الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مولده صلى الله عليه وسلم عام الفيل]:
علقت به صلّى عليه وسلم يوم الاثنين أيام منى.
وفي «البهجة» للعامري بلفظ: (أيام التشريق في شعب أبي طالب عند الجمرة الوسطى)(1).
وولدته صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين (2) ثاني عشر (3) -أو عاشر أو ثامن-ربيع الأول بمكة في الدار التي كانت لمحمد بن يوسف أخي الحجاج (4)، عام الفيل بعد قدوم أصحاب الفيل بخمس عشرة ليلة، في العشرين من نيسان، مختونا مسرورا (5) -أي: مقطوع السّرة-
(1)«بهجة المحافل» (1/ 39).
(2)
أخرجه أحمد (1/ 277)، وابن سعد (1/ 81)، وأبو نعيم في «الدلائل» (1/ 191)، والبيهقي في «الدلائل» (1/ 71).
(3)
أخرجه الحاكم (2/ 603)، والبيهقي في «الدلائل» (1/ 74)، وعلى هذا القول اقتصر ابن هشام (1/ 158)، وانظر الأقوال الأخرى في «الطبقات» لابن سعد (1/ 81)، و «البداية والنهاية» (2/ 662)، و «سبل الهدى والرشاد» (1/ 401)، و «سيرة مغلطاي» (57).
(4)
أي: كانت له مآلا؛ وذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم وهبها لعقيل بن أبي طالب، فلم تزل في يد عقيل حتى توفي، فباعها ولده من محمد بن يوسف، أخي الحجاج بن يوسف، وانظر «تاريخ الطبري» (2/ 156).
(5)
حديث الختان أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6144)، وأبو نعيم في «الدلائل» (1/ 192)، والبيهقي في «الدلائل» (1/ 114)، وابن سعد في «الطبقات» (1/ 83)، والضياء المقدسي في «المختارة» (1864) وغيرهم، وقال الحاكم في «المستدرك» (2/ 602):(وقد تواترت الأخبار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد مختونا مسرورا)، وتعقبه الذهبي بقوله:(ما أعلم صحة ذلك، فكيف متواترا؟ ! ). لكن الصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (1/ 420) -بعد تخريجه الحديث وبيانه طرقه-أجاب عن تعقب الذهبي فقال: (وأجيب باحتمال أن يكون أراد بتواتر الأخبار اشتهارها وكثرتها في السير، لا من طريق السند المصطلح عليه عند أئمة الحديث)، ثم ذكر قولين آخرين عن ختانه صلى الله عليه وسلم: الأول: أن جبريل ختنه حين شق صدره، قال: رواه الخطيب عن أبي بكرة موقوفا، ولا يصح سنده. والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم ختنه جده على عادة العرب، فيما رواه ابن عبد البر، قال العراقي: وسنده غير صحيح. وقد ذكر ابن القيم في «زاد المعاد» (1/ 18) قولا آخر، وهو: أنه صلى الله عليه وسلم ختن يوم شقّ قلبه الملائكة عند ظئره، وهذا أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5817)، وأبو نعيم (1/ 193)، وقال الهيثمي في «المجمع» (8/ 227):(فيه عبد الرحمن بن عيينة وسلمة بن محارب، ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات)، ثم نقل الصالحي عن الخيضري: أن القول الأول أرجح؛ أي: أنه صلى الله عليه وسلم ولد مختونا، ثم قال:(قد قدمنا أن له طريقا جيدة صححها الحافظ الضياء). وعلى هذا لا يلتفت إلى ما نقله ابن القيم في «زاد المعاد» (1/ 19) عن ابن العديم الذي ردّ كلام كمال الدين بن طلحة في إثبات ولادته مختونا، ورجح أنه صلى الله عليه وسلم ختن على عادة العرب.
مقبوضة أصابع يده، مشيرا بالسبّابة كالمسبّح بها (1).
وتوفي أبوه وهو حمل، قيل: قبل ولادته بشهرين (2)، وأرضعته ثويبة عتيقة أبي لهب بلبان ابنها مسروح (3).
قلت: وفي «مغلطاي» : (وتوفيت ثويبة سنة سبع من الهجرة)(4).
قال أبو نعيم: لا أعلم أحدا أثبت إسلامها غير ابن منده (5)، والله أعلم.
ثم أرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السّعدية بلبان ابنها عبد الله أخي أنيسة وحذافة (6)، وهي الشّيماء التي قدمت عليه بحنين وبسط لها رداءه، وقيل: القادمة عليه بحنين أمّه حليمة (7).
ونزل إليه ملكان وهو يلعب مع الغلمان في بني سعد، فشقا بطنه واستخرجا من قلبه حظ الشيطان، ثم غسلا قلبه وبطنه بالثلج وملآه حكمة وإيمانا، ثم وزناه بمائة ثم بخمس مائة ثم
(1) ذكره السهيلي (2/ 95)، والحلبي في «سيرته» (1/ 54).
