المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بتحديثه؛ لأنه لا يعلم إلا منه وهو لا يحدث إلا من حفظه، وغيره ليس كذلك.وأجاب الأكثرون: أن تجويز الخطأ والنسيان في صورة القراءة على الشيخ وهو يسمع أقرب.قوله: {ثم قصد} - أي الشيخ - {إسماعه وحده، أو} قصد إسماعه {مع غيره} ساغ - التحبير شرح التحرير - جـ ٥

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌(قَوْله: {فصل} {فِي مُسْتَند الصَّحَابِيّ} الْمُخْتَلف)

- ‌ نَوْعَانِ:أَحدهمَا: لَا خلاف فِيهِ؛ إِذْ هُوَ صَرِيح فِي ذَلِك لَا يحْتَمل شَيْئا كَقَوْلِه: سَمِعت النَّبِي

- ‌ يَقُول: أَو يفعل كَذَا. وَهَذَا أرفع الدَّرَجَات لكَونه يدل على عدم الْوَاسِطَة بَينهمَا قطعا.النَّوْع الثَّانِي: مَا هُوَ مُخْتَلف فِيهِ لكَونه غير صَرِيح، بل مُحْتَمل الْوَاسِطَة، وَهُوَ مَرَاتِب:

- ‌ كَذَا، أَو فعل كَذَا، أَو أقرّ على كَذَا، فَهَذَا من الْمُخْتَلف فِيهِ.وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابنَا، وَأكْثر الْعلمَاء: أَنه يحمل على الِاتِّصَال وَأَنه لَا وَاسِطَة بَينهمَا، وَيكون ذَلِك حكما شَرْعِيًّا يجب الْعَمَل بِهِ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِر من حَال الصَّحَابِيّ الْقَائِل ذَلِك.وَقَوْلنَا: قَالَ

- ‌ وَبَين سَمَاعه من غَيره بِنَاء على عَدَالَة الصَّحَابَة، نَقله الْآمِدِيّ، وَابْن الْحَاجِب عَنهُ، ورده السُّبْكِيّ فِي " شرح الْمُخْتَصر "، وَقَالَ: الْمَنْقُول عَنهُ فِي " التَّقْرِيب " أَنه مَحْمُول على السماع. انْتهى.قلت: يحْتَمل أَن لَهُ قَوْلَيْنِ، إِذا علم ذَلِك

- ‌ بِكَذَا، أَو نهى عَن كَذَا، أَو أمرنَا بِكَذَا، أَو نَهَانَا} عَن كَذَا، فَحكمه حكم، قَالَ النَّبِي

- ‌[وَأَنه] هُوَ الَّذِي أَمرهم، ونهاهم، وَرخّص، وَحرم عَلَيْهِم، تبليغا عَن الله تَعَالَى، وَإِن كَانَ يحْتَمل أَنه من بعض الْخُلَفَاء، لكنه بعيد فَإِن المشرع لذَلِك هُوَ صَاحب الشَّرْع.وَخَالف الصَّيْرَفِي، والباقلاني، وَأَبُو بكر الرَّازِيّ، والكرخي: الحنفيين، والإسماعيلي

- ‌ هُوَ الْقَدِيم.وَنَقله غَيره حَتَّى قيل: إِنَّهَا من الْمسَائِل الَّتِي يُفْتِي فِيهَا بالقديم فِي الْأُصُول، لَكِن الْمَشْهُور عِنْدهم أَن هَذَا هُوَ الْجَدِيد.وَقيل: مَوْقُوف، نَقله ابْن الصّلاح، وَالنَّوَوِيّ عَن أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ.قَوْله: قد يكون قَوْله: من السّنة، مُسْتَحبا، كَمَا

- ‌ وَكُنَّا نرى، أَيْضا، كل ذَلِك حجَّة، أطلقهُ

- ‌ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي. انْتهى.وَتبع فِي ذَلِك الْمجد فِي " مسودته "، وَهُوَ تَوْجِيه احْتِمَال لِابْنِ مُفْلِح.وَنَقله النَّوَوِيّ فِي أَوَائِل " شرح مُسلم " عَن جمَاعَة، مِنْهُم الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق، وَاخْتَارَهُ الْقُرْطُبِيّ أَيْضا

- ‌ فأقره عَلَيْهِ، وَإِلَّا لم يفد.{وَقَالَ القَاضِي، وَأَبُو الْخطاب: إِجْمَاع أَو حجَّة} ؛ لِأَنَّهُ ظَاهر اللَّفْظ فِي معرض الْحجَّة، وَجَازَت مُخَالفَته؛ لِأَن طَرِيقه ظَنِّي كَخَبَر وَاحِد.وَاقْتصر ابْن حمدَان فِي " مقنعه " على قَوْله: انْصَرف إِلَى فعل الْأَكْثَرين. قَالَ ابْن مُفْلِح: كَذَا قَالَ

- ‌قَالَ ابْن مُفْلِح: واقتصار بعض أَصْحَابنَا على (كَانُوا) لَا يدل على التَّفْرِقَة.قَوْله: {فَائِدَتَانِ: إِحْدَاهمَا: قَول غير الصَّحَابِيّ يرفعهُ أَو ينميه أَو يبلغ بِهِ أَو رِوَايَة كالمرفوع صَرِيحًا عِنْد الْعلمَاء} .قَالَ ابْن الصّلاح: حكم ذَلِك عِنْد أهل الْعلم حكم

- ‌ فَصرحَ بِرَفْعِهِ

- ‌ وَبعد مَوته سَوَاء إِلَّا أَن الْحجَّة فِي قَول الصَّحَابِيّ أظهر.قَوْله: {وَقَوله: " كَانُوا يَفْعَلُونَ " كَقَوْل الصَّحَابِيّ ذَلِك

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ بتحديثه؛ لِأَنَّهُ لَا يعلم إِلَّا مِنْهُ وَهُوَ لَا يحدث إِلَّا من حفظه، وَغَيره لَيْسَ كَذَلِك.وَأجَاب الْأَكْثَرُونَ: أَن تَجْوِيز الْخَطَأ وَالنِّسْيَان فِي صُورَة الْقِرَاءَة على الشَّيْخ وَهُوَ يسمع أقرب.قَوْله: {ثمَّ قصد} - أَي الشَّيْخ - {إسماعه وَحده، أَو} قصد إسماعه {مَعَ غَيره} سَاغَ

- ‌ حَيْثُ كتب لأمير السّريَّة كتابا، قَالَ: لَا تَقْرَأهُ حَتَّى تبلغ مَكَان كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا بلغ ذَلِك الْمَكَان قَرَأَهُ على النَّاس، وَأخْبرهمْ بِأَمْر النَّبِي

- ‌ قَرَأَهُ عَلَيْهِ فَيكون وَاقعَة عين يسْقط مِنْهَا الِاسْتِدْلَال للاحتمال

- ‌ يبلغ الْغَائِب بِالْكِتَابَةِ إِلَيْهِ، وَكَانَ

- ‌ بِأَن الِاعْتِمَاد على إِخْبَار الْمُرْسلَة على يَده، وَنقل إِنْكَار ذَلِك عَن الدَّارَقُطْنِيّ

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أَن الله أَمر أَو نهى فكالقرآن.وَقَالَ ابْن أبي مُوسَى، وحفيد القَاضِي وَغَيرهمَا: مَا كَانَ خَبرا عَن الله تَعَالَى أَنه قَالَه فَحكمه كالقرآن} .اسْتدلَّ للْجُوَاز بِعَمَل السّلف من غير نَكِير مِنْهُم فَهُوَ إِجْمَاع.وَقد تقدم أَن الإِمَام أَحْمد قَالَ: مَا زَالَ الْحفاظ يحدثُونَ

- ‌ حَدِيثا فَقَالَ: أَو دون ذَلِك، أَو فَوق ذَلِك أَو قَرِيبا من ذَلِك.وَكَانَ أنس إِذا حدث عَنهُ

- ‌ الْبَراء بن عَازِب عِنْد النّوم: " آمَنت بكتابك الَّذِي أنزلت، وبنبيك الَّذِي أرْسلت ". قَالَ: وَرَسُولك، قَالَ: لَا، وَنَبِيك. مُتَّفق عَلَيْهِ.رد: إِنَّمَا يجوز لمن علم الْمَعْنى.وَفَائِدَة قَوْله للبراء: عدم الالتباس بِجِبْرِيل، أَو الْجمع بَين لَفْظِي النُّبُوَّة والرسالة

- ‌ فَيجْعَل الْإِنْسَان " قَالَ النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ خبر

