المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(قوله: {فصل} ) - التحبير شرح التحرير - جـ ٥

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌(قَوْله: {فصل} {فِي مُسْتَند الصَّحَابِيّ} الْمُخْتَلف)

- ‌ نَوْعَانِ:أَحدهمَا: لَا خلاف فِيهِ؛ إِذْ هُوَ صَرِيح فِي ذَلِك لَا يحْتَمل شَيْئا كَقَوْلِه: سَمِعت النَّبِي

- ‌ يَقُول: أَو يفعل كَذَا. وَهَذَا أرفع الدَّرَجَات لكَونه يدل على عدم الْوَاسِطَة بَينهمَا قطعا.النَّوْع الثَّانِي: مَا هُوَ مُخْتَلف فِيهِ لكَونه غير صَرِيح، بل مُحْتَمل الْوَاسِطَة، وَهُوَ مَرَاتِب:

- ‌ كَذَا، أَو فعل كَذَا، أَو أقرّ على كَذَا، فَهَذَا من الْمُخْتَلف فِيهِ.وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابنَا، وَأكْثر الْعلمَاء: أَنه يحمل على الِاتِّصَال وَأَنه لَا وَاسِطَة بَينهمَا، وَيكون ذَلِك حكما شَرْعِيًّا يجب الْعَمَل بِهِ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِر من حَال الصَّحَابِيّ الْقَائِل ذَلِك.وَقَوْلنَا: قَالَ

- ‌ وَبَين سَمَاعه من غَيره بِنَاء على عَدَالَة الصَّحَابَة، نَقله الْآمِدِيّ، وَابْن الْحَاجِب عَنهُ، ورده السُّبْكِيّ فِي " شرح الْمُخْتَصر "، وَقَالَ: الْمَنْقُول عَنهُ فِي " التَّقْرِيب " أَنه مَحْمُول على السماع. انْتهى.قلت: يحْتَمل أَن لَهُ قَوْلَيْنِ، إِذا علم ذَلِك

- ‌ بِكَذَا، أَو نهى عَن كَذَا، أَو أمرنَا بِكَذَا، أَو نَهَانَا} عَن كَذَا، فَحكمه حكم، قَالَ النَّبِي

- ‌[وَأَنه] هُوَ الَّذِي أَمرهم، ونهاهم، وَرخّص، وَحرم عَلَيْهِم، تبليغا عَن الله تَعَالَى، وَإِن كَانَ يحْتَمل أَنه من بعض الْخُلَفَاء، لكنه بعيد فَإِن المشرع لذَلِك هُوَ صَاحب الشَّرْع.وَخَالف الصَّيْرَفِي، والباقلاني، وَأَبُو بكر الرَّازِيّ، والكرخي: الحنفيين، والإسماعيلي

- ‌ هُوَ الْقَدِيم.وَنَقله غَيره حَتَّى قيل: إِنَّهَا من الْمسَائِل الَّتِي يُفْتِي فِيهَا بالقديم فِي الْأُصُول، لَكِن الْمَشْهُور عِنْدهم أَن هَذَا هُوَ الْجَدِيد.وَقيل: مَوْقُوف، نَقله ابْن الصّلاح، وَالنَّوَوِيّ عَن أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ.قَوْله: قد يكون قَوْله: من السّنة، مُسْتَحبا، كَمَا

- ‌ وَكُنَّا نرى، أَيْضا، كل ذَلِك حجَّة، أطلقهُ

- ‌ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي. انْتهى.وَتبع فِي ذَلِك الْمجد فِي " مسودته "، وَهُوَ تَوْجِيه احْتِمَال لِابْنِ مُفْلِح.وَنَقله النَّوَوِيّ فِي أَوَائِل " شرح مُسلم " عَن جمَاعَة، مِنْهُم الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق، وَاخْتَارَهُ الْقُرْطُبِيّ أَيْضا

- ‌ فأقره عَلَيْهِ، وَإِلَّا لم يفد.{وَقَالَ القَاضِي، وَأَبُو الْخطاب: إِجْمَاع أَو حجَّة} ؛ لِأَنَّهُ ظَاهر اللَّفْظ فِي معرض الْحجَّة، وَجَازَت مُخَالفَته؛ لِأَن طَرِيقه ظَنِّي كَخَبَر وَاحِد.وَاقْتصر ابْن حمدَان فِي " مقنعه " على قَوْله: انْصَرف إِلَى فعل الْأَكْثَرين. قَالَ ابْن مُفْلِح: كَذَا قَالَ

- ‌قَالَ ابْن مُفْلِح: واقتصار بعض أَصْحَابنَا على (كَانُوا) لَا يدل على التَّفْرِقَة.قَوْله: {فَائِدَتَانِ: إِحْدَاهمَا: قَول غير الصَّحَابِيّ يرفعهُ أَو ينميه أَو يبلغ بِهِ أَو رِوَايَة كالمرفوع صَرِيحًا عِنْد الْعلمَاء} .قَالَ ابْن الصّلاح: حكم ذَلِك عِنْد أهل الْعلم حكم

- ‌ فَصرحَ بِرَفْعِهِ

- ‌ وَبعد مَوته سَوَاء إِلَّا أَن الْحجَّة فِي قَول الصَّحَابِيّ أظهر.قَوْله: {وَقَوله: " كَانُوا يَفْعَلُونَ " كَقَوْل الصَّحَابِيّ ذَلِك

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ بتحديثه؛ لِأَنَّهُ لَا يعلم إِلَّا مِنْهُ وَهُوَ لَا يحدث إِلَّا من حفظه، وَغَيره لَيْسَ كَذَلِك.وَأجَاب الْأَكْثَرُونَ: أَن تَجْوِيز الْخَطَأ وَالنِّسْيَان فِي صُورَة الْقِرَاءَة على الشَّيْخ وَهُوَ يسمع أقرب.قَوْله: {ثمَّ قصد} - أَي الشَّيْخ - {إسماعه وَحده، أَو} قصد إسماعه {مَعَ غَيره} سَاغَ

- ‌ حَيْثُ كتب لأمير السّريَّة كتابا، قَالَ: لَا تَقْرَأهُ حَتَّى تبلغ مَكَان كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا بلغ ذَلِك الْمَكَان قَرَأَهُ على النَّاس، وَأخْبرهمْ بِأَمْر النَّبِي

- ‌ قَرَأَهُ عَلَيْهِ فَيكون وَاقعَة عين يسْقط مِنْهَا الِاسْتِدْلَال للاحتمال

- ‌ يبلغ الْغَائِب بِالْكِتَابَةِ إِلَيْهِ، وَكَانَ

- ‌ بِأَن الِاعْتِمَاد على إِخْبَار الْمُرْسلَة على يَده، وَنقل إِنْكَار ذَلِك عَن الدَّارَقُطْنِيّ

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أَن الله أَمر أَو نهى فكالقرآن.وَقَالَ ابْن أبي مُوسَى، وحفيد القَاضِي وَغَيرهمَا: مَا كَانَ خَبرا عَن الله تَعَالَى أَنه قَالَه فَحكمه كالقرآن} .اسْتدلَّ للْجُوَاز بِعَمَل السّلف من غير نَكِير مِنْهُم فَهُوَ إِجْمَاع.وَقد تقدم أَن الإِمَام أَحْمد قَالَ: مَا زَالَ الْحفاظ يحدثُونَ

- ‌ حَدِيثا فَقَالَ: أَو دون ذَلِك، أَو فَوق ذَلِك أَو قَرِيبا من ذَلِك.وَكَانَ أنس إِذا حدث عَنهُ

- ‌ الْبَراء بن عَازِب عِنْد النّوم: " آمَنت بكتابك الَّذِي أنزلت، وبنبيك الَّذِي أرْسلت ". قَالَ: وَرَسُولك، قَالَ: لَا، وَنَبِيك. مُتَّفق عَلَيْهِ.رد: إِنَّمَا يجوز لمن علم الْمَعْنى.وَفَائِدَة قَوْله للبراء: عدم الالتباس بِجِبْرِيل، أَو الْجمع بَين لَفْظِي النُّبُوَّة والرسالة

- ‌ فَيجْعَل الْإِنْسَان " قَالَ النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ خبر

