الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو أحد الطلحات الموصوفين بالجود.
توفي سنة سبع وتسعين (1).
476 - [موسى بن نصير]
(2)
موسى بن نصير الأعرج الأمير أبو عبد الرحمن فاتح الأندلس.
قال ابن خلكان: (كان من التابعين رضي الله عنهم، وكان عاقلا كريما شجاعا ورعا تقيا لله تعالى) اهـ (3)
وكان والده نصير على حرس معاوية، ومنزلته عنده مكينة.
وكان عبد الله بن مروان أخو عبد الملك بن مروان واليا على مصر وإفريقية، فبعث إليه ابن أخيه الوليد بن عبد الملك أيام خلافته يقول له: أرسل مع ابن نصير عسكرا إلى إفريقية، وذلك في سنة تسع وثمانين، فلما قدمها ومعه جماعة من الجند .. بلغه أن بأطراف البلاد جماعة خارجين عن الطاعة، فقتل من البربر خلقا كثيرا، وسبى سبيا عظيما حتى انتهى إلى السوس الأدنى لا يدافعه أحد، وبذل بقية البربر الطاعة، وطلبوا الأمان، وولى عليهم واليا، واستعمل على طنجة وأعمالها مولاه طارق بن زياد البربري، ومهد البلاد، ولم يكن له منازع من البربر ولا من الروم، وترك خلقا كثيرا يعلمون القرآن وفرائض الإسلام، وسبى سبيا عظيما.
قال الليث: فبلغ الخمس ستين ألف رأس، قال اليافعي: (كذا في الأصل، ولعله:
ستون ألف دينار أو درهم على حسب ارتفاع القيم وانخفاضها) (4).
(1) قوله: (وهو أحد الطلحات
…
) إلى آخر الترجمة إنما هو عن طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري المتوفى في تلك السنة كما سيأتي في الحوادث (1/ 528)، انظر عنه «طبقات ابن سعد» (7/ 159)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 394)، ولم تذكر مصادر صاحب الترجمة تاريخ وفاته، والله أعلم.
(2)
«جذوة المقتبس» (ص 338)، و «بغية الملتمس» (ص 457)، و «وفيات الأعيان» (5/ 318)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 496)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 485)، و «مرآة الجنان» (1/ 200)، و «البداية والنهاية» (9/ 203)، و «النجوم الزاهرة» (1/ 235)، و «شذرات الذهب» (1/ 390).
(3)
«وفيات الأعيان» (5/ 318).
(4)
«مرآة الجنان» (1/ 201)، وإنما قال الإمام اليافعي ذلك؛ لأن الأصل الذي نقل منه فيه: أن موسى بن نصير وجه ولده عبد الله فأتاه بمائة ألف رأس، وهذا مشكل مع قول الليث، فخرّجه بعدة تخريجات، وما ذكره عنه المصنف هنا هو أحدها، يتبين ذلك بالرجوع إلى «مرآة الجنان» ، فليعلم.
قال أبو شبيب الصدفي: لم يسمع في الإسلام بمثل سبايا موسى بن نصير.
وحصل في البلاد قحط شديد، فأمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح ذات البين، وخرج بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات، وفرق بينها وبين أولادها، فوقع الصراخ والبكاء والضجيج، وأقام على ذلك إلى منتصف النهار، ثم صلّى وخطب بالناس، ولم يذكر الوليد بن عبد الملك، فقيل له: ألا تدعو لأمير المؤمنين؟ قال: هذا مقام لا يدعى فيه لغير الله، فسقوا.
فلما تقررت له القواعد .. كتب إلى مولاه طارق وهو بطنجة وأمره بغزو بلاد الأندلس، فصعد طارق إلى جبل يعرف اليوم بجبل طارق؛ لأنه نسب إليه لما حصل عليه.
وذكر عن طارق: أنه كان نائما في المركب وقت التعدية، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم والأربعة الخلفاء رضي الله عنهم يمشون على الماء حتى مروا، وبشره النبي صلى الله عليه وسلم بالفتح، وأمره بالرفق على المسلمين، والوفاء بالعهد.
وكان صاحب طليطلة ومعظم بلاد الأندلس ملك يقال له: لذريق، ولما نزل طارق من الجبل بالجيش .. كتب نائب لذريق إليه كتابا وقال: إنه قد وقع قوم بأرضنا لا ندري من السماء هم أم من الأرض، فأقبل في سبعين ألف فارس، ومعه العجل يحمل الأموال والمتاع، وهو على سريره بين دابتين، عليه قبة مكللة بالدر والياقوت والزبرجد، فلما دنا من طارق وعسكره .. قال طارق لمن معه: أين المفر والبحر من ورائكم والعدو من أمامكم؟ ! فليس لكم والله إلا الصدق والصبر، وليس لكم وزير إلا سيوفكم، فلما التقوا ..
حمل طارق على سرير لذريق وقد رفع على رأسه رواق ديباج يظله، وهو في غاية من البنود والأعلام وبين يديه المقاتلة والسلاح، وحمل أصحاب طارق، فتفرقت المقاتلة من يدي لذريق، فخلص إليه طارق، فضربه بالسيف على رأسه فقتله على سريره، فلما رأى أصحابه مصرع ملكهم .. اقتحم الجيشان، فكان النصر للمسلمين، ولم يزل طارق يفتح البلاد وموسى بن نصير قد التحق به إلى أن بلغ ساحل البحر المحيط.
فلما بلغ موسى بن نصير موت الوليد بن عبد الملك وتولية أخيه سليمان .. قصد سليمان بن عبد الملك في سنة سبع وتسعين، فحج سليمان تلك السنة بالناس، وحج معه موسى بن نصير، وتوفي موسى بوادي القرى في السنة المذكورة.