الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين ولم يره، وسمع عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وابن الزبير، وعليا وشهر بصحبته، وحضر معه قتال الخوارج.
روى عنه جماعة من التابعين، وكان شريح إذا أشكل عليه شيء .. أرسل إلى عبيدة، وانتهى إلى قوله.
توفي سنة اثنتين وسبعين، أو ثلاث أو أربع وسبعين.
390 - [مصعب بن الزبير]
(1)
مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشي الهاشمي.
ولاه أخوه عبد الله بن الزبير الكوفة، فجهّز على المختار الكذاب وقتله، ثم عزله بابنه حمزة، ثم أعاده إلى الكوفة، فخرج منها لقتال عبد الملك بن مروان، فالتقى الجمعان بدير الجاثليق، فخان مصعبا أصحابه، وكان عبد الملك قد أرسلهم ووعدهم ومنّاهم حتى أفسدهم عليه، فكان كلما أمر أحدا من مقدمي أصحابه .. لم يفعل، وانحاز جماعة منهم إلى عبد الملك، فقتل مصعب، وقتل معه ابناه عيسى وعروة في جمع عظيم في سنة اثنتين وسبعين.
جمع بين سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة، وأمهر عائشة هذه ألف ألف درهم، فقال بعضهم:[من الكامل]
بضع الفتاة بألف ألف حاضر
…
وتبيت سادات الجيوش جياعا
فلما بلغ ذلك أخاه عبد الله .. قال: قبح الله مصعبا؛ قدم أيره، وأخر خيره، وعزله عن الكوفة بابنه حمزة.
391 - [ابن الزبير]
(2)
عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أمه: أسماء بنت أبي بكر الصديق، وخالته: عائشة أم المؤمنين.
(1)«طبقات ابن سعد» (7/ 181)، و «تاريخ بغداد» (13/ 106)، و «تاريخ دمشق» (58/ 210)، و «المنتظم» (4/ 266)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 140)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 524)، و «مرآة الجنان» (1/ 148)، و «البداية والنهاية» (8/ 721)، و «شذرات الذهب» (1/ 304).
(2)
«طبقات ابن سعد» (6/ 471)، و «معرفة الصحابة» (3/ 1647)، و «المنتظم» (4/ 286)، و «أسد الغابة» -
ولد في السنة الأولى من الهجرة، وقيل: لعشرين شهرا منها، وهو أول مولود في المدينة من المهاجرين، وفرح المسلمون بولادته؛ لأن اليهود كانوا يقولون: قد سحرناهم فلا يولد لهم، وحنكه النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة لاكها؛ فكان ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم أول شيء نزل في جوفه، وسماه: عبد الله، وكناه: أبا بكر، باسم جده الصديق وكنيته.
وكان رضي الله عنه صوّاما قوّاما، منطلقا فصيحا، بطلا شجاعا.
غزا إفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح في عشرين ألفا، فخرج عليهم ملكها في مائة وعشرين ألفا، فسقط في أيديهم، فنظر ابن الزبير ملكهم قد خرج عن عسكره، فقصده في جماعة فقتله، ثم كان الفتح على يديه.
وكان قد قسّم دهره ثلاثا: ليلة يصلي قائما حتى يصبح، وليلة راكعا إلى الصباح، وليلة ساجدا حتى الصباح.
ولما مات يزيد بن معاوية في منتصف ربيع الأول من سنة أربع وستين .. بويع لعبد الله بن الزبير بالخلافة، وأطاعه أهل الحجاز واليمن والعراق وخراسان، فجدد عمارة الكعبة في أيامه، وبناها على حكم الحديث الصحيح الذي روته خالته عائشة رضي الله عنها قالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لولا حداثة قومك بالكفر، فأخاف أن تنكسر قلوبهم .. لنقضت الكعبة، ولبنيتها على قواعد إبراهيم، ولأدخلت فيها من الحجر ما أخرجه قريش منه، ولجعلت لها بابين ملصقين بالأرض، باب يدخل الناس منه، وباب يخرجون منه؛ فإن قريشا لما قصرت بهم النفقة-أي: من الحلال-قصروها عن قواعد إبراهيم» (1).