- ‌ فِي قَوْله: " قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذا قَالَ العَبْد: الْحَمد لله رب الْعَالمين. يَقُول الله تَعَالَى: حمدني عَبدِي…" حَدِيث صَحِيح، ثمَّ روى عبد الله بن زِيَاد بن سمْعَان عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة الْخَبَر وَذكر فِيهِ: " فَإِذا قَالَ

- ‌ أَن نخرج صَدَقَة الْفطر صَاعا من شعير، أَو صَاعا من تمر " انْفَرد سعيد بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحِي عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِزِيَادَة " أَو صَاع من قَمح ".وَحَدِيث ابْن عمر رضي الله عنهما: أَن النَّبِي

- ‌ فَقلت: إِنَّا خبأنا لَك حَيْسًا، فَقَالَ: " أما أَنِّي كنت أُرِيد الصَّوْم، وَلَكِن قربيه "، وأسنده الشَّافِعِي عَن سُفْيَان هَكَذَا.وَرَوَاهُ عَن سُفْيَان شيخ باهلي، وَزِيَادَة فِيهِ: " وَأَصُوم يَوْمًا مَكَانَهُ " ثمَّ عرضته عَلَيْهِ قبل مَوته بِسنة فَذكر هَذِه الزِّيَادَة.قَوْله: {وَلَو أسْندهُ

- ‌ أُخْرَى.وَحَكَاهُ بعض أَصْحَابنَا عَن الشَّافِعِيَّة، قَالَه ابْن مُفْلِح، وَقطع بِهِ الرَّازِيّ، وَأَتْبَاعه فِيمَا إِذا كَانَ الرَّاوِي وَاحِدًا. وَخَالف بعض الْمُحدثين فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، وَحَكَاهُ فِي " منهاج الْبَيْضَاوِيّ " قولا فِي الْمَسْأَلَة، وَعلله فَقَالَ: لِأَن إهماله يدل على الضعْف.وَحمله

- ‌ حَدِيث: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي ".وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي بردة عَن النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ عَن بيع الثَّمَرَة حَتَّى تزهي، فَيتْرك: حَتَّى تزهي.وَكَقَوْلِه

- ‌ توضؤوا مِمَّا مست النَّار " فَقَالَ: أَنَتَوَضَّأُ من الْحَمِيم؟ - أَي: المَاء الْحَار - فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: يَا ابْن أخي إِذا سَمِعت حَدِيثا عَن النَّبِي

- ‌ أكل من كتف شَاة وَصلى وَلم يتَوَضَّأ.وَأَيْضًا خبر معَاذ سبق فِي أَن الْإِجْمَاع حجَّة؛ وَلِأَن الْخَبَر أقوى فِي غَلَبَة الظَّن؛ لِأَنَّهُ يجْتَهد فِيهِ فِي الْعَدَالَة وَالدّلَالَة، ويجتهد فِي الْقيَاس فِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ عِنْد أَصْحَابنَا، والكرخي، والجرجاني، وَبَعض الشَّافِعِيَّة، والمحدثين، وَهُوَ ظَاهر كَلَام أَحْمد:} رُبمَا كَانَ الْمُنْقَطع أقوى إِسْنَادًا.وَقَالَهُ ابْن الْحَاجِب وَكثير من الْأُصُولِيِّينَ، بل ينْسب هَذَا القَوْل إِلَى الْأُصُولِيِّينَ.{وَخَصه أَكثر الْمُحدثين} وَكثير من الْأُصُولِيِّينَ

- ‌ على مَذْهَبهم.وكسعيد بن الْمسيب، وعلقمة بن قيس النَّخعِيّ - ولد فِي حَيَاة النَّبِي

- ‌ وَمَا رَوَاهُ تَابع التَّابِعِيّ فيسمونه معضلا، فَسمى

- ‌ أَو لَا، وَفِيه نظر.قَوْله: {فَلَو قَالَه تَابع التَّابِعِيّ، أَو سقط بَين الروايين أَكثر من وَاحِد فمعضل} .هَذَا تَفْرِيع على قَول أَكثر الْمُحدثين إِن الْمُرْسل لَا يكون إِلَّا من التَّابِعين، فَلَو قَالَ تَابع التَّابِعِيّ أَو سقط أَكثر من وَاحِد سمي معضلا فِي اصطلاحهم

- ‌ من وَجه آخر، معنى ذَلِك الْمُرْسل، أَو يُرْسِلهُ غَيره وشيوخهما مُخْتَلفَة، أَو يعضده قَول صَحَابِيّ أَو قَول عَامَّة الْعلمَاء.وَكَلَام الإِمَام أَحْمد فِي الْمُرْسل قريب من كَلَام الشَّافِعِي

- ‌ أَو يعضده بِمَا سبق فِي مَرَاسِيل التَّابِعين.وَهَذَا بِنَاء على الْمَشْهُور من تَعْلِيل الْمَنْع بِأَن الصَّحَابِيّ قد يروي عَمَّن لَا يعلم عَدَالَته.قَوْله: {تَنْبِيه: اسْتثْنِي مَرَاسِيل صغارهم كمحمد بن أبي بكر

- ‌ وَهُوَ وَاضح جدا.قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدّين ابْن حجر فِي " شرح البُخَارِيّ ": أَحَادِيث مثل هَؤُلَاءِ من مَرَاسِيل كبار التَّابِعين لَا من قبيل مَرَاسِيل الصَّحَابَة الَّذين سمعُوا من النَّبِي

- ‌ بِثَلَاثَة أشهر وَأَيَّام كَمَا ثَبت فِي مُسلم أَن أمه أَسمَاء بنت عُمَيْس وَلدته فِي حجَّة الْوَدَاع قبل أَن يدخلُوا مَكَّة، وَذَلِكَ فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة عشر من الْهِجْرَة، وَالله أعلم

- ‌(بَاب الْأَمر)

- ‌{بَاب الْأَمر: حَقِيقَة فِي القَوْل الْمَخْصُوص اتِّفَاقًا)

- ‌ صرح بِهِ فِي " الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة ".وَهَذَا الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الإِمَام أَحْمد وَأَصْحَابه، وَأكْثر الْعلمَاء

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ هُوَ الْمعبر عَن كتاب الله: {ظَاهره: لَا صِيغَة لَهُ} ، بل الْوَقْف؛ {حَتَّى يتَبَيَّن المُرَاد} من وجوب وَندب، قَالَ بعض أَصْحَابنَا: نَص أَحْمد فِي الْعُمُوم، وَاعْتبر القَاضِي جنس الظَّاهِر وَهُوَ اعْتِبَار جيد.فَيبقى قد حكى رِوَايَة بِمَنْع التَّمَسُّك بالظواهر الْمُجَرَّدَة؛ حَتَّى يعلم

- ‌ صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " بِخِلَاف نَحْو: {وصل عَلَيْهِم} [التَّوْبَة:

- ‌ لعمر بن أبي سَلمَة: " يَا غُلَام سم الله وكل بيمينك وكل مِمَّا يليك " مُتَّفق عَلَيْهِ، وَقَالَ لعكراش: " كل من مَوضِع وَاحِد فَإِنَّهُ طَعَام وَاحِد ".وَمِنْهُم من يدْخل ذَلِك فِي قسم النّدب، مِنْهُم: الْبَيْضَاوِيّ، وَمِنْهُم من قَالَ: يقرب من النّدب، وَهُوَ يدل على الْمُغَايرَة

- ‌ لأبي هُرَيْرَة: " فاختص على ذَلِك أَو ذَر " رَوَاهُ البُخَارِيّ

- ‌ وَهُوَ على تَبُوك: " كن أَبَا ذَر

- ‌ قَالَ: " لَا تزوج المرأةُ الْمَرْأَة، وَلَا تزوج الْمَرْأَة نَفسهَا " بِالرَّفْع؛ إِذْ لَو كَانَ نهيا لجزم فيكسر لالتقاء الساكنين

- ‌ كن عبد الله الْمَقْتُول وَلَا تكن عبد الله الْقَاتِل "، فَإِنَّمَا الْمَقْصُود الاستسلام والكف عَن الْفِتَن.فَهَذَا الَّذِي وَقع اختيارنا عَلَيْهِ، وَقد ذكر جمَاعَة من الْعلمَاء غير ذَلِك مِمَّا فِيهِ نظر، مِنْهَا - وَهُوَ

