الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحَكَاهُ الْكَرْخِي عَن أبي حنيفَة، وَنقل عَن جمع من أَصْحَابه، وَغَيرهم، فَلَا يَصح إِرَادَة جَمِيع مَعَانِيه، وَلَا يحمل عِنْد الْإِطْلَاق على جَمِيعهَا.
قَالَ ابْن الْقيم فِي كِتَابه " الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
فِي منع كَون الصَّلَاة من الله الرَّحْمَة: الْأَكْثَرُونَ لَا يجوزون اسْتِعْمَال اللَّفْظ الْمُشْتَرك فِي معنييه لَا بطرِيق الْحَقِيقَة، وَلَا بطرِيق الْمجَاز، ورد مَا ورد عَن الشَّافِعِي قَالَ: وَقد ذكرنَا على إبِْطَال اسْتِعْمَال اللَّفْظ الْمُشْتَرك فِي معنييه مَعًا بضعَة عشر دَلِيلا فِي مَسْأَلَة الْقُرْء فِي
كتاب التَّعْلِيق على الْأَحْكَام. انْتهى.
تَنْبِيه: قَالَ الْبرمَاوِيّ: اخْتلف المانعون فِي سَبَب الْمَنْع، فَقيل: لِأَنَّهُ لَا يَصح أَن يقْصد من حَيْثُ اللُّغَة لكَونه لم يوضع إِلَّا لوَاحِد، قَالَه الْغَزالِيّ كَمَا تقدم، وَأَبُو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ، وَضعف ذَلِك.
وَقيل: السَّبَب أَنه اسْتِعْمَال فِي غير مَا وضع لَهُ، وَهُوَ على الْبَدَل فَيكون مجَازًا، فَهُوَ رَاجع إِلَى القَوْل بِأَنَّهُ مجَاز.
الْمَذْهَب الثَّامِن: {الْوَقْف} ، قَالَ الْآمِدِيّ: إِذْ لَيْسَ بَعْضهَا أولى من بعض فَوَجَبَ التَّوَقُّف حَتَّى يدل دَلِيل على الْكل، أَو الْبَعْض.
تَنْبِيه آخر: قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَغَيره: مَحل الْخلاف بَين الشَّافِعِي وَغَيره فِي اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي كل مَعَانِيه إِنَّمَا هُوَ فِي الْكُلِّي العددي، كَمَا قَالَه فِي " التَّحْصِيل "، أَي: فِي كل فَرد فَرد، وَذَلِكَ بِأَن يَجعله يدل على كل وَاحِد مِنْهُمَا على حِدته، بالمطابقة فِي الْحَالة الَّتِي تدل على الْمَعْنى الآخر بهَا وَلَيْسَ المُرَاد الْكُلِّي المجموعي، أَي: يَجعله مَجْمُوع الْمَعْنيين مدلولا مطابقا، كدلالة الْعشْرَة على آحادها، وَإِلَّا الْكُلِّي البدلي، أَي: يَجْعَل كل وَاحِد مِنْهُمَا مدلولا مطابقا على الْبدن. انْتهى.
وَادّعى الْأَصْفَهَانِي فِي " شرح الْمَحْصُول " أَنه رأى فِي مُصَنف آخر لصَاحب " التَّحْصِيل " أَن الْخلاف فِي الْكل المجموعي، قَالَ: لِأَن أَكْثَرهم صَرَّحُوا بِأَن الْمُشْتَرك عِنْد الشَّافِعِي كالعام.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: هَذَا عَلَيْهِ، لَا لَهُ، فَإِن دلَالَة الْعَام من دلَالَة الْكُلِّي على جزئياته، لَا الْكل على أَجْزَائِهِ، وَإِلَّا لتعذر الِاسْتِدْلَال بِالْعَام على بعض أَفْرَاده، وَأما إِذا لم يسْتَعْمل فِي وَقت وَاحِد، بل فِي وَقْتَيْنِ - مثلا - فَإِن ذَلِك جَائِز قطعا. انْتهى.
قَوْله: {فعلى الْجَوَاز هُوَ ظَاهر فيهمَا مَعَ عدم قرينَة فَيحمل عَلَيْهِمَا} .
قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله " بعد أَن ذكر الْجَوَاز: هَل هُوَ ظَاهر فِي ذَلِك مَعَ عدم قرينَة كالعام، أم مُجمل، فَيرجع إِلَى مُخَصص خَارج؟
ظَاهر كَلَامهم أَو صَرِيحه: الأول، وَلِهَذَا قَالُوا يحمل عَلَيْهِمَا.
وَهُوَ كثير فِي كَلَام القَاضِي وَأَصْحَابه، وَقَالَ هُوَ، وَابْن عقيل: اللَّمْس حَقِيقَة فِي اللَّمْس بِالْيَدِ مجَاز فِي الْجِمَاع فَيحمل عَلَيْهِمَا، وَيجب الْوضُوء مِنْهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَا تدافع بَينهمَا.
وَقَالَ الْمجد فِي قَوْله عليه السلام: " اقرؤوا يس على مَوْتَاكُم ": يَشْمَل المحتضر، وَالْمَيِّت قبل الدّفن وَبعده.
وَنقل عَن عبد الْجَبَّار، والجبائي، وَغَيرهمَا، وَقَالَ ابْن الْقشيرِي: وَعَلِيهِ يدل كَلَام الشَّافِعِي، فَإِنَّهُ حمل {أَو لامستم النِّسَاء} [النِّسَاء: 43] على الجس بِالْيَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ حَقِيقَة، وعَلى الوقاع الَّذِي هُوَ فِيهِ مجَاز، قَالَ: وَإِذا قَالَ ذَلِك فِي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فَفِي الحقيقتين أولى.
وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور: إِنَّه قَول أَصْحَابنَا، قَالَ: وَلِهَذَا حملنَا اللَّمْس على الْجِمَاع، والجس بِالْيَدِ.
وَنَقله غَيرهمَا أَيْضا عَن الشَّافِعِي وَالْقَاضِي صَرِيحًا. انْتهى.
وَالْقَوْل الثَّانِي: إِنَّه مُجمل فَيرجع إِلَى مُخَصص خَارج. صرح بِهِ أَيْضا القَاضِي، وَابْن عقيل، وَالشَّيْخ، وَغَيرهم، نَقله عَنْهُم ابْن مُفْلِح، وَنَقله الْهِنْدِيّ عَن الْأَكْثَر، وَنَقله أَبُو زيد الدبوسي عَن الْحَنَفِيَّة.
القَوْل الثَّالِث: الْوَقْف فِي الْحمل؛ إِذْ لَيْسَ بَعْضهَا أولى من بعض فَيجب التَّوَقُّف حَتَّى يدل على الْكل، أَو الْبَعْض.
القَوْل الرَّابِع: قَالَ الْبرمَاوِيّ فِي " شرح منظومته ": إِن كَانَ بِلَفْظ الْمُفْرد فمجمل، أَو بِلَفْظ الْجمع فَيجب الْحمل، وَبِه قَالَ القَاضِي من الْحَنَابِلَة. انْتهى.
فتلخص إِذا قُلْنَا بِصِحَّة إِطْلَاق الْمُشْتَرك على معنييه هَل يجب الْحمل عَلَيْهِمَا مَعَ عدم قرينَة، أَو لَا يجب؟ فَيكون مُجملا، أَو يجب إِن كَانَ بِلَفْظ الْجمع، وَإِلَّا فمجمل أَو الْوَقْف: أَرْبَعَة أَقْوَال، وَالصَّحِيح الأول.
قَوْله: {كالعام فِي الْأَصَح} . الْقَائِلُونَ بِوُجُوب الْحمل على الْجَمِيع اخْتلفُوا فِي سَبَب ذَلِك: هَل هُوَ لكَونه من بَاب الْعُمُوم أَو أَن ذَلِك احْتِيَاطًا؟ فبالأول قَالَ أَبُو الْمَعَالِي، وَابْن الْقشيرِي، وَالْغَزالِيّ، والآمدي، وَجرى عَلَيْهِ ابْن الْحَاجِب حَتَّى إِنَّه ذكر الْمَسْأَلَة فِي بَاب الْعُمُوم، وَقَالَهُ ابْن مُفْلِح، وتابعناه.
وَقيل: إِنَّه قَول الواقفية فِي صِيغ الْعُمُوم.
