المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ وقال: " صلوا كما رأيتموني أصلي ". انتهى - التحبير شرح التحرير - جـ ٥

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌(قَوْله: {فصل} {فِي مُسْتَند الصَّحَابِيّ} الْمُخْتَلف)

- ‌ نَوْعَانِ:أَحدهمَا: لَا خلاف فِيهِ؛ إِذْ هُوَ صَرِيح فِي ذَلِك لَا يحْتَمل شَيْئا كَقَوْلِه: سَمِعت النَّبِي

- ‌ يَقُول: أَو يفعل كَذَا. وَهَذَا أرفع الدَّرَجَات لكَونه يدل على عدم الْوَاسِطَة بَينهمَا قطعا.النَّوْع الثَّانِي: مَا هُوَ مُخْتَلف فِيهِ لكَونه غير صَرِيح، بل مُحْتَمل الْوَاسِطَة، وَهُوَ مَرَاتِب:

- ‌ كَذَا، أَو فعل كَذَا، أَو أقرّ على كَذَا، فَهَذَا من الْمُخْتَلف فِيهِ.وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابنَا، وَأكْثر الْعلمَاء: أَنه يحمل على الِاتِّصَال وَأَنه لَا وَاسِطَة بَينهمَا، وَيكون ذَلِك حكما شَرْعِيًّا يجب الْعَمَل بِهِ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِر من حَال الصَّحَابِيّ الْقَائِل ذَلِك.وَقَوْلنَا: قَالَ

- ‌ وَبَين سَمَاعه من غَيره بِنَاء على عَدَالَة الصَّحَابَة، نَقله الْآمِدِيّ، وَابْن الْحَاجِب عَنهُ، ورده السُّبْكِيّ فِي " شرح الْمُخْتَصر "، وَقَالَ: الْمَنْقُول عَنهُ فِي " التَّقْرِيب " أَنه مَحْمُول على السماع. انْتهى.قلت: يحْتَمل أَن لَهُ قَوْلَيْنِ، إِذا علم ذَلِك

- ‌ بِكَذَا، أَو نهى عَن كَذَا، أَو أمرنَا بِكَذَا، أَو نَهَانَا} عَن كَذَا، فَحكمه حكم، قَالَ النَّبِي

- ‌[وَأَنه] هُوَ الَّذِي أَمرهم، ونهاهم، وَرخّص، وَحرم عَلَيْهِم، تبليغا عَن الله تَعَالَى، وَإِن كَانَ يحْتَمل أَنه من بعض الْخُلَفَاء، لكنه بعيد فَإِن المشرع لذَلِك هُوَ صَاحب الشَّرْع.وَخَالف الصَّيْرَفِي، والباقلاني، وَأَبُو بكر الرَّازِيّ، والكرخي: الحنفيين، والإسماعيلي

- ‌ هُوَ الْقَدِيم.وَنَقله غَيره حَتَّى قيل: إِنَّهَا من الْمسَائِل الَّتِي يُفْتِي فِيهَا بالقديم فِي الْأُصُول، لَكِن الْمَشْهُور عِنْدهم أَن هَذَا هُوَ الْجَدِيد.وَقيل: مَوْقُوف، نَقله ابْن الصّلاح، وَالنَّوَوِيّ عَن أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ.قَوْله: قد يكون قَوْله: من السّنة، مُسْتَحبا، كَمَا

- ‌ وَكُنَّا نرى، أَيْضا، كل ذَلِك حجَّة، أطلقهُ

- ‌ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي. انْتهى.وَتبع فِي ذَلِك الْمجد فِي " مسودته "، وَهُوَ تَوْجِيه احْتِمَال لِابْنِ مُفْلِح.وَنَقله النَّوَوِيّ فِي أَوَائِل " شرح مُسلم " عَن جمَاعَة، مِنْهُم الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق، وَاخْتَارَهُ الْقُرْطُبِيّ أَيْضا

- ‌ فأقره عَلَيْهِ، وَإِلَّا لم يفد.{وَقَالَ القَاضِي، وَأَبُو الْخطاب: إِجْمَاع أَو حجَّة} ؛ لِأَنَّهُ ظَاهر اللَّفْظ فِي معرض الْحجَّة، وَجَازَت مُخَالفَته؛ لِأَن طَرِيقه ظَنِّي كَخَبَر وَاحِد.وَاقْتصر ابْن حمدَان فِي " مقنعه " على قَوْله: انْصَرف إِلَى فعل الْأَكْثَرين. قَالَ ابْن مُفْلِح: كَذَا قَالَ

- ‌قَالَ ابْن مُفْلِح: واقتصار بعض أَصْحَابنَا على (كَانُوا) لَا يدل على التَّفْرِقَة.قَوْله: {فَائِدَتَانِ: إِحْدَاهمَا: قَول غير الصَّحَابِيّ يرفعهُ أَو ينميه أَو يبلغ بِهِ أَو رِوَايَة كالمرفوع صَرِيحًا عِنْد الْعلمَاء} .قَالَ ابْن الصّلاح: حكم ذَلِك عِنْد أهل الْعلم حكم

- ‌ فَصرحَ بِرَفْعِهِ

- ‌ وَبعد مَوته سَوَاء إِلَّا أَن الْحجَّة فِي قَول الصَّحَابِيّ أظهر.قَوْله: {وَقَوله: " كَانُوا يَفْعَلُونَ " كَقَوْل الصَّحَابِيّ ذَلِك

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ بتحديثه؛ لِأَنَّهُ لَا يعلم إِلَّا مِنْهُ وَهُوَ لَا يحدث إِلَّا من حفظه، وَغَيره لَيْسَ كَذَلِك.وَأجَاب الْأَكْثَرُونَ: أَن تَجْوِيز الْخَطَأ وَالنِّسْيَان فِي صُورَة الْقِرَاءَة على الشَّيْخ وَهُوَ يسمع أقرب.قَوْله: {ثمَّ قصد} - أَي الشَّيْخ - {إسماعه وَحده، أَو} قصد إسماعه {مَعَ غَيره} سَاغَ

- ‌ حَيْثُ كتب لأمير السّريَّة كتابا، قَالَ: لَا تَقْرَأهُ حَتَّى تبلغ مَكَان كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا بلغ ذَلِك الْمَكَان قَرَأَهُ على النَّاس، وَأخْبرهمْ بِأَمْر النَّبِي

- ‌ قَرَأَهُ عَلَيْهِ فَيكون وَاقعَة عين يسْقط مِنْهَا الِاسْتِدْلَال للاحتمال

- ‌ يبلغ الْغَائِب بِالْكِتَابَةِ إِلَيْهِ، وَكَانَ

- ‌ بِأَن الِاعْتِمَاد على إِخْبَار الْمُرْسلَة على يَده، وَنقل إِنْكَار ذَلِك عَن الدَّارَقُطْنِيّ

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أَن الله أَمر أَو نهى فكالقرآن.وَقَالَ ابْن أبي مُوسَى، وحفيد القَاضِي وَغَيرهمَا: مَا كَانَ خَبرا عَن الله تَعَالَى أَنه قَالَه فَحكمه كالقرآن} .اسْتدلَّ للْجُوَاز بِعَمَل السّلف من غير نَكِير مِنْهُم فَهُوَ إِجْمَاع.وَقد تقدم أَن الإِمَام أَحْمد قَالَ: مَا زَالَ الْحفاظ يحدثُونَ

- ‌ حَدِيثا فَقَالَ: أَو دون ذَلِك، أَو فَوق ذَلِك أَو قَرِيبا من ذَلِك.وَكَانَ أنس إِذا حدث عَنهُ