وكان قد وهن بناؤها من رمي الحصى لها بالمنجنيق، ويقال: إنها خرت حجر فطار منها الشرار، فاحترق بعض خشبها فوهنت، فاستشار الصحابة رضي الله عنهم في هدمها وبنائها، فأشار عليه ابن عباس في جماعة أن يتركها على حالها، وأشار عليه جابر بن عبد الله في جماعة من الصحابة بهدمها وإعادتها على قواعد إبراهيم، فترجح له رضي الله
= (3/ 242)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 266)، و «سير أعلام النبلاء» (3/ 363)، و «تاريخ الإسلام» (5/ 435)، و «مرآة الجنان» (1/ 148)، و «البداية والنهاية» (8/ 733)، و «الإصابة» (2/ 300)، و «الرياض المستطابة» (ص 201)، و «شذرات الذهب» (1/ 306).
(1)
أخرجه البخاري (1586)، ومسلم (1333)، والبيهقي (5/ 89)، وأحمد (6/ 179).
عنه، فلما عزم على هدمها .. خرج الناس من مكة إلى الطائف وإلى منى، وتلكأ المعمار من هدمها تهيبا، فهدمها ابن الزبير بنفسه، وشرع في هدمها عبد حبشي دقيق الساقين؛ تفاؤلا بأن يكون ذلك هو ما حدّث من أن يهدمها ذو السويقتين من الحبشة (1)، ولم يرجع من خرج من مكة حتى شرع في بنائها، وبعضهم حتى أكملها، وأراد أن يبنيها بالورس، فقيل له: لا يستمسك البناء به كالجص، فبعث من يأتي بالجص من صنعاء، ولما فرغ من بنائها: قال: من لي عليه طاعة فليخرج ويعتمر شكرا لله تعالى، فخرج في السابع والعشرين من رجب ماشيا، وخرج الناس معه، فلم ير يوم أكثر ماشيا ونحرا وذبحا وصدقة من ذلك اليوم، ومن ثم صار كثير من الناس يعتمرون في سابع وعشرين من رجب.
ولما قوي أمر عبد الملك بقتله مصعب بن الزبير، واستيلائه على العراق والشام ومصر .. أرسل الحجاج لقتال ابن الزبير، فحاصره الحجاج في أول القعدة من سنة اثنتين وسبعين، وحج تلك السنة بالناس، ورمي بالمنجنيق من مكة، فكان حجر المنجنيق يصيب ثوب ابن الزبير وهو ساجد فلا يرفع رأسه، فلما طال الحصار على أصحابه .. انصرفوا عنه، وأرسل إليه الحجاج: أن سلم نفسك لعبد الملك بن مروان يرى فيك رأيه ولك الأمان، فاستشار والدته في ذلك، فقالت: يا ولدي؛ إن كنت قاتلت لغير الله .. فقد هلكت، وإن كنت قاتلت لله .. فلا تسلم نفسك لبني أمية يلعبون بك، ولئن قتلت .. إنك لكريم، فقال:
إنه لم يبق معي معين على القتال، فقالت: فلعمري؛ إنك معذور، ولكن شأن الكرام أن يموتوا على ما عاشوا عليه، فخرج من عندها، وحمل على جيش الحجاج بأعلى مكة وهو يقول: لو كان قرني واحد .. لكفيته، فلم يزل يقاتل ويقتل فيهم حتى أصابته في رأسه رمية داخ منها فوقع، فصاحت مولاة لآل الزبير: وا أميراه، فعرفوه ولم يكونوا عرفوه قبل ذلك لما عليه من لباس الحرب، فقصدوه من كل مكان وقتلوه-قتلهم الله-في سابع جمادى الأولى من سنة ثلاث وسبعين.
قلت: وفي «الرياض المستطابة» للعامري: (وعمره ثلاث وسبعون سنة، وكان مدة الحصر سنة أشهر وسبع عشرة ليلة) اهـ (2) والله أعلم.
(1) أخرج البخاري (1591)، ومسلم (2909) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة» .
(2)
«الرياض المستطابة» (ص 202).