وتوجيه ذَلِك أَن نِسْبَة الْمُشْتَرك إِلَى مَعَانِيه كنسبة الْعَام إِلَى أَفْرَاده، وَعند التجرد يعم الْأَفْرَاد، فَكَذَا الْمُشْتَرك، وَالْجَامِع صدق اللَّفْظ بِالْوَضْعِ على كل فَرد من أَفْرَاده، وَإِن افْتَرقَا من حَيْثُ إِن الْعَام صدقه بِوَاسِطَة أَمر اشتركت فِيهِ، والمشترك صدقه بِوَاسِطَة الِاشْتِرَاك فِي أَن اللَّفْظ وضع لكل وَاحِد.
وبالقول الثَّانِي وَهُوَ كَونه احْتِيَاطًا مَنْقُول عَن الباقلاني، نَقله ابْن السُّبْكِيّ، وَنقل الْآمِدِيّ عَن الشَّافِعِي، والباقلاني أَنه من بَاب الْعُمُوم، وَنقل الْبَيْضَاوِيّ عَنْهُمَا أَنه من بَاب الِاحْتِيَاط.
{تَنْبِيه: مَحل صِحَة الْإِطْلَاق، وَالْحمل إِذا لم يتنافيا، فَإِن تنافيا امتنعا كافعل، أمرا، وتهديدا} ، مَحل الْحمل على الْكل عِنْد الْقَائِل بِهِ؛ حَيْثُ لَا يكون بَين الْمَعْنيين، أَو الْمعَانِي تناف كاستعمال لفظ (افْعَل) فِي الْأَمر، والتهديد عَن الْفِعْل، وَهَذَا قيد فِي الِاسْتِعْمَال أَيْضا.
وَذكر هَذَا الْقَيْد ابْن الْحَاجِب حَيْثُ قَالَ: إِن صَحَّ الْجمع، والبيضاوي بقوله: فِي جَمِيع مفهوماته الْغَيْر متضادة، وَإِن لم يذكرهُ شَيْخه الرَّازِيّ، وَنَقله الْآمِدِيّ عَن الشَّافِعِي، والباقلاني، والجبائي، وَعبد الْجَبَّار، وَغَيرهم.
وَمَعْنَاهُ ذكره أَبُو الْمَعَالِي، وَأَبُو الْخطاب عَن المجوزين، وَقَالَهُ ابْن عقيل، قَالَ: وَلِهَذَا لَا يحسن أَن يُصَرح بِهِ بِخِلَاف هَذَا.
تَنْبِيه: الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: قد تقدم من أول الْكَلَام على ذَلِك.
إِن هُنَا مَسْأَلَتَيْنِ ذكرنَا أَحْكَام الْمَسْأَلَة الأولى، وَمَا يتَعَلَّق بهَا، وَالْكَلَام الْآن فِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة، وَهِي أَنَّهَا مثل الْمَسْأَلَة الأولى فِي الْأَحْكَام، وَهِي إِطْلَاق اللَّفْظ الْوَاحِد على الْحَقِيقَة، وَالْمجَاز إِذا كَانَ للفظ حَقِيقَة، ومجاز، وَالْحمل عَلَيْهِمَا على مَا تقدم من الْأَقْوَال وَالْأَحْكَام، وَلذَلِك جَمعنَا فِي الْمَتْن
بَينهَا وَبَين الْمُشْتَرك فِي الحكم لاتحادهما، إِلَّا أَن القَاضِي أَبَا بكر الباقلاني قَالَ: لَا يَصح إِطْلَاق اللَّفْظ الْوَاحِد على الْحَقِيقَة وَالْمجَاز مَعًا، وَإِن صَححهُ فِي غَيره.
وَقَالَ: اسْتِعْمَاله فيهمَا محَال هُنَا؛ لِأَن الْحَقِيقَة اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِيمَا وضع لَهُ، وَالْمجَاز فِيمَا لم يوضع لَهُ، وهما متناقضان، فَلَا يَصح أَن يُرَاد بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَة مَعْنيانِ متناقضان. انْتهى.
فعلى الأول مَحَله فِي الْحَقِيقَة مُقَدّمَة قطعا، مِثَال ذَلِك إِطْلَاق النِّكَاح للْعقد، وَالْوَطْء مَعًا إِذا قُلْنَا حَقِيقَة فِي أَحدهمَا مجَاز فِي الآخر؛ وَلذَلِك حمل قَوْله تَعَالَى:{أَو لامستم النِّسَاء فامسحوا} على الجس بِالْيَدِ، وَهُوَ حَقِيقَة، وعَلى الوقاع، وَهُوَ مجَاز.