- ‌ الْبَراء بن عَازِب عِنْد النّوم: " آمَنت بكتابك الَّذِي أنزلت، وبنبيك الَّذِي أرْسلت ". قَالَ: وَرَسُولك، قَالَ: لَا، وَنَبِيك. مُتَّفق عَلَيْهِ.رد: إِنَّمَا يجوز لمن علم الْمَعْنى.وَفَائِدَة قَوْله للبراء: عدم الالتباس بِجِبْرِيل، أَو الْجمع بَين لَفْظِي النُّبُوَّة والرسالة

- ‌ فَيجْعَل الْإِنْسَان " قَالَ النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ خبر

- ‌ فِي قَوْله: " قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذا قَالَ العَبْد: الْحَمد لله رب الْعَالمين. يَقُول الله تَعَالَى: حمدني عَبدِي…" حَدِيث صَحِيح، ثمَّ روى عبد الله بن زِيَاد بن سمْعَان عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة الْخَبَر وَذكر فِيهِ: " فَإِذا قَالَ

- ‌ أَن نخرج صَدَقَة الْفطر صَاعا من شعير، أَو صَاعا من تمر " انْفَرد سعيد بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحِي عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِزِيَادَة " أَو صَاع من قَمح ".وَحَدِيث ابْن عمر رضي الله عنهما: أَن النَّبِي

- ‌ فَقلت: إِنَّا خبأنا لَك حَيْسًا، فَقَالَ: " أما أَنِّي كنت أُرِيد الصَّوْم، وَلَكِن قربيه "، وأسنده الشَّافِعِي عَن سُفْيَان هَكَذَا.وَرَوَاهُ عَن سُفْيَان شيخ باهلي، وَزِيَادَة فِيهِ: " وَأَصُوم يَوْمًا مَكَانَهُ " ثمَّ عرضته عَلَيْهِ قبل مَوته بِسنة فَذكر هَذِه الزِّيَادَة.قَوْله: {وَلَو أسْندهُ

- ‌ أُخْرَى.وَحَكَاهُ بعض أَصْحَابنَا عَن الشَّافِعِيَّة، قَالَه ابْن مُفْلِح، وَقطع بِهِ الرَّازِيّ، وَأَتْبَاعه فِيمَا إِذا كَانَ الرَّاوِي وَاحِدًا. وَخَالف بعض الْمُحدثين فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، وَحَكَاهُ فِي " منهاج الْبَيْضَاوِيّ " قولا فِي الْمَسْأَلَة، وَعلله فَقَالَ: لِأَن إهماله يدل على الضعْف.وَحمله

- ‌ حَدِيث: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي ".وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي بردة عَن النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ عَن بيع الثَّمَرَة حَتَّى تزهي، فَيتْرك: حَتَّى تزهي.وَكَقَوْلِه

- ‌ توضؤوا مِمَّا مست النَّار " فَقَالَ: أَنَتَوَضَّأُ من الْحَمِيم؟ - أَي: المَاء الْحَار - فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: يَا ابْن أخي إِذا سَمِعت حَدِيثا عَن النَّبِي

- ‌ أكل من كتف شَاة وَصلى وَلم يتَوَضَّأ.وَأَيْضًا خبر معَاذ سبق فِي أَن الْإِجْمَاع حجَّة؛ وَلِأَن الْخَبَر أقوى فِي غَلَبَة الظَّن؛ لِأَنَّهُ يجْتَهد فِيهِ فِي الْعَدَالَة وَالدّلَالَة، ويجتهد فِي الْقيَاس فِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ عِنْد أَصْحَابنَا، والكرخي، والجرجاني، وَبَعض الشَّافِعِيَّة، والمحدثين، وَهُوَ ظَاهر كَلَام أَحْمد:} رُبمَا كَانَ الْمُنْقَطع أقوى إِسْنَادًا.وَقَالَهُ ابْن الْحَاجِب وَكثير من الْأُصُولِيِّينَ، بل ينْسب هَذَا القَوْل إِلَى الْأُصُولِيِّينَ.{وَخَصه أَكثر الْمُحدثين} وَكثير من الْأُصُولِيِّينَ

- ‌ على مَذْهَبهم.وكسعيد بن الْمسيب، وعلقمة بن قيس النَّخعِيّ - ولد فِي حَيَاة النَّبِي

- ‌ وَمَا رَوَاهُ تَابع التَّابِعِيّ فيسمونه معضلا، فَسمى

- ‌ أَو لَا، وَفِيه نظر.قَوْله: {فَلَو قَالَه تَابع التَّابِعِيّ، أَو سقط بَين الروايين أَكثر من وَاحِد فمعضل} .هَذَا تَفْرِيع على قَول أَكثر الْمُحدثين إِن الْمُرْسل لَا يكون إِلَّا من التَّابِعين، فَلَو قَالَ تَابع التَّابِعِيّ أَو سقط أَكثر من وَاحِد سمي معضلا فِي اصطلاحهم

- ‌ من وَجه آخر، معنى ذَلِك الْمُرْسل، أَو يُرْسِلهُ غَيره وشيوخهما مُخْتَلفَة، أَو يعضده قَول صَحَابِيّ أَو قَول عَامَّة الْعلمَاء.وَكَلَام الإِمَام أَحْمد فِي الْمُرْسل قريب من كَلَام الشَّافِعِي

- ‌ أَو يعضده بِمَا سبق فِي مَرَاسِيل التَّابِعين.وَهَذَا بِنَاء على الْمَشْهُور من تَعْلِيل الْمَنْع بِأَن الصَّحَابِيّ قد يروي عَمَّن لَا يعلم عَدَالَته.قَوْله: {تَنْبِيه: اسْتثْنِي مَرَاسِيل صغارهم كمحمد بن أبي بكر

- ‌ وَهُوَ وَاضح جدا.قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدّين ابْن حجر فِي " شرح البُخَارِيّ ": أَحَادِيث مثل هَؤُلَاءِ من مَرَاسِيل كبار التَّابِعين لَا من قبيل مَرَاسِيل الصَّحَابَة الَّذين سمعُوا من النَّبِي

- ‌ بِثَلَاثَة أشهر وَأَيَّام كَمَا ثَبت فِي مُسلم أَن أمه أَسمَاء بنت عُمَيْس وَلدته فِي حجَّة الْوَدَاع قبل أَن يدخلُوا مَكَّة، وَذَلِكَ فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة عشر من الْهِجْرَة، وَالله أعلم

- ‌(بَاب الْأَمر)

- ‌{بَاب الْأَمر: حَقِيقَة فِي القَوْل الْمَخْصُوص اتِّفَاقًا)

- ‌ صرح بِهِ فِي " الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة ".وَهَذَا الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الإِمَام أَحْمد وَأَصْحَابه، وَأكْثر الْعلمَاء

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ هُوَ الْمعبر عَن كتاب الله: {ظَاهره: لَا صِيغَة لَهُ} ، بل الْوَقْف؛ {حَتَّى يتَبَيَّن المُرَاد} من وجوب وَندب، قَالَ بعض أَصْحَابنَا: نَص أَحْمد فِي الْعُمُوم، وَاعْتبر القَاضِي جنس الظَّاهِر وَهُوَ اعْتِبَار جيد.فَيبقى قد حكى رِوَايَة بِمَنْع التَّمَسُّك بالظواهر الْمُجَرَّدَة؛ حَتَّى يعلم

- ‌ صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " بِخِلَاف نَحْو: {وصل عَلَيْهِم} [التَّوْبَة:

- ‌ لعمر بن أبي سَلمَة: " يَا غُلَام سم الله وكل بيمينك وكل مِمَّا يليك " مُتَّفق عَلَيْهِ، وَقَالَ لعكراش: " كل من مَوضِع وَاحِد فَإِنَّهُ طَعَام وَاحِد ".وَمِنْهُم من يدْخل ذَلِك فِي قسم النّدب، مِنْهُم: الْبَيْضَاوِيّ، وَمِنْهُم من قَالَ: يقرب من النّدب، وَهُوَ يدل على الْمُغَايرَة