- ‌ فَلَا يغمس يَده فِي الْإِنَاء حَتَّى يغسلهَا ثَلَاثًا " بِدَلِيل " فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده ". قَالَ الْبرمَاوِيّ: هَذَا دَاخل تَحت النّدب، فَلَا حَاجَة لإفراده.قلت: لَيست فِي هَذَا صِيغَة أَمر، وَإِنَّمَا هُوَ صِيغَة نهي كَمَا ترى

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أسهل مِمَّا نهى عَنهُ.قَالَ جمَاعَة من أَصْحَابنَا: لَعَلَّه أَرَادَ لِأَن جمَاعَة قَالُوا: الْأَمر للنَّدْب وَلَا تكْرَار، وَالنَّهْي للتَّحْرِيم والدوام، لِئَلَّا يُخَالف نصوصه.وَأما أَبُو الْخطاب فَإِنَّهُ أَخذ مِنْهُ أَنه للنَّدْب.وَوجه هَذَا القَوْل: أَنا نحمل الْأَمر الْمُطلق على مُطلق الرجحان

- ‌ إِذا أَمرتكُم بِأَمْر فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم "، فَرده إِلَى استطاعتنا؛ وَلِأَنَّهُ الْيَقِين؛ وَلِأَن الْمَنْدُوب مَأْمُور بِهِ حَقِيقَة.رد الأول بِأَن كل وَاجِب كَذَلِك، وَالثَّانِي: بِأَن الْإِبَاحَة أولى لتيقن نفي الْحَرج عَن الْفِعْل بِخِلَاف رُجْحَان جَانِبه.الْمَذْهَب الثَّالِث: أَنه

- ‌ الْمُبْتَدَأ للنَّدْب، أَي: الَّذِي لَيْسَ مُوَافقا لنَصّ أَو بَيَانا لمجمل

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌وَكَقَوْلِه لعَبْدِهِ: لَا تَأْكُل هَذَا، ثمَّ يَقُول: كُله.وَاعْترض بقوله: لَا تقتل هَذَا، ثمَّ يَقُول: اقتله، للْإِيجَاب

- ‌ فِي التَّشَهُّد الْأَخير بِمَا ثَبت عَن النَّبِي

- ‌(قَوْله: فصل)

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ وَقَالَ: " مر أَصْحَابك أَن يرفعوا أَصْوَاتهم بِالتَّلْبِيَةِ " فَجعلُوا النّدب إِلَى الصّفة وَهُوَ رفع الصَّوْت بهَا

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(بَاب النَّهْي)

- ‌(قَوْله: {بَاب النَّهْي} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ لَا تَبِيعُوا الذَّهَب إِلَّا مثلا بِمثل " الحَدِيث، ولنكاح الْمحرم بِالنَّهْي عَنهُ، وكبيع الطَّعَام قبل قَبضه وشاع وذاع من غير نَكِير.فَإِن قلت احتجاجهم إِنَّمَا هُوَ على التَّحْرِيم لَا على الْفساد، قلت: بل على كليهمَا، أَلا ترى إِلَى حَدِيث بيع الصاعين بالصاع، وَقَوله

- ‌ قَالَ: " من عمل عملا لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا فَهُوَ رد "، وَالرَّدّ إِذا أضيف إِلَى الْعِبَادَات اقْتضى عدم الِاعْتِدَاد، وَإِن أضيف إِلَى الْعُقُود اقْتضى الْفساد.فَإِن قيل: وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ بمقبول، وَلَا طَاعَة

- ‌ لَا تمش فِي نعل وَاحِدَة "، فَإِنَّهُ مَنْهِيّ عَنهُ لَا عَن لبسهما، وَلَا عَن نزعهما، وَلذَلِك قَالَ: " ليلبسهما جَمِيعًا أَو ليحفهما جَمِيعًا ".الثَّالِث: أَن يكون نهيا عَن الْجَمِيع، أَي: كل وَاحِد، سَوَاء أَتَى بِهِ مُنْفَردا أَو مَعَ الآخر، كالنهي عَن الزِّنَا، والربا، وَالسَّرِقَة

- ‌(بَاب الْعَام)

- ‌(قَوْله: {بَاب} )

- ‌ الطّواف بِالْبَيْتِ صَلَاة إِلَّا أَن الله أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَام "، فَإِن الِاسْتِثْنَاء معيار الْعُمُوم فَدلَّ على تَعْمِيم كَون الطّواف صَلَاة، وَكَون الطّواف صَلَاة مجَاز.قَوْله: {وَالْخَاص بِخِلَافِهِ} ، أَي: بِخِلَاف الْعَام، {أَي: مَا دلّ وَلَيْسَ بعام فَلَا يرد المهمل} .قَالَ القطب

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ لما رَجَعَ من الْأَحْزَاب قَالَ: " لَا يصلين أحد الْعَصْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة " فَأدْرك بَعضهم الْعَصْر فِي الطَّرِيق، فَقَالَ بَعضهم: لَا نصلي حَتَّى نأتيها، وَقَالَ بَعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذَلِك، فَذكر للنَّبِي

- ‌ فَقَالَ: لَو كَانَ لي من الْأَمر شَيْء ثمَّ وجدت أحدا فعل ذَلِك لجعلته نكالا. فَقَالَ ابْن شهَاب: أرَاهُ عليا. قَالَ مَالك: وَبَلغنِي عَن الزبير مثل ذَلِك.وللطحاوي وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس كَقَوْل عُثْمَان.وللبخاري عَن زيد بن ثَابت أَنه لما نزل: {لَا يَسْتَوِي

- ‌ هُوَ الْمعبر عَن الْكتاب، وَالْآيَة إِنَّمَا قصدت للْمُسلمِ لَا الْكَافِر. انْتهى.وَخَالف الشَّيْخ تَقِيّ الدّين، والآمدي، والقرافي، والأصفهاني فِي " شرح الْمَحْصُول "، وَغَيرهم.قَالَ الْقَرَافِيّ، وَتَابعه ابْن قَاضِي الْجَبَل فِي " أُصُوله ": صِيغ الْعُمُوم وَإِن كَانَت عَامَّة فِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أَيّمَا امْرَأَة نكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل

- ‌ حِكَايَة عَن ربه

- ‌ فِي حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ: " كل ذَلِك لم يكن " جَوَابا لقَوْله: (أنسيت، أم قصرت الصَّلَاة؟) أَي: لم يكن كل من الْأَمريْنِ، لَكِن بِحَسب ظَنّه

- ‌ ارْتَدَّت الْعَرَب قاطبة)

- ‌ فِي التَّشَهُّد فِي السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين: " فَإِنَّكُم إِذا قُلْتُمْ ذَلِك فقد سلمتم على كل عبد الله صَالح فِي السَّمَاء وَالْأَرْض " رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم.وَقيل: لَا تعم، فَلَا تفِيد الِاسْتِغْرَاق.وَحَكَاهُ صَاحب الْمُعْتَمد عَن الجبائي، وَحكي أَيْضا عَن جمع من

- ‌(فصل:)

- ‌ وَقَالَ: " صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ". انْتهى

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌وَفِي لفظ البُخَارِيّ: " هُوَ أَخُوك يَا عبد ".وَلأَحْمَد، وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَاد جيد من حَدِيث عبد الله بن الزبير أَن زَمعَة

- ‌ الْوَلَد للْفراش " وَإِن كَانَ واردا فِي أمه فَهُوَ وَارِد لبَيَان حكم ذَلِك الْوَلَد، وَبَيَان حكمه إِمَّا بالثبوت أَو بالانتفاء فَإِذا ثَبت أَن الْفراش هُوَ الزَّوْجَة؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يتَّخذ لَهَا الْفراش غَالِبا، وَقَالَ الْوَلَد للْفراش كَانَ فِيهِ حصر أَن الْوَلَد للْحرَّة، وَمُقْتَضى ذَلِك أَن لَا يكون

