الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قَوْله: {فصل} )
{لفظ الرِّجَال، والرهط لَا يعم النِّسَاء، وَلَا الْعَكْس} أَعنِي لفظ النِّسَاء لَا يعم الرِّجَال، وَلَا الرَّهْط {قطعا، ويعم النَّاس وَنَحْوه الْكل إِجْمَاعًا} .
ذكر أَصْحَابنَا الرَّهْط فَقَالَ ابْن مُفْلِح فِي " الْفُرُوع ": والرهط مَا دون الْعشْرَة خَاصَّة لُغَة، وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَجمعه أرهط وأرهاط، وأراهط، وَأما لفظ الرِّجَال، وَالنَّاس، وَنَحْوهم فقد ذكره الْعلمَاء وَلَا إِشْكَال فِيهِ.
قَوْله: {وَالْقَوْم للرِّجَال فِي الْأَصَح، وَقيل: ولهن تبعا} ، أَي: وللنساء تبعا.
فِي الْقَوْم ثَلَاثَة أَقْوَال: هَل يخْتَص بِالرِّجَالِ؟ - وَهُوَ الصَّحِيح، وَعَلِيهِ الْأَكْثَر -، أَو يَشْمَل الرِّجَال وَالنِّسَاء؟ أَو هُوَ للرِّجَال وَيدخل النِّسَاء تبعا؟
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: الْقَوْم للرِّجَال دون النِّسَاء، قَالَ الله تَعَالَى:{لَا يسخر قوم من قوم} الْآيَة [الحجرات: 11] ، لَكِن الَّذِي يظْهر أَنه قد يَأْتِي الْقَوْم للرِّجَال وَالنِّسَاء.
ويستأنس لَهُ بقوله تَعَالَى: {يَا قَومنَا أجِيبُوا دَاعِي الله} [الْأَحْقَاف: 31] فَيدْخل النِّسَاء فِي ذَلِك، ثمَّ وجدته فِي " الْقَامُوس " قَالَ: الْقَوْم الْجَمَاعَة من الرِّجَال وَالنِّسَاء، أَو من الرِّجَال خَاصَّة، أَو يدْخل النِّسَاء على التّبعِيَّة وَيُؤَنث. انْتهى.
فَذكر ثَلَاثَة أَقْوَال.
وَقَالَ فِي " الْمِصْبَاح الْمُنِير ": الْقَوْم جمَاعَة الرِّجَال لَيْسَ فيهم امْرَأَة الْوَاحِد رجل وامرؤ من غير لَفظه، وَالْجمع أَقوام، سموا بذلك؛ لقيامهم بالعظائم والمهمات.
وَقَالَ الصغاني: وَرُبمَا دخل النِّسَاء تبعا؛ لِأَن قوم كل نَبِي رجال وَنسَاء، وَيذكر الْقَوْم وَيُؤَنث، وَكَذَا كل اسْم جمع لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، كرهط وَنَفر، وَنَحْوهمَا. انْتهى.
قَوْله: {وَنَحْو الْمُسلمين، وفعلوا} وَكَذَا فافعلوا، ويفعلون، وفعلتم وَنَحْوه، بل وَلَا يخْتَص بالضمائر بل اللواحق لذَلِك، نَحْو: ذَلِكُم وَإِيَّاكُم {مِمَّا يغلب فِيهِ الْمُذكر يعم النِّسَاء تبعا عِنْد أَكثر أَصْحَابنَا وَالْحَنَفِيَّة، وَبَعض الشَّافِعِيَّة، وَهُوَ ظَاهر كَلَام أَحْمد} ، وَهُوَ مَذْهَب الظَّاهِرِيَّة، وَحَكَاهُ أَبُو الطّيب عَن أبي حنيفَة، وَحَكَاهُ الْبَاجِيّ عَن ابْن خويز منداد.
{وَعنهُ: لَا يعم، اخْتَارَهُ أَبُو الْخطاب، والطوفي، وَأكْثر الشَّافِعِيَّة، والأشعرية، وَغَيرهم} .
قَالَ الْبرمَاوِيّ: ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي، وَأَصْحَابه وَالْجُمْهُور.