- ‌ لأبي هُرَيْرَة: " فاختص على ذَلِك أَو ذَر " رَوَاهُ البُخَارِيّ

- ‌ وَهُوَ على تَبُوك: " كن أَبَا ذَر

- ‌ قَالَ: " لَا تزوج المرأةُ الْمَرْأَة، وَلَا تزوج الْمَرْأَة نَفسهَا " بِالرَّفْع؛ إِذْ لَو كَانَ نهيا لجزم فيكسر لالتقاء الساكنين

- ‌ كن عبد الله الْمَقْتُول وَلَا تكن عبد الله الْقَاتِل "، فَإِنَّمَا الْمَقْصُود الاستسلام والكف عَن الْفِتَن.فَهَذَا الَّذِي وَقع اختيارنا عَلَيْهِ، وَقد ذكر جمَاعَة من الْعلمَاء غير ذَلِك مِمَّا فِيهِ نظر، مِنْهَا - وَهُوَ

- ‌ فَلَا يغمس يَده فِي الْإِنَاء حَتَّى يغسلهَا ثَلَاثًا " بِدَلِيل " فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده ". قَالَ الْبرمَاوِيّ: هَذَا دَاخل تَحت النّدب، فَلَا حَاجَة لإفراده.قلت: لَيست فِي هَذَا صِيغَة أَمر، وَإِنَّمَا هُوَ صِيغَة نهي كَمَا ترى

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أسهل مِمَّا نهى عَنهُ.قَالَ جمَاعَة من أَصْحَابنَا: لَعَلَّه أَرَادَ لِأَن جمَاعَة قَالُوا: الْأَمر للنَّدْب وَلَا تكْرَار، وَالنَّهْي للتَّحْرِيم والدوام، لِئَلَّا يُخَالف نصوصه.وَأما أَبُو الْخطاب فَإِنَّهُ أَخذ مِنْهُ أَنه للنَّدْب.وَوجه هَذَا القَوْل: أَنا نحمل الْأَمر الْمُطلق على مُطلق الرجحان

- ‌ إِذا أَمرتكُم بِأَمْر فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم "، فَرده إِلَى استطاعتنا؛ وَلِأَنَّهُ الْيَقِين؛ وَلِأَن الْمَنْدُوب مَأْمُور بِهِ حَقِيقَة.رد الأول بِأَن كل وَاجِب كَذَلِك، وَالثَّانِي: بِأَن الْإِبَاحَة أولى لتيقن نفي الْحَرج عَن الْفِعْل بِخِلَاف رُجْحَان جَانِبه.الْمَذْهَب الثَّالِث: أَنه

- ‌ الْمُبْتَدَأ للنَّدْب، أَي: الَّذِي لَيْسَ مُوَافقا لنَصّ أَو بَيَانا لمجمل

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌وَكَقَوْلِه لعَبْدِهِ: لَا تَأْكُل هَذَا، ثمَّ يَقُول: كُله.وَاعْترض بقوله: لَا تقتل هَذَا، ثمَّ يَقُول: اقتله، للْإِيجَاب

- ‌ فِي التَّشَهُّد الْأَخير بِمَا ثَبت عَن النَّبِي

- ‌(قَوْله: فصل)

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ وَقَالَ: " مر أَصْحَابك أَن يرفعوا أَصْوَاتهم بِالتَّلْبِيَةِ " فَجعلُوا النّدب إِلَى الصّفة وَهُوَ رفع الصَّوْت بهَا

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(بَاب النَّهْي)

- ‌(قَوْله: {بَاب النَّهْي} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ لَا تَبِيعُوا الذَّهَب إِلَّا مثلا بِمثل " الحَدِيث، ولنكاح الْمحرم بِالنَّهْي عَنهُ، وكبيع الطَّعَام قبل قَبضه وشاع وذاع من غير نَكِير.فَإِن قلت احتجاجهم إِنَّمَا هُوَ على التَّحْرِيم لَا على الْفساد، قلت: بل على كليهمَا، أَلا ترى إِلَى حَدِيث بيع الصاعين بالصاع، وَقَوله

- ‌ قَالَ: " من عمل عملا لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا فَهُوَ رد "، وَالرَّدّ إِذا أضيف إِلَى الْعِبَادَات اقْتضى عدم الِاعْتِدَاد، وَإِن أضيف إِلَى الْعُقُود اقْتضى الْفساد.فَإِن قيل: وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ بمقبول، وَلَا طَاعَة

- ‌ لَا تمش فِي نعل وَاحِدَة "، فَإِنَّهُ مَنْهِيّ عَنهُ لَا عَن لبسهما، وَلَا عَن نزعهما، وَلذَلِك قَالَ: " ليلبسهما جَمِيعًا أَو ليحفهما جَمِيعًا ".الثَّالِث: أَن يكون نهيا عَن الْجَمِيع، أَي: كل وَاحِد، سَوَاء أَتَى بِهِ مُنْفَردا أَو مَعَ الآخر، كالنهي عَن الزِّنَا، والربا، وَالسَّرِقَة

- ‌(بَاب الْعَام)

- ‌(قَوْله: {بَاب} )

- ‌ الطّواف بِالْبَيْتِ صَلَاة إِلَّا أَن الله أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَام "، فَإِن الِاسْتِثْنَاء معيار الْعُمُوم فَدلَّ على تَعْمِيم كَون الطّواف صَلَاة، وَكَون الطّواف صَلَاة مجَاز.قَوْله: {وَالْخَاص بِخِلَافِهِ} ، أَي: بِخِلَاف الْعَام، {أَي: مَا دلّ وَلَيْسَ بعام فَلَا يرد المهمل} .قَالَ القطب

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ لما رَجَعَ من الْأَحْزَاب قَالَ: " لَا يصلين أحد الْعَصْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة " فَأدْرك بَعضهم الْعَصْر فِي الطَّرِيق، فَقَالَ بَعضهم: لَا نصلي حَتَّى نأتيها، وَقَالَ بَعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذَلِك، فَذكر للنَّبِي

- ‌ فَقَالَ: لَو كَانَ لي من الْأَمر شَيْء ثمَّ وجدت أحدا فعل ذَلِك لجعلته نكالا. فَقَالَ ابْن شهَاب: أرَاهُ عليا. قَالَ مَالك: وَبَلغنِي عَن الزبير مثل ذَلِك.وللطحاوي وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس كَقَوْل عُثْمَان.وللبخاري عَن زيد بن ثَابت أَنه لما نزل: {لَا يَسْتَوِي

- ‌ هُوَ الْمعبر عَن الْكتاب، وَالْآيَة إِنَّمَا قصدت للْمُسلمِ لَا الْكَافِر. انْتهى.وَخَالف الشَّيْخ تَقِيّ الدّين، والآمدي، والقرافي، والأصفهاني فِي " شرح الْمَحْصُول "، وَغَيرهم.قَالَ الْقَرَافِيّ، وَتَابعه ابْن قَاضِي الْجَبَل فِي " أُصُوله ": صِيغ الْعُمُوم وَإِن كَانَت عَامَّة فِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أَيّمَا امْرَأَة نكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل

- ‌ حِكَايَة عَن ربه

- ‌ فِي حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ: " كل ذَلِك لم يكن " جَوَابا لقَوْله: (أنسيت، أم قصرت الصَّلَاة؟) أَي: لم يكن كل من الْأَمريْنِ، لَكِن بِحَسب ظَنّه

- ‌ ارْتَدَّت الْعَرَب قاطبة)

- ‌ فِي التَّشَهُّد فِي السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين: " فَإِنَّكُم إِذا قُلْتُمْ ذَلِك فقد سلمتم على كل عبد الله صَالح فِي السَّمَاء وَالْأَرْض " رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم.وَقيل: لَا تعم، فَلَا تفِيد الِاسْتِغْرَاق.وَحَكَاهُ صَاحب الْمُعْتَمد عَن الجبائي، وَحكي أَيْضا عَن جمع من

