الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمعنى أنه رضي الله عنه لم يلتمس شيئًا من فيء المسلمين. وأصل المثل لعمرو ابن أخت جذيمة، وذلك أنه خرج يجتني الكمأة مع رفقته، فجعل كل منهم إذا وجد طيبًا أكله وإذا وجد هو الطيب جناه في كمه لخاله جذيمة. فلما قالها أرسلها مثلاً من آثر صاحبه بخير ما عنده.
وفي بعض الأحاديث: "أهدي إليه أجنٍ زغب"؛ أجنٍ: جمع جنى، والأصل أجنى على أفعل، كما يجمع عصًا على أعصٍ، والأصل: أعصو، فقلبوا الضمة في أجنى كسرةً لتصح الياء، ثم اعتل إعلال قاضٍ والإشارة بذلك إلى القثاء؛ سماه جنى لكونه غضًا، والمشهور في رواية هذا "أجرٍ" بالراء جمع جروٍ وهو القثاء.
فصل الجيم والهاء
ج هـ د:
قوله تعالى: {وجاهدوا في الله حق جهاده} [الحج: 78].
الجهاد: استفراغ الوسع والطاقة في مدافعة العدو. وهو ثلاثة أنواعٍ: جهاد العدو ظاهرًا، وهو الغزو لقتال الكفار لتكون كلمة الله هي العليا. وجهاد الملحدين بالحجج الواضحة. وجهاد العدو باطنًا، وهو جهاد النفس وجهاد الشيطان وهو أصعب الجهاد.
وفي الحديث: "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"؛ يعني مجاهدة النفس والشياطين، وهو صلى الله عليه وسلم وإن كان آمنًا من ذلك لأنه معصوم لكن علمنا ذلك، وصدق عليه الصلاة والسلام؛ فإن مراجعة النفس ومقابلتها أصعب من قتال أفتك الرجال. وهذا أمر محسوس نجده من أنفسنا، فإن الأعمال البدنية أهون من الأعمال القلبية، ولذلك نجد الناس يعالجون الصنائع الشاقة، ولا يعالج العلم منهم إلا القليل لأنه أمر قلبي.
وقوله تعالى: {لا يجدون إلا جهدهم} [التوبة: 79]. الجهد: الطاقة والمشقة، وقرئ بالفتح، فقيل: هما لغتان كالقرء والقرء. وقيل: بالضم الوسع وبالفتح المشقة. وقال الشعبي: الجهد بالضم بمعنى القوت. والجهد بالفتح في العمل. وقال ابن عرفة: هو بالضم الوسع والطاقة، وبالفتح: المبالغة والغاية. ومنه: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} [النور: 53] أي بالغوا في اليمين وأجهدوا فيها بمعنى أنهم أجهدوا فيها أن يأتوا بها على أبلغ ما في وسعهم وطاقتهم. والاجتهاد افتعال من ذلك وهو أخذ النفس ببذل الطاقة وتحمل المشقة. يقال: جهدت رأيي واجتهدت فيه: أتعبته بالفكر والتأمل.
والجهد: الهزال. وفي حديث أم معبدٍ: "شاة خلفها الجهد" أي هزالها. ومنه جهد الرجل فهو مجهود. وعن الحسن: "لا يجهد الرجل ماله" أي لا يبذره حتى يسأل غيره. وفي الحديث: "نزل بأرض جهاد" أي لا نبات بها وهي الجرز.
ج هـ ر:
الجهر: الظاهر المكشوف ضد السر. يقال: جهرت الشيءٍ: كشفته. وهو من قولهم: وجه جهير أي ظاهر الوضاءة. وجهرته وأجهرته بمعنى. وقوله: {أرنا الله جهرة} [النساء: 153] أي عيانًا غير متحجبٍ، قالوه لجهلهم بصفاته العلى أو تعنتًا في الكفر.
وجهرت البئر واجتهرتها: أظهرت ماءها. والجهر: يقال لظهور الشيء بإفراط حاسة البصر أو حاسة السمع؛ من الأول {أرنا الله جهرة} {حتى نرى الله جهرةً} [البقرة: 55] ورأيته جهارًأ. ومن الثاني: {ثم إني دعوتهم جهارًا} [نوح: 8]، وقوله:{سواء منكم من أسر القول ومن جهر به} [الرعد: 10]{وأسروا قولكم أو اجهروا به} [الملك: 13]{ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110] {ولا تجهروا له
بالقول كجهر بعضكم لبعضٍ} [الحجرات: 2]. ورجل جهوري الصوت وجهيره أي رفيع الصوت عاليه.
والجوهر: فوعل، من الجهر المحسوس بالبصر لظهوره بإشراقه وتلألئ ضوئه. والجوهر في عرف المتكلمين: المقابل للعرض من ذلك لظهوره للحاسة. وقيل: الجوهر: ما إذا بطل بطل محموله.
