الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل الألف والخاء
أخ ذ:
الأخْذُ: تحصيلُ الشيءِ، وهوَ حقيقةً في التَّناولِ نحو: أخذتُ درهمًا، ومنه:{معاذَ اللهِ أَنْ نأخُذَ إلا مَنْ وَجدْنا متاعَنا عِندَهُ} [يوسف: 79]، ومَجازًا في الاستيلاء والقهر نحو:{لا تَاخُذُهُ سِنَةٌ ولا نَوْمٌ} [البقرة: 255]. ومنهُ قيلَ للأسيرِ: أَخيذٌ ومَأخوذٌ. وقولُه: {فأخذتْهُمُ الصَّيْحَةُ} [الحجر: 73]، و {الرَّجفةُ} [الأعراف: 78] تنبيهٌ على استيلائها عليهم. وقولُه: {فأخذَهُم اللهُ} [آل عمران: 11] عبارةٌ عن إحاطةِ هلكَتْهِم بهم. وقولُه: {ولقد أخَذْنا آلَ فِرعَونَ بالسنينَ ونَقْصٍ} [الأعراف: 130] أي عاقبْناهم بذلك عندَ أَخذِهم. ومنه: أخرتُه بالسَّوط، وقولُه:{فأخذْناهم أَخْذَ عزيزٍ مُقتَدرٍ} [القمر: 42]. تنبيهٌ على شدَّةِ الأمرِ. ومثلُه: {أخذةً رابِيةً} [الحاقة: 10]. وقيلُه: {ولو يُؤاخِذُ الله ُ الناسَ} [النحل: 61] تنبيهٌ على مَعنى المقابلةِ والمجازاةِ إلى ما أخذوهً من النِّهم ولم يُقابلوهُ بالشكرِ. فهذا وجهُ المُفاعلةِ.
وقد أخذَ مأخذ زيدٍ أي: أخذَ في الطريق التي أخذَ فيها، وسَلك مسلكَه في أمورهِ. وفلانٌ مأخوذٌ، وبه أَخْذةٌ من الجنِّ كنايةٌ عن الذهول. ولزيدٍ إخاذةٌ وإخاذٌ: أي أرضٌ أخذَها لنفسهِ. ويقالُ: ذَهبوا ومَن أخذَ مَأخذَهُم وإخْذَهُم أي هلكوا ومَن كان يقتدي بِهم.
والاتِّخاذُ: افتعالٌ من الأَخذِ عندَ بعضِهم. وقد تقدَّم تَصريفُه في مادة «أج ر» . وقيلَ: بل هو من تَخذَ يَتْخَذُ، كقوله:[من الطويل]
36 -
وقد تَخذتْ رِجلي
وسيأتي إنْ شاء الله.
وإذا كانَ بمعنَى الكسْبِ تعدَّى لواحدٍ، وإنْ كان بمعنى التَّصيير تعدَّى لاثنين، كقوله:{واتَّخذَ اللهُ إبراهيمَ خَليلاً} [النساء: 125] ومثله «تَخِذْتَ» ؛ وقُريء
«تَخَذْتَ» و {لتَّخذْتَ عليهِ أجرًا} [الكهف: 77] وقولُه: {قد أَخَذْنا أَمْرَنَا} [التوبة: 50] أي: احتَطْنا لأنفُسِنا. وقولُه: {إلا هُوَ آخذٌ بِناصِيَتِها} [هود: 56] أي هي في قبضتِهِ لا تَفوتُه فيُصيبها بما أرادَ. وقولُه: {وهمَّنْ كلُّ أمةٍ برسولهِمْ ليأخُذُوهُ} [غافر: 5] أي ليوقِعوا به الفعلَ. ومثلُه: {وكذلِكَ أَخْذُ ربِّك إذا أَخَذَ القُرى وهي ظالمةٌ إنَّ أَخْذَهُ أليمٌ شَديدٌ} [هود: 102]. وقولُه: {وخُذوهُم واحصُروهم} [التوبة: 105] أي ائسروهم. وقولُه: {مَعَاذَ اللهِ أنْ نأخُذَ إلا مَن وَجدْنا مَتاعَنا عِندَه} [يوسف: 79]، قيلَ: يأسِرُه، وقيلَ: يحبسُه.