- ‌(فصل:)

- ‌ وَقَالَ: " صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ". انْتهى

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌وَفِي لفظ البُخَارِيّ: " هُوَ أَخُوك يَا عبد ".وَلأَحْمَد، وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَاد جيد من حَدِيث عبد الله بن الزبير أَن زَمعَة

- ‌ الْوَلَد للْفراش " وَإِن كَانَ واردا فِي أمه فَهُوَ وَارِد لبَيَان حكم ذَلِك الْوَلَد، وَبَيَان حكمه إِمَّا بالثبوت أَو بالانتفاء فَإِذا ثَبت أَن الْفراش هُوَ الزَّوْجَة؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يتَّخذ لَهَا الْفراش غَالِبا، وَقَالَ الْوَلَد للْفراش كَانَ فِيهِ حصر أَن الْوَلَد للْحرَّة، وَمُقْتَضى ذَلِك أَن لَا يكون

- ‌ فِي منع كَون الصَّلَاة من الله الرَّحْمَة: الْأَكْثَرُونَ لَا يجوزون اسْتِعْمَال اللَّفْظ الْمُشْتَرك فِي معنييه لَا بطرِيق الْحَقِيقَة، وَلَا بطرِيق الْمجَاز، ورد مَا ورد عَن الشَّافِعِي قَالَ: وَقد ذكرنَا على إبِْطَال اسْتِعْمَال اللَّفْظ الْمُشْتَرك فِي معنييه مَعًا بضعَة عشر دَلِيلا فِي مَسْأَلَة الْقُرْء فِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ هُوَ الْمعبر عَن الْكتاب إِن الْآيَة إِنَّمَا قصدت الْمُسلم، لَا الْكَافِر.وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: سَمَّاهُ عَاما وَهُوَ مُطلق فِي الْأَحْوَال يعمها على الْبَدَل، وَمن أَخذ بِهَذَا لم يَأْخُذ بِمَا دلّ عَلَيْهِ ظَاهر لفظ الْقُرْآن، بل بِمَا ظهر لَهُ مِمَّا سكت عَنهُ الْقُرْآن

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ دَاخل الْكَعْبَة لَا يعم الْفَرْض وَالنَّفْل فَلَا يحْتَج بِهِ على جوازهما فِيهَا، وَقَول الرَّاوِي: صلى النَّبِي

- ‌ يَتَخَوَّلنَا بِالْمَوْعِظَةِ " فَالْمُرَاد هُنَا الِاسْتِمْرَار

- ‌ إِذا سلم سلم ثَلَاثًا، وَإِذا تكلم بِكَلِمَة أَعَادَهَا ثَلَاثًا.وَمِنْه: كَانَ يعالج من التَّنْزِيل شدَّة. فَهِيَ كَذَلِك تفِيد الِاسْتِمْرَار والتكرار.قَالَ ابْن مُفْلِح: وَهِي لمُطلق الْفِعْل فِي الْمَاضِي كَسَائِر الْأَفْعَال تكَرر، أَو انْقَطع أَو لَا، فَلهَذَا قَالَ جمَاعَة: يَصح وَيصدق على وجود

- ‌ أَجود النَّاس. الحَدِيث.ولمجرد الْفِعْل قَلِيلا من غير تكَرر، نَحْو: كَانَ النَّبِي

- ‌ لِحلِّهِ وَحرمه

- ‌ يبْعَث عبد الله بن رَوَاحَة إِلَى يهود خَيْبَر فيخرص النّخل. فَهَذَا لَا يُمكن فِيهِ التّكْرَار؛ لِأَن فتح خَيْبَر كَانَ سنة سبع، وَعبد الله بن رَوَاحَة قتل فِي غَزْوَة مُؤْتَة سنة ثَمَان.وَاعْلَم أَن هَذَا الْخلاف غير خلاف النُّحَاة فِي أَن (كَانَ) هَل تدل على الِانْقِطَاع أَو لَا؟ اخْتِيَار

- ‌قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله ": وَأما الْأمة فَلم تدخل بِفِعْلِهِ

- ‌ أما أَنا فأفيض المَاء

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ فِي سَائِمَة الْغنم الزَّكَاة " يَقْتَضِي عُمُومه سلب الحكم عَن معلوفة الْغنم دون غَيرهَا على الصَّحِيح، فَمَتَى جَعَلْنَاهُ حجَّة لزم انْتِفَاء الحكم عَن جملَة صور الْمُخَالفَة، وَإِلَّا لم يكن للتخصيص فَائِدَة، وتأولوا ذَلِك على أَن الْمُخَالفين أَرَادوا أَنه لم يثبت بالمنطوق وَلَا يَخْتَلِفُونَ

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ فِيمَا رَوَاهُ أَحْمد، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ: " لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر وَلَا ذُو عهد فِي عَهده ".وَالْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مَشْهُور بَين الْعلمَاء مَعَ الِاتِّفَاق على أَن النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي للْعُمُوم.فالحنفية وَمن تَابعهمْ يقدرُونَ تتميما للجملة الثَّانِيَة لفظا عَاما تَسْوِيَة

- ‌ الحَدِيث.وَمِنْهُم من يصحح التَّرْجَمَة بالْعَطْف على الْعَام، وَأَن هَذَا خرج مخرج اللقب على الْمَسْأَلَة لَا لمراعاة قيودها.وَترْجم الرَّازِيّ، والبيضاوي، والهندي بعطف الْخَاص على الْعَام لَا يَقْتَضِي تَخْصِيص الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، فَإِن (بِكَافِر) فِي الْجُمْلَة الثَّانِيَة مُخَصص

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ لَا يبولن أحدكُم فِي المَاء الدَّائِم وَلَا يغْتَسل فِيهِ من جَنَابَة "؛ لِأَن الأَصْل عدم الشّركَة.قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: لَا يلْزم من تنجيسه بالبول تنجيسه بالاغتسال.وَمن الدَّلِيل أَيْضا قَوْله تَعَالَى: {كلوا من ثمره إِذا أثمر وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} [

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ سَأَلَهُ رجل فَقَالَ: تدركني الصَّلَاة وَأَنا جنب فأصوم؟ فَقَالَ

- ‌ لِأَنَّهُ إمَامهمْ وقدوتهم وسيدهم الَّذِي يصدر فعلهم عَن رَأْيه وإرشاده. انْتهى.فتلخص أَن خطابه ثَلَاثَة أَنْوَاع:أَحدهَا: يكون مُخْتَصًّا بِهِ بِلَا نزاع.وَالثَّانِي: دُخُول أمته مَعَه بِلَا نزاع.وَالثَّالِث: مَحل الْخلاف.تَنْبِيه: عكس هَذِه الْمَسْأَلَة، نَحْو: يَا

- ‌ فِيهِ الْخلاف الْمُتَقَدّم.وَالصَّحِيح أَنه يعمه على مَا تقدم، لَكِن قَالَ ابْن عقيل فِي " الْوَاضِح ": نفي دَخَلُوهُ هُنَا عَن الْأَكْثَر من الْفُقَهَاء والمتكلمين، وَذَلِكَ بِنَاء على أَنه لَا يَأْمر كالسيد مَعَ عبيده.رد بِأَنَّهُ مخبر بِأَمْر الله تَعَالَى.قلت: هُوَ كَمَا قَالَه

- ‌ مَبْعُوثًا إِلَى الْجَمِيع.رد بِالْمَنْعِ، فَإِن مَعْنَاهُ تَعْرِيف كل وَاحِد مَا يخْتَص بِهِ، وَلَا يلْزم شركَة الْجَمِيع فِي الْجَمِيع.قَالُوا: هُوَ إِجْمَاع الصَّحَابَة لرجوعهم إِلَى قصَّة مَاعِز، وَبرْوَع بنت واشق، وَأَخذه الْجِزْيَة من مجوس هجر، وَغير ذَلِك

