الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والذم أنه كلما عن له رأي عرض له آخر، فلا يزال يوثق منه بشيءٍ. ويقال: أعلمني بداءات عوارضك، جمع بدأةٍ، أي ما يبدو من حاجتك فيثنيك؛ فعلة، والثانية فعالة، فجمعا بالألف والتاء. وفي الحديث:"أنه أراد البداوة" أي الخروج إلى البادية. يروى البداوة بكسر الباء وفتحها. وفيه: "من بدا جفا" أي من نزل البادية حصل فيه جفاء الأعراب.
فصل الباء والذال
ب ذ ر:
التبذير: التفريق. ومنه بذرت الحب في الأرض أي فرقته فيها. وأصله من إلقاء البذر في الأرض وطرحه فيها. فاستعير لكل مضيعٍ ماله، لأن التبذير في الأرض بالنسبة إلى ظاهر الصورة تضييع للبذر لولا ما ترجاه الباذر.
والتبذير في العرف: السفه، قال تعالى:} ولا تبذر تبذيرًا {[الإسراء: 26]} إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين {[الإسراء: 27]. النهي في الحقيقة لأمته، وإنما خاطبه لأنه هو سيد خلقه. وبذرت الكلام من الناس أي نقلت ما سمعته من بعضهم إلى بعضٍ. وعن علي:"ليسوا بالمذاييع ولا البذر" هما بمعنى واحدٍ، وهم الذين يفشون السر. والبذر جمع بذورٍ، نحو صبرٍ وصبور.
فصل الباء والراء
ب ر أ:
البرء والتبري: الانفصال من الشيء المكروه مجاورته، والتغضي منه. يقال: برأت من المرض وبرئت منه وأبرأت منك وتبرأت وأبرأته وبرأته. ورجل بريء ورجال براء على فعالٍ وفعيلٍ كظرافٍ وظريفٍ.
وقوله: {إنني براء} [الزخرف: 26] أي بريء. ويستوي فيه الواحد والجمع، فيقال: قوم برء وبراء مثلنا. وقوله:} الخالق البارئ المصور {[الحشر: 24]. فالخالق هو القادر الموجد من العدم، والبارئ خص بوصف الله تعالى، فإنه أخص من الخالق، لأنه خلق بترتيب مسو، ثم التصوير بعد ذلك. فلذلك جاءت عدة الصفات متتاليًة على أبدع سباق. وقوله:} فتوبوا إلى بارئكم {[البقرة: 54] تنبه على أخص الصفتين، فلذلك قال: بارئكم دون خالقكم، لأنه أبعث لهم على التوبة.
و} براءة من الله ورسوله {[التوبة: 1] مصدره براءة منه، والمعنى نبذ العهد إلى المشركين والانفصال.
والبرية: الخلق، قرئت مهموزًة ومخففًة، فقيل: المخففة أصلها الهمز. ونص الهروي أن العرب يقولون: الهمز في خمسة أحرفٍ: البرية من برأ الله الخلق، والخابية من خبأت الشيء، والذرية من ذرأ الله الخلق، والنبوة من الإنباء، والروية من روأت. وقيل: من بزيت العود. وقيل: من البري وهو التراب ويرشحه:} خلقكم من ترابٍ {[الروم: 20].
ب ر ج:
قال تعالى:} ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى {[الأحزاب: 33].
التبرج: التفعل من البرج وهو الظهور. ومنه بروج السماء وبروج الحصن لظهورها.
نهين أن يتظاهرن كتظاهر نساء الجاهلية بل أمرن بالتحفظ.