وجهرت الجيش واجتهرتهم: إذا نظرتهم، فكثروا في عينك. ومنه وصف علي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من رآه جهره" أي عظم عنده. ومنه الجهرة وهي حسن المنظر. قال القطامي: [من الطويل].
307 -
شنئتك إذ أبصرت جهرك سيئًا
وما غيب الأقوام تابعة الجهر
وقوله: {بغتة أو جهرة} [الأنعام: 47] أي يأتيهم العذاب مفاجأة من حيث لا يرونه ولا يشاهدونه.
ج هـ ز:
الجهاز: ما يعد من متاعٍ ونحوه. والتجهيز: بعث ذلك، أو حمله. وعليه قوله تعالى:{ولما جهزهم بجهازهم} [يوسف: 59]، وقرئ بالكسر. وجهيزة: امرأة محمقة ثم قيل لكل من ترضع ولد غيرها جهيزة لذلك. وضرب البعير بجهازه: إذا ألقى متاعه في رحله فنفر. وجهاز العروس: أثاث البيت ومتاعه.
ج هـ ل:
الجهل: ضد العلم، والعلم: تصور الشيء بما هو عليه، أو تصديق لذلك، والجهل يقابله. وقيل: العلم ضروري فلا يحد، وقيل: كسبي. والجهل ضربان: بسيط ومركب،
وأقبحهما الثاني لأن صاحبه يجهل ويجهل أنه يجهل. وقد قسمه بعضهم إلى ثلاثة أقسام: الأول خلو النفس من العلم وهذا هو الأصل. ولذلك جعله بعض المتكلمين معنى مقتضيًا للأفعال الخارجة على النظام، كما جعل العلم معنى مقتضيًا للأفعال الخارجة من النظام. والثاني اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه. والثالث فعل الشيء خلاف ما حقه أن يفعل سواء اعتقده صحيحًا أو فاسدًا، كمن ترك الصلاة. وإذا أطلق الجهل فأكثر ما يراد به الذم، وقد لا يرد بهذا المعنى كقوله:{يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} [البقرة: 273] يريد الجاهل بأحوالهم.
واستجهلت الريح الغضا أي استخفته فحركته، فكأن الجهل حقه العلك كالسفة.
والمجهل: الأرض التي لا مثار بها. قال: [من الطويل]
308 -
غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها
…
تصل وعن قيض بزيزاء مجهل
والمجهل: أيضًا الأمر والخصلة الحاملة للإنسان على اعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه. وقد يطلق الجهل على مجازاته للمقابلة، كقوله:[من الوافر]
309 -
ألا لا يجهلن أحد علينا
…
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وفي الحديث: "أنه عليه الصلاة والسلام أخذ أحد ابنيه وقال: إنكم لتجهلون وتجبنون وتبخلون" يعني عليه الصلاة والسلام مثل قول العرب: الولد مجهلة مجبنة
مبخلة؛ يعنون أنه يجبن عن حضور الحرب، ويجعل الرجل بخيلًا بماله، ويجهلون ما كان يعلمه خاطره بمعيشتهم.
وفي الحديث: "إن من العلم جهلًا" معناه أن العالم يكلف ما لا يعلمه فيجهله ذلك. وقال الجوهري: هو أن يتعلم ما لا يحتاج إليه كالكلام والنجوم وكتب الأوائل.
وجهلته أي لم أعرفه. وجهلته أي لم أعرفه. وجهلته بالتشديد: نسبته إليه. واستجهلته: وجدته جاهلًا.
وأجهلته: جعلته جاهلًا. واستجهلته: حملته على الجهل أيضًا. ومثله استعجل أي حمله على العجلة. كقول القطامي: [من البسيط]
310 -
فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا
…
كما تعجل فراط لوراد
ومنه: استجهلت الريح القصبة، كأنها حملتها على الجهل، وهو الحركة كما تقدم.
ج هـ ن:
جهنم أعاذنا الله منها: اسم لنار الله الموقدة. قال بعضهم: هي فارسية معربة، وأصلها جهنام، وأكثر النحويين على ذلك، كما نقله الراغب. فعلى هذا منع صرفها للعلمية، وما قاله غير مشهور في النقل، بل المشهور عندهم أنها عربية، وأن منعها للعلمية والتأنيث. وحكى قطرب عن رؤبة: ركبة جهنام أي بعيدة القعر، واشتقاق جهنم من ذلك لبعد قعرها. وفيها لغتان: بفتح الفاء والعين وهو المشهور وبكسرهما جميعا.
وقيل: هل هي اسم لجميع نار الطبقات السبع، أو هي أحد الطبقات السبع؟ للناس في ذلك كلام. والظاهر الأول لقوله تعالى:{وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب} [الحجر: 43 - 44] وقيل: هي نار غير العصاة.