- ‌ مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ " فَلَا يدْخل فِيهِ غَيره.وَعند الشَّافِعِي، وَأكْثر الْعلمَاء، مِنْهُم: الْحَنَفِيَّة، أَنه لَا يعم.قَالَت الْحَنَفِيَّة: لِأَنَّهُ عَم فِي الَّتِي قبلهَا لفهم الِاتِّبَاع؛ لِأَنَّهُ مُتبع وَهنا مُتبع.{وَاخْتَارَ أَبُو الْمَعَالِي} أَنه {يعم هُنَا وَأَنه قَول

- ‌ لزيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ كَمَا فِي أبي دَاوُد، كَمَا رخص لأبي بردة، وَرخّص أَيْضا لعقبة بن عَامر كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ ".وَهُوَ مَبْنِيّ على تَخْصِيص لعُمُوم بعد تَخْصِيص.وَاسْتدلَّ للْأولِ - وَهُوَ الصَّحِيح - رُجُوع الصَّحَابَة إِلَى التَّمَسُّك بقضايا الْأَعْيَان كقصة مَاعِز، ودية الْجَنِين

- ‌ أَو قضى يعم، وَلَو اخْتصَّ بِمن سوقه [لَهُ] لم يعم لاحْتِمَال سَماع الرَّاوِي أمرا، أَو نهيا لوَاحِد فَلَا يكون عَاما.قَالُوا: لنا مَا تقدم من الْقطع والتخصيص.قُلْنَا: سبق جوابهما.قَالُوا: يلْزم عدم فَائِدَة (حكمي على الْوَاحِد)

- ‌ إِلَى أمته يخرج على الْخطاب المتوجه إِلَيْهِ عِنْد الْأَكْثَر} .قَالَ صَاحب " الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة " فِي " مُخْتَصره فِي الْأُصُول ": وَحكم فعله عليه الصلاة والسلام فِي تعديه إِلَى أمته يخرج على الْخلاف فِي الْخطاب المتوجه إِلَيْهِ عِنْد الْأَكْثَر.وَفرق أَبُو الْمَعَالِي وَغَيره

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ من جر ثَوْبه خلاء لم ينظر الله إِلَيْهِ " فَقَالَت أم سَلمَة: فَكيف يصنع النِّسَاء بذيولهن؟ فأقرها النَّبِي

- ‌ من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ " لَا يَتَنَاوَلهَا، وَالصَّحِيح من مَذْهَبنَا، وَمذهب الْجُمْهُور أَنَّهَا تقتل؛ لدخولها فِي الحَدِيث.تَنْبِيه: قد تقدم (من) الشّرطِيَّة فِي أول صِيغ الْعُمُوم وَكَذَلِكَ (من) الاستفهامية، وتقييدهم هُنَا بِمن الشّرطِيَّة يخرج (من) الموصولة

- ‌ إِلَّا أَن يدل دَلِيل على مشاركتهم لَهُم فِيمَا خوطبوا بِهِ، وَذَلِكَ لِأَن اللَّفْظ قَاصِر عَلَيْهِم فَلَا يتعداهم. وَالْمرَاد الْيَهُود وَالنَّصَارَى.وَخَالف فِي هَذَا الشَّيْخ مجد الدّين بن تَيْمِية فِي " مسودته "، فَقَالَ: يَشْمَل الْأمة إِن شركوهم فِي الْمَعْنى، قَالَ: لِأَن شَرعه عَام لبني

- ‌ مخاطِبا مخاطَبا مبلِّغا مبلَّغا باعتبارين.وَرُبمَا اعتل الْمَانِع بِأَنَّهُ

- ‌ دَاخل فِي الحكم كالأمة قطعا.ورد بِاحْتِمَال أَن يَقُول الْمُخَالف إِن ذَلِك بِدَلِيل خارجي، وَتظهر فَائِدَته فِيمَا إِذا فعل مَا يُخَالف ذَلِك، هَل يكون نسخا فِي حَقه إِن قُلْنَا هُوَ دَاخل فنسخ، أَي: إِذا دخل وَقت الْعَمَل؛ لِأَن ذَلِك شَرط الْمَسْأَلَة وَإِلَّا فَلَا

- ‌ وَحصل ذَلِك إِخْبَارًا عَن أَمر الله تَعَالَى عِنْد وجودنا مُقْتَض بطرِيق التَّصْدِيق والتكذيب، وَأَن لَا يكون قسيما للْخَبَر. انْتهى.قَالَ الْبرمَاوِيّ: مِمَّا اخْتلف فِي عُمُومه الْخطاب الْوَارِد شفاها فِي الْكتاب وَالسّنة، مثل قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّاس} ، {يَا أَيهَا

- ‌ مُرْسلا إِلَيْهِم، بِأَنَّهُ لَا يتَعَيَّن الْخطاب الشفاهي فِي الْإِرْسَال، بل مُطلق الْخطاب كَاف، وَالله أعلم

- ‌ أَن يتَزَوَّج بِلَا ولي، وَلَا شُهُود، وزمن الْإِحْرَام؟ فِي الْمَسْأَلَة وَجْهَان لِأَصْحَابِنَا، الْمَشْهُور فِي الْمَذْهَب جَوَاز ذَلِك لَهُ، وَخَالف ابْن حَامِد فِي ذَلِك.وَقَالَ الشَّيْخ موفق الدّين: يُمكن أَن تنبني هَذِه الْمَسْأَلَة على أَن مَا ثَبت فِي حَقهم شاركهم النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

الفصل: ‌ وقال: " صلوا كما رأيتموني أصلي ". انتهى

وَقَالَ الْبَلْخِي: حجَّة إِن خص بِمُتَّصِل، وَإِن خص بمنفصل فمجمل فِي الْبَاقِي.

وَقَالَ أَبُو عبد الله الْبَصْرِيّ: إِن كَانَ الْعُمُوم منبئا عَنهُ قبل التَّخْصِيص ك {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين} منبئ عَن الذِّمِّيّ، وَإِلَّا فَلَا، ك (السَّارِق) لَا يُنبئ عَن النّصاب والحرز فيفتقر إِلَى بَيَان كَحكم مُجمل.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: ك {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين} [التَّوْبَة: 5] فَهُوَ حجَّة فَإِنَّهُ يُنبئ عَن الْحَرْبِيّ كَمَا يُنبئ عَن الْمُسْتَأْمن، وَإِن يكن منبئا فَلَيْسَ بِحجَّة، ك {وَالسَّارِق والسارقة} [الْمَائِدَة: 38] فَإِنَّهُ لَا يُنبئ عَن النّصاب والحرز، فَإِذا انْتَفَى الْعَمَل بِهِ عِنْد عدم النّصاب والحرز، لم يعْمل بِهِ عِنْد وجودهما. انْتهى.

قَالَ عبد الْجَبَّار: إِن كَانَ قبله غير مفتقر إِلَى بَيَان ك (الْمُشْركين) فَهُوَ حجَّة، وَإِلَّا فَلَا، ك (أقِيمُوا الصَّلَاة) فَإِنَّهُ مفتقر قبل إِخْرَاج الْحَائِض.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: هُوَ حجَّة عندنَا إِن كَانَ لَا يتَوَقَّف على الْبَيَان، ك (الْمُشْركين) فَإِنَّهُ بَين فِي الذِّمِّيّ قبل إِخْرَاجه بِخِلَاف نَحْو:(أقِيمُوا الصَّلَاة) فَإِنَّهُ مفتقر إِلَى الْبَيَان قبل إِخْرَاج الْحَائِض من عُمُوم اللَّفْظ؛ وَلذَلِك بَينه صلى الله عليه وسلم َ -،‌

‌ وَقَالَ: " صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ". انْتهى

.