- ‌ فِي منع كَون الصَّلَاة من الله الرَّحْمَة: الْأَكْثَرُونَ لَا يجوزون اسْتِعْمَال اللَّفْظ الْمُشْتَرك فِي معنييه لَا بطرِيق الْحَقِيقَة، وَلَا بطرِيق الْمجَاز، ورد مَا ورد عَن الشَّافِعِي قَالَ: وَقد ذكرنَا على إبِْطَال اسْتِعْمَال اللَّفْظ الْمُشْتَرك فِي معنييه مَعًا بضعَة عشر دَلِيلا فِي مَسْأَلَة الْقُرْء فِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ هُوَ الْمعبر عَن الْكتاب إِن الْآيَة إِنَّمَا قصدت الْمُسلم، لَا الْكَافِر.وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: سَمَّاهُ عَاما وَهُوَ مُطلق فِي الْأَحْوَال يعمها على الْبَدَل، وَمن أَخذ بِهَذَا لم يَأْخُذ بِمَا دلّ عَلَيْهِ ظَاهر لفظ الْقُرْآن، بل بِمَا ظهر لَهُ مِمَّا سكت عَنهُ الْقُرْآن

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ دَاخل الْكَعْبَة لَا يعم الْفَرْض وَالنَّفْل فَلَا يحْتَج بِهِ على جوازهما فِيهَا، وَقَول الرَّاوِي: صلى النَّبِي

- ‌ يَتَخَوَّلنَا بِالْمَوْعِظَةِ " فَالْمُرَاد هُنَا الِاسْتِمْرَار

- ‌ إِذا سلم سلم ثَلَاثًا، وَإِذا تكلم بِكَلِمَة أَعَادَهَا ثَلَاثًا.وَمِنْه: كَانَ يعالج من التَّنْزِيل شدَّة. فَهِيَ كَذَلِك تفِيد الِاسْتِمْرَار والتكرار.قَالَ ابْن مُفْلِح: وَهِي لمُطلق الْفِعْل فِي الْمَاضِي كَسَائِر الْأَفْعَال تكَرر، أَو انْقَطع أَو لَا، فَلهَذَا قَالَ جمَاعَة: يَصح وَيصدق على وجود

- ‌ أَجود النَّاس. الحَدِيث.ولمجرد الْفِعْل قَلِيلا من غير تكَرر، نَحْو: كَانَ النَّبِي

- ‌ لِحلِّهِ وَحرمه

- ‌ يبْعَث عبد الله بن رَوَاحَة إِلَى يهود خَيْبَر فيخرص النّخل. فَهَذَا لَا يُمكن فِيهِ التّكْرَار؛ لِأَن فتح خَيْبَر كَانَ سنة سبع، وَعبد الله بن رَوَاحَة قتل فِي غَزْوَة مُؤْتَة سنة ثَمَان.وَاعْلَم أَن هَذَا الْخلاف غير خلاف النُّحَاة فِي أَن (كَانَ) هَل تدل على الِانْقِطَاع أَو لَا؟ اخْتِيَار

- ‌قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله ": وَأما الْأمة فَلم تدخل بِفِعْلِهِ

- ‌ أما أَنا فأفيض المَاء

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ فِي سَائِمَة الْغنم الزَّكَاة " يَقْتَضِي عُمُومه سلب الحكم عَن معلوفة الْغنم دون غَيرهَا على الصَّحِيح، فَمَتَى جَعَلْنَاهُ حجَّة لزم انْتِفَاء الحكم عَن جملَة صور الْمُخَالفَة، وَإِلَّا لم يكن للتخصيص فَائِدَة، وتأولوا ذَلِك على أَن الْمُخَالفين أَرَادوا أَنه لم يثبت بالمنطوق وَلَا يَخْتَلِفُونَ

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ فِيمَا رَوَاهُ أَحْمد، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ: " لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر وَلَا ذُو عهد فِي عَهده ".وَالْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مَشْهُور بَين الْعلمَاء مَعَ الِاتِّفَاق على أَن النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي للْعُمُوم.فالحنفية وَمن تَابعهمْ يقدرُونَ تتميما للجملة الثَّانِيَة لفظا عَاما تَسْوِيَة

- ‌ الحَدِيث.وَمِنْهُم من يصحح التَّرْجَمَة بالْعَطْف على الْعَام، وَأَن هَذَا خرج مخرج اللقب على الْمَسْأَلَة لَا لمراعاة قيودها.وَترْجم الرَّازِيّ، والبيضاوي، والهندي بعطف الْخَاص على الْعَام لَا يَقْتَضِي تَخْصِيص الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، فَإِن (بِكَافِر) فِي الْجُمْلَة الثَّانِيَة مُخَصص

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ لَا يبولن أحدكُم فِي المَاء الدَّائِم وَلَا يغْتَسل فِيهِ من جَنَابَة "؛ لِأَن الأَصْل عدم الشّركَة.قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: لَا يلْزم من تنجيسه بالبول تنجيسه بالاغتسال.وَمن الدَّلِيل أَيْضا قَوْله تَعَالَى: {كلوا من ثمره إِذا أثمر وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} [

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ سَأَلَهُ رجل فَقَالَ: تدركني الصَّلَاة وَأَنا جنب فأصوم؟ فَقَالَ

- ‌ لِأَنَّهُ إمَامهمْ وقدوتهم وسيدهم الَّذِي يصدر فعلهم عَن رَأْيه وإرشاده. انْتهى.فتلخص أَن خطابه ثَلَاثَة أَنْوَاع:أَحدهَا: يكون مُخْتَصًّا بِهِ بِلَا نزاع.وَالثَّانِي: دُخُول أمته مَعَه بِلَا نزاع.وَالثَّالِث: مَحل الْخلاف.تَنْبِيه: عكس هَذِه الْمَسْأَلَة، نَحْو: يَا

- ‌ فِيهِ الْخلاف الْمُتَقَدّم.وَالصَّحِيح أَنه يعمه على مَا تقدم، لَكِن قَالَ ابْن عقيل فِي " الْوَاضِح ": نفي دَخَلُوهُ هُنَا عَن الْأَكْثَر من الْفُقَهَاء والمتكلمين، وَذَلِكَ بِنَاء على أَنه لَا يَأْمر كالسيد مَعَ عبيده.رد بِأَنَّهُ مخبر بِأَمْر الله تَعَالَى.قلت: هُوَ كَمَا قَالَه

- ‌ مَبْعُوثًا إِلَى الْجَمِيع.رد بِالْمَنْعِ، فَإِن مَعْنَاهُ تَعْرِيف كل وَاحِد مَا يخْتَص بِهِ، وَلَا يلْزم شركَة الْجَمِيع فِي الْجَمِيع.قَالُوا: هُوَ إِجْمَاع الصَّحَابَة لرجوعهم إِلَى قصَّة مَاعِز، وَبرْوَع بنت واشق، وَأَخذه الْجِزْيَة من مجوس هجر، وَغير ذَلِك

- ‌ مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ " فَلَا يدْخل فِيهِ غَيره.وَعند الشَّافِعِي، وَأكْثر الْعلمَاء، مِنْهُم: الْحَنَفِيَّة، أَنه لَا يعم.قَالَت الْحَنَفِيَّة: لِأَنَّهُ عَم فِي الَّتِي قبلهَا لفهم الِاتِّبَاع؛ لِأَنَّهُ مُتبع وَهنا مُتبع.{وَاخْتَارَ أَبُو الْمَعَالِي} أَنه {يعم هُنَا وَأَنه قَول

- ‌ لزيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ كَمَا فِي أبي دَاوُد، كَمَا رخص لأبي بردة، وَرخّص أَيْضا لعقبة بن عَامر كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ ".وَهُوَ مَبْنِيّ على تَخْصِيص لعُمُوم بعد تَخْصِيص.وَاسْتدلَّ للْأولِ - وَهُوَ الصَّحِيح - رُجُوع الصَّحَابَة إِلَى التَّمَسُّك بقضايا الْأَعْيَان كقصة مَاعِز، ودية الْجَنِين

- ‌ أَو قضى يعم، وَلَو اخْتصَّ بِمن سوقه [لَهُ] لم يعم لاحْتِمَال سَماع الرَّاوِي أمرا، أَو نهيا لوَاحِد فَلَا يكون عَاما.قَالُوا: لنا مَا تقدم من الْقطع والتخصيص.قُلْنَا: سبق جوابهما.قَالُوا: يلْزم عدم فَائِدَة (حكمي على الْوَاحِد)