- ‌ فِي قَوْله: " قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذا قَالَ العَبْد: الْحَمد لله رب الْعَالمين. يَقُول الله تَعَالَى: حمدني عَبدِي…" حَدِيث صَحِيح، ثمَّ روى عبد الله بن زِيَاد بن سمْعَان عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة الْخَبَر وَذكر فِيهِ: " فَإِذا قَالَ

- ‌ أَن نخرج صَدَقَة الْفطر صَاعا من شعير، أَو صَاعا من تمر " انْفَرد سعيد بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحِي عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِزِيَادَة " أَو صَاع من قَمح ".وَحَدِيث ابْن عمر رضي الله عنهما: أَن النَّبِي

- ‌ فَقلت: إِنَّا خبأنا لَك حَيْسًا، فَقَالَ: " أما أَنِّي كنت أُرِيد الصَّوْم، وَلَكِن قربيه "، وأسنده الشَّافِعِي عَن سُفْيَان هَكَذَا.وَرَوَاهُ عَن سُفْيَان شيخ باهلي، وَزِيَادَة فِيهِ: " وَأَصُوم يَوْمًا مَكَانَهُ " ثمَّ عرضته عَلَيْهِ قبل مَوته بِسنة فَذكر هَذِه الزِّيَادَة.قَوْله: {وَلَو أسْندهُ

- ‌ أُخْرَى.وَحَكَاهُ بعض أَصْحَابنَا عَن الشَّافِعِيَّة، قَالَه ابْن مُفْلِح، وَقطع بِهِ الرَّازِيّ، وَأَتْبَاعه فِيمَا إِذا كَانَ الرَّاوِي وَاحِدًا. وَخَالف بعض الْمُحدثين فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، وَحَكَاهُ فِي " منهاج الْبَيْضَاوِيّ " قولا فِي الْمَسْأَلَة، وَعلله فَقَالَ: لِأَن إهماله يدل على الضعْف.وَحمله

- ‌ حَدِيث: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي ".وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي بردة عَن النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ عَن بيع الثَّمَرَة حَتَّى تزهي، فَيتْرك: حَتَّى تزهي.وَكَقَوْلِه

- ‌ توضؤوا مِمَّا مست النَّار " فَقَالَ: أَنَتَوَضَّأُ من الْحَمِيم؟ - أَي: المَاء الْحَار - فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: يَا ابْن أخي إِذا سَمِعت حَدِيثا عَن النَّبِي

- ‌ أكل من كتف شَاة وَصلى وَلم يتَوَضَّأ.وَأَيْضًا خبر معَاذ سبق فِي أَن الْإِجْمَاع حجَّة؛ وَلِأَن الْخَبَر أقوى فِي غَلَبَة الظَّن؛ لِأَنَّهُ يجْتَهد فِيهِ فِي الْعَدَالَة وَالدّلَالَة، ويجتهد فِي الْقيَاس فِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ عِنْد أَصْحَابنَا، والكرخي، والجرجاني، وَبَعض الشَّافِعِيَّة، والمحدثين، وَهُوَ ظَاهر كَلَام أَحْمد:} رُبمَا كَانَ الْمُنْقَطع أقوى إِسْنَادًا.وَقَالَهُ ابْن الْحَاجِب وَكثير من الْأُصُولِيِّينَ، بل ينْسب هَذَا القَوْل إِلَى الْأُصُولِيِّينَ.{وَخَصه أَكثر الْمُحدثين} وَكثير من الْأُصُولِيِّينَ

- ‌ على مَذْهَبهم.وكسعيد بن الْمسيب، وعلقمة بن قيس النَّخعِيّ - ولد فِي حَيَاة النَّبِي

- ‌ وَمَا رَوَاهُ تَابع التَّابِعِيّ فيسمونه معضلا، فَسمى

- ‌ أَو لَا، وَفِيه نظر.قَوْله: {فَلَو قَالَه تَابع التَّابِعِيّ، أَو سقط بَين الروايين أَكثر من وَاحِد فمعضل} .هَذَا تَفْرِيع على قَول أَكثر الْمُحدثين إِن الْمُرْسل لَا يكون إِلَّا من التَّابِعين، فَلَو قَالَ تَابع التَّابِعِيّ أَو سقط أَكثر من وَاحِد سمي معضلا فِي اصطلاحهم

- ‌ من وَجه آخر، معنى ذَلِك الْمُرْسل، أَو يُرْسِلهُ غَيره وشيوخهما مُخْتَلفَة، أَو يعضده قَول صَحَابِيّ أَو قَول عَامَّة الْعلمَاء.وَكَلَام الإِمَام أَحْمد فِي الْمُرْسل قريب من كَلَام الشَّافِعِي

- ‌ أَو يعضده بِمَا سبق فِي مَرَاسِيل التَّابِعين.وَهَذَا بِنَاء على الْمَشْهُور من تَعْلِيل الْمَنْع بِأَن الصَّحَابِيّ قد يروي عَمَّن لَا يعلم عَدَالَته.قَوْله: {تَنْبِيه: اسْتثْنِي مَرَاسِيل صغارهم كمحمد بن أبي بكر

- ‌ وَهُوَ وَاضح جدا.قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدّين ابْن حجر فِي " شرح البُخَارِيّ ": أَحَادِيث مثل هَؤُلَاءِ من مَرَاسِيل كبار التَّابِعين لَا من قبيل مَرَاسِيل الصَّحَابَة الَّذين سمعُوا من النَّبِي

- ‌ بِثَلَاثَة أشهر وَأَيَّام كَمَا ثَبت فِي مُسلم أَن أمه أَسمَاء بنت عُمَيْس وَلدته فِي حجَّة الْوَدَاع قبل أَن يدخلُوا مَكَّة، وَذَلِكَ فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة عشر من الْهِجْرَة، وَالله أعلم

- ‌(بَاب الْأَمر)

- ‌{بَاب الْأَمر: حَقِيقَة فِي القَوْل الْمَخْصُوص اتِّفَاقًا)

- ‌ صرح بِهِ فِي " الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة ".وَهَذَا الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الإِمَام أَحْمد وَأَصْحَابه، وَأكْثر الْعلمَاء

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ هُوَ الْمعبر عَن كتاب الله: {ظَاهره: لَا صِيغَة لَهُ} ، بل الْوَقْف؛ {حَتَّى يتَبَيَّن المُرَاد} من وجوب وَندب، قَالَ بعض أَصْحَابنَا: نَص أَحْمد فِي الْعُمُوم، وَاعْتبر القَاضِي جنس الظَّاهِر وَهُوَ اعْتِبَار جيد.فَيبقى قد حكى رِوَايَة بِمَنْع التَّمَسُّك بالظواهر الْمُجَرَّدَة؛ حَتَّى يعلم

- ‌ صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " بِخِلَاف نَحْو: {وصل عَلَيْهِم} [التَّوْبَة:

- ‌ لعمر بن أبي سَلمَة: " يَا غُلَام سم الله وكل بيمينك وكل مِمَّا يليك " مُتَّفق عَلَيْهِ، وَقَالَ لعكراش: " كل من مَوضِع وَاحِد فَإِنَّهُ طَعَام وَاحِد ".وَمِنْهُم من يدْخل ذَلِك فِي قسم النّدب، مِنْهُم: الْبَيْضَاوِيّ، وَمِنْهُم من قَالَ: يقرب من النّدب، وَهُوَ يدل على الْمُغَايرَة

- ‌ لأبي هُرَيْرَة: " فاختص على ذَلِك أَو ذَر " رَوَاهُ البُخَارِيّ

- ‌ وَهُوَ على تَبُوك: " كن أَبَا ذَر

- ‌ قَالَ: " لَا تزوج المرأةُ الْمَرْأَة، وَلَا تزوج الْمَرْأَة نَفسهَا " بِالرَّفْع؛ إِذْ لَو كَانَ نهيا لجزم فيكسر لالتقاء الساكنين

- ‌ كن عبد الله الْمَقْتُول وَلَا تكن عبد الله الْقَاتِل "، فَإِنَّمَا الْمَقْصُود الاستسلام والكف عَن الْفِتَن.فَهَذَا الَّذِي وَقع اختيارنا عَلَيْهِ، وَقد ذكر جمَاعَة من الْعلمَاء غير ذَلِك مِمَّا فِيهِ نظر، مِنْهَا - وَهُوَ

- ‌ فَلَا يغمس يَده فِي الْإِنَاء حَتَّى يغسلهَا ثَلَاثًا " بِدَلِيل " فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده ". قَالَ الْبرمَاوِيّ: هَذَا دَاخل تَحت النّدب، فَلَا حَاجَة لإفراده.قلت: لَيست فِي هَذَا صِيغَة أَمر، وَإِنَّمَا هُوَ صِيغَة نهي كَمَا ترى