ص: 2371

قَالَ ابْن مُفْلِح: رد؛ إِذْ لَا فرق، ثمَّ فرق ابْن عقيل بِأَنَّهُ إِذا خرج من (أقِيمُوا الصَّلَاة) من لم يرد، وَلم يُمكن الْحمل على المُرَاد بِالْآيَةِ. انْتهى.

وَقَالَ أَبُو ثَوْر، وَبَعض أَصْحَابنَا، وَعِيسَى بن أبان، والكرخي، وَحَكَاهُ الْقفال الشَّاشِي عَن أهل الْعرَاق، وَحَكَاهُ الْغَزالِيّ عَن الْقَدَرِيَّة، وَنَقله إِمَام الْحَرَمَيْنِ، وَابْن الْقشيرِي، عَن كثير من الشَّافِعِيَّة، والمالكية، وَالْحَنَفِيَّة، وَعَن الجبائي وَابْنه: إِنَّه لَيْسَ بِحجَّة.

قَالُوا: لِأَن اللَّفْظ مَوْضُوع للاستغراق وَإِنَّمَا يخرج عَنهُ بِقَرِينَة، وَمِقْدَار تَأْثِير الْقَرِينَة فِي اللَّفْظ مَجْهُول فَيصير مُجملا.

قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله ": وَمُرَاد من قَالَ من أَصْحَابنَا بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحجَّة إِلَّا فِي الِاسْتِثْنَاء بِمَعْلُوم فَإِنَّهُ بالِاتِّفَاقِ.

ص: 2372

ذكره القَاضِي وَالْمجد من أَصْحَابنَا وَغَيرهمَا، وَاحْتَجُّوا بِهِ وَفهم الْآمِدِيّ، وَغَيره الْإِطْلَاق فَلم يستثنوا ذَلِك.

قَوْله: {وَقيل بِالْوَقْفِ} ، أَي فِي الْمَسْأَلَة، فَلَا يحكم بِأَنَّهُ خَاص أَو عَام أَلا بِدَلِيل، حَكَاهُ ابْن الْقطَّان، وَجعله مغايرا لقَوْل ابْن أبان وَغَيره.

نعم، من يَقُول: أَنه مُجمل اخْتلفُوا: هَل هُوَ مُجمل من حَيْثُ اللَّفْظ وَالْمعْنَى؛ فَإِنَّهُ لَا يعقل المُرَاد من ظَاهره إِلَّا بِقَرِينَة، أَو مُجمل من حَيْثُ الْمَعْنى فَقَط؟ وَجْهَان للشَّافِعِيَّة: الْأَكْثَرُونَ على الثَّانِي لافتقار الْعَام الْمَخْصُوص لقَرِينَة تبين مَا هُوَ مُرَاد بِهِ، وافتقار الْعَام المُرَاد بِهِ خَاص إِلَى قرينَة تبين مَا لَيْسَ مرَادا بِهِ فتزيد الْمذَاهب.

وَاسْتدلَّ للصحيح بِمَا سبق فِي إِثْبَات الْعُمُوم بِأَن الصَّحَابَة لم تزل تستدل بالعمومات مَعَ وجود التَّخْصِيص فِيهَا، وَلَو قَالَ: أكْرم بني تَمِيم وَلَا تكرم فلَانا فَترك عصي قطعا، وَلِأَنَّهُ كَانَ حجَّة، وَالْأَصْل بَقَاؤُهُ؛ وَلِأَن دلَالَته على بعض لَا تتَوَقَّف على بعض آخر للدور.

وَاسْتدلَّ: لَو لم يكن حجَّة بعد التَّخْصِيص كَانَت دلَالَته عَلَيْهِ قبله مَوْقُوفَة على دلَالَته على الآخر وَاللَّازِم بَاطِل؛ لِأَنَّهُ إِن عكس فدور، وَإِلَّا فتحكم.

ص: 2373

فَأُجِيب بِالْعَكْسِ، وَلَا دور؛ لِأَنَّهُ توقف معية كتوقف كل من معلولي عِلّة على الآخر، لَا توقف تقدم كتوقف مَعْلُول على عِلّة.

قَالُوا: صَار مجَازًا.

رد بِالْمَنْعِ، ثمَّ هِيَ حجَّة.

وَأجَاب أَبُو الْخطاب فِي " التَّمْهِيد " بِأَنَّهُ مجَاز لُغَة، حَقِيقَة شرعا.

قَالُوا: صَار مُجملا؛ لِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه مجَاز فِي الْبَاقِي، وَفِي كل فَرد مِنْهُ، وَلَا تَرْجِيح.

رد: بِالْمَنْعِ؛ لِأَن الْبَاقِي كَانَ مرَادا، وَالْأَصْل بَقَاؤُهُ.

فَائِدَة: قَالَ ابْن الْعِرَاقِيّ، وَغَيره فِي " شرح جمع الْجَوَامِع ": الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مُفَرع على القَوْل بِأَن الْعَام بعد التَّخْصِيص مجَاز، فَأَما إِن قُلْنَا إِنَّه حَقِيقَة فَهُوَ حجَّة قطعا، وَكَانَ يَنْبَغِي الإفصاح فِي ذَلِك؛ لدفع الْإِيهَام. انْتهى.

قلت: وَهُوَ ظَاهر صَنِيع ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله "، فَإِنَّهُ فِي الْمَسْأَلَة الأولى نصر أَن الْعَام بعد التَّخْصِيص مجَاز، وَنصر بعد ذَلِك أَنه حجَّة.

وَقَالَ الْبرمَاوِيّ: قد ذكرنَا أَن الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مُفَرع على الَّتِي

ص: 2374

قبلهَا، نعم، من جوز التَّعَلُّق بِهِ مَعَ كَونه مجَازًا كَالْقَاضِي يبْقى الْخلاف على قَوْله لفظيا، كَمَا قَالَه أَبُو حَامِد وَغَيره؛ لِأَنَّهُ هَل يحْتَج بِهِ، وَيُسمى مجَازًا أم لَا يُسمى مجَازًا؟

وَقَالَ صَاحب " الْمِيزَان " من الْحَنَفِيَّة: إِن الْمَسْأَلَة مفرعة على أَن دلَالَة الْعَام على أَفْرَاده قَطْعِيَّة، أَو ظنية، فَمن قَالَ قَطْعِيَّة جعل الَّذِي خص كَالَّذي لم يخص.

قيل: وَفِيه نظر.

وَقيل: مفرعة على أَن اللَّفْظ الْعَام هَل يتَنَاوَل الْجِنْس، وتندرج الْآحَاد تَحْتَهُ ضَرُورَة اشتماله عَلَيْهَا، أَو يتَنَاوَل الْآحَاد وَاحِدًا وَاحِدًا؛ حَتَّى يسْتَغْرق الْجِنْس؟

فالمعتزلة قَالُوا بِالْأولِ، فَعِنْدَ الْإِطْلَاق يظْهر عُمُومه، فَإِذا خص تبين أَنه لم يرد الْعُمُوم، وَعند إِرَادَة عدم الْعُمُوم لَيْسَ بعض أولى من بعض فَيكون مُجملا. انْتهى.

تَنْبِيه: وَقد علمنَا أَن هَذَا الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَام الْمَخْصُوص، أما الْعَام المُرَاد بِهِ الْخُصُوص فمجاز قطعا.

ص: 2375

قَوْله: {وَلَو خص بِمَجْهُول لم يكن حجَّة كاقتلوا الْمُشْركين إِلَّا بَعضهم اتِّفَاقًا} . قَالَه جمع مِنْهُم: الباقلاني، والآمدي، والأصفهاني فِي " شرح الْمَحْصُول "، وَهُوَ ظَاهر تَقْيِيد ابْن الْحَاجِب، والبيضاوي، وَغَيرهمَا.

