الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س: هذه السائلة تقول: سماحة الشيخ، عندي ذهب هدية، فهل فيه زكاة؟
ج: نعم، إذا حال الحول على هدية وهي تبلغ النّصاب يجب فيها الزكاة، إذا أهدى إنسان إلى إنسان ما يبلغ النصاب من الذهب أو الفضة، وحال عليه الحول وجبت عليه الزكاة؛ لأنه صار ماله بالهدية، إذا قبلها صارت مالاً له، فإذا حال الحول بعد قبوله الهدية وقبضه لها فإنه يزكي الهدية، سواءً كانت ذهبًا أو فضة، أو مالاً آخر نوى به التجارة والبيع، فإذا حال فيه الحول وجبت فيه الزكاة.
54 -
حكم نقل الزكاة من بلد إلى آخر
س: أفيد سماحتكم أنَّني أعمل خارج بلدي، وبحمد الله استطعت أن أجمع مبلغًا لا بأس به من المال، وأحبّ أن أخرج الزكاة، لكني لا أعرف مقدار الزكاة الواجبة، ولا لمن تُعطى، هل تعطى للمساكين المتجمعين أمام المساجد، أم للمحتاجين من الأقرباء، وهل يجوز لي أن أرسلها لمن أرى أنه يستحقها من
أبناء بلدي خارج البلد الذي أعمل فيه؟ أرجو الإفادة عن هذه القضايا، جزاكم الله خيرًا (1).
ج: أمَّا الزكاة فهي ربع العشر، بالنصّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبإجماع علماء المسلمين في مسألة النقود وعروض التجارة، يعني سهم من أربعين سهمًا، ربع العشر، الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من العُمل، وقيمة عروض التجارة كالسيارات والأراضي، وأشباه ذلك، تعرف القيمة، وبعد ذلك يكون فيها ربع العشر، في المائة اثنان ونصف، في الألف خمسة وعشرون، وهكذا ربع العشر، يعني سهم من أربعين، هذا هو الواجب في النقود، وما يقوم مقامها من العُمل الورقية، وهو الواجب أيضًا في عروض التجارة، وعروض التجارة هي الأموال التي تُعَدُّ للبيع من أراضٍ أو سيارات، أو خام، أو حبوب، أو غير ذلك من الأمتعة، هذه يقال لها عروض تجارة المعدة للبيع، فإذا حال الحول عليها وجبت الزكاة في قيمتها، ربع العشر، فإذا كان عنده سيارات للبيع، وعند تمام الحول بلغت قيمتها مليونًا، زكّى مليونًا ربع العشر، خمسة وعشرون ألفًا، لأن عشر المليون مائة ألف، والربع خمسة وعشرون، هذا ربع العشر، وهكذا لو كان عنده أراضٍ تساوي مليونًا
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم (194).
أعدّها للبيع، إذا حال عليها الحول يزكيها ربع قيمتها، فإذا كانت تساوي مليونًا، فيها خمسة وعشرون ألفًا، وإذا كانت تساوي مائة ألف، فيها ألفان ونصف (ألفان وخمسمائة)، وهكذا.
المقصود ربع العشر، وهو سهم من أربعين سهمًا، هذه زكاة النقود من الذهب والفضة، وفيما يقوم مقامها من العُمل الورقية، وفي عروض التجارة، وهي الأموال المعدة للبيع.
أمَّا زكاة الحبوب والثمار فهذه نوع آخر، وهي نصف العشر فيما يسقى بالمؤونة، بالمكائن والسّواني، والعشر فيما يسقى بالمطر والأنهار الجارية، والبعل الذي على المطر، هذا يكون فيه العشر كاملاً.
فإذا كان ألف كيلو: يكون مائة كيلو، وهكذا عشرة آلاف كيلو يكون ألفًا، الزكاة العشر فيما يسقى بلا مؤونة، بلا كلفة، بالأنهار بالمطر بالبعل، كونه يبذر في الأرض ويصلح على نداوة الأرض التي فيها الماء بغير حاجة إلى مكائن ولا سوانٍ ولا تعب، هذا فيه العشر كاملاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سُئل عن ذلك:«فيما سقي بالنّضح نصف العشر، وفيما سُقي بالأنهار العشر» (1) المقصود أن هذا هو الحكم فيما
(1) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة باب العشر فيما يسقى من ماء السماء برقم (1483).
يسقى بالمؤونة، وبغير مؤونة، ما يسقى بالمؤونة بالسّواني والمكائن فيه نصف العشر، وما يسقى بلا مؤونة ولا كلفة فيه العشر كاملاً.
وأمَّا الحيوانات فلها زكاة أخرى نوع آخر أيضًا إذا كانت زكاة سائمة، راعية من الإبل والبقر والغنم، مفصّلة في الأحاديث، ومن كلام أهل العلم، والسائل إنما سأل عن النقود، وهذا بيان النقود، كما سمعت، ربع العشر.
أمَّا إخراجها فإنها تصرف للفقراء والمساكين، وغيرهم ممن سمَّى الله في قوله جل وعلا:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} .
فإذا كان في بلده فقراء من أقاربه أو غيرهم فهم أولى من غيرهم، الفقراء في البلد أولى من غيرهم، فإذا كانوا من الأقارب فهم أولى، الصدقة والصلة، وإذا دعت الحاجة إلى نقلها إلى فقراء خارج البلد، أقارب فقراء خارج البلد؛ لأنهم أشدّ حاجة وأشد ضرورة فلا بأس بنقلها على الصحيح، وهكذا لو نقلها إلى المجاهدين في أرض فلسطين
فلا بأس بذلك؛ لأنهم في حاجة، ونقلها إليهم فيه مصلحة عظيمة، ومتى اجتهد صاحب الزكاة وفرّقها في بلده، أو في فقراء خارج بلده من الأقارب وغيرهم، فكل ذلك جائز والحمد لله، إذا كان في البلد فقراء هم أفضل وأولى، وإذا كانوا أقارب فالصدقة فيهم أفضل أيضًا؛ لأنها صدقة وصلة رحم جميعًا، ولكن يجوز نقلها لمصلحة راجحة، يجوز أن تنقل من بلد إلى بلد، إذا كانت المصلحة أرجح لأقارب بعيدين، أو المجاهدين في سبيل الله المحتاجين، أو فقراء حاجتهم شديدة، فينقلها مثلاً من مكة إلى جدة، أو من الرياض إلى الخرج، وإلى الأحساء، وإلى أبها، إلى غير هذا، لمن يعرف أنه فقير يعطى، سواء كان " فمن " يتجمع حول المساجد، أو في أيّ مكان، من ادّعى الفقر والحاجة، والعلامات ظاهرة عليه، ولا يوجد ما يكذّبه فلا بأس أن يعطى.
والنبي صلى الله عليه وسلم لمَّا شكا إليه جلان، وطلبا منه الزكاة ورآهما جلدين، يعني نشيطين، قال:«إن شئتما أعطيتكما ولا حظّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب» (1) والإنسان قد يكون جلدًا ولكن ما عنده
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى، برقم (1633)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب مسألة القوي المكتسب، برقم (2598).