(2)
هذا القول بمعنى الذي قبله، وهناك أقوال أخر لم يتعرض لها المؤلف؛ لضعفها، والله أعلم، والمجمع عليه: أنه صلى الله عليه وسلم ولد عام الفيل، انظر «البداية والنهاية» (2/ 665).
(3)
أخرجه البخاري (5106)، ومسلم (1449)، وأبو نعيم في «الدلائل» (1/ 196)، وابن سعد في «الطبقات» (1/ 87).
(4)
«الإشارة إلى سيرة المصطفى» (ص 65).
(5)
نقله عنه ابن الجوزي في «المنتظم» (2/ 380)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (5/ 414)، وابن حجر في «الإصابة» (4/ 250)، قال الحافظ:(وفي «باب من أرضع النبي صلى الله عليه وسلم» من «طبقات ابن سعد» ما يدل على أنها لم تسلم، ولكن لا يدفع قول ابن منده بهذا).
(6)
في الأصل: (حرامه)، والصواب ما أثبت، بالحاء المهملة المضمومة والذال المعجمة والفاء، كذا هي في «الاستيعاب» (ص 887)، و «أسد الغابة» (7/ 63)، و «الإصابة» (4/ 263)، وذكر ابن حجر في قول: أنها جذامة، بالجيم والميم، وهو قول ابن سعد (1/ 90)، وقال السهيلي في «الروض الأنف» (2/ 100):(خذامة بكسر الخاء المنقوطة والميم).
(7)
الحديث أخرجه ابن حبان (4232)، والحاكم (3/ 618)، وأبو داود (5101)، وغيرهم، وأما تحديد المرأة التي أتت .. فقد اقتصر الحديث على قول:(أمه التي أرضعته) ودلالته أقرب على حليمة، وذكر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (ص 883) الخبر عن زيد بن أسلم وذكر فيه: أن اللتي جاءته هي حليمة، وانظر «سبل الهدى والرشاد» (1/ 466). وإرضاع حليمة له صلى الله عليه وسلم جاء عند ابن حبان (6335)، والحاكم (2/ 616)، وأبي يعلى في «المسند» (7163)، والطبراني في «الكبير» (24/ 212)، وأبي نعيم في «الدلائل» (1/ 193)، والبيهقي في «الدلائل» (1/ 132)، وابن سعد في «الطبقات» (1/ 90)، والطبري في «التاريخ» (2/ 158)، وانظر «سيرة ابن هشام» (1/ 160)، و «سبل الهدى والرشاد» (1/ 470).
بألف فوزنهم، فقال أحدهما للآخر: دعه؛ فلو وزنته بأمته كلها .. لوزنها (1)، وختما بين كتفيه بخاتم النبوة.
وسارت به أمه إلى المدينة وهو ابن أربع سنين، وقيل غير ذلك (2)؛ لتزوّره أخواله بني النجار، فماتت بالأبواء وهي راجعة (3)، فحضنته بعد أمّه دايته أمّ أيمن بركة، وكفله جده عبد المطلب (4)، ومات عبد المطلب عن مائة وعشر سنين وللنبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنين، فأوصى به إلى عمه-شقيق أبيه-أبي طالب، فكفله أبو طالب (5).
وخرج مع عمه أبي طالب إلى الشام وهو ابن اثنتي عشرة سنة حتى بلغ بصرى، فرآه بحيرا، واسمه: جرجيس، فعرفه بصفته، فقال وهو آخذ بيده: هذا سيد العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين، فقيل له: وما علمك بذلك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم به من العقبة .. لم يبق شجر ولا حجر .. إلاّ خرّ ساجدا، ولا يسجدان إلا لنبي، وإنا نجده في كتبنا، وسأل أبا طالب أن يردّه خوفا عليه من اليهود (6).
(1) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (1/ 135)، وابن سعد في «الطبقات» (1/ 91)، والطبري في «تاريخه» (2/ 165). كما أخرج القصة بنحوها مسلم (162/ 261)، وابن حبان (6334)، وأحمد (3/ 121) وغيرهم.
(2)
انظر هذه الأقوال في «سيرة مغلطاي» (73).
(3)
الأبواء: قرية بين مكة والمدينة قبل الجحفة مما يلي المدينة.
(4)
«سيرة ابن هشام» (1/ 168)، و «طبقات ابن سعد» (1/ 96)، و «دلائل النبوة» لأبي نعيم (1/ 204)، و «دلائل النبوة» للبيهقي (1/ 188).