مَحل الْخلاف الْمُخَصّص بِمعين، وَقطع بِهِ أَبُو الْخطاب فِي " التَّمْهِيد "، وَابْن عقيل فِي " الْوَاضِح "، وَغَيرهمَا، فَلَا يسْتَدلّ بِالْآيَةِ على الْأَمر بقتل فَرد من الْأَفْرَاد، إِذْ مَا من فَرد إِلَّا وَيجوز أَن يكون هُوَ الْمخْرج، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:{أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم} [الْمَائِدَة: 1] .

ص: 2376

وَقَالَ الرَّازِيّ وَغَيره: حجَّة.

قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله ": وَاخْتَارَهُ صَاحب " الْمَحْصُول "، وَأَشَارَ إِلَيْهِ فِي " التَّمْهِيد "، فَإِنَّهُ قَالَ: أَلا ترى أَنه لَو أقرّ بِعشْرَة إِلَّا درهما لزمَه تِسْعَة، وَلَو قَالَ: إِلَّا شَيْئا إِلَّا عددا جهلنا الْبَاقِي فَلم يُمكن الحكم بِهِ، فعلى هَذَا يقف على الْبَيَان. انْتهى.

وَقدمه فِي " جمع الْجَوَامِع "، وَعَزاهُ إِلَى الْأَكْثَر، وَتبع فِي ذَلِك ابْن برهَان، وَالصَّوَاب مَا تقدم، وَالَّذِي حَكَاهُ الْبرمَاوِيّ عَن الرَّازِيّ أَنه لَيْسَ بِحجَّة، فَليعلم ذَلِك، قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَلَيْسَ حِكَايَة الِاتِّفَاق بصحيحة.

فَفِي " الْوَجِيز " لِابْنِ برهَان حِكَايَة الْخلاف فِي هَذِه الْحَالة، بل صحّح الْعَمَل بِهِ مَعَ الْإِبْهَام قَالَ: لأَنا إِذا نَظرنَا إِلَى فَرد شككنا فِيهِ: هَل هُوَ من الْمخْرج، أَو لَا؟ وَالْأَصْل عَدمه فَيبقى على الأَصْل، وَيعْمل بِهِ إِلَى أَن يعلم بِالْقَرِينَةِ، أَن الدَّلِيل الْمُخَصّص معَارض للفظ الْعَام، وَإِنَّمَا يكون مُعَارضا عِنْد الْعلم بِهِ. انْتهى.

ص: 2377

وَهُوَ صَرِيح فِي الإضراب عَن الْمُخَصّص، وَالْعَمَل بِالْعَام فِي جَمِيع أَفْرَاده وَهُوَ بعيد، وَإِن قَالَ بِهِ بعض الْحَنَفِيَّة، وَحكي عَن بعض الشَّافِعِيَّة.

وَبِالْجُمْلَةِ فالراجح الْمَنْع؛ لِأَن إِخْرَاج الْمَجْهُول من الْمَعْلُوم، يصير الْمَعْلُوم مَجْهُولا.

قَوْله: {فَائِدَتَانِ:

الأولى: الْعَام الْخُصُوص عُمُومه مُرَاد تناولا لَا حكما، وقرينته لفظية قد تنفك عَنهُ، وَالْعَام الَّذِي أُرِيد بِهِ الْخُصُوص لَيْسَ مرَادا، بل كلي اسْتعْمل فِي جزئي، وَمن ثمَّ كَانَ مجَازًا قطعا، وقرينته عقلية، لَا تنفك عَنهُ، وَالْأول أَعم مِنْهُ} .

لم يتَعَرَّض كثير من الْعلمَاء، بل أَكْثَرهم للْفرق بَين الْعَام الْمَخْصُوص وَالْعَام الَّذِي أُرِيد بِهِ الْخُصُوص، وَهُوَ من مهمات هَذَا الْبَاب، وَهُوَ عَزِيز الْوُجُود.

ص: 2378

قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَقد أَشَارَ الشَّافِعِي إِلَى تغايرهما فِي ترديده فِي آيَة البيع وَنَحْوه، وَكَثُرت مقالات أَصْحَابه فِي تَقْرِير ذَلِك، وَفرق بَينهمَا أَبُو حَامِد أَن الَّذِي أُرِيد بِهِ الْخُصُوص كَانَ المُرَاد بِهِ أقل، وَمَا لَيْسَ بِمُرَاد هُوَ الْأَكْثَر.

قَالَ ابْن أبي هُرَيْرَة: وَلَيْسَ كَذَلِك الْعَام الْمَخْصُوص؛ لِأَن المُرَاد بِهِ هُوَ الْأَكْثَر، وَمَا لَيْسَ بِمُرَاد هُوَ الْأَقَل.

قَالَ: ويفترقان فِي الحكم من جِهَة أَن الأول لَا يَصح الِاحْتِجَاج بِظَاهِرِهِ، وَهَذَا يُمكن التَّعَلُّق بِظَاهِرِهِ اعْتِبَارا بِالْأَكْثَرِ.

وَفرق الْمَاوَرْدِيّ بِوَجْهَيْنِ، أَحدهمَا هَذَا.

وَالثَّانِي: أَن إِرَادَة مَا أُرِيد بِهِ الْعُمُوم، ثمَّ خص مُتَأَخّر أَو تقارن.

وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: يجب أَن ينتبه للْفرق بَينهمَا، فالعام الْمَخْصُوص أَعم من الْعَام الَّذِي أُرِيد بِهِ الْخُصُوص، أَلا ترى أَن الْمُتَكَلّم إِذا أَرَادَ بِاللَّفْظِ أَولا مَا دلّ عَلَيْهِ ظَاهره من الْعُمُوم، ثمَّ أخرج بعد ذَلِك بعض مَا دلّ عَلَيْهِ اللَّفْظ كَانَ عَاما مَخْصُوصًا، وَلم يكن عَاما أُرِيد بِهِ الْخُصُوص.

ص: 2379

وَيُقَال: إِنَّه مَنْسُوخ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْبَعْض الَّذِي أخرج، وَهَذَا مُتَوَجّه إِذا قصد الْعُمُوم، وَفرق بَينه وَبَين أَن لَا يقْصد الْخُصُوص بِخِلَاف مَا إِذا نطق بِاللَّفْظِ الْعَام مرِيدا بِهِ بعض مَا تنَاوله فِي هَذَا. انْتهى.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَحَاصِل مَا قَرَّرَهُ أَن الْعَام إِذا قصر على بعضه، لَهُ ثَلَاث حالات:

الأولى: أَن يُرَاد بِهِ فِي الِابْتِدَاء خَاص، فَهَذَا هُوَ المُرَاد بِهِ خَاص.

الثَّانِيَة: أَن يُرَاد بِهِ عَام ثمَّ يخرج مِنْهُ بعضه فَهُوَ نسخ.

وَالثَّالِثَة: أَن لَا يقْصد بِهِ خَاص وَلَا عَام فِي الِابْتِدَاء، ثمَّ يخرج مِنْهُ أَمر، ويتبين بذلك أَنه لم يرد بِهِ فِي الِابْتِدَاء عُمُومه، فَهَذَا هُوَ الْعَام الْمَخْصُوص؛ وَلِهَذَا كَانَ التَّخْصِيص عندنَا بَيَانا لَا نسخا، إِلَّا إِن أخرج بعد دُخُول وَقت الْعَمَل بِالْعَام فَيكون نسخا؛ لِأَنَّهُ قد تبين أَن الْعُمُوم أُرِيد فِي الِابْتِدَاء. انْتهى.

وَفرق السُّبْكِيّ فَقَالَ: الْعَام الْمَخْصُوص أُرِيد عُمُومه وشموله لجَمِيع الْأَفْرَاد من جِهَة تنَاول اللَّفْظ لَهَا، لَا من جِهَة الحكم، وَالَّذِي أُرِيد بِهِ الْخُصُوص لم يرد شُمُوله لجَمِيع الْأَفْرَاد لَا من جِهَة التَّنَاوُل وَلَا من جِهَة الحكم، بل هُوَ كلي اسْتعْمل فِي جزئي، وَلِهَذَا كَانَ مجَازًا قطعا لنقل اللَّفْظ عَن مَوْضِعه الْأَصْلِيّ بِخِلَاف الْعَام الْمَخْصُوص فَإِن فِيهِ خلافًا يَأْتِي.

