الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويؤيده الحديث المتقدم: "ولم يبق إلا المبشرات" الحديث.
فصل الباء والصاد
ب ص ر:
البصر: يطلق على الجارحة تارًة وعلى القوة التي فيها أخرى. والبصيرة: للإدراك الذي في القلب، ويقال لها بصر أيضًا. فالبصر يطلق بإزاء هذه المعاني الثلاثة، ولا يكاد يقال في الجارحة بصيرة، ومن الجارحة أبصرت ومن البصيرة بصرته وبصرت به. قال تعالى:} فبصرت به عن جنبٍ {[القصص: 11] أي تفطنت له. وقلما يقال من البصر: بصرت. وقوله:} ادعو إلى الله على بصيرة {[يوسف: 108] أي على معرفةٍ وتحققٍ. وقوله:} بل الإنسان على نفسه بصيرة {[القيامة: 14] أي عليه من جوارحه بصيرةٌ تبصره وتشهد عليه يوم القيامة، كقوله:} يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم {[النور: 24]: وقال ابن عرفة: أي عليها شاهد لعملها. وقال الأزهري: بصيرة: عالمة بما جنى عليها.
وقوله:} فبصرك اليوم حديد {[ق: 22] أي علمك نافذ، وليس من بصير العين. ومنه:} بصرت بما لم يبصروا به {[طه: 96] أي علمت بما لم يعلموا به، بصر بصرًا أي علم علمًا.
وقوله:} لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار {[الأنعام: 103] حمله أكثر المتكلمين على الجارحة، والأولى أن يجعل من رؤية القلب. ويدل عليه ما قال أمير المؤمنين:"التوحيد أن لا تتوهمه، فكل ما أدركته فهو غيره".
وجمع البصر أبصار، والبصيرة بصائر، وقوله:} وعلى أبصارهم غشاوة {[البقرة: 7]، قال ابن عرفة: أي أبصار قلوبهم. وقوله:} قد جاءكم بصائر {[الأنعام: 104] أي ما تبصرون وتعتبرون. وقوله:} هذا بصائر من ربكم {[الأعراف: 103] أي هذا القرآن حجج واضحة وبراهين بينة، وأصلها من الظهور. ومنه
البصائر لقطع الدم وطرائقه. والبصائر أيضًا واحدتها بصيرة. قال الشاعر: [من الكامل]
164 -
راحوا بصائرهم على أكتافهم
…
وبصيرتي يعدو بها عتد وأي
أي الباصرة: الجارحة الناظرة.
ورأيته لمحًا باصرًا أي نظرًا بتحديقٍ. وقوله:} وجعلنا آية النهار مبصرًة {[الإسراء: 12] أي مبصرًا أهلها، أو يبصر أهلها فيها، كقوله: ليله نائم ونهاره صائم، قصدًا للمبالغة. ومثله:} وآتينا ثمود الناقة مبصرًة {[الإسراء: 59] أي آية واضحًة.
وقيل: صار أهلها بصراء نحو أخبث وأضعف فهو مخبث ومضعف أي صار أهله خبثاء وضعفاء.
وقوله:} وكانوا مستبصرين {[العنكبوت: 38] أي طالبين للبصرية، أو بمعنى مبصرين استعارة للاستفعال موضع الإفعال، نحو استجاب بمعنى أجاب، كقوله:[من الطويل]
165 -
فلم يستجبه عند ذاك مجيب
وقوله:} تبصرًة وذكرى {[ق: 8] أي تبصيرًا وتبيننًا. يقال: بصرته تبصيرًا وتبصرًة كذكرته تذكيرًا وتذكرًة.
وقوله:} وأبصر فسوف يبصرون {[الصافات: 179] أي انتظر فسوف ينتظرون، والمعنى انتظر حتى ترى ويرون. وقوله:} ما زاغ البصر وما طغى {[النجم: 17] قيل:
أراد البصيرة القلبية. ويقال للضرير بصير، قيل: على العكس، والأولى أنه قيل فيه ذلك من البصيرة. ولذلك لا يقال له: مبصر ولا باصر.
وقوله:} ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس {[القصص: 43] أي عبرًة لهم.
والبصرة: حجارة رخوة لماعة، سميت بذلك توهمًا أنها تبصر غيرها، أو لإضاءتها. فهي مبصرة من بعدٍ. ومنه البصيرة لقطعة الدم، وللترس للمعان الحاصل بهما. والبصيرة أيضًا: ما بين شقي الثوب، والمراد لما يبصر منه. ثم يقال: بصرت الثوب أي خطت ذلك الموضع منه.
والبصر: الناحية. وفي الحديث: "فأمر به فبصر رأسه" أي قطع. وأنشد: [من الطويل]
166 -
فلما التقينا بصر السيف رأسه
…
فأصبح منبوذًا على ظهر صفصف
وفي حديث أم معبدٍ: "فأرسلت إليه بشاةٍ فرأى فيها بصرًة من لبنٍ" أي أثرًا من لبنٍ يبصره الناظر. وفي حديثٍ: "بصر جلد الكافر أربعون ذراعًا". وفي حديث عبد الله "بصر كل سماءٍ خمس مئة عامٍ" أي غلظها. وفيه: يقال لصلاة المغرب صلاة البصر لأنها تؤدي قبل مجيء الظلمة الحائلة لهذه، وهذه للمعنى الذي ذكرته.