- ‌ إِلَى أمته يخرج على الْخطاب المتوجه إِلَيْهِ عِنْد الْأَكْثَر} .قَالَ صَاحب " الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة " فِي " مُخْتَصره فِي الْأُصُول ": وَحكم فعله عليه الصلاة والسلام فِي تعديه إِلَى أمته يخرج على الْخلاف فِي الْخطاب المتوجه إِلَيْهِ عِنْد الْأَكْثَر.وَفرق أَبُو الْمَعَالِي وَغَيره

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ من جر ثَوْبه خلاء لم ينظر الله إِلَيْهِ " فَقَالَت أم سَلمَة: فَكيف يصنع النِّسَاء بذيولهن؟ فأقرها النَّبِي

- ‌ من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ " لَا يَتَنَاوَلهَا، وَالصَّحِيح من مَذْهَبنَا، وَمذهب الْجُمْهُور أَنَّهَا تقتل؛ لدخولها فِي الحَدِيث.تَنْبِيه: قد تقدم (من) الشّرطِيَّة فِي أول صِيغ الْعُمُوم وَكَذَلِكَ (من) الاستفهامية، وتقييدهم هُنَا بِمن الشّرطِيَّة يخرج (من) الموصولة

- ‌ إِلَّا أَن يدل دَلِيل على مشاركتهم لَهُم فِيمَا خوطبوا بِهِ، وَذَلِكَ لِأَن اللَّفْظ قَاصِر عَلَيْهِم فَلَا يتعداهم. وَالْمرَاد الْيَهُود وَالنَّصَارَى.وَخَالف فِي هَذَا الشَّيْخ مجد الدّين بن تَيْمِية فِي " مسودته "، فَقَالَ: يَشْمَل الْأمة إِن شركوهم فِي الْمَعْنى، قَالَ: لِأَن شَرعه عَام لبني

- ‌ مخاطِبا مخاطَبا مبلِّغا مبلَّغا باعتبارين.وَرُبمَا اعتل الْمَانِع بِأَنَّهُ

- ‌ دَاخل فِي الحكم كالأمة قطعا.ورد بِاحْتِمَال أَن يَقُول الْمُخَالف إِن ذَلِك بِدَلِيل خارجي، وَتظهر فَائِدَته فِيمَا إِذا فعل مَا يُخَالف ذَلِك، هَل يكون نسخا فِي حَقه إِن قُلْنَا هُوَ دَاخل فنسخ، أَي: إِذا دخل وَقت الْعَمَل؛ لِأَن ذَلِك شَرط الْمَسْأَلَة وَإِلَّا فَلَا

- ‌ وَحصل ذَلِك إِخْبَارًا عَن أَمر الله تَعَالَى عِنْد وجودنا مُقْتَض بطرِيق التَّصْدِيق والتكذيب، وَأَن لَا يكون قسيما للْخَبَر. انْتهى.قَالَ الْبرمَاوِيّ: مِمَّا اخْتلف فِي عُمُومه الْخطاب الْوَارِد شفاها فِي الْكتاب وَالسّنة، مثل قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّاس} ، {يَا أَيهَا

- ‌ مُرْسلا إِلَيْهِم، بِأَنَّهُ لَا يتَعَيَّن الْخطاب الشفاهي فِي الْإِرْسَال، بل مُطلق الْخطاب كَاف، وَالله أعلم

- ‌ أَن يتَزَوَّج بِلَا ولي، وَلَا شُهُود، وزمن الْإِحْرَام؟ فِي الْمَسْأَلَة وَجْهَان لِأَصْحَابِنَا، الْمَشْهُور فِي الْمَذْهَب جَوَاز ذَلِك لَهُ، وَخَالف ابْن حَامِد فِي ذَلِك.وَقَالَ الشَّيْخ موفق الدّين: يُمكن أَن تنبني هَذِه الْمَسْأَلَة على أَن مَا ثَبت فِي حَقهم شاركهم النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

الفصل: ‌(قوله: {فصل} )

(قَوْله: {فصل} )

قَالَ الإِمَام {أَحْمد وَأكْثر الْأَصْحَاب، والأستاذ} أَبُو إِسْحَاق، {وَغَيرهم: الْأَمر بِلَا قرينَة} - أَي: الْأَمر الْمُطلق الَّذِي لَيْسَ مُقَيّدا بِمرَّة وَلَا تكْرَار - {للتكرار حسب الْإِمْكَان} .

ذكره ابْن عقيل مَذْهَب الإِمَام أَحْمد وَأَصْحَابه، وَذكره الشَّيْخ مجد الدّين عَن أَكثر أَصْحَابنَا، وَقَالَهُ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ.

قَالَ الْآمِدِيّ: وَجَمَاعَة من الْفُقَهَاء والمتكلمين.

ص: 2211

وَذكره ابْن برهَان عَن الْحَنَفِيَّة، وَحكي عَن الْمُزنِيّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِم الْقزْوِينِي.

وَحكي عَن القَاضِي أبي بكر الباقلاني، وَأكْثر الشَّافِعِيَّة، وَنَقله الْغَزالِيّ فِي " المنخول " عَن أبي حنيفَة والمعتزلة، وَنَقله الْبَاجِيّ عَن ابْن خويزمنداد، وَحَكَاهُ ابْن الْقصار عَن مَالك: فَيجب اسْتِيعَاب الْعُمر بِهِ دون أزمنة قَضَاء الْحَاجة وَالنَّوْم، وضروريات الْإِنْسَان.

ص: 2212

وَعَن الإِمَام أَحْمد رِوَايَة ثَانِيَة: لَا يَقْتَضِي التّكْرَار إِلَّا بِقَرِينَة وَبلا قرينَة لَا يَقْتَضِيهِ، واختارها الشَّيْخ موفق الدّين والطوفي، وَهُوَ قَول أَكثر الْفُقَهَاء، والمتكلمين، نَقله ابْن مُفْلِح، وَاخْتَارَهُ الرَّازِيّ، وَنَقله عَن الأقلين، وَرجحه الْآمِدِيّ، وَابْن الْحَاجِب، والبيضاوي، وَذكر أَبُو مُحَمَّد التَّمِيمِي - من أَصْحَابنَا - أَنه قَول الإِمَام أَحْمد، وَأَن أَصْحَابه اخْتلفُوا، وَاخْتلف اخْتِيَار القَاضِي أبي يعلى من أَئِمَّة أَصْحَابنَا فَتَارَة قَالَ بِالْأولِ، وَتارَة بِهَذَا، فعلى هَذَا القَوْل يُفِيد طلب الْمَاهِيّة من غير إِشْعَار بوحدة، وَلَا بِكَثْرَة إِلَّا أَنه لَا يُمكن [إِدْخَال] الْمَاهِيّة فِي الْوُجُود بِأَقَلّ من مرّة فَصَارَت الْمرة من ضروريات الْإِتْيَان بالمأمور بِهِ لَا أَن الْأَمر يدل عَلَيْهَا بِذَاتِهِ، بل بطرِيق الْإِلْزَام.

ص: 2213

7

- {وَقيل: يَقْتَضِي فعل مرّة} بِلَفْظِهِ وَوَضعه، حَكَاهُ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ عَن أَكثر أَصْحَابهم، وَأبي حنيفَة، وَأكْثر الْفُقَهَاء، وَعَن اخْتِيَار أبي الطّيب، وَأبي حَامِد.

قَالَ أَبُو حَامِد: وَهُوَ مُقْتَضى قَول الشَّافِعِي.

وَحَكَاهُ أَبُو الْخطاب فِي " التَّمْهِيد " عَن أَكثر الْفُقَهَاء، والمتكلمين وَأَنه أقوى. انْتهى.

فعلى هَذَا القَوْل وَالَّذِي قبله {يحْتَمل الزَّائِد التّكْرَار، وَهُوَ الْأَشْهر للشَّافِعِيَّة، وَاخْتَارَهُ} الْآمِدِيّ وَغَيره.

وَقيل: لَا يَقْتَضِي وَلَا يحْتَمل التّكْرَار، {اخْتَارَهُ كثير من الْحَنَفِيَّة} قَالَ السَّرخسِيّ: الْأَصَح عَن عُلَمَائهمْ لَا يحْتَملهُ.

