل خيلٍ تسعى في معصية الله، وكل ماشٍ في معصية الله فهو من خيله ورجله.
وأصل الخيال: الصورة المجردة كالصورة المتصورة في المنام، أو في المرآة أو في القلب بعيد غيبوبة المرئي. ثم تستعمل في صورة كل متصورٍ في كل شخصٍ دقيقٍ يجري مجرى الخيال. والتخييل: تصور خيال الشيء في النفس. والتخيل: تصور ذلك. وخلت بمعنى ظننت، يقال اعتبارًا بتصور خيال المظنون.
ويقال: خيلت السماء: أبدت خيالاً للمطر. وفلان مخيل بكذا أي حقيق. وحقيقته أنه مظهر خيال ذلك. والخيلاء: التكبر من تخيل فضيلةٍ يراها الإنسان من نفسه. ومنه اشتق لفظ الخيل لما يحصل لراكبها من الخيلاء على ما مر شرحه.
والمخيلة: المظنة، ونحو: كان في مخيلتي كذا أي ظني. والمخيلة: السحابة الخليقة بالمطر كما تقدم. وتقدم في مادة خ ول أن الخيلاء من تلك المادة، وتقدم فيها أن في الحديث:"إنا لا نخول عليك" أي لا نتكبر. فيجوز أن يكون في هذه اللفظة لغتان، ولذلك ذكرنا ذلك في البابين.
والأخيل: الشقراق لكونه متلونًا، فيخال في كل وقتٍ أنه غير اللون الأول. ولهذا قيل:[من مجزوء الكامل].
484 -
كأبي براقش كل لو
…
نٍ لونه يتخيل
وقيل: الأخيل: طائر ذو نقط فيه خيلان جمع خالٍ، وهو الشامة التي تكون في الجسد. قال الشاعر:[من الطويل]
485 -
فما طائري فيها عليك بأخيلا
فمنعه من الصرف للوزن وتوهم الصفة لما ذكرنا. والصحيح في القياس الفصيح في الاستعمال أن يكون مصروفًا. وفي الحديث: "نستخيل الرهام" أي إذا نظرت إليها خلتها ماطرة: قوله تعالى: {يخيل إليه} [طه: 66] يشبه. وكل مالا أصل له فهو تخييل وتخايل.
خ ي م:
قوله تعالى: {حور مقصورات في الخيام} [الرحمن: 72]؛ الخيام جمع خيمة. ويقال: إن الخيمة أصلها ما كان من شجرٍ. وفي المتعارف ما كان من دغلٍ. ويقال: البيت أعمها؛ فإن كان من وبرٍ أو صوفٍ فهو خباء، وإن كان من شجرٍ فهو خيمة، وإن كان من صوفٍ فهو مظلة، وإن كان من أدمٍ فهو طراف وقبة.
وفي التفسير إن هذه الخيام من لؤلؤٍ مجوفٍ. وتجمع على خيامٍ وهو الكثير، وعلى خيم. فقيل: هو مقصور من خيامٍ نحو: مخيط ومقول قصرًا من مقوال ومخياط. وقد تصور من لفظ الخيمة الإقامة فقيل: خيم فلان عندنا أي أقام. وأصله أن يضرب خيمته للإقامة. ثم جعلت كل إقامة تخييمًا وإن لم يكن خيمة. ومن أحسن ما قيل في
ذلك قول أبي بكر الخوارزمي: [من الطويل]
486 -
أراك إذا أيسرت خيمت عندنا
…
مقيمًا، وإن أعسرت زرت لماما
فما أنت إلا البدر إن قل ضوؤه
…
أغب، وإن زاد الضياء أقاما
وفي الحديث: "من أحب أن يستخيم له الرجال" قال ابن قتيبة: هو من خام يخيم وخيم فهو مخيم: إذا أقام بالمكان. قال: ومعنى الحديث: من أحب أن يقوم له الرجال على رأسه كما يقام بين يدي الملوك والأمراء.