ص: 2380

وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام البُلْقِينِيّ: الْفرق بَينهمَا من أوجه:

أَحدهَا: أَن قرينَة الْعَام الْمَخْصُوص لفظية، وقرينة الَّذِي أُرِيد بِهِ الْخُصُوص عقلية.

الثَّانِي: أَن قرينَة الْمَخْصُوص قد تنفك عَنهُ، وقرينة الَّذِي أُرِيد بِهِ الْخُصُوص لَا تنفك عَنهُ.

قَالَ الْبرمَاوِيّ بعد أَن حكى الفروق فِي ذَلِك: وَيعلم من ذَلِك أَن قَول بعض متأخري الْحَنَابِلَة فِي الْفرق بِأَن الْعَام الَّذِي أُرِيد بِهِ [الْخُصُوص أَن يُطلق الْمُتَكَلّم اللَّفْظ الْعَام وَيُرِيد بِهِ بَعْضًا معينا وَالْعَام الْمَخْصُوص هُوَ الَّذِي أُرِيد بِهِ] سلب الحكم عَن بعض مِنْهُ، وَأَيْضًا فَالَّذِي أُرِيد بِهِ خُصُوص يحْتَاج لدَلِيل معنوي يمْنَع إِرَادَة الْجَمِيع فَتعين لَهُ الْبَعْض، والمخصوص يحْتَاج لدَلِيل لَفْظِي غَالِبا، كالشرط وَالِاسْتِثْنَاء والغاية والمنفصل. انْتهى.

وَالظَّاهِر أَنه أَرَادَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين، وَيحْتَمل إِرَادَة غَيره، وَلم نطلع على قَائِله. وَقد قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: يجوز وُرُود الْعَام وَالْمرَاد بِهِ الْخُصُوص خَبرا كَانَ أَو أمرا.

ص: 2381

قَالَ أَبُو الْخطاب: وَقد ذكره الإِمَام أَحْمد فِي قَوْله تَعَالَى: {تدمر كل شَيْء بِأَمْر رَبهَا} [الْأَحْقَاف: 25] قَالَ: وَأَتَتْ على أَشْيَاء لم تدمرها كمساكنهم وَالْجِبَال. وَبِه قَالَ الْجُمْهُور. انْتهى.

فَهَذَا عَام أُرِيد بِهِ الْخُصُوص فِيمَا يظْهر.

قَوْله: {الثَّانِيَة، قيل: لَيْسَ فِي الْقُرْآن عَام لم يخص إِلَّا قَوْله تَعَالَى:} {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها} [هود: 6]، وَقَوله تَعَالَى:{وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} [الْبَقَرَة: 29] .

قَالَ الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة ": مَا من عُمُوم إِلَّا وَقد تطرق إِلَيْهِ التَّخْصِيص إِلَّا الْيَسِير، كَقَوْلِه تَعَالَى

وَذكر الْآيَتَيْنِ.

قَالَ الطوفي فِي " الإشارات ": قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} [الْبَقَرَة: 29] هَذَا عَام لم يخص بِشَيْء أصلا لتَعلق علمه عز وجل بالمواد الثَّلَاث مَادَّة الْوَاجِب والممكن والممتنع، بِخِلَاف قَوْله تَعَالَى:{إِن الله على كل شَيْء قدير} [الْبَقَرَة: 20] فَإِنَّهُ عَام مَخْصُوص بالمحالات والواجبات الَّتِي لَا تدخل تَحت الْمَقْدُور بِهِ كالجمع بَين الضدين، وكخلق ذَاته وَصِفَاته، وَأَشْبَاه ذَلِك. انْتهى.

ص: 2382

قَالَ الْبرمَاوِيّ: اعْترض ابْن دَاوُد على الشَّافِعِي فِي جعله {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها} من الْعَام الَّذِي لم يخص، بِأَن من الدَّوَابّ من أفناه الله تَعَالَى قبل أَن يرزقه.

ورده الصَّيْرَفِي: بِأَن ذَلِك خطأ؛ لِأَنَّهُ لَا بُد لَهُ من رزق يقوم بِهِ وَلَو بِنَفس يَأْتِيهِ، وَقد جعل الله تَعَالَى غذَاء طَائِفَة من الطير التنفس إِلَى مُدَّة يصلح فِيهَا للْأَكْل وَالشرب. انْتهى.

وَقَالَ الْبرمَاوِيّ أَيْضا: نعم، هَل يُطلق على الْمَعْدُوم شَيْء؟ إِن كَانَ مستحيلا فَلَا، بِلَا خلاف عِنْد الْمُتَكَلِّمين، وَغلظ الزَّمَخْشَرِيّ على الْمُعْتَزلَة فِي ذَلِك، وَإِنَّمَا خلافهم فِي الْمَعْدُوم الَّذِي لَيْسَ بمستحيل. نعم، عِنْد النُّحَاة أَن الْمَعْدُوم يُطلق عَلَيْهِ شَيْء مستحيلا كَانَ أَو لَا.

إِذا تقرر أَن المستحيل لَا يُسمى شَيْئا على رَأْي لَا يُسمى شَيْئا على رَأْي الْمُتَكَلِّمين تبين أَن نَحْو قَوْله: {الله على كل شَيْء قدير} من الْعَام الْمَخْصُوص بِالْعقلِ، أَو من الْعَام الَّذِي أُرِيد بِهِ الْخُصُوص على الْخلاف السَّابِق. انْتهى.

وَقَالَ بعض أهل الْعلم: الْعَام الْبَاقِي على عُمُومه قَلِيل جدا، وَلم يُوجد مِنْهُ إِلَّا قَوْله تَعَالَى:{وَالله بِكُل شَيْء عليم} [الْبَقَرَة: 282]، وَقَوله تَعَالَى:{خَلقكُم من نفس وَاحِدَة} [النِّسَاء: 1] ثمَّ قَالَ: قلت: الظَّاهِر

ص: 2383

إِن من ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} الْآيَة [النِّسَاء: 23] ، فَإِن من صِيغ الْعُمُوم الْجمع الْمُضَاف، وَلَا تَخْصِيص فِيهَا. انْتهى.

وَقَالَ الْعَسْقَلَانِي فِي " شرح الطوفي ": وَقد ولع النَّاس كثيرا بقَوْلهمْ: إِن كل عَام فِي الْقُرْآن مَخْصُوص إِلَّا قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} ، وَقَوله تَعَالَى:{وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها} وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا:، وَقد تدبرت ذَلِك فَوجدت فِي الْقُرْآن وَالسّنة مَا لَا تحصى كَثْرَة من العمومات الْبَاقِيَة على عمومها، فَتَأَمّله تَجدهُ كَذَلِك. انْتهى.

وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: هُنَا نَوْعَانِ: نوع يمْتَنع لذاته مِمَّا يُنَاقض صِفَاته اللَّازِمَة كالموت، وَالنَّوْم، وَالْجهل، واللغوب، وَنَحْوه، فَهَذَا مُمْتَنع وجوده مُطلقًا، كَمَا يمْتَنع وجود إِلَه آخر مسَاوٍ لَهُ، وكما يمْتَنع عَدمه - سُبْحَانَهُ -، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء بِاتِّفَاق الْعُقَلَاء فَلَا يدْخل فِي قَوْله تَعَالَى:{إِن الله على كل شَيْء قدير} فَإِنَّهُ يمْتَنع وجوده فِي الْخَارِج؛ إِذْ كَانَ مستلزما للْجمع بَين النقيضين بَين الْوُجُود والعدم، وَكَون الشَّيْء مَوْجُودا مَعْدُوما مُمْتَنع. انْتهى.

ص: 2384