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أسهل مِمَّا نهى عَنهُ.قَالَ جمَاعَة من أَصْحَابنَا: لَعَلَّه أَرَادَ لِأَن جمَاعَة قَالُوا: الْأَمر للنَّدْب وَلَا تكْرَار، وَالنَّهْي للتَّحْرِيم والدوام، لِئَلَّا يُخَالف نصوصه.وَأما أَبُو الْخطاب فَإِنَّهُ أَخذ مِنْهُ أَنه للنَّدْب.وَوجه هَذَا القَوْل: أَنا نحمل الْأَمر الْمُطلق على مُطلق الرجحان

- ‌ إِذا أَمرتكُم بِأَمْر فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم "، فَرده إِلَى استطاعتنا؛ وَلِأَنَّهُ الْيَقِين؛ وَلِأَن الْمَنْدُوب مَأْمُور بِهِ حَقِيقَة.رد الأول بِأَن كل وَاجِب كَذَلِك، وَالثَّانِي: بِأَن الْإِبَاحَة أولى لتيقن نفي الْحَرج عَن الْفِعْل بِخِلَاف رُجْحَان جَانِبه.الْمَذْهَب الثَّالِث: أَنه

- ‌ الْمُبْتَدَأ للنَّدْب، أَي: الَّذِي لَيْسَ مُوَافقا لنَصّ أَو بَيَانا لمجمل

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌وَكَقَوْلِه لعَبْدِهِ: لَا تَأْكُل هَذَا، ثمَّ يَقُول: كُله.وَاعْترض بقوله: لَا تقتل هَذَا، ثمَّ يَقُول: اقتله، للْإِيجَاب

- ‌ فِي التَّشَهُّد الْأَخير بِمَا ثَبت عَن النَّبِي

- ‌(قَوْله: فصل)

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ وَقَالَ: " مر أَصْحَابك أَن يرفعوا أَصْوَاتهم بِالتَّلْبِيَةِ " فَجعلُوا النّدب إِلَى الصّفة وَهُوَ رفع الصَّوْت بهَا

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(بَاب النَّهْي)

- ‌(قَوْله: {بَاب النَّهْي} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ لَا تَبِيعُوا الذَّهَب إِلَّا مثلا بِمثل " الحَدِيث، ولنكاح الْمحرم بِالنَّهْي عَنهُ، وكبيع الطَّعَام قبل قَبضه وشاع وذاع من غير نَكِير.فَإِن قلت احتجاجهم إِنَّمَا هُوَ على التَّحْرِيم لَا على الْفساد، قلت: بل على كليهمَا، أَلا ترى إِلَى حَدِيث بيع الصاعين بالصاع، وَقَوله

- ‌ قَالَ: " من عمل عملا لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا فَهُوَ رد "، وَالرَّدّ إِذا أضيف إِلَى الْعِبَادَات اقْتضى عدم الِاعْتِدَاد، وَإِن أضيف إِلَى الْعُقُود اقْتضى الْفساد.فَإِن قيل: وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ بمقبول، وَلَا طَاعَة

- ‌ لَا تمش فِي نعل وَاحِدَة "، فَإِنَّهُ مَنْهِيّ عَنهُ لَا عَن لبسهما، وَلَا عَن نزعهما، وَلذَلِك قَالَ: " ليلبسهما جَمِيعًا أَو ليحفهما جَمِيعًا ".الثَّالِث: أَن يكون نهيا عَن الْجَمِيع، أَي: كل وَاحِد، سَوَاء أَتَى بِهِ مُنْفَردا أَو مَعَ الآخر، كالنهي عَن الزِّنَا، والربا، وَالسَّرِقَة

- ‌(بَاب الْعَام)

- ‌(قَوْله: {بَاب} )

- ‌ الطّواف بِالْبَيْتِ صَلَاة إِلَّا أَن الله أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَام "، فَإِن الِاسْتِثْنَاء معيار الْعُمُوم فَدلَّ على تَعْمِيم كَون الطّواف صَلَاة، وَكَون الطّواف صَلَاة مجَاز.قَوْله: {وَالْخَاص بِخِلَافِهِ} ، أَي: بِخِلَاف الْعَام، {أَي: مَا دلّ وَلَيْسَ بعام فَلَا يرد المهمل} .قَالَ القطب

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ لما رَجَعَ من الْأَحْزَاب قَالَ: " لَا يصلين أحد الْعَصْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة " فَأدْرك بَعضهم الْعَصْر فِي الطَّرِيق، فَقَالَ بَعضهم: لَا نصلي حَتَّى نأتيها، وَقَالَ بَعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذَلِك، فَذكر للنَّبِي

- ‌ فَقَالَ: لَو كَانَ لي من الْأَمر شَيْء ثمَّ وجدت أحدا فعل ذَلِك لجعلته نكالا. فَقَالَ ابْن شهَاب: أرَاهُ عليا. قَالَ مَالك: وَبَلغنِي عَن الزبير مثل ذَلِك.وللطحاوي وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس كَقَوْل عُثْمَان.وللبخاري عَن زيد بن ثَابت أَنه لما نزل: {لَا يَسْتَوِي

- ‌ هُوَ الْمعبر عَن الْكتاب، وَالْآيَة إِنَّمَا قصدت للْمُسلمِ لَا الْكَافِر. انْتهى.وَخَالف الشَّيْخ تَقِيّ الدّين، والآمدي، والقرافي، والأصفهاني فِي " شرح الْمَحْصُول "، وَغَيرهم.قَالَ الْقَرَافِيّ، وَتَابعه ابْن قَاضِي الْجَبَل فِي " أُصُوله ": صِيغ الْعُمُوم وَإِن كَانَت عَامَّة فِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أَيّمَا امْرَأَة نكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل

- ‌ حِكَايَة عَن ربه

- ‌ فِي حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ: " كل ذَلِك لم يكن " جَوَابا لقَوْله: (أنسيت، أم قصرت الصَّلَاة؟) أَي: لم يكن كل من الْأَمريْنِ، لَكِن بِحَسب ظَنّه

- ‌ ارْتَدَّت الْعَرَب قاطبة)

- ‌ فِي التَّشَهُّد فِي السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين: " فَإِنَّكُم إِذا قُلْتُمْ ذَلِك فقد سلمتم على كل عبد الله صَالح فِي السَّمَاء وَالْأَرْض " رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم.وَقيل: لَا تعم، فَلَا تفِيد الِاسْتِغْرَاق.وَحَكَاهُ صَاحب الْمُعْتَمد عَن الجبائي، وَحكي أَيْضا عَن جمع من

- ‌(فصل:)

- ‌ وَقَالَ: " صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ". انْتهى

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌وَفِي لفظ البُخَارِيّ: " هُوَ أَخُوك يَا عبد ".وَلأَحْمَد، وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَاد جيد من حَدِيث عبد الله بن الزبير أَن زَمعَة

- ‌ الْوَلَد للْفراش " وَإِن كَانَ واردا فِي أمه فَهُوَ وَارِد لبَيَان حكم ذَلِك الْوَلَد، وَبَيَان حكمه إِمَّا بالثبوت أَو بالانتفاء فَإِذا ثَبت أَن الْفراش هُوَ الزَّوْجَة؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يتَّخذ لَهَا الْفراش غَالِبا، وَقَالَ الْوَلَد للْفراش كَانَ فِيهِ حصر أَن الْوَلَد للْحرَّة، وَمُقْتَضى ذَلِك أَن لَا يكون

- ‌ فِي منع كَون الصَّلَاة من الله الرَّحْمَة: الْأَكْثَرُونَ لَا يجوزون اسْتِعْمَال اللَّفْظ الْمُشْتَرك فِي معنييه لَا بطرِيق الْحَقِيقَة، وَلَا بطرِيق الْمجَاز، ورد مَا ورد عَن الشَّافِعِي قَالَ: وَقد ذكرنَا على إبِْطَال اسْتِعْمَال اللَّفْظ الْمُشْتَرك فِي معنييه مَعًا بضعَة عشر دَلِيلا فِي مَسْأَلَة الْقُرْء فِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ هُوَ الْمعبر عَن الْكتاب إِن الْآيَة إِنَّمَا قصدت الْمُسلم، لَا الْكَافِر.وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: سَمَّاهُ عَاما وَهُوَ مُطلق فِي الْأَحْوَال يعمها على الْبَدَل، وَمن أَخذ بِهَذَا لم يَأْخُذ بِمَا دلّ عَلَيْهِ ظَاهر لفظ الْقُرْآن، بل بِمَا ظهر لَهُ مِمَّا سكت عَنهُ الْقُرْآن

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ دَاخل الْكَعْبَة لَا يعم الْفَرْض وَالنَّفْل فَلَا يحْتَج بِهِ على جوازهما فِيهَا، وَقَول الرَّاوِي: صلى النَّبِي