والبروج أيضًا: القصور، وبه شبهت بروج السماء لمنازل الكواكب. وقوله تعالى:} ولو كنتم في بروجٍ مشيدةٍ {[النساء: 78]. والمشيدة: المثبتة بالشد. وقيل: المرتفعة. ويكون هذا في معنى قول الشاعر: [من الطويل]
144 -
ولو كنت في غمدان يحرس بابه
…
أراجيل أحبوشٍ وأسود آلف
إذًا لأتتني حيث كنت منيتي
…
يحث بها هادٍ لإثري قائف
وقيل: يجوز أن يردا: ولو كنتم في بروج السماء، وهو أبلغ، والمشيدة حينئذٍ: المرتفعة ليس إلاً، والمثبتة بالشد استعارًة، ويكون في معنى قول زهيرٍ:[من الطويل]
145 -
ومن خاف أسباب المنايا ينلنه
…
ولو نال أسباب السماء بسلم
وقال ابن عرفة: البرج: البناء العالي. وأنشد للأخطل: [من البسيط]
146 -
كأنها برج رومي يشيده
…
لز بجص وآجر وأحجارٍ
وقيل: بروج السماء: كواكبها العظام. وثوب مبرج: عليه صورة البروج، كثوبٍ مرجلٍ فيه صورة الرجال. ومنه اعتبر معنى التحسين، فقيل: تبرجت المرأة أي تحسنت. وقيل: ظهرت من برجها، ويرشحه:} وقرن في بيوتكن ولا تبرجن {[الأحزاب: 33]. البرج: سعة العين. قاله الراغب، وقال الهروي: تباعد ما بين الحاجبين وظهوره. قلت: ما ذكراه يحتمل: فإن كلاً منهما يمدح به، ألا ترى أن العين توصف بالنجلاء وهي المتسعة، ويوصف المرأة بالبلج وهو تباعد ما بين حاجبيها؟ وقول ذي الرمة:[من البسيط]
147 -
بيضاء في برجٍ صفراء في غنجٍ
…
كأنها فضة قد مسها ذهب
يحتمل ما قالاه.
ب ر ح:
البراح: المكان المتسع الظاهر الذي لا بناء به ولا شجر، ومنه براح الدار، واعتبر فيه الظهور فقيل: فعل ذلك براحًا أي ظاهرًا غير خفي. وبرح الخفاء: يظهر كأنه صار في مكانٍ براحٍ يراه الناس. وبرح: ذهب في البراح، ومنه البارح للريح الشديدة.
والبارح من الظباء والطير أيضًا، ولكن البارح يتشاءم به لأنه ينحرف عن الرامي إلى جهة لا يمكن فيها الرمي، ويجمع على بوارح. والسائح: يتيمن به لأنه يقبل من جهةٍ يمكن الرامي فيها الرمي.
وبرح: يثبت فيه البراح أيضًا، ومنه:} لا أبرح {[الكهف: 60] قال الراغب: وخص بالإثبات كقولهم: لا أزال، لأن برح وزال اقتضيا معنى النفي، ولا للنفي، والنفيان يحصل من مجموعهما إثبات، وعلى ذلك قوله تعالى:} لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين {[الكهف: 60]. قلت: برح وأخواتها وهي: زال، وفتئ، وانفك لازمها النفي وشبهه، وقد تحذف كقوله:} تفتأ تذكر يوسف {[يوسف: 85]، وهو منفي في اللفظ مثبت في المعنى، لأن معناه أداوم على كذا. ولذلك لم يدخل الإيجاب بإلا في خبرها. وما ورد غيره مؤول كقوله.
ولكن ما ذكره من حصول الإثبات بالطريق المذكور ينتقض بفتئ وانفك. فالطريق فيه ما قدمته من المعنى. ولما تصور من البارح التشاؤم اشتقوا منه التبريح وهو الشدة،
وجمعه التباريح.
وبرح به، وضرب مبرح، وجاء بالبرح. وقيل: برحى للرامي المخطئ دعاء عليه، ومرحى دعاء له. ولقيت منه البرحاء والبحرين أي الشدائد. وبرحاء الحمى: شدتها.