ومنهُ التَّأخيذ وهو حبسُ السَّواحرِ أزواجَهنَّ عليهنَّ عن غيرِهنَّ من النساء. يقالُ: أخَّذتِ المرأةُ زوجَها تَأخيذًا: حَبستْه عن سائرِ النساءِ. وقالتِ امرأةٌ لعائشةَ رضي الله عنها: أَؤُأَخِّذَ جَملي؟ تريدُ هذا المعنى. وفي الحديثِ: «كنْ خيرَ آخذِ» أي آسرٍ. ومن ذلك: «الإخاذاتُ» وهو ما يأخرُ ماءَ المطرِ منَ الغُدرانِ فيحبسُه ويُمسِكُه، وهي المِسَاكاتُ أيضًا وآلاتُها، الواحدةُ إخاذةٌ ومِساكةٌ ونِهْيٌ ونَهْيٌ. وفي حديثِ مسروقٍ:«جالستُ أصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فوجدتُهم كالإخاذِ» ، قالَ أبو عبيدٍ: جمعُه أُخُذٌ وهو مُجتَمعُ الماءِ. وقالَ شَمِرٌ: إخاذٌ جمعُ إخاذةٍ، وأُخُذٌ جمعُ إخاذٍ. وقال أبو عبيدةَ: الإخاذةُ والإخاذُ -بالهاءِ وغيرِ الهاءِ- جمعُ الإخْذِ، وهو مَصنعٌ للماءِ يجتمعُ فيهِ، والأولُ أقْيَسُ.
أخ ر:
الآخِرُ بكسر الخاء: يقابلُ الأولَ. قال تعالى: {هوَ الأوَّلُ والآخِرُ} [الحديد: 3]؛ فالأولُ هُنا معناهُ القَديمُ الذي كان قبلَ كلِّ شيءٍ، والآخِرُ الذي يبقَى بعدَ هلاكِ كلِّ شيءٍ، وتأنيثُهُ الآخرةُ مقابلة الأولى. والآخرة تَجري الجوامدُ في حَدْوِ مَوصوفها، كقوله:
{وبالآخرةِ هم يُوقنونَ} [البقرة: 4]، {والذين يؤمنون بالآخرةِ يؤمنونَ بهِ} [الأنعام: 92]. وذلك الموصوفُ يجوزُ أن يكونَ الدارَ وأن يكونَ النَّشأةَ، وقد صرَّح بكلٍّ منهُما:{وإنَّ الدَّارَ الآخرةَ لهيَ الحَيَوانُ} [العنكبوت: 64]، {وللدَّارُ الآخرِةُ خيرٌ} [الأنعام: 32]. وقال تعالى: {ثمَّ اللهُ يُنشئُ النَّشأةَ الآخرِةَ} [العنكبوت: 20]. وقد وُصفتِ الدارُ بالآخرةِ تارةً كما تقدَّم وأُضيفتْ إليها أُخرى، كقولهِ:{ولدار الآخرةِ خيرٌ} [يوسف: 109]، وقُرئَ:{وللدارُ الآخرةُ خيرٌ} . والإضافةُ عندَنا على حذفِ الموصوفِ، أي: ولدارُ الحياةِ الآخرةِ. قال الأزهريُّ: أراد: ولدارُ الحالِ الآخرةِ خيرٌ، لأنَّ للناس حالينِ؛ حالَ الدنيا وحالَ الآخرةِ. ومثلُه: صلاةُ الأولى، أي صلاة الفريضةِ الأولى. قلتُ: لأنَّ الشيءَ لا يضافُ إلى نفسهِ، والصفةُ هيَ الموصوفُ في المعنى. وقد يقابَلُ بالآخِرِ السابقُ.