وَنَقله ابْن برهَان عَن مُعظم الْفُقَهَاء، وَنَقله ابْن الْقشيرِي عَن مُعظم أهل اللُّغَة.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: ظَاهر القَوْل الأول أَنه لَيْسَ من حَيْثُ اللُّغَة، بل بِالْعرْفِ أَو بِعُمُوم الْأَحْكَام، أَو نَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: اندراج النِّسَاء تَحت لفظ الْمُسلمين بالتغليب لَا بِأَصْل الْوَضع.
وَقَالَ الأبياري: لَا خلاف بَين الْأُصُولِيِّينَ والنحاة فِي عدم تناولهن لجَمِيع كجمع الذُّكُور، وَإِنَّمَا ذهب بعض الْأُصُولِيِّينَ إِلَى ثُبُوت التَّنَاوُل؛ لِكَثْرَة اشْتِرَاك النَّوْعَيْنِ فِي الْأَحْكَام لَا غير فَيكون الدُّخُول عرفا، أَو نَحوه، لَا لُغَة.
ثمَّ قَالَ: وَإِذا قُلْنَا بالتناول هَل يكون دَالا عَلَيْهَا بِالْحَقِيقَةِ وَالْمجَاز أَو عَلَيْهِمَا مجَازًا صرفا؟ خلاف، ظَاهر مَذْهَب القَاضِي ابْن الباقلاني الثَّانِي، وَقِيَاس قَول الإِمَام - أَي: أبي الْمَعَالِي - الأولى. انْتهى.
{و} قَالَ ابْن عقيل {فِي " الْوَاضِح ": لَا يَقع مُؤمن على أُنْثَى بالتكفير بِالرَّقَبَةِ فِي قَتلهَا قِيَاسا، وَخص الله تَعَالَى الْحجب بالأخوة، فَعدى إِلَى الْأَخَوَات بِالْمَعْنَى} . انْتهى.
وَفِي هَذَا الْكَلَام تَقْوِيَة للْمَذْهَب الثَّانِي.
وَاسْتدلَّ للْأولِ بمشاركة الذُّكُور فِي الْأَحْكَام لظَاهِر اللَّفْظ.
رد بِالْمَنْعِ، بل لدَلِيل، وَلِهَذَا لم يعمهن الْجِهَاد، وَالْجُمُعَة، وَغَيرهمَا.
أُجِيب بِالْمَنْعِ، ثمَّ لَو كَانَ لعرف، وَالْأَصْل عَدمه، وخروجهن من بعض الْأَحْكَام لَا يمْنَع كبعض الذُّكُور.
وَلِأَن أهل اللُّغَة غلبوا الْمُذكر بِاتِّفَاق.
بِدَلِيل {اهبطوا} [الْبَقَرَة: 36] لآدَم وحواء وإبليس.
رد: بِقصد الْمُتَكَلّم وَيكون مجَازًا.
أُجِيب: لم يشْتَرط أحد من أهل اللُّغَة الْعلم بِقَصْدِهِ، ثمَّ لَو لم يعمهن لما عَم بِالْقَصْدِ بِدَلِيل جمع الرِّجَال، وَالْأَصْل الْحَقِيقَة وَلَو كَانَ مجَازًا لم يعد الْعُدُول عَنهُ عيا.
وَاسْتدلَّ: لَو أوصى لرجال وَنسَاء بِشَيْء ثمَّ قَالَت: أوصيت لَهُم بِكَذَا، عمهم.
رد: بِقَرِينَة الْإِيصَاء الأول.
قَالُوا: لَو عمهن لما حسن {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات} [الْأَحْزَاب: 35] .
رد: تنصيص وتأكيد لما سبق، وَإِن كَانَ التأسيس أولى، وكعطف لَا يمْنَع بِدَلِيل عطف جِبْرِيل وَمِيكَائِيل على مَلَائكَته وَرُسُله.
وَقَوله تَعَالَى: {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم ومنك وَمن نوح} [الْأَحْزَاب: 7] .
وَذكر أَصْحَابنَا وَجها بِمَنْعه.