[من المتقارب]
148 -
وأبرحت ربًا وأبرحت جارًا
والبارحة: الليلة الماضية كذا أطلقه الراغب، والصواب أنه لا يقال لليلة الماضية: بارحة، إلا بعد الزوال، وإلا فهي الليلة. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:"من رأى منكم الليلة رؤيا" وذلك بعد مضي الليلة. قال: [من السريع]
ما أشبه الليلة بالبارحة
وفي الحديث: "نهي عن التوليه والتبريح قتلة السوء"، يقال إنه جاء في إلقاء السمك حيًا في النار، أي شق عليه. وقوله تعالى:} فلن أبرح الأرض {[يوسف: 80] أي: لا أفارقها. وقوله:} لن نبرح عليه عاكفين {[طه: 91]، أي لا نزال، وقوله:} لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين {أي لا أزال سائرًا، قال الأزهري: هو مثل قوله:} لن نبرح عليه عاكفين {، هو بمعنى لا نزال، ولا يجوز أن يكونا بمعنى لا أزال. ولم يرد بقوله:} لا أبرح {لا أفارق مكاني، وإنما هذا بمعنى قوله:} فلن أبرح الأرض {. هذا إقامة وذاك ذهاب. وقال غيره: لا أبرح: لا أفارق سيري. ليس قوله:} لا أبرح حتى أبلغ {مثل قوله:} فلن أبرح الأرض {لأن الثاني يدل على إقامته بالأرض. والأول يدل على الانتقال، لأنها إن كانت تامًة فمعناها: لا أفارق البراح، وإن كانت ناقصة فالجزء مقدر أي لا أبرح سائرًا. ثم إنه ينافيه قوله: هذا إقامة وذاك ذهاب.
ب ر د:
البرد: ضد الحر، والبرودة: ضد الحرارة. فتارًة يعتبر ذاته فيقال: برد كذا: اكتسب بردًا. وبرد الماء كذا: أكسبه بردًا. وبرد كذا: ثبت. واختصاص الثبوت بالبرد كاختصاص الحركة بالحر. برد كذا: أي ثبت، لم يبرد بيدي شيء أي لم يثبت.
وبرد فلان: مات، وبرده: قتله، وذلك إما لأنه تذهب حرارته أو لأنه تذهب حركته، ومنه قيل للسيوف: البوارد. ومن ذلك سمي النوم بردًا اعتبارًا ببرد جلده الظاهر، وإما بذهاب حركته، فإن النوم موت. قال:[من الطويل]
149 -
فإن شئت حرمت النساء سواكم
…
وإن شئت لم أطعم نقاخًا ولا بردًا
النقاخ: الماء، والبرد: النوم. وعليه حمل قوله:} لا يذوقون فيها بردًا ولا شرابًا {[النبأ: 24].
وقيل: البرد: الراحة نظرًا إلى ما يجده الإنسان من لذاذة البرد في الحر. وعيش بارد أي طيب من ذلك. والأبردان: الغداة والعشي لكونهما أبرد أوقات النهار. والبرد: ما يتصلب من ماء المطر لما يصيبه من البرد، يقال: سحاب أبرد وبرد: ذو بردٍ. وقوله تعالى:} وينزل من السماء من جبالٍ فيها من بردٍ {[النور: 43]. قال ثعلب: فيه قولان أحدهما وينزل من السماء أمثال الجبال من البرد. وقيل: سمي بردًا لأنه يبرد وجه الأرض أي يفسدها. وأبردت السحابة: جاءت ببردٍ. وفي الحديث: "أصل كل داءٍ البردة"، قال الهروي: يعني الطعام والتخمة والثقل على المعدة، سميت بردًة لأنها تبرد
المعدة فلا تستمرئ الطعام.
وقال الراغب: إن التخمة سميت بذلك لأنها عارضة من البرودة الطبيعية التي تعجز عن الهضم. والبرود يقال للشيء الذي يبرد به، فيكون بمعنى فاعلٍ، ومنه: ماء برود، وللشيء الذي يبرد فيكون بمعنى مفعولٍ، ومنه: ثغر برود، وكحل برود. وبردت الحديد: سحلته تشبيهًا بـ"بردته" أي قتلته. والبرادة: ما يسقط. والمبرد: الآلة التي يبرد بها.
والبرد في الطريق: هم الذين يلزم كل واحد منهم موضعًا منه معلومًا. ثم قيل لكل سريعٍ: بريد، ومنه بريدا الطائر لجناحية تشبيهًا بذلك.
