الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبرمَاوِيّ هَذَا القَوْل مُرْسلا غير الْمُرْسل الَّذِي ذكره ابْن الْحَاجِب، وَابْن مُفْلِح، وَغَيرهم فَجعله نوعا بِرَأْسِهِ، وَكَأَنَّهُ يَجعله أَعم من قَوْلنَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ أَولا.
يَعْنِي سَوَاء قَالَ فِيهِ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
أَو لَا، وَفِيه نظر.
قَوْله: {فَلَو قَالَه تَابع التَّابِعِيّ، أَو سقط بَين الروايين أَكثر من وَاحِد فمعضل} .
هَذَا تَفْرِيع على قَول أَكثر الْمُحدثين إِن الْمُرْسل لَا يكون إِلَّا من التَّابِعين، فَلَو قَالَ تَابع التَّابِعِيّ أَو سقط أَكثر من وَاحِد سمي معضلا فِي اصطلاحهم
.
وَقَالَ قوم - كَمَا تقدم من حِكَايَة ابْن عبد الْبر -: إِن قَالَه تَابِعِيّ صَغِير يكون مُنْقَطِعًا.
قَوْله: {ثمَّ هُوَ حجَّة عِنْد أَحْمد وَأَصْحَابه، وَالْحَنَفِيَّة، والمالكية} والمعتزلة.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: هُوَ قَول أبي حنيفَة، وَمَالك، وَأشهر الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد.
وَحَكَاهُ الرَّازِيّ فِي " الْمَحْصُول " عَن الْجُمْهُور - أَي: جُمْهُور
الْأُصُولِيِّينَ -، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ وَغَيره.
وَذكر مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ أَن التَّابِعين أَجمعُوا بأسرهم على قبُول الْمَرَاسِيل، وَلم يَأْتِ عَن أحد إِنْكَاره إِلَى رَأس الْمِائَتَيْنِ.
وَكَذَا قَالَ أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ: إِنْكَار كَونه حجَّة بِدعَة حدثت بعد الْمِائَتَيْنِ؛ وَذَلِكَ لقبولهم مَرَاسِيل الْأَئِمَّة من غير نَكِير.
وَبِأَن الظَّاهِر مِنْهُم لَا يطلقون إِلَّا بعد ثُبُوته، لإلزام الله تَعَالَى بِحكمِهِ، وَذَلِكَ مَمْنُوع لما سبق من التَّفْرِقَة.
وَعَن أَحْمد لَيْسَ بِحجَّة.
وَقَالَ ابْن عبد الْبر: هُوَ قَول أهل الحَدِيث.
قَالَ ابْن الصّلاح: هُوَ الْمَذْهَب الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ رَأْي أهل الحَدِيث ونقاد الْأَثر، كَمَا قَالَه الْخَطِيب فِي " الْكِفَايَة ".
وَبِه قَالَ أَبُو بكر ابْن الباقلاني من الْأُصُولِيِّينَ، {وَحَكَاهُ مُسلم عَن أهل الْعلم بالأخبار} .
وَهَذَا، وَإِن قَالَه مُسلم على لِسَان غَيره لكنه أقره، وَاحْتَجُّوا بِأَن فِيهِ جهلا بِعَين الرَّاوِي، وَصفته.
{وَقَالَ السَّرخسِيّ: هُوَ حجَّة فِي الْقُرُون الثَّلَاثَة} ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام أثنى عَلَيْهِم، وَقَالَ عِيسَى بن أبان و {من أَئِمَّة النَّقْل} ، فَقَالَ: إِن كَانَ
[من] مَرَاسِيل الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وتابعي التَّابِعين وَمن كَانَ من أَئِمَّة النَّقْل قبل، وَإِلَّا فَلَا.
{وَقَالَ الشَّافِعِي} وَأَتْبَاعه: إِن كَانَ من كبار التَّابِعين وَلم يُرْسل إِلَّا عَن عدل، {وأسنده غَيره، أَو أرْسلهُ، وشيوخهما مُخْتَلفَة أَو عضده عمل صَحَابِيّ أَو الْأَكْثَر} ، أَو قِيَاس أَو انتشار أَو عمل الْعَصْر قبل، وَإِلَّا فَلَا.