- ‌ يَتَخَوَّلنَا بِالْمَوْعِظَةِ " فَالْمُرَاد هُنَا الِاسْتِمْرَار

- ‌ إِذا سلم سلم ثَلَاثًا، وَإِذا تكلم بِكَلِمَة أَعَادَهَا ثَلَاثًا.وَمِنْه: كَانَ يعالج من التَّنْزِيل شدَّة. فَهِيَ كَذَلِك تفِيد الِاسْتِمْرَار والتكرار.قَالَ ابْن مُفْلِح: وَهِي لمُطلق الْفِعْل فِي الْمَاضِي كَسَائِر الْأَفْعَال تكَرر، أَو انْقَطع أَو لَا، فَلهَذَا قَالَ جمَاعَة: يَصح وَيصدق على وجود

- ‌ أَجود النَّاس. الحَدِيث.ولمجرد الْفِعْل قَلِيلا من غير تكَرر، نَحْو: كَانَ النَّبِي

- ‌ لِحلِّهِ وَحرمه

- ‌ يبْعَث عبد الله بن رَوَاحَة إِلَى يهود خَيْبَر فيخرص النّخل. فَهَذَا لَا يُمكن فِيهِ التّكْرَار؛ لِأَن فتح خَيْبَر كَانَ سنة سبع، وَعبد الله بن رَوَاحَة قتل فِي غَزْوَة مُؤْتَة سنة ثَمَان.وَاعْلَم أَن هَذَا الْخلاف غير خلاف النُّحَاة فِي أَن (كَانَ) هَل تدل على الِانْقِطَاع أَو لَا؟ اخْتِيَار

- ‌قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله ": وَأما الْأمة فَلم تدخل بِفِعْلِهِ

- ‌ أما أَنا فأفيض المَاء

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ فِي سَائِمَة الْغنم الزَّكَاة " يَقْتَضِي عُمُومه سلب الحكم عَن معلوفة الْغنم دون غَيرهَا على الصَّحِيح، فَمَتَى جَعَلْنَاهُ حجَّة لزم انْتِفَاء الحكم عَن جملَة صور الْمُخَالفَة، وَإِلَّا لم يكن للتخصيص فَائِدَة، وتأولوا ذَلِك على أَن الْمُخَالفين أَرَادوا أَنه لم يثبت بالمنطوق وَلَا يَخْتَلِفُونَ

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ فِيمَا رَوَاهُ أَحْمد، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ: " لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر وَلَا ذُو عهد فِي عَهده ".وَالْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مَشْهُور بَين الْعلمَاء مَعَ الِاتِّفَاق على أَن النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي للْعُمُوم.فالحنفية وَمن تَابعهمْ يقدرُونَ تتميما للجملة الثَّانِيَة لفظا عَاما تَسْوِيَة

- ‌ الحَدِيث.وَمِنْهُم من يصحح التَّرْجَمَة بالْعَطْف على الْعَام، وَأَن هَذَا خرج مخرج اللقب على الْمَسْأَلَة لَا لمراعاة قيودها.وَترْجم الرَّازِيّ، والبيضاوي، والهندي بعطف الْخَاص على الْعَام لَا يَقْتَضِي تَخْصِيص الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، فَإِن (بِكَافِر) فِي الْجُمْلَة الثَّانِيَة مُخَصص

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ لَا يبولن أحدكُم فِي المَاء الدَّائِم وَلَا يغْتَسل فِيهِ من جَنَابَة "؛ لِأَن الأَصْل عدم الشّركَة.قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: لَا يلْزم من تنجيسه بالبول تنجيسه بالاغتسال.وَمن الدَّلِيل أَيْضا قَوْله تَعَالَى: {كلوا من ثمره إِذا أثمر وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} [

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ سَأَلَهُ رجل فَقَالَ: تدركني الصَّلَاة وَأَنا جنب فأصوم؟ فَقَالَ

- ‌ لِأَنَّهُ إمَامهمْ وقدوتهم وسيدهم الَّذِي يصدر فعلهم عَن رَأْيه وإرشاده. انْتهى.فتلخص أَن خطابه ثَلَاثَة أَنْوَاع:أَحدهَا: يكون مُخْتَصًّا بِهِ بِلَا نزاع.وَالثَّانِي: دُخُول أمته مَعَه بِلَا نزاع.وَالثَّالِث: مَحل الْخلاف.تَنْبِيه: عكس هَذِه الْمَسْأَلَة، نَحْو: يَا

- ‌ فِيهِ الْخلاف الْمُتَقَدّم.وَالصَّحِيح أَنه يعمه على مَا تقدم، لَكِن قَالَ ابْن عقيل فِي " الْوَاضِح ": نفي دَخَلُوهُ هُنَا عَن الْأَكْثَر من الْفُقَهَاء والمتكلمين، وَذَلِكَ بِنَاء على أَنه لَا يَأْمر كالسيد مَعَ عبيده.رد بِأَنَّهُ مخبر بِأَمْر الله تَعَالَى.قلت: هُوَ كَمَا قَالَه

- ‌ مَبْعُوثًا إِلَى الْجَمِيع.رد بِالْمَنْعِ، فَإِن مَعْنَاهُ تَعْرِيف كل وَاحِد مَا يخْتَص بِهِ، وَلَا يلْزم شركَة الْجَمِيع فِي الْجَمِيع.قَالُوا: هُوَ إِجْمَاع الصَّحَابَة لرجوعهم إِلَى قصَّة مَاعِز، وَبرْوَع بنت واشق، وَأَخذه الْجِزْيَة من مجوس هجر، وَغير ذَلِك

- ‌ مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ " فَلَا يدْخل فِيهِ غَيره.وَعند الشَّافِعِي، وَأكْثر الْعلمَاء، مِنْهُم: الْحَنَفِيَّة، أَنه لَا يعم.قَالَت الْحَنَفِيَّة: لِأَنَّهُ عَم فِي الَّتِي قبلهَا لفهم الِاتِّبَاع؛ لِأَنَّهُ مُتبع وَهنا مُتبع.{وَاخْتَارَ أَبُو الْمَعَالِي} أَنه {يعم هُنَا وَأَنه قَول

- ‌ لزيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ كَمَا فِي أبي دَاوُد، كَمَا رخص لأبي بردة، وَرخّص أَيْضا لعقبة بن عَامر كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ ".وَهُوَ مَبْنِيّ على تَخْصِيص لعُمُوم بعد تَخْصِيص.وَاسْتدلَّ للْأولِ - وَهُوَ الصَّحِيح - رُجُوع الصَّحَابَة إِلَى التَّمَسُّك بقضايا الْأَعْيَان كقصة مَاعِز، ودية الْجَنِين

- ‌ أَو قضى يعم، وَلَو اخْتصَّ بِمن سوقه [لَهُ] لم يعم لاحْتِمَال سَماع الرَّاوِي أمرا، أَو نهيا لوَاحِد فَلَا يكون عَاما.قَالُوا: لنا مَا تقدم من الْقطع والتخصيص.قُلْنَا: سبق جوابهما.قَالُوا: يلْزم عدم فَائِدَة (حكمي على الْوَاحِد)

- ‌ إِلَى أمته يخرج على الْخطاب المتوجه إِلَيْهِ عِنْد الْأَكْثَر} .قَالَ صَاحب " الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة " فِي " مُخْتَصره فِي الْأُصُول ": وَحكم فعله عليه الصلاة والسلام فِي تعديه إِلَى أمته يخرج على الْخلاف فِي الْخطاب المتوجه إِلَيْهِ عِنْد الْأَكْثَر.وَفرق أَبُو الْمَعَالِي وَغَيره

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ من جر ثَوْبه خلاء لم ينظر الله إِلَيْهِ " فَقَالَت أم سَلمَة: فَكيف يصنع النِّسَاء بذيولهن؟ فأقرها النَّبِي

- ‌ من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ " لَا يَتَنَاوَلهَا، وَالصَّحِيح من مَذْهَبنَا، وَمذهب الْجُمْهُور أَنَّهَا تقتل؛ لدخولها فِي الحَدِيث.تَنْبِيه: قد تقدم (من) الشّرطِيَّة فِي أول صِيغ الْعُمُوم وَكَذَلِكَ (من) الاستفهامية، وتقييدهم هُنَا بِمن الشّرطِيَّة يخرج (من) الموصولة

- ‌ إِلَّا أَن يدل دَلِيل على مشاركتهم لَهُم فِيمَا خوطبوا بِهِ، وَذَلِكَ لِأَن اللَّفْظ قَاصِر عَلَيْهِم فَلَا يتعداهم. وَالْمرَاد الْيَهُود وَالنَّصَارَى.وَخَالف فِي هَذَا الشَّيْخ مجد الدّين بن تَيْمِية فِي " مسودته "، فَقَالَ: يَشْمَل الْأمة إِن شركوهم فِي الْمَعْنى، قَالَ: لِأَن شَرعه عَام لبني

