الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتصدق على الفقراء، إلى غير ذلك، كل هذا ينفعه ذلك.
194 -
حكم إنفاق المرأة مما يأتيها من أهلها من غير إذن زوجها
س: عندما يأتي المرأة أهلها زائرين، ويحضرون لها معهم شيئًا من طعام، وأحبت أن تتصدق منه، فهل هي آثمة إن تصدقت منه بغير إذن زوجها ورضاه؟ (1)
ج: هذا الطعام هدية من أهلها لها ولزوجها، فإذا تصدقت منه لكونه كثيرًا يفضل عن حاجتها وحاجة زوجها فلا بأس، أمّا إذا كان بقدر الحاجة فلا، إلا بإذنه؛ لأن الهدية المطلوب أكلها، وأكل زوجها من هذه الهدية، أو من هذا الطعام، والمقصود منه أيضًا مراعاة خاطر الزوج وخاطر الزوجة، والتقرب إليهما بما يسرهما من هذه الهدية، فإذا كانت الهدية بقدر الحاجة فلا، أمّا إذا كانت الهدية واسعة كثيرة فالطعام الذي يفضل الصدقة منه خير من أن يفسد ويضيع.
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (192).
195 -
حكم التصدق على المتسولين الواقفين في الشوارع
س: يوجد لدينا أشخاص يقفون في الطرقات، ويمدون أيديهم التماسًا للحصول على النقود، ولا ندري عن هؤلاء الأشخاص
هل يصلّون ويستحقون الصدقة، أم لا، وكذلك لا ندري هل هم بحاجة إليها أم لا، ومع هذا فإننا نتحرج إذا لم نعطهم، تطبيقًا لقوله تعالى:{وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} فهل إعطاؤهم جائز ومطلوب منّا، أم هو من قبيل معاونتهم على البطالة والتكاسل عن العمل، وإذا كنا لا نعرف حالهم، هل هم مقيمون لحدود الله أم لا، فما الحكم لما نقوم به؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (1)(2).
ج: يقول الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} في أموال المؤمنين حق للسائل والمحروم، والسائل له أحوال ثلاثة: تارة تعلم أنه غني، وتارة تعلم أنه فقير، وتارة لا تعلم حاله، فإذا كنت لا تعلم حاله، أو تعلم أنه فقير فالسنة أن تعطيه ما تيسر ولو قليلاً؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اتقوا النار ولو بشق تمرة» (3) أما إن كنت تعلم أنه غني، فالواجب نصيحته ونهيه عن هذا
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (143).
(2)
السؤال الخامس من الشريط رقم (143). ') ">
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب اتقوا النار ولو بشق تمرة، برقم (1417)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة، برقم (1016).
العمل، وزجره عن ذلك؛ لأن الله حرمه عليه، لا يجوز سؤاله عن غنى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من سأل الناس أموالهم تَكَثُّرًا فإنما يسأل جمرًا، فليستقل أو ليستكثر» (1)
فالواجب على من كان عنده ما يكفيه ألا يسأل، وأن يحذر السؤال، أما أنت أيها المارّ بالسائل إذا كنت لا تعرف حاله، أو تعرف أنه فقير، فيستحب لك أن تعطيه ما تيسر؛ للآية الكريمة:{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} . وفي آية أخرى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} . وليس لك أن تنهره؛ لقول الله سبحانه: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} . ولقوله جل وعلا: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} . وإذا كان شابًّا تنصحه أن يعمل إذا وجد عملاً حتى يستغني عن السؤال، إذا كان قويًّا حتى ولو كان غير شاب، إذا كان قويًّا تنصحه أن يعمل
(1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب كراهة المسألة للناس، برقم (1041).
ويكدح، يطلب الرزق حتى يغنيه الله عن السؤال، فالمؤمن ينصح أخاه، ويوجهه إلى الخير، ويعينه إلى الخير، ويساعده إذا احتاج إلى مساعدة.