ص: 2214

قَوْلنَا: {ووقف أَبُو الْمَعَالِي} ، أَي: وقف فِي الِاحْتِمَالَيْنِ الْأَخيرينِ وَهُوَ احْتِمَال التّكْرَار وَعَدَمه.

وَقَوْلنَا: {الْوَقْف مُطلقًا للباقلاني وَجمع} ، أَي: الْوَقْف فِي أصل الْمَسْأَلَة هَل يَقْتَضِي التّكْرَار، أَو الْمرة، أَو لَا يَقْتَضِي هَذَا، وَلَا هَذَا أَو لكَونه مُشْتَركا بَين الْمرة والتكرار؟

فَيُوقف إعماله فِي أَحدهمَا على قرينَة أَو لكَونه لأَحَدهمَا وَلَا نعرفه فَيتَوَقَّف لعدم علمنَا بالواقع.

ومنشأ الْخلاف اسْتِعْمَاله فيهمَا، كأمر الْحَج وَالْعمْرَة، وَأمر الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالصَّوْم، هَل هُوَ حَقِيقَة فيهمَا - لِأَن الأَصْل فِي الِاسْتِعْمَال الْحَقِيقَة -، أَو فِي أَحدهمَا؟ حذرا من الِاشْتِرَاك وَلَا نعرفه، أَو هُوَ التّكْرَار؛ لِأَنَّهُ الْأَغْلَب، أَو الْمرة؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقن، أَو فِي الْقدر الْمُشْتَرك بَينهمَا حذرا من الِاشْتِرَاك وَالْمجَاز؟

ص: 2215

احْتج القَوْل الأول بِأَن النَّهْي يَقْتَضِي تكْرَار التّرْك، وَالْأَمر يَقْتَضِيهِ فَيَقْتَضِي تكْرَار ترك الْفِعْل؛ وَلِأَن الْأَمر بالشَّيْء نهي عَن ضِدّه فَيَقْتَضِي تكْرَار ترك الضِّدّ.

وَأجِيب عَن الأول بِأَن الْأَمر يَقْتَضِي فعل الْمَاهِيّة، وَهُوَ حَاصِل بِفعل فَرد من أفرادها فِي زمن مَا، وَالنَّهْي يَقْتَضِي تَركهَا، وَلَا يحصل إِلَّا بترك جَمِيع أفرادها فِي كل زمَان فَافْتَرقَا.

وَعَن الثَّانِي بِمَنْع أَن الْأَمر بالشَّيْء نهي عَن ضِدّه، وَإِن سلم فَلَا يلْزم من ترك الضِّدّ الْمنْهِي عَنهُ التَّلَبُّس بالضد الْمَأْمُور بِهِ لجَوَاز أَن يكون للمنهي عَنهُ أضداد فيتلبس بِغَيْر الْمَأْمُور بِهِ مِنْهَا.

وَاسْتدلَّ للْأولِ بتكرار الصَّوْم وَالصَّلَاة.

رد: التّكْرَار فيهمَا بِدَلِيل، وعورض بِالْحَجِّ، وَأَيْضًا كالنهي؛ لِأَنَّهُمَا طلب.

[رد] قِيَاس فِي اللُّغَة وَبِأَن النَّهْي يَقْتَضِي النَّفْي، وَلِهَذَا لَو قَالَ: لَا يفعل كَذَا مرّة عَم، وَبِأَن التّكْرَار فِي النَّهْي لَا يمْنَع من فعل غَيره بِخِلَافِهِ فِي الْأَمر.

ص: 2216

وَأَيْضًا الْأَمر نهي عَن ضِدّه، وَالنَّهْي يعم فَيلْزم تكْرَار الْمَأْمُور بِهِ.

رد بِالْمَنْعِ، وَبِأَن النَّهْي الْمُسْتَفَاد من الْأَمر لَا يعم؛ لِأَن عُمُومه فرع عُمُوم الْآمِر.

وَأَيْضًا قَوْله لعَبْدِهِ: أكْرم فلَانا وَأحسن عشرته، أَو احفظ كَذَا للدوام، رد لقَرِينَة إكرامه وَحفظه.

وَلِأَنَّهُ يجب تكْرَار اعْتِقَاد الْوُجُوب، وعزم الِامْتِثَال، كَذَا الْفِعْل.

رد: لَو غفل بعد الِاعْتِقَاد والعزم جَازَ، وَبِأَنَّهُ وَجب بِإِخْبَار الشَّارِع أَنه يجب اعْتِقَاد أوامره فَمن عرف الْأَمر وَلم يعْتَقد وُجُوبه صَار مُكَذبا،

وبوجوبهما دون الْفِعْل فِي (افْعَل) مرّة وَاحِدَة.

وَأَيْضًا: " إِذا أَمرتكُم بِأَمْر فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم ".

رد: مَفْهُومه: الْعَجز عَن بعضه لَا يسْقطهُ.

وَأَيْضًا: لَو لم يتَكَرَّر لم يرد نسخ.

رد هُوَ قرينَة.

ص: 2217

وَوجه الْمرة أَيْضا، لَو قَالَ: افْعَل كَذَا، فَفعله مرّة امتثل.

رد: لفعل الْمَأْمُور بِهِ؛ لِأَنَّهَا من ضَرُورَته، لَا أَن الْأَمر ظَاهر فِيهَا وَلَا فِي التّكْرَار.

وَمنع ابْن عقيل أَنه امتثل، وَأَنه دَعْوَى، فَقيل لَهُ: يحسن قَوْله: فعلت، فَقَالَ: للْعُرْف ووقوعه على شُرُوعه فِيهِ؛ وَلِهَذَا لَو أمره بتكراره لم يقبح مِنْهُ فِي الفعلة الْوَاحِدَة.

وَقَالَ: لَا يمْتَنع أَن يقف اسْم ممتثل على الخاتمة بِنَاء على مَسْأَلَة الموافاة.

قَالُوا: لَو كَانَ للتكرار كَانَ (صل) مرَارًا تكريرا وَمرَّة نقضا كَمَا تقدم.

رد: يُقَال مثله لَو كَانَ للمرة، وَحسن لرفع الِاحْتِمَال.

وَاحْتج الْفَرِيقَانِ بِحسن الِاسْتِفْهَام، وَمنع القَاضِي وَغَيره حسن الِاسْتِفْهَام، ثمَّ سلموه، قَالُوا: لَو قَالَ: طَلِّقِي نَفسك أَو طَلقهَا يَا فلَان، وَلَا نِيَّة فَوَاحِدَة.

ص: 2218

وَأجَاب القَاضِي بِأَن هَذَا فِي الشَّرْع وَالْخلاف فِي اللُّغَة.

قَالَ ابْن مُفْلِح: كَذَا قَالَ.

ورده أَبُو الْخطاب: بِأَن الشَّرْع لَا يُغير اللُّغَة بِدَلِيل طَلقهَا مَا أملكهُ.

وَأجَاب ابْن عقيل بِأَنَّهَا نِيَابَة فِي مَشْرُوع فتقيدت بِهِ؛ وَلِهَذَا لَا يطلقهَا فِي حيض وطهر وطِئت فِيهِ.

وَقَالَ: الْيَمين وَالْوكَالَة للْعُرْف، وَالْأَمر للْحَقِيقَة بِدَلِيل مَسْأَلَة الرؤوس الْمَشْهُورَة، يَعْنِي: فِي الْأَيْمَان.

وَوجه مَا فِي " الرَّوْضَة ": أَن مَدْلُول الْأَمر طلب الْفِعْل، والمرة والتكرار خارجان عَنهُ، وَإِلَّا لزم التّكْرَار أَو النَّقْض لَو قرن بِأَحَدِهِمَا، وَلم يبرأ بالمرة؛ وَلِأَنَّهُمَا صفتان للْفِعْل كالقليل وَالْكثير، وَلَا دلَالَة للموصوف على الصّفة، وَوجه الْوَقْف كَالَّتِي قبلهَا، وَالله أعلم.