- ‌ مخاطِبا مخاطَبا مبلِّغا مبلَّغا باعتبارين.وَرُبمَا اعتل الْمَانِع بِأَنَّهُ

- ‌ دَاخل فِي الحكم كالأمة قطعا.ورد بِاحْتِمَال أَن يَقُول الْمُخَالف إِن ذَلِك بِدَلِيل خارجي، وَتظهر فَائِدَته فِيمَا إِذا فعل مَا يُخَالف ذَلِك، هَل يكون نسخا فِي حَقه إِن قُلْنَا هُوَ دَاخل فنسخ، أَي: إِذا دخل وَقت الْعَمَل؛ لِأَن ذَلِك شَرط الْمَسْأَلَة وَإِلَّا فَلَا

- ‌ وَحصل ذَلِك إِخْبَارًا عَن أَمر الله تَعَالَى عِنْد وجودنا مُقْتَض بطرِيق التَّصْدِيق والتكذيب، وَأَن لَا يكون قسيما للْخَبَر. انْتهى.قَالَ الْبرمَاوِيّ: مِمَّا اخْتلف فِي عُمُومه الْخطاب الْوَارِد شفاها فِي الْكتاب وَالسّنة، مثل قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّاس} ، {يَا أَيهَا

- ‌ مُرْسلا إِلَيْهِم، بِأَنَّهُ لَا يتَعَيَّن الْخطاب الشفاهي فِي الْإِرْسَال، بل مُطلق الْخطاب كَاف، وَالله أعلم

- ‌ أَن يتَزَوَّج بِلَا ولي، وَلَا شُهُود، وزمن الْإِحْرَام؟ فِي الْمَسْأَلَة وَجْهَان لِأَصْحَابِنَا، الْمَشْهُور فِي الْمَذْهَب جَوَاز ذَلِك لَهُ، وَخَالف ابْن حَامِد فِي ذَلِك.وَقَالَ الشَّيْخ موفق الدّين: يُمكن أَن تنبني هَذِه الْمَسْأَلَة على أَن مَا ثَبت فِي حَقهم شاركهم النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

الفصل: ‌ بتحديثه؛ لأنه لا يعلم إلا منه وهو لا يحدث إلا من حفظه، وغيره ليس كذلك.وأجاب الأكثرون: أن تجويز الخطأ والنسيان في صورة القراءة على الشيخ وهو يسمع أقرب.قوله: {ثم قصد} - أي الشيخ - {إسماعه وحده، أو} قصد إسماعه {مع غيره} ساغ

وَاسْتدلَّ لأبي حنيفَة أَن الْقِرَاءَة على الشَّيْخ أبعد من الْخَطَأ والسهو، وَإِنَّمَا كَانَ أَكثر التَّحَمُّل عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -‌

‌ بتحديثه؛ لِأَنَّهُ لَا يعلم إِلَّا مِنْهُ وَهُوَ لَا يحدث إِلَّا من حفظه، وَغَيره لَيْسَ كَذَلِك.

وَأجَاب الْأَكْثَرُونَ: أَن تَجْوِيز الْخَطَأ وَالنِّسْيَان فِي صُورَة الْقِرَاءَة على الشَّيْخ وَهُوَ يسمع أقرب.

قَوْله: {ثمَّ قصد} - أَي الشَّيْخ - {إسماعه وَحده، أَو} قصد إسماعه {مَعَ غَيره} سَاغَ

لَهُ أَن يَقُول: حَدثنَا، أَو أخبرنَا، وَقَالَ، وَسمعت، وَكَذَا يَقُول: أَنبأَنَا، ونبأنا، وَلكنه قَلِيل عِنْدهم؛ لِأَنَّهُ أشهر اسْتِعْمَالهَا فِي الْإِجَازَة فَيجوز فِي التحديث إِذا قَرَأَ الشَّيْخ أَن يَقُول: حَدثنَا، وَأخْبرنَا، وأنبأنا، وَسمعت فلَانا يَقُول، وَقَالَ: لنا فلَان، وَذكر لنا فلَان.

وَقد نقل القَاضِي عِيَاض الْإِجْمَاع فِي هَذَا كُله؛ فَلِذَا تعقب بَعضهم على ابْن الصّلاح فِي قَوْله بعد أَن حكى ذَلِك: أَن فِيهِ نظرا، أَو أَنه يَنْبَغِي فِيمَا شاع اسْتِعْمَاله من هَذِه الْأَلْفَاظ أَن يكون مَخْصُوصًا بِمَا سمع من غير لفظ الشَّيْخ.

وَجه التعقيب عَلَيْهِ معارضته للْإِجْمَاع، وَأَنه لَا يجب على السَّامع أَن

ص: 2031

يبين: هَل كَانَ السماع من لفظ الشَّيْخ أَو عرضا.

قَوْله: {وَإِن لم يقْصد} ، أَي: الشَّيْخ، الإسماع {قَالَ: حدث، وَأخْبر، وَقَالَ، وسمعته، وأنبأ، ونبأ} .

قطع بِهِ ابْن مُفْلِح وَغَيره.

قَوْله: {ثمَّ سَمَاعه} ، هَذِه الْمرتبَة الثَّالِثَة، فَإِن الأولى قِرَاءَة الشَّيْخ، وَالثَّانيَِة: قِرَاءَته على الشَّيْخ، وَهَذِه الثَّالِثَة وَهِي: سَمَاعه.

وَهُوَ: أَن يقْرَأ أحد على الشَّيْخ وَغير القاريء يسمع، وَيُسمى هَذَا عرضا كَالَّذي قبله، وَإِن كَانَ أنزل.

وَفِي الرِّوَايَة بِهِ خلاف، وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكثر أهل الْعلم مِنْهُم الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة، وجماهير الْعلمَاء: أَنه صَحِيح وَعَلِيهِ الْعَمَل.

ص: 2032

قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر: وَوَقع الْإِجْمَاع عَلَيْهِ فِي هَذِه الْأَزْمِنَة وَقبلهَا.

وَحكى الرامَهُرْمُزِي عَن أبي عَاصِم النَّبِيل: الْمَنْع.

وَحَكَاهُ الْخَطِيب عَن وَكِيع، وَعَن مُحَمَّد بن سَلام، وَكَذَا عبد الرَّحْمَن بن سَلام الجُمَحِي.

قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله ": خلافًا لبَعض الْعِرَاقِيّين، كعرض الْحَاكِم

ص: 2033

وَالشَّاهِد على الْمقر وَكَرِهَهُ ابْن عُيَيْنَة وَغَيره.

{وَقيل: إِن أمسك أصل} .

شَرط بعض الْعلمَاء فِي الْعرض أَن يكون الشَّيْخ ممسكا لأصله إِن لم يكن حَافِظًا مَا يقْرَأ عَلَيْهِ، أَو يمسك غير الشَّيْخ من الثِّقَات على خلاف فِي هَذَا لبَعض الْأُصُولِيِّينَ.

وَفِي معنى إمْسَاك الثِّقَة أصل الشَّيْخ حفظه مَا يعرض على الشَّيْخ والثقة مستمع، أَو يكون القاريء نَفسه هُوَ الْحَافِظ فَيقْرَأ من حفظه وَالشَّيْخ يسمع.

قَوْله: {وأرفعها: سَمِعت، فحدثنا، وحَدثني، فَأخْبرنَا، فأنبأنا، ونبأنا} ، إِذا قَالَ: سَمِعت أَو حَدثنَا، كَانَ أرفع من غَيرهمَا؛ إِذْ فِيهِ احْتِرَاز من الْإِجَازَة.

ص: 2034

قَالَ الْخَطِيب: أرفع الْعبارَات " سَمِعت "، ثمَّ " حَدثنَا "، و " حَدثنِي "، ثمَّ " أخبرنَا " وَهُوَ كثير فِي الِاسْتِعْمَال، ثمَّ " أَنبأَنَا " و " نبأنا "، وَهُوَ قَلِيل فِي الِاسْتِعْمَال. انْتهى.

وَقَالَ أَحْمد بن صَالح: " أخبرنَا "، و " أَنبأَنَا " دون " حَدثنَا ".

وَقَالَ الإِمَام أَحْمد: " أخبرنَا " أسهل من " حَدثنَا "؛ فَإِن " حَدثنَا " شَدِيد.

وَبسط الْخلاف وتوجيهه مَحَله فِي كتب الحَدِيث.