وقوله:} كوني بردًا وسلامًا {[الأنبياء: 69] أي ذات بردٍ ضد حرارتها، وذات سلامةٍ لأنه ربما يتأذى بالبرد. وفي التفسير: لو لم يقل:} وسلامًا {لهلك ببردها. وفي الحديث: "إذا أبردتم إلى بريدًا" أي أرسلتم إلي رسولاً. ويقال: الحمى بريد الموت. وقال الشاعر: [من الرجز]
150 -
رأيت للموت بريدًا مبردا
وفيه: "لا أحبس البرد" و"لما لقيه بريدة صلى الله عليه وسلم قال له: من أنت؟ قال: بريدة. قال: برد أمرنا" أي سهل، وقيل: ثبت.
ب ر ر:
البر: خلاف البحر، ولتصور التوسع فيه أطلق على التوسع في الجنة فقيل: البر
وهو ضد الجور. قال تعالى:} إنه هو البر الرحيم {[الطور: 28]. ومنه بر الوالدين وهو الإتساع في إكرامهما وطاعتهما. وقوله تعالى:} ولكن البر من اتقى {[البقرة: 189] في الآية تنبيه على أن هذه هي أفعال البر قولاً وعملاً واعتقادًا.
وقولهم: بر في يمينه، أي صدقها في ما يحلف بها عليه. وقولهم في إجابة المؤذن عند التئويب:"صدقت وبررت" أي فعلت البر. يقال: بررت بالكسر يبر بالفتح. وقوله:} وبرًا بوالديه {[مريم: 14]} وبرًا بوالدتي {[مريم: 32] مما تقدم. وحج مبرور أي مقبول كأنك بررته أي أطعته. فمن ثم قيل: ويقال: رجل بار وبر، فقيل بوصفه على حدة، وقيل: مقصور من بارٌ، والجمع أبرار. قال تعالى:} إن الأبرار {[الإنسان: 5]} إن كتاب الأبرار {[المطففين: 18]. فالأبرار يجوز أن يكون جمعًا لبار نحو: صاحب وأصحاب، أو لبر نحو رب وأرباب. قال الراغب: وجمع البار أبرار وبررة. وقال تعالى في وصف الملائكة:} كرامٍ بررةٍ {[عبس: 16]. فـ"بررة" خص بها الملائكة في القرآن من حيث إنه أبلغ من "أبرار" فإنه جمع بر، وهو أبلغ من "بارٍ"، كما أن عدلاً أبلغ من عادلٍ. قلت: هذا بناء منه على أن "برًا" مصدر في الأصل وهو مسموع بل وصف بزنة فعلٍ كصعبٍ وضخمٍ وثم.
والبر: الحنطة لكونه أوسع الأطعمة.
والبرير: ثم الأراك تشبيهًا بالبر في الأكل. والبربرة: حكاية لصوت كثرة الكلام.
وقولهم: "لا يعرف الهر من البر" من ذلك. وفي الحديث: "لهم تغذ مر وبربرة"، التغذمر: التكلم بكلامٍ فيه كثرة، والبربرة: حكاية الصوت. وقيل: هو البر المعروف. وأبر
على صاحبه: زاد عليه في ذلك. وأبررت: صرت ذا برٍ في يميني.
وقوله:} لن تنالوا البر {[آل عمران: 92] قال الهروي: هو الجنة. قلت: هذا مما فسر فيه الشيء بغايته أو بما تسبب عنه، فإن الجنة غاية البر ومتسببة عنه، كما قررت عليه أول هذا الموضوع.
وقوله:} أتأمرون الناس بالبر {[البقرة: 44] يريد بسعة الإحسان وكثرة العبادة. ومنه: البرية، عند قومٍ لاتساعها.
ب ر ز:
البروز: الكشف والظهور، ومنه البراز: الأرض المكشوفة الفضاء.
وبرز: حصل في البراز: والمبارزة في الحرب أن يبرز للغريم لأنه يظهر نفسه ويبرز بها من الصف. وقد يكون البروز بالذات نحو:} وترى الأرض بارزًة {[الكهف: 47]، ومنه:} وبرزوا لله الواحد القهار {[إبراهيم: 48]. وفيه تنبيه أنهم لم يخف منهم عليه شيء، وإن الأرض ليس عليها بناء ولا جبل ولا ساتر، بل هي فضاء مكشوفة.