وَمن عطف الْعَام قَوْله: {وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ} [الْبَقَرَة: 136]، {وأورثكم أَرضهم وديارهم وَأَمْوَالهمْ} [الْأَحْزَاب: 27] .
قَالُوا: قَالَت أم سَلمَة لَهُ عليه الصلاة والسلام: مَا لنا لَا نذْكر فِي الْقُرْآن كَمَا تذكر الرِّجَال؟ فَنزلت {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات} الْآيَة. إِسْنَاده جيد، رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيره، وَلَو دخلن لم يصدق نَفيهَا، وَلم يَصح تَقْرِيره لَهُ.
رد: يصدق وَيصِح لِأَنَّهَا أَرَادَت التَّنْصِيص تَشْرِيفًا لَهُنَّ لَا تبعا لما سبق.
قَالُوا: الْجمع تَضْعِيف الْوَاحِد، وَمُسلم لرجل فمسلمون لجمعه.
رد: يحْتَمل مَنعه، قَالَه الْحلْوانِي.
وَقَالَ فِي " الْعدة ": إِن سلمناه، ثمَّ فرق.
وَقَالَ فِي " التَّمْهِيد ": مَنعه بَعضهم، وَالصَّحِيح تَسْلِيمه للبس، ولعموم الْجمع لَهما بِدَلِيل قَصده بِخِلَاف الْمُفْرد.
وَقد احْتج أَصْحَابنَا بِأَن قَوْله: {الْحر بِالْحرِّ} [الْبَقَرَة: 178] عَام للذّكر وللأنثى.
تَنْبِيه: سكت الأصوليون عَن الخناثا هَل يدْخلُونَ فِي خطاب الْمُذكر والمؤنث، أما إِن قُلْنَا بِدُخُول النِّسَاء فالخناثا بطرِيق أولى، وَأما إِذا قُلْنَا لَا يدخلن فَالظَّاهِر من تصرف الْفُقَهَاء دُخُولهمْ فِي خطاب النِّسَاء فِي التَّغْلِيظ، وَالرِّجَال فِي التَّخْفِيف، وَرُبمَا أخرجُوا من الْقسمَيْنِ، وَلَهُم أَحْكَام كَثِيرَة مُخْتَلفَة.
وللقاضي وَغَيره من أَصْحَابنَا تصنيف فِي أَحْكَام الخناثا، وَالله أعلم.
تَنْبِيه آخر: مِمَّا يخرج على هَذِه الْقَاعِدَة مَسْأَلَة الْوَاعِظ الْمَشْهُورَة، وَهُوَ قَوْله للحاضرين عِنْده: طلقتكم ثَلَاثًا، وَامْرَأَته فيهم وَهُوَ لَا يدْرِي، فَأفْتى أَبُو الْمَعَالِي بالوقوع.
قَالَ الْغَزالِيّ: وَفِي الْقلب مِنْهُ شَيْء، قلت: الصَّوَاب عدم الْوُقُوع.
وَقَالَ الرَّافِعِيّ، وَالنَّوَوِيّ: وَيَنْبَغِي أَن لَا يَقع، وَلَهُم فِيهَا كَلَام كثير.
تَنْبِيه: لَو جَاءَ الْمُذكر بِلَفْظ الْوَاحِد، كَقَوْلِه: فَإِن جَاءَ مُسلم أعْطه درهما، فَذكر الْحلْوانِي وَغَيره احْتِمَالَيْنِ فِيهَا:
أَحدهمَا: اخْتِصَاص الْمُذكر.
وَالثَّانِي: الْمُشَاركَة. انْتهى.
قَوْله: {وَالْمذهب أَن الْأُخوة والعمومة يعم} الذُّكُور وَالْإِنَاث، قطع بِهِ فِي " الْمُغنِي " و " الشَّرْح "، و " شرح ابْن رزين "، وَصَاحب " الْفُرُوع " فِيهِ، وَغَيرهم، وَظَاهر كَلَامه فِي " الْوَاضِح " الْمُتَقَدّم أَن الْأُخوة لَا تعم الْإِنَاث وَأَن الْمُؤمن لَا يعمهن كَمَا تقدم.