قَوْله: {وَله إِذا سمع مَعَ غَيره قَول: حَدثنِي} . هَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد الإِمَام أَحْمد، وَغَيره من الْعلمَاء.

وَعَن الإِمَام أَحْمد: أَنه أحب إِلَيّ أَن يَقُول فِي ذَلِك: حَدثنَا، إِذا سمع مَعَ النَّاس. نَقله عَنهُ الْفضل بن زِيَاد.

ص: 2035

وَأما قَول " حَدثنَا " فمتفق عَلَيْهِ عِنْد الْعلمَاء؛ لِأَنَّهُ الأَصْل، وَكَذَا إِذا سمع وَحده لَهُ قَول:" حَدثنَا "، وَلم أر فِيهِ خلافًا.

قَوْله: {وسكوته عِنْد الْقِرَاءَة بِلَا مُوجب من غَفلَة أَو غَيرهَا، وَقَوله: " نعم " كإقراره عِنْد أَصْحَابنَا، وَالْأَكْثَر} من الْعلمَاء.

قَالَ ابْن مُفْلِح: عَلَيْهِ جُمْهُور الْفُقَهَاء والمحدثين. انْتهى.

قَالَ: والأحوط أَن يستنطقه بِالْإِقْرَارِ بِهِ.

وَشرط بعض الظَّاهِرِيَّة إِقْرَار الشَّيْخ بِصِحَّة مَا قريء عَلَيْهِ نطقا.

وَالصَّحِيح أَن عدم إِنْكَاره، وَلَا حَامِل لَهُ على ذَلِك من إِكْرَاه، أَو نوم، أَو غَفلَة، أَو نَحْو ذَلِك كَاف؛ لِأَن الْعرف قَاض بِأَن السُّكُوت تَقْرِير فِي مثل

ص: 2036

هَذَا، وَإِلَّا لَكَانَ سُكُوته - لَو كَانَ غير صَحِيح - قادحا فِيهِ.

قَوْله: {وَيَقُول: حَدثنَا وَأخْبرنَا قِرَاءَة عَلَيْهِ} ، بِلَا نزاع؛ لِأَنَّهُ الأَصْل، {وَيجوز الْإِطْلَاق} فَيَقُول: حَدثنَا، وَأخْبرنَا، من غير ذكر " قِرَاءَة عَلَيْهِ "{عِنْد الإِمَام أَحْمد، وَأبي حنيفَة، وَمَالك، والخلال، وَصَاحبه} أبي بكر عبد الْعَزِيز، {وَالْقَاضِي} أبي يعلى، {وَغَيرهم} .

وَحَكَاهُ القَاضِي عَن الشَّافِعِيَّة، وَهُوَ قَول عُلَمَاء الْحجاز، والكوفة، وَالْبُخَارِيّ، وَغَيرهم؛ لِأَنَّهُ مَعْنَاهُ.

ص: 2037

وَعَن الإِمَام أَحْمد رِوَايَة ثَانِيَة: لَا يُطلق، بل يَقُول: قِرَاءَة عَلَيْهِ.

وَقَالَهُ جمَاعَة من الْمُحدثين، مِنْهُم: ابْن مَنْدَه من أَصْحَابنَا وَغَيره، وَابْن الْمُبَارك، وَيحيى بن يحيى، وَابْن عُيَيْنَة، وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، والنيسابوري، وَغَيرهم؛ لِأَنَّهُ كذب، كَمَا لَا يجوز قَوْله:" سَمِعت " عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء.

ص: 2038

وَعَن الإِمَام أَحْمد رِوَايَة ثَالِثَة: يجوز قَوْله: " أخبرنَا "، وَيُطلق لَا " حَدثنَا "، وَقَالَهُ الشَّافِعِي وَأَصْحَابه، وعلماء الْمشرق وَغَيرهم.

وَعَن الإِمَام أَحْمد رِوَايَة رَابِعَة: جوازهما فِيمَا أقرّ بِهِ لفظا لَا حَالا.

وَعنهُ رِوَايَة خَامِسَة: جَوَاز " أخبرنَا " فَقَط فِيمَا أقرّ بِهِ لفظا لَا حَالا.

فهاتان الرِّوَايَتَانِ يشْتَرط فيهمَا ذَلِك، وَإِلَّا كَانَت الرِّوَايَة الرَّابِعَة تَكْرَارا؛ لأَنا قد قدمنَا أَنه لَا يجوز الْإِطْلَاق.

{وَقيل: يَقُول قَرَأت عَلَيْهِ، أَو قرئَ عَلَيْهِ وَهُوَ يسمع فَقَط إِن لم يقر نطقا} .

ذهب سليم الرَّازِيّ، وَأَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ، وَابْن الصّباغ،

ص: 2039

وَابْن السَّمْعَانِيّ: إِلَى أَنه لَا يَقُول شَيْئا من ذَلِك إِن لم يقر الشَّيْخ نطقا، وَإِنَّمَا يَقُول: قَرَأت عَلَيْهِ أَو قرئَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يسمع، كَمَا إِذا قَرَأَ على إِنْسَان كتابا فِيهِ أَنه أقرّ بدين، أَو بيع، أَو نَحْو ذَلِك فَلم يقر بِهِ لم يجز أَن يشْهد عَلَيْهِ فَكَذَا هَذَا، وَقد يفرق من اطراد الْعرف فِي نَحْو ذَلِك بِخِلَاف بَاب الشَّهَادَة، فَإِنَّهُ أضيق.

قَوْله: {وَيحرم إِبْدَال} قَول الشَّيْخ: {" حَدثنَا " بأخبرنا، وَعَكسه} لاحْتِمَال أَن يكون الشَّيْخ لَا يرى التَّسْوِيَة فَيكون كذبا عَلَيْهِ.

وَعنهُ: لَا يحرم، اخْتَارَهُ الْخلال وبناه على الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى، وبناؤه ظَاهر.

قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: أَخذهَا القَاضِي من قَوْله فِي رِوَايَة أَحْمد بن

ص: 2040

عبد الْجَبَّار " حَدثنَا وَأخْبرنَا " وَاحِد، وَنَقله عَنهُ سَلمَة بن شبيب أَيْضا.

قَوْله: {وَظَاهر مَا سبق، وَقَالَهُ جمع: إِن منع الشَّيْخ الرَّاوِي من رِوَايَته عَنهُ} بِلَا قَادِح لَا يُؤثر، وَأَنه لَا يروي إِلَّا مَا سمع من الشَّيْخ فَلَا يَسْتَفْهِمهُ مِمَّن سَمعه مَعَه ثمَّ يرويهِ، وَخَالف هُنَا قوم.

قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله " بعد أَن تكلم على مَا تقدم: وَظَاهر مَا سبق أَن منع الشَّيْخ للراوي من رِوَايَته وَلم يسند ذَلِك إِلَى خطاء أَو شكّ لَا يُؤثر، وَقَالَهُ بَعضهم، ثمَّ قَالَ: وَظَاهر مَا سبق أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يروي إِلَّا مَا سَمعه من الشَّيْخ فَلَا يَسْتَفْهِمهُ مِمَّن مَعَه ثمَّ يرويهِ، وَقَالَهُ جمَاعَة خلافًا لآخرين.

قَالَ الْعِرَاقِيّ فِي " شرح منظومته ": قَالَ صَالح: قلت لأبي: الشَّيْخ

ص: 2041

يدغم الْحَرْف يعرف أَنه كَذَا وَكَذَا وَلَا يفهم عَنهُ، ترى أَن يروي ذَلِك عَنهُ؟ قَالَ أَحْمد: أَرْجُو أَن لَا يضيق هَذَا.

وَقَالَ أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن: نرى فِيمَا سقط عَنهُ من الْحَرْف الْوَاحِد وَالِاسْم مِمَّا يسمعهُ من سُفْيَان وَالْأَعْمَش، واستفهم من أَصْحَابه، أَن يرويهِ عَن أَصْحَابه، لَا نرى [غير] ذَلِك وَاسِعًا.

وَجَاء ذَلِك - أَيْضا - عَن زَائِدَة بن قدامَة قَالَ خلف بن تَمِيم:

ص: 2042

سَمِعت من الثَّوْريّ عشرَة آلَاف حَدِيث أَو نَحْوهَا، فَكنت أستفهم جليسي، فَقلت لزائدة، فَقَالَ: لَا تحدث بهَا إِلَّا مَا تحفظ بقلبك وَسمع أُذُنك! قَالَ: فألقيتها.