ص: 2219

قَوْله: {وَلَو علق أَمر بِشَرْط أَو صفة فَإِن كَانَ عِلّة ثَابِتَة تكَرر بتكررها اتِّفَاقًا} ، قَالَه ابْن الباقلاني فِي " التَّقْرِيب "، وَابْن السَّمْعَانِيّ، وَقَالَهُ الْآمِدِيّ، وَتَبعهُ ابْن الْحَاجِب، وَابْن مُفْلِح وَغَيرهمَا.

قَالَ فِي " الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة ": وَكَلَام أَصْحَابنَا يَقْتَضِيهِ.

قَالَ ابْن مُفْلِح: لاتباع الْعلَّة لَا لِلْأَمْرِ.

فَمَعْنَى هَذَا التّكْرَار أَنه كلما وجدت الْعلَّة وجد الحكم؛ لِأَنَّهُ إِذا وجدت الْعلَّة يتَكَرَّر الْفِعْل، مثل قَوْله تَعَالَى:{وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا} [الْمَائِدَة: 6]، {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا} [الْمَائِدَة: 38] ، {الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا} [النُّور: 2] ، وَنَحْوهَا، فالجنابة عِلّة للطهر، وَالسَّرِقَة عِلّة للْقطع، وَالزِّنَا عِلّة للجلد.

ص: 2220

تَنْبِيه: فِي هَذِه الْمَسْأَلَة طَرِيقَانِ:

أَحدهمَا: أَن الْعلَّة الثَّابِتَة [يتَكَرَّر الْأَمر] بتكررها اتِّفَاقًا كَمَا تقدم، وَهِي طَرِيق ابْن الباقلاني فِي " التَّقْرِيب "، وَابْن السَّمْعَانِيّ، والآمدي، وَابْن الْحَاجِب، والصفي الْهِنْدِيّ، وَابْن مُفْلِح، وَغَيرهم.

وَالطَّرِيق الثَّانِي: أَن الْخلاف جَار فِيهَا كَمَا لَو علق بِشَرْط أَو صفة وَلم تكن عِلّة ثَابِتَة وَهُوَ قَول الرَّازِيّ وَأَتْبَاعه.

وَقد مثلُوا بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مَعَ كَونهمَا عِلّة ثَابِتَة لذَلِك.

قَوْله: {وَإِلَّا فكالمسألة قبلهَا} فِيهَا الْخلاف الْمُتَقَدّم.

ص: 2221

يَعْنِي إِذا علق الْأَمر على غير عِلّة، أَي: على أَمر لم تثبت علته، مثل أَن يَقُول: إِذا دخل الشَّهْر فاعتق عبدا عَبِيدِي، فَهَل يَقْتَضِي التّكْرَار؟ هِيَ كالمسألة قبلهَا على مَا تقدم من الْخلاف.

قَالَ ابْن مُفْلِح: فَهِيَ كالمسألة الَّتِي قبلهَا عِنْد الْجَمِيع.

وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَر.

{وَقَالَ القَاضِي، وَالْمجد، وحفيده، وَغَيرهم: يُفِيد التّكْرَار هُنَا} وَإِن لم يفد فِي الَّتِي قبلهَا كالنهي.

قَالَ ابْن الْقطَّان: قَالَ أَصْحَابنَا وَهُوَ أشبه بِمذهب الشَّافِعِي.

ونقلوا عَن الصَّيْرَفِي أَن الْأَظْهر على الْمَذْهَب التّكْرَار.

لنا على الأول مَا سبق، وَلَا أثر للشّرط بِدَلِيل قَوْله لعَبْدِهِ: إِن دخلت السُّوق فاشتر كَذَا، يمتثل بِمرَّة، وَإِن قُمْت فَأَنت طَالِق.

ص: 2222

قَوْلهم: (التَّرْتِيب يُفِيد الْعلية) رد: بِالْمَنْعِ بِمَا سبق.

وَاسْتدلَّ فِي " التَّمْهِيد " وَغَيره بِأَن تَعْلِيق الْخَبَر لَا يَقْتَضِي تكْرَار الْمخبر عَنهُ كَذَا هُنَا، وَهُوَ قِيَاس فِي اللُّغَة.

قَالُوا: أَكثر أوَامِر الشَّرْع: {إِذا قُمْتُم

فَاغْسِلُوا} ، {يَا أَيهَا

وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا} ، {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا} ، {الزَّانِيَة} الْآيَتَانِ.

رد فِي غير الْعلَّة بِدَلِيل خارجي؛ وَلذَلِك لم يتَكَرَّر الْحَج مَعَ تَعْلِيقه بالاستطاعة.

قَالُوا: تكَرر بِالْعِلَّةِ فبالشرط أولى لانْتِفَاء الْمَشْرُوط بانتفائه.

[رد] : الْعلَّة مقتضية لمعلولها، وَالشّرط لَا يَقْتَضِي مشروطه، وَيَأْتِي كَلَام ابْن عقيل.

ص: 2223

تَنْبِيه: إِذا علم ذَلِك فعلى هَذَا القَوْل وَهُوَ القَوْل بالتكرار هُنَا وَإِن لم يفد فِي الَّتِي قبلهَا، اخْتلفُوا فِي إِفَادَة التّكْرَار بِمَاذَا؟

فَقيل: أَفَادَ التّكْرَار من جِهَة اللَّفْظ، أَي: هَذَا اللَّفْظ وضع للتكرار، وَهُوَ قَول الْأَكْثَر.

وَقيل: أَفَادَ التّكْرَار من جِهَة الْقيَاس لَا اللَّفْظ، قَالَ الرَّازِيّ وَتَبعهُ الْبَيْضَاوِيّ: لَا يدل على التّكْرَار من جِهَة اللَّفْظ، بل من جِهَة الْقيَاس.

قَالَ فِي " الْمَحْصُول ": هَذَا هُوَ الْمُخْتَار.

وَقَالَ ابْن عقيل: الْأَمر الْمُعَلق بمستحيل لَيْسَ أمرا، نَحْو: صل إِن كَانَ زيد متحركا سَاكِنا، فَهُوَ كَقَوْلِه: كن الْآن متحركا سَاكِنا.

قَوْله: {تَنْبِيه: من قَالَ بالتكرار قَالَ بالفور} ، يَعْنِي: من قَالَ: الْأَمر للتكرار قَالَ: هُوَ للفور أَيْضا.

وَاخْتلف غَيرهم، أَي: اخْتلف من قَالَ: إِن الْأَمر لَا يَقْتَضِي التّكْرَار فَهَل يَقْتَضِي الْفَوْر أم لَا؟

ص: 2224

فَقَالَ {أَحْمد، وَأَصْحَابه، وَالْحَنَفِيَّة، والمالكية، وَبَعض الشَّافِعِيَّة} ، مِنْهُم: الصَّيْرَفِي، وَأَبُو حَامِد الْمروزِي، والدقاق، وَأَبُو الطّيب، وَجزم بِهِ الْمُتَوَلِي، وَنقل عَن الْمُزنِيّ، وَأهل الْعرَاق، وَقَالَهُ الظَّاهِرِيَّة: يَقْتَضِي الْفَوْر.

قَالَ القَاضِي

...

...

...

...

...

...

...

ص: 2225

حُسَيْن من الشَّافِعِيَّة: إِنَّه الصَّحِيح من مَذْهَبهم، وَإِنَّمَا جَوَّزنَا تَأْخِير الْحَج بِدَلِيل خارجي.

وَعَن الإِمَام أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى: أَنه لَا يَقْتَضِي الْفَوْر، وَقَالَهُ: أَكثر الشَّافِعِيَّة، نَقله الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور، وسليم الرَّازِيّ، وَنَصره الباقلاني، وَالْغَزالِيّ، والآمدي، والرازي.

وَأخذت هَذِه الرِّوَايَة عَن أَحْمد من قَوْله عَن قَضَاء رَمَضَان: يفرق، قَالَ الله تَعَالَى:{فَعدَّة من أَيَّام أخر} [الْبَقَرَة: 184] ، وَقَالَهُ أَيْضا الجبائية، وَأَبُو الْحُسَيْن المعتزلي، وَذكر السَّرخسِيّ أَنه الَّذِي يَصح عِنْده من مَذْهَب عُلَمَائهمْ.