قَالَت الشَّافِعِيَّة: إِذا انْضَمَّ إِلَيْهِ مَا يتقوى بِهِ يكون حجَّة.
فَمن ذَلِك إِذا كَانَ الْمُرْسل لَهُ مِمَّن عرف أَنه لَا يروي إِلَّا عَن عدل، وَقد اعْتبرت فَوجدت مسانيد، كسعيد بن الْمسيب.
وَمن ذَلِك إِذا كَانَ تابعيا كَبِيرا، فَإِن الْغَالِب فِي مثله أَنه لَا يروي إِلَّا عَن الصَّحَابَة، وهم عدُول، وَقد نَص عَلَيْهِمَا الشَّافِعِي، وَقَالَ
الشَّافِعِي فِي بَاب الْحجَّة على تثبيت خبر الْوَاحِد مَا حَاصله من المقويات لقبُول الْمُرْسل أُمُور:
أَحدهَا: أَن يَأْتِي بِمَعْنَاهُ مُسْندًا من طَرِيق آخر، وَهُوَ أقوى الْأُمُور، وَمن شَرط الْمسند أَن يكون صَحِيحا، وَهُوَ ظَاهر كَلَام الشَّافِعِي خلافًا لما زَعمه الرَّازِيّ أَن مُرَاد الشَّافِعِي الْمسند الضَّعِيف.
وَالثَّانِي: أَن يُوَافقهُ مُرْسل أَخذ من أرْسلهُ الْعلم من غير مَأْخَذ مِنْهُ مُرْسل الأول.
وَالثَّالِث: أَن يُوَافقهُ قَول بعض الصَّحَابَة.
وَالرَّابِع: أَن يُوَافقهُ قَول أَكثر الْعلمَاء، وَزَاد الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره عَن الشَّافِعِي: أَن يُوَافقهُ قِيَاس، أَو انتشار من غير دَافع، أَو عمل أهل الْعَصْر أَو فعل صَحَابِيّ، لَكِن قَوْله أَو فعل صَحَابِيّ تقدم نَظِيره فِي الثَّالِث بقوله الثَّالِث أَن يُوَافقهُ قَول بعض الصَّحَابَة، لَكِن هَذَا فعل، وَذَلِكَ قَول فيجمعهما قَوْلنَا: أَو عضده عمل صَحَابِيّ فَإِن الْعَمَل يَشْمَل القَوْل وَالْفِعْل، وَقد نَص الشَّافِعِي عَلَيْهِمَا.
وَزَاد الْمَاوَرْدِيّ: تاسعا، وَهُوَ أَن لَا يُوجد دَلِيل سواهُ؟
وَنَقله إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَن الشَّافِعِي.
ورد بِأَنَّهُ لَا يعرف هَذَا عَن الشَّافِعِي.
وأوله بَعضهم أَنه أُرِيد بفقد الدَّلِيل، فقد دَلِيل يُخَالِفهُ فَرجع إِلَى أَنه حجَّة ضَعِيفَة لَا تقاوم شَيْئا من الْأَدِلَّة إِلَّا الْبَرَاءَة الْأَصْلِيَّة لفقد غَيرهَا فَإِنَّهَا أَضْعَف مِنْهُ.
وَزَاد بَعضهم عاشرا كَمَا هُوَ ظَاهر عبارَة " الْمَحْصُول ": أَن يكون مِمَّن سبر مرسله فَوجدَ مُسْندًا كَابْن الْمسيب لكنه تَفْرِيع على أَن مُرْسل ابْن الْمسيب وَنَحْوه يحْتَج بِهِ بِمُجَرَّدِهِ من غير انضمام عاضد، لَكِن الرَّاجِح خِلَافه، وَبِتَقْدِير التَّسْلِيم فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة مُسْند، فَيحصل لهَذَا الْمُرْسل