وَمثله قَوْله تَعَالَى: {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} [النِّسَاء: 11] فَإِنَّهُ حَقِيقَة فِي ولد الصلب، مجَاز فِي ولد الابْن.
وَمثله قَوْله تَعَالَى: {وافعلوا الْخَيْر} [الْحَج: 77] فَإِنَّهُ شَامِل للْوُجُوب وَالنَّدْب خلافًا لمن خصّه بِالْوَاجِبِ بِنَاء على منع الِاسْتِعْمَال فِي الْكل، وَبَعْضهمْ قَالَ: للقدر الْمُشْتَرك، وَهُوَ مُطلق الطّلب فِرَارًا من الِاشْتِرَاك، وَالْمجَاز.
وَمن ذَلِك مَا قَالَه الْمجد فِي قَوْله عليه السلام: " اقرؤوا يس على مَوْتَاكُم " يَشْمَل المحتضر وَالْمَيِّت قبل الدّفن وَبعده، كَمَا تقدم، فَبعد الْمَوْت حَقِيقَة، وَقَبله مجَاز.
وَمن ذَلِك مَا قَالَه القَاضِي، وَابْن عقيل، وَغَيرهمَا: اللَّمْس حَقِيقَة فِي اللَّمْس بِالْيَدِ مجَاز فِي الْجِمَاع، كَمَا تقدم التَّمْثِيل بذلك فَيحمل عَلَيْهِمَا وَيجب الْوضُوء مِنْهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَا تدافع بَينهمَا.
وَفِي الْمَسْأَلَة قَول آخر إِنَّه يجب الْحمل على الْحَقِيقَة دون الْمجَاز، قَالَه القَاضِي عبد الْوَهَّاب الْمَالِكِي، وَهُوَ المُرَاد بقولنَا كالعام فِي الْأَصَح.
{وَقيل: على الْحَقِيقَة فَقَط} فَهَذَا القَوْل هُوَ مَا قَالَه عبد الْوَهَّاب يَعْنِي أَنه فِي الْمُشْتَرك حمله على الْجَمِيع، وَهنا فِي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز يجب حمله على
الْحَقِيقَة فَقَط، فَهَذَا القَوْل مُخَالف للمشترك أَيْضا، فَهُنَا ثَلَاث مسَائِل فِي مُخَالفَة الْحَقِيقَة، وَالْمجَاز للمشترك:
إِحْدَاهَا: إِذا أطلق عَلَيْهِمَا وجوزناه لَا يكون إِلَّا مجَازًا، وَفِي الْمُشْتَرك قَولَانِ: هَل هُوَ حَقِيقَة أم مجَاز، فَإِن قُلْنَا مجَاز أَيْضا فَلَا مُخَالفَة، وَإِن قُلْنَا: حَقِيقَة حصلت الْمُخَالفَة.
الثَّانِيَة: عدم جَوَاز الْإِطْلَاق فِي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز، وَإِن جوزناه فِي الْمُشْتَرك، وَهُوَ قَول الباقلاني، كَمَا تقدم.
الثَّالِثَة: الْحمل فِي الْمُشْتَرك على الْجَمِيع، وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة لَا يحمل إِلَّا على الْحَقِيقَة فَقَط، على قَول تقدم، وَالله أعلم.
قَوْله: {فَائِدَتَانِ:
الأولى: ألحق جمع من الْعلمَاء المجازين المتساويين بِالْحَقِيقَةِ وَالْمجَاز} إِذا تعذر حمل اللَّفْظ على مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ، أَو قَامَ دَلِيل على أَنه غير مُرَاد، وَعدل إِلَى الْمَعْنى الْمجَازِي إطلاقا أَو حملا وَكَانَ الْمجَاز متعذرا، هَل يجوز إِرَادَة الْكل وَهل يسوغ مَعَه الْحمل على الْكل؟
وَقل من تعرض لهَذِهِ الْمَسْأَلَة، وَقد ذكرهَا أَبُو الْمَعَالِي، وَابْن
السَّمْعَانِيّ، والأصفهاني فِي " شرح الْمَحْصُول "، والآمدي، وَابْن الْحَاجِب فِي بَاب الْمُجْمل، لَكِن اختارا فيهمَا الْإِجْمَال عكس اختيارهما فِي الحقيقتين والحقيقة وَالْمجَاز.
