الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وترجمها الرَّازِيّ، والبيضاوي، والهندي، وَابْن قَاضِي الْجَبَل، وَغَيرهم بقَوْلهمْ: عطف الْخَاص على الْعَام لَا يَقْتَضِي تَخْصِيص الْمَعْطُوف عَلَيْهِ.
وترجمها ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله " بقوله: هَل يلْزم أَن يضمر فِي الْمَعْطُوف مَا يُمكن مِمَّا فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، وَإِذا لزم وَلم يضمر فِي الْمَعْطُوف خَاص يلْزم أَن يكون الْمَعْطُوف عَلَيْهِ كَذَلِك.
وَمثل الْفَرِيقَانِ لهَذِهِ الْمَسْأَلَة بقول النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
فِيمَا رَوَاهُ أَحْمد، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ:" لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر وَلَا ذُو عهد فِي عَهده ".
وَالْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مَشْهُور بَين الْعلمَاء مَعَ الِاتِّفَاق على أَن النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي للْعُمُوم.
فالحنفية وَمن تَابعهمْ يقدرُونَ تتميما للجملة الثَّانِيَة لفظا عَاما تَسْوِيَة
بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ فِي مُتَعَلّقه فَيكون على حد قَوْله تَعَالَى: {آمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه والمؤمنون} [الْبَقَرَة: 285] فَيقدر: وَلَا ذُو عهد فِي عَهده بِكَافِر؛ إِذْ لَو قدر خَاصّا، وَهُوَ وَلَا ذُو عهد فِي عَهده بحربي
لزم التخالف بَين المتعاطفين، وَأَن يكون تَقْديرا بِلَا دَلِيل بِخِلَاف مَا لَو قدر عَاما فَإِن الدَّلِيل دلّ عَلَيْهِ من الْمُصَرّح بِهِ فِي الْجُمْلَة الَّتِي قبلهَا، وَحِينَئِذٍ فيخصص الْعُمُوم فِي الثَّانِيَة بالحربي بِدَلِيل آخر، وَهُوَ الِاتِّفَاق على أَن الْمعَاهد لَا يقتل بالحربي، وَيقتل بالمعاهد وَالذِّمِّيّ.
قَالُوا: وَإِذا تقرر هَذَا وَجب أَن يخصص الْعَام الْمَذْكُور أَولا؛ ليتساويا فَيصير لَا يقتل مُسلم بِكَافِر وَلَا ذُو عهد فِي عَهده بِكَافِر حَرْبِيّ.
وَأما أَصْحَابنَا وَغَيرهم فَإِذا قدرُوا فِي الْجُمْلَة الثَّانِيَة فَإِنَّمَا يقدرُونَ خَاصّا فَيَقُولُونَ: وَلَا ذُو عهد فِي عَهده بحربي؛ لِأَن التَّقْدِير إِنَّمَا هُوَ بِمَا تنْدَفع بِهِ الْحَاجة بِلَا زِيَادَة، وَفِي التَّقْدِير بحربي كِفَايَة، وَلَا يضر تخَالفه مَعَ الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فِي ذَلِك؛ إِذْ لَا يشْتَرط إِلَّا اشتراكهما فِي أصل الحكم، وَهُوَ هُنَا منع الْقَتْل بِمَا يذكر، أَو بِمَا يقوم الدَّلِيل عَلَيْهِ لَا فِي كل الْأَحْوَال كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{وبعولتهن أَحَق بردهن} [الْبَقَرَة: 228] فَإِنَّهُ مُخْتَصّ بالرجعيات، وَإِن تقدم المطلقات بِالْعُمُومِ.
{وَقيل بِالْوَقْفِ} فِي الْمَسْأَلَة؛ لتعارض الْأَدِلَّة.
وَقيل: {إِن قيد بِقَيْد غير قيد الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فَلَا يضمر فِيهِ، وَإِن أطلق أضمر فِيهِ} ، وَهَذَا قَالَه أَبُو الْخطاب فِي " التَّمْهِيد ".
وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا الْمُتَأَخِّرين: {إِنَّمَا يخصص الْمَعْطُوف عَلَيْهِ بِمَا فِي الْمَعْطُوف من الْخُصُوص إِذا كَانَ بِخُصُوص الْمَادَّة كالحديث} ، لَا نَحْو:(اضْرِب زيدا وعمرا قَائِما فِي الدَّار) ، وَلأَجل ذَلِك عيب على من ترْجم هَذِه الْمَسْأَلَة - كالآمدي - بِأَن الْمَعْطُوف على الْعَام هَل يَقْتَضِي الْعُمُوم فِي الْمَعْطُوف؟
فَإِن هَذَا شَامِل لما لَا خلاف فِيهِ، وَهُوَ مَا لَو قَالَ: وَلَا ذُو عهد فِي عَهده بحربي فَلَا يسمع أحدا أَن يَقُول: باقتضاء الْعَطف على الْعَام هُنَا الْعُمُوم مَعَ كَون الْمَعْطُوف خَاصّا، وَلَا نَحن نقُول فِيمَا إِذا قدر عَام أَنه خَاص بِلَا دَلِيل خصصه، إِنَّمَا الْمَقْصُود بِالْمَسْأَلَة أَن إِحْدَى الجملتين إِذا عطف على الْأُخْرَى وَكَانَت الثَّانِيَة تَقْتَضِي إضمارا يَسْتَقِيم، وَكَانَ نَظِيره فِي الْجُمْلَة الأولى عَاما هَل يجب أَن يُسَاوِيه فِي عُمُومه فيضمر عَام، أَو لَا؟ كَمَا قَرَّرْنَاهُ.