وآخَرُ بفتح الخاء: أفَعَلُ تفضيلٍ ممنوعٌ منَ الصرفِ للوزنِ والوَصفِ، ويُجمعُ جمعَ تصحيحٍ؛ قال تعالى:{وآخَرونَ مُرجَوْنَ} [التوبة: 107]. ويُثنَّى، قال تعالى:{فآخَرانِ يقومانِ مَقامَهما} [المائدة: 107]. وفارقَ أخواتهِ في بابهِ؛ فإنَّ أفعلَ التَّفضيلِ لا يُثنَّى ولا يُجمع، إلا مُحلىًّ بأل نحو:{بالأَخْسرينَ} [الكهف: 103] أو مضافًا نحو: {أكابرَ مُجرِمِيها} [الأنعام: 123]. فإذا خَلا منهُما كانَ بلفظٍ واحدٍ. وتأنيثُه أُخْرى، ويُجمعُ على أُخَرَ. وهي معدولةٌ عنِ الألفِ واللامِ عندَ الجمهورِ، وقيلَ: عن أُخَرَ، كما حققتُه في غيرِ هذا. وأمّا أُخَرُ جمعُ أُخرى بمعنى آخرة فليست كذا. وقد يرادُ بالآخرَ معنَى غير، كقوله تعالى:{ومَن يَدْعُ مع الله إلهًا آخرَ} [المؤمنون: 117].
والتأخيرُ: يقابلُ التَّقديمَ، قالَ تعالى:{عَلمتْ نفسٌ ما قدَّمتْ وأَخَّرَتْ} [الانفطار: 5]، {بما قدَّم وأخَّرَ} [القيامة: 13]، أي قدَّمَ من عملهِ وأخَّرَ من سنِّه. ولقيتُ فلانًا بأَخَرةٍ أي إِخْرِيًّا، ومنه حديثُ أبي بَرزةَ:«لمّا كان بأَخَرةٍ» . وأمّا نعتُه
بأَخرةٍ أي بنَظرةٍ فبكسر الخاءِ. وقولهم: «أبعدَ اللهُ الأَخِرَ» ، أي المتأخِّرَ عن الفضيلةِ وعن مَجرى الحقِّ.
أخ و:
والأخُ أحدُ الأسماءِ الستَّةِ المعْربةِ بالواوِ والياءِ والألفِ، وحُذفت لامُه اعتباطًا كالأبِ. ويقالُ: أخوٌ كدلْوٍ. قال: [من البسيط]
37 -
ما المرءُ أَخْوَكَ إنْ لم تلفَه وَزِرًا
…
عندَ الكريهةِ مِعْوانًا على النُّوبِ
ويُعربُ مقصورًا. ومنه: «مُكرهٌ أخاكَ لا بطلٌ» وقد تُشدَّدُ خاؤهُ، ويُجمع على إخوة وإخوان. ومؤنثُه أختٌ. والتاءُ فيه للعوض عن اللام المحذوفة كبنت، والنسبُ إليها أَخَويٌّ، كالنسبِ إلى مذكَّرها، وقالَ يونسُ: أختيٌّ على لفظها. ومثلُها في هذينِ القولينِ بنتٌ، فيقالُ: بِنويٌّ أو بِنْتيٌّ، ويجمعُ على أَخواتٍ.