فعلى قَول من قَالَ بِأَن هَذِه الْمَسْأَلَة كالحقيقة وَالْمجَاز أَعْطَاهَا حكم تِلْكَ، فَفِيهَا من الْأَحْكَام مَا فِي تِلْكَ، لَكِن يشْتَرط أَن يكون المجازان متساويين.
مِثَال ذَلِك: لَو حلف لَا يَشْتَرِي دَار زيد، وَقَامَت قرينَة على أَن المُرَاد أَنه لَا يعْقد بِنَفسِهِ وَتردد الْحَال بَين السّوم وشرى الْوَكِيل، هَل يحمل عَلَيْهِمَا، أم لَا؟ فَمن جوز الْحمل يَقُول يَحْنَث بِكُل مِنْهُمَا.
قَوْله: {الثَّانِيَة: جمع الْمُشْتَرك بِاعْتِبَار مَعَانِيه} مَبْنِيّ على جَوَاز اسْتِعْمَال الْمُفْرد فِي مَعَانِيه.
وَهَذِه إِحْدَى الطّرق فِي الْمَسْأَلَة.
قَالَ ابْن الْحَاجِب: وَالْأَكْثَر: جمعه بِاعْتِبَار معنييه مَبْنِيّ على الْخلاف فِي الْمُفْرد فِيهِ: إِن جَازَ سَاغَ، وَإِلَّا فَلَا.
وَوجه الْبناء أَن التَّثْنِيَة وَالْجمع تابعان لما يسوغ الْمُفْرد فِيهِ فَحَيْثُ جَازَ اسْتِعْمَال مُفْرد فِي معنييه، أَو مَعَانِيه جَازَ تَثْنِيَة الْمُشْتَرك وَجمعه، وَحَيْثُ لَا، فَلَا، فَيَقُول: عُيُون زيد وتريد بِهِ الْعين الباصرة، وَالْعين الْجَارِيَة، وَعين الْمِيزَان وَالذَّهَب، وَغَيرهَا.
وَالطَّرِيق الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة أَقْوَال، رجح ابْن الْحَاجِب فِي " شرح الْمفصل " الْمَنْع مُطلقًا، وَحَكَاهُ عَن الْأَكْثَرين.
وَرجح ابْن مَالك الْجَوَاز مُطلقًا كَمَا فِي الحَدِيث الْأَيْدِي ثَلَاثَة، وَحَدِيث:" مَا لنا إِلَّا الأسودان "، وَاسْتعْمل الْحَرِير ذَلِك فِي المقامات فِي قَوْله:
(
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
فانثنى بِلَا عينين)
يُرِيد الباصرة وَالذَّهَب.
وَفصل ابْن عُصْفُور بَين أَن يتَّفقَا فِي معنى التَّسْمِيَة نَحْو: الأحمران الذَّهَب والزعفران فَيجوز، أَو لَا، فَلَا يجوز كَالْعَيْنِ الباصرة وَالذَّهَب، وَلَا يخفى مَا فِيهِ من النّظر.
وَقَالَ بَعضهم: يجوز، وَإِن لم يجز فِي الْمُفْرد؛ لِأَنَّهُ كَمَا سبق فِي حكم أَلْفَاظ مُتعَدِّدَة. انْتهى. وَهَذِه الطَّرِيق الثَّالِث.
تَنْبِيه: تلخص لنا فِي الْمَسْأَلَة ثَلَاث طرق:
أَحدهَا: جَوَاز تَثْنِيَة الْمُشْتَرك وَجمعه بِاعْتِبَار معنييه، أَو مَعَانِيه، مَبْنِيّ على جَوَاز اسْتِعْمَال الْمُفْرد فِي مَعَانِيه، وَهُوَ الَّذِي ذكره ابْن الْحَاجِب، وَالْأَكْثَر.
وَالثَّانِي: فِي جَوَاز تثنيته وَجمعه بِاعْتِبَار معنييه أَو مَعَانِيه أَقْوَال.
وَالثَّالِث: جَوَاز تثنيته وَجمعه وَإِن لم نصحح إِطْلَاق الْمُفْرد على مَعَانِيه كَمَا تقدم، وَقد تحررت الْمَسْأَلَة وَللَّه الْحَمد.