(5)
«سيرة ابن هشام» (1/ 169)، و «طبقات ابن سعد» (1/ 98)، و «دلائل النبوة» لأبي نعيم (1/ 208)، و «دلائل النبوة» للبيهقي (1/ 188).
(6)
أخرجه الحاكم (2/ 615) وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين)، والترمذي (3620) وحسنه، وأبو نعيم في «الدلائل» (1/ 217)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 24) وغيرهم، إلا أن الذهبي قد تعقب الحاكم فقال:(أظنه موضوعا؛ فبعضه باطل)، وقال في «تاريخ الإسلام» (1/ 57) في كلام طويل: (تفرّد به قراد
…
وهو حديث منكر جدا)، وذلك أنه استنكر فيه ذكر أبي بكر وبلال في قوله:(وبعث معه أبو بكر بلالا)، لكن قال ابن حجر في «الإصابة» (1/ 179) في ترجمة بحيرا:(وقد وردت هذه القصة بإسناد رجاله ثقات من حديث أبي موسى الأشعري، أخرجها الترمذي وغيره، ولم يسم فيها الراهب، وزاد فيها لفظة منكرة، وهي قوله: «وأتبعه أبو بكر بلالا»، وسبب نكارتها: أن أبا بكر حينئذ لم يكن متأهلا، ولا اشترى يومئذ بلالا، إلا أن يحمل على أن هذه الجملة الأخيرة منقطعة من حديث آخر أدرجت في هذا الحديث، وفي الجملة: هي وهم من أحد رواته). والذي يعضد كلام الحافظ رحمه الله: أن الحديث جاء بمعناه عند ابن سعد في «الطبقات» (1/ 99) من غير هذه اللفظة، وأن الذهبي رحمه الله ذكر: أن ابن عائذ قد روى معناه في «مغازيه» بإسناده دون قوله: (وبعث معه أبو بكر بلالا)، أضف إلى ذلك أن البيهقي قال في «الدلائل» (2/ 26):(فأما القصة .. فهي عند أهل المغازي مشهورة)، والله أعلم.
ولما بلغ صلى الله عليه وسلم عشرين سنة .. حضر مع عمومته حرب الفجار في شوال، سمي بذلك لكونه في الأشهر الحرم، ورمى فيه صلى الله عليه وسلم بأسهم، وكان بين قريش وهوازن (1).
ولما بلغ صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة .. خرج ثانيا إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى في تجارة لها، وكانت استأجرته على أربع بكرات (2) حتى بلغ سوق بصرى ونزل تحت شجرة، فقال نسطور الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي (3).
وكان ميسرة يرى في الهاجرة ملكين يظلاّنه صلى الله عليه وسلم من الشمس، فأخبر خديجة بذلك، فرغبت فيه صلى الله عليه وسلم؛ لما سبق لها من سابق السعادة، فخطبته إلى نفسها، فتزوجها صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الشام لنحو ثلاثة أشهر، وكانت خديجة إذ ذاك ابنة أربعين (4) أو خمس وأربعين أو خمسين سنة (5).
ولمّا بلغ صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة .. بنت قريش الكعبة، وتنافسوا في وضع الحجر في محله، فاتفقوا على أن يضعه أول داخل عليهم؛ فكان أول داخل عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع الحجر بيده الكريمة في موضعه (6) وذلك في يوم الاثنين.
ولمّا بلغ صلى الله عليه وسلم ثمانيا وثلاثين سنة .. كان صلى الله عليه وسلم يرى الضوء والنور، ويسمع الصوت والنداء، ولا يرى أحدا (7)، وحبّب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء (8)، وكان عبادته الذكر، وقيل: الفكر.
قال الشيخ العامري: (والظاهر: أنه كان قبل النبوة يدين بشريعة إبراهيم.
(1) انظر «سيرة ابن هشام» (1/ 184)، و «طبقات ابن سعد» (1/ 104)، و «الروض الأنف» (2/ 146).
(2)
البكرات-جمع بكرة-وهي: الفتيّة من الإبل.
(3)
أي: ما نزل تحتها هذه الساعة إلا نبي. وانظر «الروض الأنف» (2/ 151)، والتعقب عليه في «سبل الهدى والرشاد» (2/ 218).
(4)
وهو الراجح من الأقوال، وهو قول ابن سعد (1/ 109)، والطبري (2/ 280)، وانظر «سبل الهدى والرشاد» (2/ 225).
(5)
أخرجه أبو نعيم في «الدلائل» (1/ 219)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 66).
(6)
أخرجه أحمد (3/ 425)، والطيالسي (113)، والبيهقي في «الدلائل» (2/ 56)، وغيرهم.
(7)
أخرجه مسلم (2353/ 123)، والحاكم (2/ 627)، والبيهقي (6/ 207)، وأحمد (1/ 266).
(8)
أخرجه البخاري (4)، ومسلم (160).