والأخُ في الأصلِ مَن ولَده أبواكَ أو أحدُهُما. ويطلقُ أيضًا على الأخِ من الرِّضاع. ويُستعارُ الأخُ في كلِّ مشاركٍ لغيرهِ في القبيلةِ أو الصَّنعةِ أو الدِّين أو المعاملةِ أو المودَّة أو غيرِها من المناسبات. قال ابنُ عرفةَ: الأخوةُ إذا كانت في غير الولادةِ كانت للمشكلة والاجتماع في الفعل نحو: هذا الثوبُ أخو هذا. قولُه تعالى: {كانوا إخوانَ الشياطين} [الإسراء: 27]، أي مُشاكلوهم. وقولُه:{كالذين كَفَروا وقالوا لإخوانِهم} [آل عمران: 156] أي لمن شارَكهُم في الكفرِ. وقولُه: {إخوانًا على سُرُر مُتَقابلينَ} [الحجر: 47] تنبيهٌ على نفيِ المخالفةِ من بينهم. وقولُه: {وإلى عادٍ أخاهُم هُودًا} [الأعراف: 65] ونحوهُ فيه تنبيهٌ على أنه بمنزلةِ الأخِ في الشفقةِ عليهم. وهذا أحسنُ من قولِ الهرويِّ لأنه وإياهم يُنسبون إلى أبٍ واحدٍ. وقولُه: {يا أُختَ هارونَ} [مريم: 28] قيلَ: يا أختَه في الصلاح والعفَّةِ لرجلٍ كان اسمُه هارونَ موصوفًا بذلك؛
قالوه من باب التهكُّم. وقيلَ: بل كان لها أخٌ من النَّسبِ يُسمى هارونَ. وقولُه: {وما نُريهِم من آيةٍ إلا هيَ أكبرُ مِن أُختها} [الزخرف: 48] أي من الآية التي تقدَّمَتْها، وجعلها أختَها لمشاركتِها لها في الصِّحَّةِ والصِّدقِ والإبانةِ، والمعنى أنهنَّ موصوفاتٌ بالكبرِ لا يكدْنَ يَتفاوتْنَ فيهِ. وكذلك العادةُ في الأبناءِ الذين يتقاربونَ في الفضلِ، وتتفاوتُ منازلُهم فيهِ التفاوتَ اليسيرَ. ومثلُه قولُ الحماسيِّ:[من البسيط]
38 -
مَن تلقَ منهُمْ تَقُلْ: لاقيتُ سيِّدَهُم
…
مثلَ النجومِ التي يُهدَى بها السَّاري
وقولُه: {كلَّما دخلتْ أمةٌ لعنتْ أُختَها} [الأعراف: 38] إشارةٌ إلى مشاركتهم في الولاية، كقولهِ:{والذينَ كفروا أولياؤُهُمُ الطاغوتُ} [البقرة: 257]، وقوله:{إنما المؤمنونَ إخْوَةٌ} [الحجرات: 10] إشارةٌ إلى اجتماعِهم على الحقِّ وتشارُكهم في الصِّفةِ المقتضيةِ لذلك.
وقولُهم: تأخَّيتُ كذا، أي تحرَّيتُ في الأمرِ تحرِّيَ الأخِ لأخيهِ. وتَصوَّروا معنى الملازمةِ فقالوا: أَخِيَّةُ الدابَّةِ، لِما تُربطُ به من عُودٍ وحبلٍ. وفي الحديثِ:«مَثلُ المؤمنِ والإيمانِ كمثل الفَرسِ في آخِيَّتهِ» ؛ قال الليثُ: هو وَتِدٌ يُعرَّضُ في الجدارِ يُربطُ إليه. وقال الأزهريُّ: هو الحبلُ يُدفَنُ ويُخرَجُ طرفاهُ شبهَ الحلْقَةِ، والجمعُ الأَواخيُّ والأخايا، وهي فاعولةٌ.
قلت: ومثلُها وزنًا ومعنىً الآريَّةُ، وجمعُهَا الأَواريُّ في قولِ النابغةِ:[من البسيط]
39 -
إلا الأَواريّ لايًا ما أُبَيِّنُها
ومثلُها: الإِدْرَوْنُ والجمعُ أَدارِين.