وبرز فلان: كناية عن التغوط. وعدل مبرز العدالة أي مظهرها لما يتعاطاها من صفاتها الظاهرة. وامرأة برزة: إذا كانت تبرز، ويقال: هي العفيفة لأن العفة رفعتها، لا أن اللفظة اقتضت ذلك، قاله الراغب.
وفي حديث أم معبدٍ: "كانت امرأًة برزًة تحتبي بفناء القبة". قال الهرومي: البرزة الكهلة التي لا تحتجب احتجاب الشواب، وهي مع ذلك عفيفة. ورجل برز إذا كان منكشف الحال. قال العجاج:[من الرجز]
151 -
برز وذو العفافة البزي
وذهب إبريز: خالص ظاهر الجودة. وفي الحديث: "ومنه ما يخرج كالذهب
الإبريز" يقال: إبريز وإبريزي
ب ر ز خ:
والبرزخ: هو الحاجز بين الشيئين. قال تعالى:} بينهما برزخ {[الرحمن: 20] أي بينهما فاصل وحاجز، فلا يبغي هذا على كل حاجز بين شيئين فهو مومق وبرزخ، فهما في رأي العين مختلطان، وفي قدرته منفصلان. فهذا معنى قوله:} مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ {[الرحمن: 19 - 20]
وقوله:} ومن ورائهم برزخ {[المؤمنون: 100] أي حاجز بين الدنيا والأخرى، وهو مدة لبثهم في القبور. فقيل: هو البرزخ إلى يوم القيامة، "وهو الحائل بين الناس وبين [بلوغ] المنازل الرفيعة في الآخرة، وذلك إشارة إلى قوله:} فلا اقتحم العقبة {وبتلك العقبة موانع لا يصل إليها إلا الصالحون". وقد فسرها تعالى بقوله:} فك رقبةٍ {فسمى هذه الأشياء عقبًة لمشقتها على الأنفس.
وأصل برزخ: برزه فعربته العرب، نص عليه الراغب. وفي حديث علي أنه "صلى بقومٍ فأسوى برزخًا"، قال أبو عبيدٍ: أسوى: أسقط، والمراد بالبرزخ: الذي أسقطه من ذلك الموضع إلى الموضع الذي انتهى إليه من القرآن.
ب ر ص:
البرص؛ داء معروف عسر الزوال أو ممتنعه، ولذلك جعل زواله معجزًة لعيسى عليه السلام في قوله تعالى:} وأبرئ الأكمه والأبرص {[آل عمران: 49]. وقيل للقمر أبرص لتلك النكتة المشار إليها في قوله: [من الطويل]
152 -
وذي شامةٍ سوداء في آخر الوجه
…
مجللةٍ لا تنقضي لزمان
والبريض: اللمعان، وبه شبه البرص. وسام أبرص: دويبة معروفة، وقد سميت بذلك لبريص لونها. ومقلوبه: البصرة، وهي الحجارة التي فيها بصيص.
والبرص: أبغض شيءٍ، ولذلك سموا جذيمة الأبرش، وإنما هو الأبرص، إلا أن العرب هابته وكرهوا التلفظ به فغيرته.
ب ر ق:
البرق: لمعان يشبه النار. واختلف فيه، فقيل: هو لمعان السحاب، وقيل: شرر يخرج من اصطكاك الأجرام. وقيل: هو سوطٌ يزجر به الملك السحاب، كما يزجر الإبل سائقها وقد استوفينا فيه القول في التفسير.
ويقال: برق الشيء وأبرق أي لمع، ومنه البوارق: السيوف. وفي حديثٍ: "الجنة تحت البارقة" أي السيف يعني الجهاد. وأبرق بسيفه أي ألمع به.
وقوله:} فإذا برق البصر {[القيامة: 7] تقرأ بفتح الراء وكسرها أي حار من الفزع والدهش. ومنه ما كتب به عمرو إلى عمر: "إن البحر خلق عظيم يركبه خلق ضعيف، دود على عودٍ بين غرقٍ وبرقٍ" البرق: الدهش والفزع، ومنه حديث ابن
عباسٍ: "لكل داخلٍ برقة" أي دهشة.