قَوْله: {وَمن شكّ فِي سَماع حَدِيث حرم رِوَايَته} مَعَ الشَّك، ذكره الْآمِدِيّ إِجْمَاعًا؛ لِأَن الأَصْل عدم السماع؛ وَلِأَن ذَلِك شَهَادَته على شَيْخه، وَلَو اشْتبهَ بِغَيْرِهِ، لم يرو شَيْئا مِمَّا اشْتبهَ بِهِ؛ لِأَن كل وَاحِد مِنْهَا يحْتَمل أَن يكون غير المسموع، وَإِن ظن أَنه وَاحِد مِنْهَا بِعَيْنِه، أَو أَن هَذَا مسموعه عمل بِهِ عِنْد أَحْمد، وَأَصْحَابه، وَالْأَكْثَر عملا بِالظَّنِّ.

قيل للْإِمَام أَحْمد: الشَّيْخ يدغم الْحَرْف يعرف أَنه كَذَا وَكَذَا لَا يفهم عَنهُ، ترى أَن يرْوى ذَلِك عَنهُ؟ قَالَ: أَرْجُو أَن لَا يضيق هَذَا.

وَقيل: لَا يعْمل بِهِ لِإِمْكَان اعْتِبَار الْعلم بِمَا يرويهِ.

ص: 2043

قَوْله: {وَمِنْهَا الْإِجَازَة، فَتجوز الرِّوَايَة بهَا عِنْد أَحْمد، وَالشَّافِعِيّ، وأصحابهما، وَالْأَكْثَر} .

وَحكى الباقلاني، والباجي، وَغَيرهمَا من الْأُصُولِيِّينَ: الِاتِّفَاق عَلَيْهِ.

وَاحْتج ابْن الصّلاح لَهَا بِأَنَّهُ إِذا جَازَ أَن يروي عَنهُ مروياته فقد أخبرهُ بهَا جملَة، فَهُوَ كَمَا لَو أخبرهُ بِهِ تَفْصِيلًا، وإخباره بهَا غير مُتَوَقف على التَّصْرِيح نطقا، كَمَا فِي الْقِرَاءَة على الشَّيْخ. انْتهى.

وَيجب الْعَمَل بهَا على هَذَا كالحديث الْمُرْسل، قَالَه ابْن مُفْلِح، وَغَيره.

ص: 2044

ومنعها شُعْبَة، وَأَبُو زرْعَة الرَّازِيّ، وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ من أَصْحَاب الإِمَام أَحْمد، وَجمع كثير، مِنْهُم جمَاعَة من الْحَنَفِيَّة، وَجَمَاعَة من الشَّافِعِيَّة، وَبَعض الظَّاهِرِيَّة، وَنَقله الرّبيع عَن الشَّافِعِي.

قَالَ شُعْبَة: لَو صحت الْإِجَازَة لبطلت الرحلة.

وَكَذَا قَالَ أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ: لَو صحت لبطل الْعلم.

وَاخْتَارَهُ القَاضِي حُسَيْن من الشَّافِعِيَّة، وَالْمَاوَرْدِيّ، وَالرُّويَانِيّ، ونقلوه عَن نَص الشَّافِعِي، وَنقل ابْن وهب عَن مَالك أَنه قَالَ: لَا أرى هَذَا يجوز، وَلَا يُعجبنِي.

ص: 2045

وَقَالَ أَبُو طَاهِر الدباس الْحَنَفِيّ: من قَالَ لغيره: أجزت لَك أَن تروي عني، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أجزت لَك أَن تكذب عَليّ.

وَكَذَا قَالَ غَيره: إِنَّه بِمَنْزِلَة أبحت لَك مَا لَا يجوز فِي الشَّرْع؛ لِأَن الشَّرْع لَا يُبِيح رِوَايَة مَا لَا يسمع.

{وَعند أبي حنيفَة، وَمُحَمّد: إِن علم الْمُجِيز مَا فِي الْكتاب وَالْمجَاز لَهُ ضَابِط جَازَ، وَإِلَّا فَلَا} ؛ لما فِيهِ من صِيَانة السّنة وحفظها.

وأجازها أَبُو يُوسُف، وَذَلِكَ تَخْرِيج من كتاب القَاضِي إِلَى مثله، فَإِن علم مَا فِيهِ شَرط عِنْدهمَا دونه.

وَحكى السَّرخسِيّ عَن أبي حنيفَة، وَأبي يُوسُف: الْمَنْع.

قَوْله: {وَهِي خَاص لخاص} ، الْإِجَازَة أَقسَام:

أَحدهَا: إجَازَة خَاص لخاص، كَقَوْلِه: أجزت هَذَا الْكتاب لفُلَان، وَهِي أَصَحهَا، حَتَّى ذهب بَعضهم أَنه لَا خلاف فِيهَا، وَالصَّحِيح أَن الْخلاف الْمَذْكُور يشملها.

ص: 2046

الثَّانِي: {عَام لخاص} ، كَقَوْلِه: أجزت لفُلَان جَمِيع مروياتي.

وَالْخلاف فِي هَذَا النَّوْع أقوى من الَّذِي قبله، وَذهب أَبُو الْمَعَالِي إِلَى الْمَنْع؛ إِذْ قَالَ: يبعد أَن يحصل الْعلم إِلَّا بالتعويل على خطوطهم مُشْتَمِلَة على سَماع الشَّيْخ؛ فَإِن تحقق ظُهُور سَماع لموثوق بِهِ فَذَلِك وهيهات. انْتهى.

وَالْجُمْهُور على الْجَوَاز، وَغَايَة مَا قَالَه استبعاد.

الثَّالِث: {عَكسه} ، وَهِي خَاص لعام، كَقَوْلِه: أجزت للْمُسلمين أَو لمن أدْرك حَياتِي، أَو لكل أحد كتابي الْفُلَانِيّ.

الرَّابِع: عكس الأول {و} وَهِي {عَام لعام} ، كَقَوْلِه: أجزت جَمِيع مروياتي لكل أحد.

ذكر هذَيْن الْقسمَيْنِ القَاضِي أَبُو يعلى، وَغَيره، وَقَالَهُ أَبُو بكر عبد الْعَزِيز من أَصْحَابنَا فِي جَمِيع مَا يرويهِ لمن أَرَادَهُ.

ص: 2047

وَهَذَا الرَّابِع دون الَّذِي قبله، وَقد مَنعه جمَاعَة، وَجوزهُ الْخَطِيب وَغَيره، وَفعله ابْن مَنْدَه وَغَيره، قَالَ: أجزت لمن قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله.

وَكَانَ ابْن الْقطَّان وَغَيره يمِيل إِلَى الْجَوَاز، وَجوز أَبُو الطّيب الْإِجَازَة لجَمِيع الْمُسلمين من كَانَ مِنْهُم مَوْجُودا عِنْد الْإِجَازَة.

وَقَالَ ابْن الصّلاح: لم نرو، وَلم نسْمع عَن أحد مِمَّن يقْتَدى بِهِ اسْتعْمل هَذِه الْإِجَازَة إِلَّا عَن الشرذمة المجوزة، وَالْإِجَازَة فِي أَصْلهَا ضعف، وتزداد بِهَذَا التَّوَسُّع ضعفا كثيرا لَا يَنْبَغِي احْتِمَاله.

وَقَالَ الْعِرَاقِيّ فِي " شرح منظومته ": مِمَّن أجازها: أَبُو الْفضل بن خيرون الْبَغْدَادِيّ، وَابْن

...

...

...

...

...

ص: 2048

رشد الْمَالِكِي، والسلفي، وَغَيرهم، وَرجحه ابْن الْحَاجِب، وَصَححهُ النَّوَوِيّ من زِيَادَة " الرَّوْضَة "، وَغَيره.

قَوْله: {وَلَا يجوز لمعدوم تبعا لموجود} : كأجزت لفُلَان وَلمن يُولد لَهُ، أَو أجزت لَك ولولدك، أَو لعقبك مَا تَنَاسَلُوا، فِي ظَاهر كَلَام جمَاعَة من أَصْحَابنَا، وَقَالَهُ غَيرهم؛ لِأَنَّهَا محادثة أَو إِذن فِي الرِّوَايَة بِخِلَاف الْوَقْف.

ص: 2049

وأجازها أَبُو بكر بن أبي دَاوُد من أَصْحَابنَا، وَجَمَاعَة، كَمَا تجوز الْإِجَازَة لطفل لَا سَماع [لَهُ] ، ولمجنون فِي أصح قولي الْعلمَاء؛ لِأَنَّهَا إِبَاحَة للرواية كَمَا تجوز للْغَائِب.

قَالَ ابْن أبي دَاوُد لما سُئِلَ الْإِجَازَة: وَقد أجزت لَك ولأولادك ولحبل الحبلة، يَعْنِي لمن يُولد بعد.

وَأما الْكَافِر فقد صححوا تحمله إِذا أَدَّاهُ بعد الْإِسْلَام كَمَا تقدم، فَالْقِيَاس جَوَاز الْإِجَازَة لَهُ، ثمَّ إِذا أسلم يرويهِ بِالْإِجَازَةِ.

