الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
61 -
حكم الصلاة خلف من يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
س: يسأل أخونا ويقول: ما رأيكم في الصلاة خلف إمام يتوسل بالنبي؛ كأن يدعو في آخر الدعاء بقوله: بحرمة النبي أحمد؟ هل تجوز الصلاة خلفه أم لا؟ وهل علينا إعادة الصلاة التي صليناها خلفه؟ وقد سألت عالما عندنا، فأفتى بأنه جائز التوسل بالنبي؛ لأن النبي كان يتوسل بحمزة، وعمر بن الخطاب توسل بعم النبي العباس، أفتونا في هذا بارك الله فيكم (1)؟
ج: التوسل بحرمة النبي صلى الله عليه وسلم، أو بجاه النبي أو بحق النبي صلى الله عليه وسلم، أو بحق الأنبياء أو بجاه الأنبياء هذا بدعة عند أهل العلم، عند جمهور أهل العلم بدعة لا يجوز؛ لأن الله ما شرعه لنا، والتوسل عبادة، فلا يجوز أن يفعل إلا ما شرعه الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز أن يقال: أسألك بحق فلان، أو بجاه فلان، أو بذات فلان، لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره. وإنما يتوسل العبد بأسماء الله وصفاته،
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (147).
كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (1). وكما في الحديث: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت (2)» الحديث. وكما توسل أصحاب الغار بأعمالهم الصالحة، الذين دخلوا غارا بسبب مطر والمبيت، فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، ولم يستطيعوا إزالتها، فقالوا فيما بينهم: لا ينجيكم من هذا إلا أن تسألوا الله بصالح أعمالكم. فسألوا الله بصالح أعمالهم، فأزاحها عنهم سبحانه وتعالى، وهذا ثابت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام، أحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بأدائه الأمانة، والثالث توسل بعفته عن الزنى، فأزاح الله عنهم الصخرة بأسباب أعمالهم الطيبة التي توسلوا بها إلى الله عز وجل؟
أما التوسل بجاه فلان وحق فلان فهذا ليس بمشروع، ولكن تصح
(1) سورة الأعراف الآية 180
(2)
أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22456).
الصلاة خلف من فعل ذلك؛ لأنه ليس بكافر، إنما هو عاص مخطئ في هذا الأمر، أتى بدعة لا تخرجه من الإسلام، فإذا صلى الناس خلفه فلا حرج في ذلك، الصلاة صحيحة، لكن وجود غيره أولى منه، وجود إنسان لا يتوسل بهذه البدعة يكون أفضل وأولى من إمامته، وينبغي أن ينصح ويعلم ويوجه. أما قول العالم الذي سألتم أنه يجوز فهذا قول خطأ، وإن كان قد قال به بعض أهل العلم، لكنه خطأ على الصحيح عند العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» والتوسل بالجاه وبالحق محدث، فلا يجوز فعله، ثم هو وسيلة إلى الغلو والشرك، فينبغي تركه، والنبي صلى الله عليه وسلم ما توسل بحمزة، ولا عمر توسل بالعباس، إنما توسل بدعائه، فهم إذا استسقوا يستسقون بالنبي صلى الله عليه وسلم ليدعو لهم، يقول: يا رسول الله، قد أجدبنا، هلكت الأموال، هلكت الأنفس، فادع الله لنا. فيستغيث لهم، وهذا توسل بدعائه عليه الصلاة والسلام في حياته، وقد فعلوا ذلك في خطبة الجمعة، فاستغاث لهم وأغاثهم الله، وقد طلبوا منه
(1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم (1718).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور برقم (1718).