وقوله:} يريكم البرق خوفًا وطمعًا {[الرعد: 12] أي خوفًا للمسافر وطمعًا للمقيم. وتصور من البرق تارًة اختلاف اللون، فقيل: البرقة: الأرض مختلفة ألوان الحجارة، ومنه قول طرفة:[من الطويل]
153 -
لخولة أطلال ببرقة ثهمد
…
ظللت بها أبكي وأبكي إلى الغد
والأبرق: المكان ذو البرقة. وقال الهروي: يقال للمكان الذي خلط ترابه حصى: أبرق وبرقة. قلت: ولذلك قيل للشاة التي في خلال لونها الأبيض طاقات سود برقاء، وفي الحديث:"أبرقوا فإن دم عفراء أزكى عند الله من دم سوداوين" أي ضحوا بالبرقاء. والأبرق أيضًا: جبل فيه سواد وبياض. وسميت العين برقاء لذلك، وناقة بروق منه لأنها تلمع بذنبها.
ومن ذلك: برق طعامه أي جعل فيه شيء من زيتٍ أو سمنٍ يلمع به. وقيل ذلك في قوله عليه الصلاة والسلام: "أبرقوا" أي اطلبوا الدسم والسمن الذي يبرق به الطعام، وتصور به من البرق ما يظهر من تخويفه، فقيل: أبرق فلان وأرعد إذا تهدد، قال الشاعر .. والبروق: شجر يخضر لمجرد رؤية السحاب، وفي المثل:"أشكر من بروقةٍ".
والبراق: دابة يركبها الأنبياء عليهم السلام وقد ركبها النبي صلى الله عليه وسلم، كأنه سمي بذلك لسرعته كسرعة البرق. وفي الحديث:"يضع حافره حيث ينتهي بصره".
والإبريق: معروف وهو ما له عروة بخلاف الكوب فإنه لا عروة له، وسمي بذلك لبريقه. وفي حديث صفية:"كأن عنقه إبريق فضةٍ" وجمعه أباريق، قال تعالى:} وأباريق وكأسٍ {[الواقعة: 18]. وقال الشاعر: [من البسيط]
154 -
أفنى تلادي وما جمعت من نسبٍ
…
قرع القواقيز أفواه الأباريق
والإبريق: إفعيل، والأباريق: أفاعيل: وبرق نجدةٍ: علم لشخصٍ بعينه، وأصله جملة فعلية .. وشاب قرناها وتأبط شرًا.
ب ر ك:
البركة: كثرة الخير وتزايده. وقيل: إقامة الخير، من برك البعير إذا برك في مكانه وثبت في مبركه. ومنه: بركة الماء لثبوت الماء فيها، وخصت البركة بثبوت الخير الإلهي والفيض الرباني. وأصل ذلك كله من برك البعير وهو صدره وتصور منه اللزوم فقيل: ابتركوا في الحرب، وبراكاء الحرب وبراكاؤها لموضعها الذي يلزمه الأبطال.
وابتركت الدابة: وقفت لتبرك، وقوله تعالى:} لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض {[الأعراف: 96] فبركات السماء: مطرها، وبركات الأرض: نباتها. والمبارك: اسم مفعولٍ من ذلك وهو ما فيه البركة. قال تعالى:} وهذا ذكر مبارك أنزلناه {[الأنبياء: 50]} في ليلة مباركةٍ {[الدخان: 3] ذلك لما فيه من أصول الخيرات الثابتة الدنيوية والدينية، وكل ما لا يتحقق فيه زيادة فيحصل في متعلقاته إذا فسرناها بالزيادة. فقولنا تبارك وتعالى أي تزايد خيره على خلقه، و} في ليلةٍ مباركةٍ {أي كثر خيرها لأنها مد في زمانها. قال الأزهري: تبارك أي تعالى وتعاظم. ابن عرفة: هو تفاعل من البركة وهو الكثرة والاتساع. قلت: يريد ما ذكرته، ولا يقال ذلك إلا لله تعالى، فلا يقال: تبارك
فلان، نص عليه أهل العلم.