وَقد وَقعت هَذِه الْمَسْأَلَة فِي زمن الْحَافِظ أبي الْحجَّاج الْمزي بِدِمَشْق، وَكَانَ طَبِيب يُسمى مُحَمَّد بن عبد السَّيِّد يسمع الحَدِيث - وَهُوَ يَهُودِيّ - على أبي عبد الله بن عبد الْمُؤمن الصُّورِي، وَكتب اسْمه فِي طَبَقَات السماع مَعَ النَّاس.

وَأَجَازَ ابْن عبد الْمُؤمن لمن سَمعه وَهُوَ من جُمْلَتهمْ، وَكَانَ السماع وَالْإِجَازَة بِحَضْرَة الْمزي الْحَافِظ وَبَعض السماع بقرَاءَته وَلم يُنكره، ثمَّ هدى

ص: 2050

الله الْيَهُودِيّ لِلْإِسْلَامِ وَحدث بِمَا أُجِيز وَتحمل الطلاب عَنهُ.

قَالَ الْحَافِظ عبد الرَّحِيم الْعِرَاقِيّ: ورأيته وَلم أسمع مِنْهُ.

قَوْله: {وَلَا تجوز لمعدوم أصلا عِنْد أَصْحَابنَا وَالْأَكْثَر} ، نَحْو: أجزت لمن يُولد لفُلَان؛ وَلِأَن الْإِجَازَة فِي حكم الْإِخْبَار جملَة بالمجاز كَمَا تقدم، فَكَمَا لَا يَصح الْإِخْبَار للمعدوم لَا تصح إِجَازَته.

قَالَ ابْن مُفْلِح: وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّة كالوقف عندنَا.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَالصَّحِيح الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ رَأْي القَاضِي أبي الطّيب وَابْن الصّباغ أَنه لَا يَصح.

ص: 2051

قَالَ ابْن الصّلاح: وَهُوَ الصَّحِيح الَّذِي لَا يَنْبَغِي غَيره، وَنَظِيره فِي الْوَقْف لَا يجوز عندنَا، وَأَجَازَهُ أَصْحَاب مَالك وَأبي حنيفَة فجوزوا الْوَقْف على من سيولد أَو يُوجد من نسل فلَان. انْتهى.

وَأَجَازَ هَذِه الْإِجَازَة بِهَذِهِ الصّفة القَاضِي أَبُو يعلى من أَصْحَابنَا، وَابْن عمروس من الْمَالِكِيَّة، والخطيب من الشَّافِعِيَّة.

قَالَ ابْن مُفْلِح: وَاخْتَارَ صَاحب " الْمُغنِي " جَوَاز الْوَقْف فقد يتَوَجَّه

ص: 2052

احْتِمَال تَخْرِيج، يَعْنِي بِصِحَّة الْإِجَازَة على هَذِه الصّفة من اخْتِيَار صَاحب " الْمُغنِي " فِي الْوَقْف.

تَنْبِيه: مَحل الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِذا لم تكن الْإِجَازَة للمعدوم على الْعُمُوم: كأجزت لمن يُوجد بعد ذَلِك فَلَا يَصح بِالْإِجْمَاع، وَكَأَنَّهَا إجَازَة من مَعْدُوم لمعدوم، قَالَه الْبرمَاوِيّ.

قَوْله: {وَلَا لمجهول وَلَا بِمَجْهُول} . لَا تجوز الْإِجَازَة لمجهول: كأجزت لرجل من النَّاس، أَو لفُلَان ويشترك فِي ذَلِك الِاسْم جمع.

وَلَا تجوز الْإِجَازَة أَيْضا بِمَجْهُول من مروياته: كأجزت لَك أَن تروي عني شَيْئا، أَو بعض مروياتي، أَو كتاب السّنَن مثلا. {وَجوز القَاضِي أَبُو يعلى وَابْن عمروس الْمَالِكِي " أجزت لمن يَشَاء فلَان "} ، وَالصَّحِيح خلاف ذَلِك، وَهُوَ عدم الصِّحَّة لما فِيهِ من الْجَهَالَة وَالتَّعْلِيق.

ص: 2053

وَقد أفتى أَبُو الطّيب وَغَيره بِأَنَّهُ لَا يجوز؛ لِأَنَّهُ إجَازَة لمجهول، قَالَ: كَقَوْلِه: أجزت بعض النَّاس.

تَنْبِيه: لَيْسَ من هَذِه الْإِجَازَة لمسميين مُعينين بأنسابهم والمخبر جَاهِل بأعيانهم فَلَا يقْدَح كَمَا لَا يقْدَح عدم مَعْرفَته بِمن هُوَ خَاص يسمع بشخصه، وَكَذَا لَو جَازَ للمسمين فِي الاستجازة وَلم يعرفهُمْ بأعيانهم، وَلَا بِأَسْمَائِهِمْ وَلَا تصفحهم وَاحِدًا وَاحِدًا.

قَوْله: {وَيَقُول: أجَاز لي فلَان} ، حَيْثُ صححنا الْإِجَازَة، اخْتلف فِيمَا يَقُول الرَّاوِي بِالْإِجَازَةِ، فَإِن قَالَ: أجَاز لي، أَو أجَاز لنا فَهُوَ الأجود، {وَيجوز} قَوْله:{" حَدثنَا وَأخْبرنَا إجَازَة "} عِنْد أَصْحَابنَا وَأكْثر الْعلمَاء.

{وَمنع قوم فِي " حَدثنَا "} فَلَا يَقُول فِي الْإِجَازَة: " حَدثنَا، وَلَكِن

ص: 2054

يَقُول: أخبرنَا إجَازَة فَقَط.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَجوز أَبُو نعيم، وَأَبُو عبد الله المرزباني أَن يَقُول:" أخبرنَا " دون " حَدثنَا "، وَأَجَازَهُ قوم مُطلقًا، يَعْنِي سَوَاء قَالَ: حَدثنَا، أَو أخبرنَا إجَازَة أَو لم يقل إجَازَة، وَكَانَ يفعل ذَلِك أَبُو نعيم الْأَصْفَهَانِي.

قلت: وَفِيه بعد وإيهام أَن يكون بِالتَّحْدِيثِ على الْحَقِيقَة، وَالْأَصْل الْحَقِيقَة.

قَوْله: {وَتجوز إجَازَة الْمجَاز بِهِ فِي الْأَصَح} : كأجزت لَك مجازاتي، أَو أجزت لَك مَا أُجِيز لي رِوَايَته.

وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَعَلِيهِ الْعَمَل خلافًا لبَعض الْمُتَأَخِّرين.

ص: 2055

وَقد كَانَ الْفَقِيه نصر الْمَقْدِسِي يروي بِالْإِجَازَةِ عَن الْإِجَازَة، وَعَلِيهِ الْعَمَل إِلَى زَمَاننَا هَذَا.

قَوْله: {وَلَا يجوز لما يتحمله} فِي الْمُسْتَقْبل أَن يُجِيزهُ قبل أَن يتحمله {ليرويه عَنهُ إِذا تحمله فِي الْأَصَح} .

قَالَ القَاضِي عِيَاض: لم أرهم تكلمُوا فِيهِ، وَرَأَيْت بعض العصريين يَفْعَله، قَالَ عبد الْملك الطبني: كنت عِنْد القَاضِي أبي الْوَلِيد يُونُس

ص: 2056

بقرطبة فَسَأَلَهُ إِنْسَان الْإِجَازَة بِمَا رَوَاهُ وَمَا يرويهِ من بعد، فَلم يجبهُ، فَغَضب، فَقلت: يَا هَذَا {يعطيك مَا لم يَأْخُذ؟} فَقَالَ أَبُو الْوَلِيد: هَذَا جوابي. قَالَ القَاضِي عِيَاض: وَهُوَ الصَّحِيح، وصححناه تبعا لما صححوه.

قَوْله: {وَمِنْهَا المناولة مَعَ الْإِجَازَة أَو الْإِذْن} .

هَذَا الْقسم يُسمى عرض المناولة، كَمَا أَن سَماع الشَّيْخ يُسمى عرض الْقِرَاءَة، وَهِي نَوْعَانِ:

أَحدهمَا: مَا ذكرنَا وَهِي المناولة مَعَ الْإِجَازَة أَو الْإِذْن، وَالرِّوَايَة بِهَذَا النَّوْع جَائِزَة.

قَالَ القَاضِي عِيَاض فِي " الإلماع ": جَائِزَة بِالْإِجْمَاع.

وَكَذَا قَالَ الْمَازرِيّ: لَا شكّ فِي وجوب الْعَمَل بِهِ. انْتهى.

ص: 2057