الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قَوْله: {فصل} )
{الْأَرْبَعَة وَالْأَكْثَر تجوز رِوَايَة الحَدِيث بِالْمَعْنَى للعارف} بِمَا يحِيل الْمَعْنى.
هَذَا هُوَ الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وجماهير الْعلمَاء مُطلقًا، وَعَلِيهِ الْعَمَل.
وَقد روى ابْن مَنْدَه فِي " معرفَة الصَّحَابَة " من حَدِيث عبد الله بن
سُلَيْمَان بن أكيمَة اللَّيْثِيّ، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أسمع مِنْك الحَدِيث لَا أَسْتَطِيع أَن أرويه كَمَا سمعته مِنْك يزِيد حرفا أَو ينقص حرفا، فَقَالَ: إِذا لم تحلوا حَرَامًا، وَلَا تحرموا حَلَالا، وأصبتم الْمَعْنى فَلَا بَأْس.
فَذكر ذَلِك لِلْحسنِ، فَقَالَ: لَوْلَا هَذَا مَا حَدثنَا.
قَالَ الإِمَام أَحْمد: مَا زَالَ الْحفاظ يحدثُونَ بِالْمَعْنَى، وَكَذَلِكَ الصَّحَابَة - على مَا يَأْتِي -:
{وَعنهُ: لَا} يجوز، {اخْتَارَهُ جمع} من الْعلمَاء، مِنْهُم: مُحَمَّد بن سِيرِين، وثعلب من الْحَنَابِلَة، وَأَبُو بكر الرَّازِيّ من
الْحَنَفِيَّة، وَنَقله أَبُو الْمَعَالِي، والقشيري عَن مُعظم الْمُحدثين وَبَعض الْأُصُولِيِّينَ.
وَنَقله القَاضِي عبد الْوَهَّاب عَن الظَّاهِرِيَّة، وَحَكَاهُ ابْن السَّمْعَانِيّ عَن ابْن عمر، وَجمع من التَّابِعين، وَبِه أجَاب الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ.
وَنقل عَن مَالك أَيْضا.
قَالَ ابْن مُفْلِح فِي نَقله عَن ابْن عمر، وَمن مَعَه من التَّابِعين: فِيهِ نظر؛ فَإِنَّهُ لم يَصح عَنْهُم سوى مُرَاعَاة اللَّفْظ، فَلَعَلَّهُ اسْتِحْبَاب، أَو لغير عَارِف، فَإِنَّهُ إِجْمَاع فيهمَا.
{وَجوزهُ الْمَاوَرْدِيّ إِن نسي اللَّفْظ} ؛ لِأَنَّهُ قد تحمل اللَّفْظ وَالْمعْنَى وَعجز عَن أَحدهمَا فَيلْزمهُ إِذن الآخر، وَجعل مَحل الْخلاف فِي الصَّحَابِيّ، وَقطع فِي غَيره بِالْمَنْعِ.
{وَقيل:} يجوز {إِن كَانَ مُوجبه علما} ، فَهَذَا القَوْل مفصل: وَهُوَ إِن كَانَ مُقْتَضَاهُ علما جَازَ، وَإِن اقْتضى عملا فَمِنْهُ مَا لَا يجوز الْإِخْلَال بِهِ كَقَوْلِه: تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وتحليلها التَّسْلِيم، وَخمْس تقتل فِي الْحل وَالْحرم.
وَحَكَاهُ ابْن السَّمْعَانِيّ وَجها لبَعض أَصْحَاب الشَّافِعِي.
وَقيل: يجوز ذَلِك للصحابة فَقَط، وَتقدم ذَلِك عَن الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره من النَّاس، وَقيل: يجوز ذَلِك فِي الْأَحَادِيث الطوَال دون الْأَحَادِيث الْقصار، حُكيَ عَن القَاضِي عبد الْوَهَّاب.
{وَقيل: يجوز للاحتجاج لَا التَّبْلِيغ} فيورد على وَجه الِاحْتِجَاج والفتيا لَا التَّبْلِيغ فَلَا يجوز لظَاهِر حَدِيث الْبَراء، قَالَه ابْن حزم فِي الإحكام.
{وَقيل} يجوز {بِلَفْظ مرادف} فَقَط، فَلَا يجوز بِغَيْرِهِ، اخْتَارَهُ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ.
{وَمنع أَبُو الْخطاب إِبْدَاله بأظهر مِنْهُ معنى أَو أخْفى} لجَوَاز قصد الشَّارِع التَّعْرِيف بذلك.
قَالَ الطوفي فِي " شَرحه ": قَالَ أَبُو الْخطاب: وَلَا يُبدل الرَّاوِي بِالْمَعْنَى لفظا بأظهر مِنْهُ؛ لِأَن الشَّاعِر إِنَّمَا قصد إِيصَال الحكم إِلَى الْمُكَلّفين بِاللَّفْظِ الْجَلِيّ تَارَة تسهيلا للفهم عَلَيْهِم وباللفظ الْخَفي أُخْرَى تكثيرا لأجرهم بإجادة النّظر فِيهِ.
قلت: وَكَذَا بِالْعَكْسِ وَأولى، أَي: كَذَلِك لَا يُبدل لفظا بِلَفْظ أخْفى مِنْهُ، وَهُوَ أولى بِعَدَمِ الْجَوَاز مِمَّا ذكره أَبُو الْخطاب.
{و} قَالَ ابْن عقيل {فِي الْوَاضِح} : إِبْدَاله {بِالظَّاهِرِ أولى، وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: يجوز بأظهر اتِّفَاقًا} لجوازه [بِغَيْر] عَرَبِيَّة وَهِي أتم بَيَانا.