قال الراغب: وكل موضعٍ ذكر فيه لفظة "تبارك" فهو تنبيه على اختصاصه بالخيرات المذكورة مع ذكر تبارك وقوله:} وهذا ذكر مبارك {تنبيه على ما يقتضيه من الخيرات الإلهيه. وقوله:} ونزلنا من السماء ماء مباركًا {[ق: 9] إشارة إلى قوله:} فسلكه ينابيع في الأرض {[الزمر: 21] وقوله:} أنزلني منزلاً مباركًا {[المؤمنون: 29]. أي مكانًا يوجد فيه "الخير الإلهي يصدر من حيث لا يحس وعلى وجهٍ لا يحصى ولا يحصر. قيل: كل ما شاهد منه زيادة غير محسوسةٍ، قيل لتلك الزيادة بركة ولما هي فيه مبارك. وإلى هذا أشار عليه الصلاة والسلام: "ما ينقص مال من صدقةٍ" لا إلى النقصان المحسوس كما أشار إليه بعض الزنادقة، وقد قيل له ذلك فقال: بيني وبينك الميزان".
وقوله تعالى:} تبارك الذي جعل في السماء بروجًا {[الفرقان: 61] إشارة إلى ما يفيضه علينا من نعمه المتكاثرة قال الراغب: بواسطة هذه النجوم والنيرات. وقوله تعالى:} بورك من في النار بمن حولها {[النمل: 8]، يقال: بورك الشيء وبورك فيه.
ب ر م:
قوله تعالى:} أم أبرموا أمرًا {[الزخرف: 79]. إبرام الأمر: إحكامه، وأصله من أبرمت الحبل أي فتلته فتلاً محكمًا فهو مبروم وبريم، أبرمته فبرم. قال زهير:[من الطويل]
155 -
لعمري لنعم السيدان وجدتما
…
على كل حالٍ من سحيلٍ ومبرم
ومنه قيل لمن لا يدخل معهم في الميسر: برم. كما سموا البخيل مغلول اليد.
ورجلٍ مبرم أي ملح شديد تشبيهًا لمن برم الحبل. وكل ذي لونين من سوادٍ وبياضٍ: بريم تشبيهًا بالحبل ذي الطاقين، بيضٍ وسودٍ. وغنم بريم لذلك.
والبرمة: القدر من ذلك لإحكامها. برمة وبرام. نحو: حفرةٍ وحفارٍ وجعل على بناء المفعول نحو ضحكةٍ وهزأةٍ أي يضحك منه. كذلك القدر مبرمة أي محكمة. وفي حديث خزيمة: "أينعت العنمة وسقطت البرمة". قال الهروي: البرمة ثمر الطلح، والجمع برم. ومنه "ملأ الله سمعه من البرم".
قال الأزهري: البرم الكحل المذاب والآنك. ومنه البيرم. والبيرم في غير هذا: عتلة النجار. والبيرم: الرطيل، حجارة عريضة.
ب ر هـ ن:
البرهان: هو الدليل القاطع، فهو أخص من الدليل الواضح. قال الراغب:! والبرهان أوكد الأدلة، وهو ما يقتضي الصدق أبدًا لا محالة، ودلالة تقتضي الكذب أبدًا، ودلالة إلى الكذب أقرب، ودلالة لهما على السواء، واختلفوا في نونه هل هي أصلية أم زائدة؟
قال الهروي: هو رباعي، ولذا ترسم مادته بباءٍ وراءٍ وهاءٍ ونونٍ. ويؤيده قولهم: برهن يبرهن برهنًة، فتثبت النون في تصاريفه. إلا أن الظاهر زيادتها اشتقاقًا من البره، وهو بياض. يقال: بره يبره: إذا ابيض. ورجل أبره، وامرأة برهاء، وقوم بره أي بيض، وامرأة برهرهة أي شابة بيضاء. فسمي الدليل الواضح بذلك لظهوره وسطوعه بجلاء بياضه وإضاءته، ولذلك وصفوه بالساطع والنير في قولهم: برهان ساطع نير فهو مصدر لبره ويبره