الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باغض ذو ابتداع، أو جاهل ليس له بفضائلهم سماع) (1).
ولما التقى الصفان وقبيل أن يلتحم القتال .. سعى بين الفريقين بالصلح طلحة حتى كاد الأمر أن ينتظم والشمل أن يلتئم، فبادر أهل النفاق خشية اجتماع الكلمة والاتفاق برمي أسهمهم خفية إلى طلحة فقتلته، وأوهم أن السهم جاء من أصحاب علي رضي الله عنه، والتحم الحرب وتفاقم الأمر، ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ولما فرغ علي من الجمل وسير عائشة إلى المدينة .. استخلف عبد الله بن عباس على البصرة وسار إلى الكوفة (2).
وفيها: أظهر معاوية الخلاف، وصالح الروم على مال حمله إليهم لشغله بحرب علي رضي الله عنهما (3).
وفيها: توفي أمير مصر عبد الله ابن أبي سرح، وحذيفة بن اليمان، وسلمان الفارسي، رضي الله عنهم.
***
السنة السابعة والثلاثون
فيها: وقعة صفّين سار علي رضي الله عنه بأهل العراق في مائة ألف، وقيل: سبعين ألفا، وقيل: خمسين ألفا، وسار معاوية رضي الله عنه بأهل الشام في سبعين ألفا.
وذكر الزبير بن بكار أن جيش معاوية مائة وخمسة وثلاثون ألفا، وجيش علي مائة وعشرون أو ثلاثون ألفا، فالتقوا بصفين في شهر ربيع الأول-كما في «تاريخ الإمام أحمد ابن حنبل» -أو في شهر صفر، ولذلك تشاءمت به الناس، ودامت الحرب بينهم أياما وليالي قتل من الفريقين سبعون ألفا، من أصحاب علي رضي الله عنه خمسة وعشرون ألفا، منهم:
عمار بن ياسر، وخزيمة بن ثابت الأنصاري، وأبو ليلى الأنصاري والد عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وأبو شداد قيس بن المكشوح المرادي، وجندب بن زهير الغامدي، وقيل: وجد في قتلى علي أويس بن عامر القرني، وعبيد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله عنهم.
(1)«مرآة الجنان» (1/ 99).
(2)
«تاريخ الطبري» (4/ 427)، و «المنتظم» (3/ 315)، و «الكامل في التاريخ» (2/ 554)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 483)، و «مرآة الجنان» (1/ 95)، و «البداية والنهاية» (7/ 246)، و «شذرات الذهب» (1/ 205).
(3)
قال اليعقوبي في «تاريخه» (2/ 217): (وكان معاوية أول من صالح الروم، وكان صلحه إياهم في أول سنة اثنتين وأربعين).
وقتل من أصحاب معاوية رضي الله عنه خمسة وأربعون ألفا، منهم: حابس الطائي قاضي حمص، وذو الكلاع الحميري، وكريب بن الصباح الحميري.
وكان الصحابة رضي الله عنهم في ذلك الوقت على ثلاثة أقسام:
منهم من اتضح له أن الحق مع علي فتبعه.
ومنهم من رأى الحق مع معاوية في طلبه بدم عثمان فتبعه.
ومنهم من لم يتضح له الحق في أي جانب، فتوقف منهم: سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأسامة بن زيد، ومحمد بن مسلمة في آخرين رضي الله عنهم.
ولما قتل عمار بن ياسر في أصحاب علي .. رجع جماعة من أصحاب المتوقفين وممن كان مع معاوية رضي الله عنه إلى علي رضي الله عنه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعمار:
فلما ظهر أصحاب علي على أهل الشام وكادوا يهزمونهم .. عدل أهل الشام عن المقاتلة إلى المماحلة بإشارة عمرو بن العاصي، فرفعوا المصاحف وطلبوا الحكم بما في كتاب الله عز وجل، فكف أهل العراق أيديهم عن القتال، فحثهم علي رضي الله عنه على القتال وقال: إنما هذه حيلة ومكر منهم لما رأوا أنهم مغلوبون، فقالوا: لا نقاتلهم وهم يدعون إلى الحكم بكتاب الله، فأجاب علي رضي الله عنه إلى ذلك مغلوبا، فحكّم معاوية عمرو بن العاصي، وحكّم علي رضي الله عنه أبا موسى الأشعري، فاجتمعا بدومة الجندل في شهر رمضان ومع كل واحد منهما جماعة من وجوه أصحابه، فخلا عمرو بأبي موسى وقال:
أرى أن نخلع عليا ومعاوية ونختار للمسلمين رجلا يجتمعون عليه، فوافقه أبو موسى على ذلك، فقال عمرو لأبي موسى: تكلم أنت قبل؛ فإنك أفضل وأكثر سابقة، فصعد أبو موسى المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا معشر المسلمين؛ اشهدوا أني خلعت عليا من الخلافة كما خلعت خاتمي هذا، وخلع خاتمه من إصبعه، ورمى به ثم نزل، وصعد عمرو وقد أخرج خاتمه وقال: اشهدوا أني أدخلت معاوية في الخلافة كما أدخلت خاتمي هذا في إصبعي، وأدخل خاتمه في إصبعه، ثم سار الشاميون وقد بنوا على هذا
(1) تقدم تخريجه في ترجمة (عمار بن ياسر رضي الله عنه (1/ 309).