الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
282 - [علي بن أبي طالب]
(1)
علي بن أبي طالب-واسمه: عبد مناف-ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو الحسن أمير المؤمنين القرشي الهاشمي المكي المدني ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأخوه بالمؤاخاة، وصهره على سيدة نساء العالمين فاطمة، وأبو السبطين.
أمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، فهي أول هاشمية ولدت هاشميا، وهو أول هاشمي ولد بين هاشميين، وأول خليفة من بني هاشم، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، وأحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، وأحد العلماء الربانيين، والشجعان المشهورين، والزهاد المذكورين، وأحد السابقين إلى الإسلام، أسلم وهو ابن عشر سنين، وقيل: ثمان، وقيل: خمس عشرة، وقيل: إنه أول من أسلم.
واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة أن يقيم بعده بمكة أياما يؤدي عنه أمانته والودائع التي كانت عنده صلى الله عليه وسلم ففعل ذلك، ثم لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبوك؛ فإنه صلى الله عليه وسلم استخلفه فيها على المدينة، فقال علي: أتخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ » (2).
وأعطاه صلى الله عليه وسلم اللواء في مواطن كثيرة، وقال يوم خيبر:«لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه» فأعطاها عليا، فكان الفتح على يديه (3).
ولما نزل قوله تعالى: {فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ} الآية .. دعا صلى الله عليه وسلم
(1)«طبقات ابن سعد» (3/ 17)، و «معرفة الصحابة» (1/ 75)، و «الاستيعاب» (ص 522)، و «المنتظم» (3/ 412)، و «أسد الغابة» (4/ 91)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 344)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 621)، و «مرآة الجنان» (1/ 108)، و «البداية والنهاية» (7/ 346)، و «الإصابة» (2/ 501)، و «شذرات الذهب» (1/ 221).
(2)
أخرجه البخاري (4416)، ومسلم (2404/ 31).
(3)
أخرجه البخاري (3702)، ومسلم (2407).
عليا وفاطمة والحسن والحسين وقال: «اللهم؛ هؤلاء أهل بيتي» (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: «من كنت مولاه .. فعلي مولاه» (2).
وقال صلى الله عليه وسلم: «علي مني وأنا من علي، لا يؤدي عني إلا أنا أو علي» (3).
وعهد صلى الله عليه وسلم إلى علي ألاّ يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق (4)، ولذلك قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه:(كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليا)(5).
ولما بعثه صلى الله عليه وسلم إلى اليمن .. قال: «اللهم؛ اهد قلبه، وثبت لسانه» ، قال علي:(فما شككت في قضاء تعسر بين اثنين)(6).
وقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم؛ أدر الحق معه حيث دار» (7).
والأحاديث في فضائله كثيرة مشهورة، وكذا زهده وعلمه وشجاعته وآثاره في الحروب مشهورة معلومة لا حاجة إلى التطويل بذكرها.
بويع له بالخلافة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قتل عثمان؛ لكونه أفضل الصحابة حينئذ، وذلك في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وقيل: في أول المحرم سنة ست باتفاق من الصحابة رضي الله عنهم، فكان كما قال له بعض الحكماء: لقد زنت الخلافة وما زانتك، وهي كانت أحوج إليك منك إليها.
وله في قتال الخوارج عجائب ثابتة في الصحيح مشهورة، وأخبره صلى الله عليه وسلم أنه سيقتل، ونقلوا عنه آثارا كثيرة تدل على علمه بالسّنة والشهر واليوم والليلة التي يقتل فيها، وأنه لما خرج لصلاة الصبح التي قتل فيها .. صاحت الإوز في وجهه حين خرج فطردن عنه فقال: دعوهن؛ فإنهن نوائح.
وكان قد انتدب ثلاثة من الخوارج: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكير التميمي، فاجتمعوا بمكة، وتعاقدوا ليقتلنّ علي بن
(1) أخرجه مسلم (2404/ 32)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 150)، والترمذي (2999).
(2)
أخرجه ابن حبان (6931)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 109)، والترمذي (3713).
(3)
أخرجه الترمذي (3119)، والنسائي في «الكبرى» (8091)، وابن ماجه (119).
(4)
أخرجه مسلم (78)، وابن حبان (6924)، والترمذي (3736).
(5)
أخرجه الترمذي (3717).
(6)
أخرجه أبو داود (3582)، والنسائي في «الكبرى» (8363)، وابن ماجه (231).
(7)
أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 124)، والترمذي (3714).
أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاصي، قال الشقي ابن ملجم: أنا لعلي، وقال البرك: أنا لمعاوية، وقال عمرو بن بكير: أنا لعمرو، وتعاهدوا على ألاّ يرجع أحد عن صاحبه حتى يقتله أو يموت دونه، وتواعدوا ليلة سبع عشرة في رمضان، وتوجه كل واحد إلى المصر الذي فيه صاحبه الذي يريد قتله، ويقال: إن ابن ملجم لما قدم الكوفة لهذا المقصد الرديء .. خطب امرأة من الخوارج كان علي رضي الله عنه قد قتل أباها وجماعة من أقاربها، فقالت: إنها حلفت لا تتزوج إلا على كذا وكذا بمهر معلوم سمته وقتل علي، فقال الشقي: إني لم آت الكوفة إلا لقتل علي، فقالت له: امض لما جئت له، فإن قتلته .. اجتمعنا وقد شفينا صدورنا، وإن قتلت .. فما عند الله خير وأبقى ونجتمع في دار الآخرة؛ أي: في نار جهنم، فلما خرج علي لصلاة الصبح .. ضربه ابن ملجم بسيف مسموم في جبهته فأوصله دماغه وذلك في ليلة الجمعة سابع عشر رمضان.
وتوفي علي رضي الله عنه ليلة الأحد تاسع عشر رمضان من سنة أربعين، وغسله ابناه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة، يقال: إنه كان عنده فضل من حنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى أن يحنط به.
وتوفي رضي الله عنه عن ثلاث وستين سنة على الأصح، وأما صاحبا الشقي ابن ملجم .. فإن البرك خرج إلى الشام فضرب معاوية عند ما خرج لصلاة الصبح في ليلة سبع عشرة من رمضان، فوقعت الضربة في عجزه فقطعت نسله وسلم، ولزم البرك، فلما أراد قتله .. قال: إني مبشرك بقتل علي هذه الليلة، قال له: وما يدريك؟ فذكر ما اتّعدوا عليه، فقال له معاوية: ولعله أخطأه مثل ما أخطأتني وأمر بقتله.
وخرج الآخر إلى مصر، فكمن لعمرو بن العاصي تلك الليلة ليقتله إذا خرج، فاتفق أن عمرا تخلف عن الخروج لصلاة الصبح لعذر، واستناب خارجة، فضرب الخارجي خارجة وقتله وهو يظنه عمرا، فلزموه وأوصلوه إلى عمرو بن العاصي، فسمعهم يخاطبونه بالأمير، فقال: أو ما قتلت الأمير؟ قالوا: لا، إنما قتلت خارجة، فقال: أردت عمرا وأراد الله خارجة: [من البسيط]
وليتها إذ فدت عمرا بخارجة
…
فدت عليا بمن شاءت من البشر
لكن قضاء الله ماض، لا راد لأحكامه، ولا ناقض لإبرامه، ولقد صدق القائل:[من الطويل]
وما كنت من أنداده يا بن ملجم
…
ولولا قضاء ما أطقت له عينا