الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الظاهر، ورجع أصحاب علي إلى الكوفة عارفين أن الذي فعله عمرو حيلة وخديعة لا يعبأ بها (1).
وفيها: اختلف جيش علي رضي الله عنه، وخرجت عليه الخوارج منكرين التحكيم، وقالوا: لا حكم إلا لله (2).
وفيها: عزل علي قيس بن سعد رضي الله عنه عن مصر، وولاها محمد بن أبي بكر الصديق، وعزل جعدة بن هبيرة ابن أخته أم هاني بنت أبي طالب عن خراسان، وولاها عبد الرحمن بن أبزى مولى يزيد بن ورقاء الخزاعي (3).
وفيها: مات خباب بن الأرتّ بالكوفة رضي الله عنه.
***
السنة الثامنة والثلاثون
فيها: اجتمعت الخوارج وهم ستة آلاف أو ثمانية آلاف، فمضى إليهم علي بنفسه، وخطبهم متوكئا على قوسه، وقال لهم: هل تعلمون أن أحدا كان أكره مني للحكومة، وإنكم أكرهتموني عليها؟
قالوا: اللهم نعم.
قال: فعلام خالفتموني ونابذتموني؟
فقالوا: أتينا ذنبا عظيما فتبنا إلى الله منه، فتب إليه منه واستغفره .. نعد إليك.
قال: فإني أستغفر الله من كل ذنب، فرجعوا معه إلى الكوفة، وأشاعوا أن عليا رجع عن التحكيم وتاب عنه ورآه ضلالة، فلما بلغ قولهم ذلك عليا .. خطب الناس وقال: من زعم أني رجعت من الحكومة .. فقد كذب، ومن رآها ضلالة .. فهو أضل منها، فلما سمعت الخوارج ذلك .. خرجت من المسجد، فقيل لعلي: إنهم خارجون فقاتلهم، فقال: لا أقاتلهم حتى يقاتلوني وسيفعلون، فاجتمعوا بحروراء، فوجه إليهم عبد الله بن
(1)«تاريخ الطبري» (4/ 563)، و «المنتظم» (3/ 361)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 628)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 536)، و «العبر» (1/ 38)، و «مرآة الجنان» (1/ 100)، و «البداية والنهاية» (7/ 270)، و «شذرات الذهب» (1/ 211).
(2)
«المنتظم» (3/ 372)، و «البداية والنهاية» (7/ 296).
(3)
«البداية والنهاية» (7/ 270).
عباس فرحبوا به وأكرموه، وقالوا: ما جاء بك يا بن عباس؟
قال: جئتكم من عند صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه، وأعلمنا بربه وسنة نبيه، ومن عند المهاجرين والأنصار.
فقالوا: يا بن عباس؛ أتينا ذنبا عظيما حين حكمنا الرجال في دين الله، فإن تاب كما تبنا ونهض لمجاهدة عدونا .. رجعنا إليه.
فقال لهم ابن عباس: أنشدكم الله إلا ما صدقتم، أما علمتم أن الله أمر بتحكيم الرجال في أرنب يساوي ربع درهم يصاد في الحرم فقال تعالى:{يَحْكُمُ بِهِ ذَاا عَدْلٍ مِنْكُمْ، } وكذا في شقاق رجل وامرأته بقوله تعالى: {فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها؟ }
فقالوا: اللهم نعم.
قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عن القتال للهدنة بينه وبين قريش في الحديبية؟
فقالوا: اللهم نعم، ولكن عليا محا نفسه من الخلافة بالتحكيم.
قال ابن عباس: ليس ذلك يزيلها عنه؛ فقد محا صلى الله عليه وسلم النبوة من صحيفة الحديبية، فلم يزل ذلك عنه النبوة حيث قال لعلي:«اكتب بيننا: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله» صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: لو نعلم أنك رسول الله .. لاتبعناك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال لعلي رضي الله عنه:«امحها» ، فقال: والله؛ لا أمحوها، فقال صلى الله عليه وسلم:«أرني مكانها» فأراه، فمحاها وكتب: محمد بن عبد الله (1).
فلما سمع ذلك الخوارج منه .. رجع منهم ألفان وبقي أربعة آلاف-أو ستة آلاف-بايعوا عبد الله بن وهب الراسبي، فخرج بهم إلى النهروان، فقتلوا عبد الله بن خباب عامل علي رضي الله عنه على المدائن، وبقروا بطن جاريته، وقتلوا ثلاث نسوة، وقتلوا الحارث بن مرة رسول علي.
فلما رأى علي رضي الله عنه استحلالهم الدماء والأموال .. تبعهم، فكانت وقعة
(1) أخرج قصة الحديبية البخاري (4251)، ومسلم (1783).
النهروان، فقتل منهم ألفان وثمان مائة رجل، فيهم ذو الثّديّة الذي ذكر فيه صلى الله عليه وسلم علامة على الفرقة المارقة من الإسلام مروق السهم من الرمية.
وفي طريقهم إلى النهروان لقوا مسلما ونصرانيا، فقتلوا المسلم وأطلقوا النصراني وأوصوا به خيرا، وقالوا: احفظوا ذمة نبيكم صلى الله عليه وسلم.
وكان علي رضي الله عنه قال لأصحابه قبل الوقعة: والله؛ لا يقتل منكم عشرة، ولا يفلت منهم عشرة، فقتل من أصحاب علي سبعة، وأفلت من الخوارج ثمانية (1).
وفيها: خرج الخرّيت بن راشد الناجي في ثلاث مائة من بني ناجية وارتدوا إلى النصرانية، فوجه لهم معقل بن قيس الرياحي، فقتل الخريت والمرتدين من قومه، وسبى الذرية، فاشتراهم مصقلة بن هبيرة الشيباني بثلاث مائة ألف وأعتقهم، وأدى منها مائتي ألف وهرب إلى معاوية (2).
وفيها: خرج أبو مريم الخارجي في أربع مائة فصار إلى شهرزور، ثم عاد إلى الكوفة، فخرج عليهم علي فقاتلوه، فقتلهم إلا خمسين رجلا استأمنوه (3).
وفيها: قتلت الخوارج عبد الله بن خبّاب، وقتل رأس الخوارج عبد الله بن وهب الراسبي.
وفيها: قتل محمد بن أبي بكر الصديق بمصر، فولى علي مالك بن الحارث الأشتر مصر مكانه، فسم في الطريق بالعريش قبل أن يصل إلى مصر ومات فيها (4).
وفيها: توفي سهل بن حنيف الأنصاري، وصهيب بن سنان الرومي.
وفيها: ولد زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهما (5).
***
(1)«تاريخ الطبري» (5/ 64)، و «المنتظم» (3/ 372)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 690)، و «العبر» (1/ 44)، و «البداية والنهاية» (7/ 303).
(2)
«تاريخ الطبري» (5/ 113)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 714)، و «البداية والنهاية» (7/ 339).
(3)
«الكامل في التاريخ» (2/ 722).
(4)
«تاريخ الطبري» (5/ 94)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 704)، و «شذرات الذهب» (1/ 218).
(5)
«تاريخ دمشق» (41/ 360)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 386).