الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" كل الطَّلَاق وَاقع إِلَّا طَلَاق الْمَعْتُوه "؛ لِأَن الظَّاهِر أَنَّهَا مِمَّا هُوَ فِي معنى الْجمع الْمُعَرّف، حَتَّى تكون لاستغراق الْأَفْرَاد لَا الْأَجْزَاء.
وَمِنْهَا: مَحل عمومها إِذا لم يدْخل عَلَيْهَا نفي مُتَقَدم عَلَيْهَا، نَحْو:(لم يقم كل الرِّجَال) فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ للمجموع، وَالنَّفْي وَارِد عَلَيْهِ وَسميت سلب الْعُمُوم بِخِلَاف مَا لَو تَأَخّر عَنْهَا نَحْو: كل إِنْسَان لم يقم، فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لاستغراق النَّفْي فِي كل فَرد، وَيُسمى عُمُوم السَّلب.
وَهَذِه الْقَاعِدَة مُتَّفق عَلَيْهَا عِنْد أَرْبَاب الْبَيَان، وَأَصلهَا قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -
فِي حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ: " كل ذَلِك لم يكن " جَوَابا لقَوْله: (أنسيت، أم قصرت الصَّلَاة؟) أَي: لم يكن كل من الْأَمريْنِ، لَكِن بِحَسب ظَنّه
صلى الله عليه وسلم َ - فَلذَلِك صَحَّ أَن يكون جَوَابا للاستفهام عَن أَي الْأَمريْنِ وَقع.
وَلَو كَانَ لنفي الْمَجْمُوع لم يكن مطابقا للسؤال، وَلَا لقَوْل ذِي الْيَدَيْنِ فِي بعض الرِّوَايَات قد كَانَ بعض ذَلِك؛ فَإِن السَّلب الْكُلِّي نقيضه الْإِيجَاب الجزئي.
وَأورد على قَوْلهم تقدم النَّفْي لسلب الْعُمُوم نَحْو قَوْله تَعَالَى: {إِن كل من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا آتِي الرَّحْمَن عبدا} [مَرْيَم: 93] ، فَيَنْبَغِي أَن تقيد الْقَاعِدَة بِأَن لَا ينْتَقض النَّفْي، فَإِن انْتقض كَانَت لعُمُوم السَّلب.
وَقد يُقَال: انْتِقَاض النَّفْي قرينَة إِرَادَة عُمُوم السَّلب. قَالَه الْبرمَاوِيّ وَأطَال هُنَا وَفِي الْحُرُوف.
قَوْله: {و (جمع) } من صِيغ الْعُمُوم، جَمِيع وَهِي مثل كل إِلَّا أَنَّهَا لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى معرفَة، فَلَا يُقَال: جَمِيع رجل، وَيَقُول: جَمِيع النَّاس، وَجَمِيع العبيد.
ودلالتها على كل فَرد فَرد بطرِيق الظُّهُور بِخِلَاف كل، فَإِنَّهَا بطرِيق النصوصية.
وَفرق الْحَنَفِيَّة بَينهمَا بِأَن كلا تعم على جِهَة الِانْفِرَاد، وجميعا على جِهَة الِاجْتِمَاع.
قَالَ بَعضهم: إِذا كَانَت (جَمِيع) إِنَّمَا تُضَاف لمعْرِفَة فَهُوَ إِمَّا بِاللَّامِ، أَو بِكَوْنِهِ مُضَافا لمعْرِفَة، وكل مِنْهُمَا يُفِيد الْعُمُوم فَلم تفده جَمِيع.
وَجَوَابه: أَن مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام تقدر حِينَئِذٍ أَنَّهَا للْجِنْس والعموم مُسْتَفَاد من جَمِيع.
وَأما الْمُضَاف، نَحْو: جَمِيع غُلَام زيد، فَلَيْسَتْ فِيهِ لعُمُوم كل فَرد، بل لعُمُوم الْأَجْزَاء كَمَا تقدم.
قَوْله: {وَنَحْوه} ، إِشَارَة إِلَى مَا كَانَ من هَذِه الْمَادَّة مثلهَا فِي الْعُمُوم كأجمع، وأجمعين، وَنَحْوهمَا، وَمن زعم أَن أَجْمَعِينَ تَقْتَضِي الِاتِّحَاد فِي الزَّمَان بِخِلَاف جَمِيع، فَالْأَصَحّ خلاف قَوْله، قَالَ الله تَعَالَى:{ولأغوينهم أَجْمَعِينَ} [الْحجر: 39] .
وَاخْتلف فِي (أجمع) وَنَحْوه إِذا وَقع بعد كل: هَل التَّأْكِيد بِالْأولِ، وَالثَّانِي زِيَادَة فِيهِ أَو بِكُل مِنْهُمَا أَو بهما مَعًا؟ الْأَرْجَح الأول كَمَا فِي سَائِر التوابع.