ص: 2226

فعلى هَذَا القَوْل، يَعْنِي القَوْل إِنَّه لَا يَقْتَضِي الْفَوْرِيَّة، هَل يعْتَبر الْعَزْم على فعله لجَوَاز تَأْخِيره، أم لَا يعْتَبر؟ حكمه حكم الْوَاجِب الموسع على مَا تقدم فِي أَوْقَات الصَّلَوَات الْخمس، نَقله ابْن مُفْلِح وَغَيره.

وَالصَّحِيح وجوب الْعَزْم.

{وَقيل: بِالْوَقْفِ لُغَة} ، قَالَه أَكثر الاشعرية، فَإِن بَادر امتثل.

وَقيل: بِالْوَقْفِ وَإِن بَادر، وَهُوَ ضَعِيف جدا، بل الْإِجْمَاع قبله خِلَافه، حَكَاهُ ابْن الصّباغ.

وَجه الأول بِأَنا نقطع بالفور إِذا قَالَ: اسْقِنِي.

رد ذَلِك: إِنَّمَا دلّ على الْفَوْرِيَّة لقَرِينَة حَاجَة طَالب المَاء إِلَيْهِ سَرِيعا عَادَة.

وَأَيْضًا: كل مخبر أَو منشئ فَالظَّاهِر قَصده الزَّمن الْحَاضِر، كقام زيد، وَأَنت طَالِق، أَو حرَّة.

رد ذَلِك: بِأَنَّهُ قِيَاس فِي اللُّغَة.

ورده فِي " التَّمْهِيد ": يتَبَيَّن بذلك أَن اللَّفْظ وضع للتعجيل.

ص: 2227

وَأَيْضًا الْأَمر نهي عَن ضِدّه وَالْأَمر طلب كالنهي، وَأَيْضًا:{مَا مَنعك أَلا تسْجد} [الْأَعْرَاف: 12] ذمه؛ إِذْ لم يُبَادر.

رد: لقَوْله: {فَإِذا سويته} [ص: 72] .

وَأَيْضًا: مُسْتَلْزم لِلْأَمْرِ لاستلزام الْوُجُوب إِيَّاه؛ لِأَن وجوب الْفِعْل مُسْتَلْزم لوُجُوب اعْتِقَاده على الْفَوْر؛ وَلِأَنَّهُ أحوط لِخُرُوجِهِ عَن الْعهْدَة إِجْمَاعًا، ولأثمه بِمَوْت.

رد: لَو صرح بِالتَّأْخِيرِ وَجب تَعْجِيل الِاعْتِقَاد لَا تَعْجِيل الْفِعْل فَلَا مُلَازمَة.

وَقيل للْقَاضِي: يجب الِاعْتِقَاد فِي: " صل بعد شهر لَا الْفِعْل.

فَأجَاب بِتَأْخِير الِاعْتِقَاد بِالشّرطِ، وَالِاحْتِيَاط اتِّبَاع مُوجب الظَّن، وَإِلَّا فَوَجَبَ التَّعْجِيل لمن ظن التَّرَاخِي حرَام.

ثمَّ لَا يلْزم من كَونه أحوط وُجُوبه.

وَأَيْضًا: لَو جَازَ التَّأْخِير فإمَّا إِلَى غَايَة مُعينَة مَعْلُومَة مَذْكُورَة - وَالْخلاف فِي الْأَمر الْمُطلق - أَو لَا، وَإِمَّا إِلَى ظن الْمَوْت، فَلَا يَنْضَبِط وَيَأْتِي بَغْتَة، أَو مُطلقًا: فمحال لإِخْرَاج الْوَاجِب عَن حَقِيقَته، وَإِمَّا بِبَدَل غير وَاجِب فَلَا يجوز إِجْمَاعًا، أَو وَاجِب فممتنع؛ لعدم دَلِيله، ولوجب إنباه النَّائِم أول

ص: 2228

الْوَقْت؛ حذرا من فَوَات الْبَدَل كضيق الْوَقْت، ولكان الْبَدَل محصلا مَقْصُود الْمُبدل، فَيسْقط الْمُبدل بِهِ، ولكان الْمُبدل إِمَّا أَن يجوز تَأْخِيره فَالْكَلَام فِيهِ كالمأمور بِهِ، وَهُوَ تسلسل مُمْتَنع، أَو لَا يجوز فيزيد الْبَدَل على أَصله.

رد: يلْزم لَو صرح بِجَوَاز التَّأْخِير.

وَجَوَابه: يجْرِي الدَّلِيل فِيهِ.

ورده فِي " الرَّوْضَة " بِأَنَّهُ يتناقض بِجَوَاز تَركه مُطلقًا. وَفِي " التَّمْهِيد ": لَا يتم الْوُجُوب مَعَ جَوَاز التَّأْخِير.

اعْترض على القَاضِي: بِالْأَمر بِالْوَصِيَّةِ عِنْد الْمَوْت للأقربين.

فَأجَاب: بِأَن الْمَوْت عَلَيْهِ أَمارَة، وبإمكان فعلهَا عِنْد الْمَوْت بِخِلَاف غَيرهَا.

وَأَيْضًا: {فاستبقوا الْخيرَات} [الْبَقَرَة: 148] وَالْأَمر للْوُجُوب.

رد: المسارعة إِلَى سَبَب الْخَيْر فَهِيَ دلَالَة اقْتِضَاء لَا تعم فَيخْتَص بِمَا يلْزم تَعْجِيله إِجْمَاعًا كالتوبة، ثمَّ المُرَاد الْأَفْضَلِيَّة وَإِلَّا فَلَا مسارعة لضيق وقته.

ص: 2229

وجوابهما بِالْمَنْعِ، والخيرات الْأَعْمَال الصَّالِحَة عِنْد الْمُفَسّرين، وَالْأَصْل لَا يقدر، وضيق الْوَقْت لَا يمْنَع المسارعة بِدَلِيل مَا يلْزم تَعْجِيله كالتوبة.

وَسلم بَعضهم الْفَوْر من (سارعوا) لَا من الْأَمر.

الْقَائِل لَا فَور: مَا سبق أَنه لَا يدل على تكْرَار وَلَا مرّة.

ورد بِالْمَنْعِ، بل يَقْتَضِيهِ بِلَفْظِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يخْتَص بمَكَان.

رد: بِالنَّهْي، ثمَّ بِالْمَنْعِ لفَوَات زمن، حَتَّى لَو قَالَ: اضْرِب رجلا اخْتصَّ بِمَا قرب مِنْهُ، ثمَّ: لَا مزية فِي الْأَشْخَاص فتساويا، ذكر ذَلِك فِي " التَّمْهِيد " وَغَيره.

وَمَعْنَاهُ فِي " وَاضح ابْن عقيل ".

وَأجَاب فِي " الرَّوْضَة ": بتساوي الْأَمْكِنَة بِخِلَاف الزَّمَان؛ وَلِأَنَّهُ يحسن الِاسْتِفْهَام.

ص: 2230

وَمنعه القَاضِي إِن كَانَ الْآمِر لَا يضع شَيْئا غير مَكَانَهُ، وكالوعد، كقضية الْحُدَيْبِيَة.

[رد] : بِأَن عمر تعجل فِيهَا الْوَعْد، ثمَّ بِالْفرقِ وَالْيَمِين كالوعد، ثمَّ مُقَيّدَة بِالْعرْفِ بِدَلِيل مَسْأَلَة الرؤوس، وَالْيَمِين على لبس أَو ركُوب يخْتَص بملبوس ومركوب عرفا.

تَنْبِيه: قَوْله: {وَيسْتَثْنى مِنْهُ} ، أَي: من مَحل الْخلال نَحْو: دع، واترك؛ فَإِنَّهُ فِي حكم النَّهْي، وَسَيَأْتِي أَن النَّهْي يَقْتَضِي التّكْرَار والفور، وَإِلَّا لم يَقع مِنْهُ امْتِثَال، وَكَذَا يَنْبَغِي فِي الْأَمر الكفي، وَهَذَا يفهم من ردهم على من قَالَ: إِن الْأَمر للفور كالنهي، وَالْفرق بَينهمَا عدم إِمْكَان الِامْتِثَال فِي النَّهْي إِلَّا بذلك فَافْتَرقَا، وَظَاهر كَلَام كثير من الْعلمَاء عدم اسْتثِْنَاء ذَلِك من الْأَمر.

ص: 2231