س: ظاهرة التسول منتشرة في كثير من البلاد، ما حكم الامتناع عن التصدق على أولئك المتسولين؛ لأننا نعلم هل هم محتاجون حقًّا، أم أنهم محتالون، حيث سبق أن كثيرًا منهم ليسوا في حاجة، ولكن اتخذوا من التسول عملاً، فما الواجب تجاههم؟ (1)
ج: السنة الصدقة عليهم إذا كنت لا تعرف أحوالهم، أو تعرف أنهم فقراء؛ لقول الله سبحانه في مدح المؤمنين المتقين:{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} فأثنى عليهم بإعطاء السائل، والمحروم وهو الفقير، هذا هو السنة، إذا كنت تعرف أنه فقير تعطيه أو لا تعلم حاله، أما إذا كنت تعلم أنه غني فإنك تنصحه وتستره، وتبين له أنه لا يجوز، فالسائل أقسام ثلاثة: سائل تعرف أنه غني لا يعطى، وسائل تجهل حاله يعطى، وسائل معروف أنه فقير يعطى.
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (337). ') ">
س: هل تجوز الصدقة على أناس أعرف أنهم لا يصلون؟ (1)
ج: إذا كان تطوعًا وترجو أن ينفعهم الله بذلك لفقرهم وحاجتهم فلا بأس بذلك؛ لأن الصدقة على الكافر جائزة، ومن ترك الصلاة كفر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:«العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (2) فمن ترك الصلاة من الرجال والنساء كفر، وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء، ولكن إن جحد وجوبها أو استهزأ بها صار كافرًا عند الجميع، نعوذ بالله من ذلك، لكن إذا كان فقيرًا، وأعطيته لفقره أو لقرابته وفقره فلا حرج عليك بذلك، ولعل الله أن يهديه بأسباب ذلك، ولعله يسمع منك النّصيحة بسبب ذلك قال الله سبحانه في كتابه العظيم:{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} فأذن سبحانه أنه لا ينهانا أن نحسن إلى هؤلاء، يعني الكفرة الذين لم يقاتلونا، ولم يخرجونا من ديارنا، بيّن سبحانه أنه لا ينهانا عن برهم
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (126). ') ">
(2)
أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428)، والترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).
والإحسان إليهم، وفي الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما أخت عائشة رضي الله عنها، «أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم في وقت الهدنة التي كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة الصلح، قالت: يا رسول الله، إن أمي وفدت علي، وهي راغبة في الصلة، وهي كافرة على دين قومها، ثم قالت: يا رسول الله، أفأصلها، فقال عليه الصلاة والسلام: صليها» (1) فأمرها أن تصلها؛ لأنها أمها، وقد جاءت راغبة في البر والإحسان، وهي على دين قومها كفار أهل مكة، فدلّ ذلك على أنه لا مانع من صلة الكافر والإحسان إليه إذا كان فقيرًا أو قريبًا، أو لمقصد الدعوة والهداية والإرشاد والترغيب في الخير، فقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أعطى كثيرًا من الكفرة يوم حنين، أعطاهم أموالاً جزيلة، يرغبهم في الإسلام وهم كفار، من باب التأليف، فأعطى صفوان بن أمية وهو كافر مائة من الإبل من غنائمه في حنين، وأعطى أبا سفيان مائة من الإبل، وأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة بن حصن الفزاري رئيس فزارة مائة من الإبل، وأعطى العباس بن مرداس خمسين
(1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة، باب الهدية للمشركين، برقم (2620)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين، برقم (1003).
من الإبل، ثم استزاده العباس فأعطاه كمال المائة، وأعطى غيرهم يتألفهم على الإسلام ويعينهم على الثبات على دين الحق، وأن يكونوا من أنصاره وأعوانه، فالله جل وعلا شرع لنا أن نتألف الكفار حتى يدخلوا في الإسلام، وأن نتألف حدثاء العهد بالإسلام حتى يقوى إسلامهم، وبهذا يعلم أن الصدقة على الكافر والفاسق من غير الزكاة لا بأس بها، وتجوز الصدقة على الكافر من الزكاة إذا كان مؤلفًا كرؤساء العشائر وكبار الناس إذا أعطاهم من الزكاة يتألفهم حتى يدخلوا في الإسلام، وحتى يتأسى بهم غيرهم، فلا بأس بذلك، كما قال الله عز وجل:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} . والمؤلفة قلوبهم السادة الرؤساء المطاعون في عشائرهم، يعطون من الزكاة ما يقوى به إيمانهم، ما يرغبون إليه في الدخول في الإسلام، ما يرغبون به في إسلام نظرائهم، إلى غير ذلك من المصالح، والله ولي التوفيق.
س: بجواري جار مسلم، لكنه لا يصلي، لو أعطيته صدقة أو نحوها أكون مأجورًا؟