الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسلم يوم الفتح، وأتى به ابنه أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه، فقال صلى الله عليه وسلم مراعاة لأبي بكر:«هلاّ تركت الشيخ في موضعه حتى آتيه» فقال أبو بكر: هو أحق أن يأتيك يا رسول الله، ورأى صلى الله عليه وسلم رأسه ولحيته أبيض كالثّغامة فقال:«غيّروا هذا بشيء واجتنبوا السواد» (1).
وعاش بعد أبي بكر وورثه، وهو أول من ورث خليفة في الإسلام (2)، إلا أنه رد نصيبه من الميراث-وهو السدس-على أولاد أبي بكر.
وتوفي بمكة سنة أربع عشرة وله سبع وتسعون سنة، رضي الله عنه.
198 - [سعد بن عبادة]
(3)
سعد بن عبادة بن دليم-بضم الدال المهملة وفتح اللام مصغرا-ابن حارثة بن أبي حزيمة -بفتح الحاء المهملة وكسر الزاي (4) -ابن ثعلبة بن طريف بن الخزرج، الأنصاري الخزرجي الساعدي المدني، يكنى: أبا ثابت، وقيل: أبا قيس.
كان نقيب بني ساعدة، وصاحب راية الأنصار في المشاهد كلها، وكان ذا رئاسة وسياسة وكرم، وكان يحمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم جفنة مملوءة ثريدا ولحما (5).
قالوا: ولم يكن في الأنصار أربعة مطعمون متوالدون إلا قيس بن سعد بن عبادة بن دليم وآباؤه هؤلاء، وله ولأهله في الجود والكرم أشياء كثيرة مشهورة، وكان شديد الغيرة.
(1) أخرجه ابن حبان (7208)، والحاكم (3/ 46)، وأحمد (6/ 349)، والطبراني في «الكبير» (24/ 89)، والبيهقي في «الدلائل» (5/ 95).
(2)
وهو أول مخضوب في الإسلام كما قال قتادة، انظر «الإصابة» (2/ 454).
(3)
«طبقات ابن سعد» (3/ 566)، و «طبقات خليفة» (ص 166)، و «المعارف» (ص 259)، و «الاستيعاب» (ص 280)، و «الأنساب» (2/ 360)، و «تاريخ دمشق» (20/ 240)، و «أسد الغابة» (2/ 356)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 212)، و «توضيح المشتبه» (3/ 222)، و «تهذيب الكمال» (10/ 277)، و «تاريخ الإسلام» (3/ 146)، و «سير أعلام النبلاء» (1/ 270)، و «مرآة الجنان» (1/ 71)، و «الإصابة» (2/ 27)، و «سبل الهدى والرشاد» (3/ 298).
(4)
اختلف فيه على عدة أقوال؛ فقيل: أبو حزيمة، كذا ضبطه-بفتح الحاء المهملة وكسر الزاي-ابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» ، والصالحي في «سبل الهدى والرشاد» ، وقيل: أبو خزيمة-بضم الخاء المعجمة وفتح الزاي-كما في قول أورده ابن عبد البر في «الاستيعاب» ، وقيل: حرام بن حزيمة، وقيل: حرام بن حزيمة، والله أعلم.
(5)
انظر «طبقات ابن سعد» (3/ 567).
شهد العقبة وبدرا، وقيل: لم يشهدها (1)، وشهد باقي المشاهد كلها.
وفيه وفي سعد بن معاذ سمع صالح الجن على أبي قبيس يقول: [من الطويل]
وإن يسلم السّعدان يصبح محمّد
…
بمكّة لا يخشى خلاف مخالف
فظنت قريش أنه يعني: سعد بن مناة من تميم، وسعد هذيم من قضاعة، فسمعوا قائلا يقول:[من الطويل]
أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا
…
ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدى وتمنّيا
…
على الله في الفردوس منية عارف
وإنّ ثواب الله للطالب الهدى
…
جنان من الفردوس ذات زخارف
ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم .. طمع سعد في الخلافة، وجلس في سقيفة بني ساعدة ليبايع لنفسه، فجاء إليه أبو بكر وعمر، فبايع الناس أبا بكر وعدلوا عن سعد، فلم يبايع سعد أبا بكر ولا عمر، ولم يشق العصا ولم ينزع يده من طاعة (2)، وسار إلى الشام فأقام به إلى أن توفي سنة خمس عشرة أو أربع عشرة، وقيل: ست عشرة، وأما من قال:
سنة إحدى عشرة .. فشاذ وغلط.
قال الحافظ ابن عساكر وغيره: (وهذا القبر المشهور في المنيحة (3) القرية المعروفة بغوطة دمشق يقال: إنه قبر سعد بن عبادة، فيحتمل أنه نقل من حوران) (4).
قالوا: ووجد ميتا على مغتسله وقد اخضرّ جسده، يقال: إن الجن قتلته، وسمعوا بالمدينة قائلا يقول-ولم يروه-:[من الهزج]
نحن قتلنا سيّد الخزر
…
ج سعد بن عباده
ورميناه بسهمين
…
فلم نخطئ فؤاده (5)
رضي الله عنه.
(1) وقال الحافظ في «الإصابة» : (وأثبت البخاري شهوده إياها)، انظر «التاريخ الكبير» (4/ 44) للبخاري.
(2)
انظر حديث السقيفة في حوادث السنة الحادية عشرة (1/ 273).
(3)
وتعرف اليوم باسم (المليحة)، تقع في شرقي دمشق، وتكاد تتصل بها.
(4)
«تاريخ دمشق» (2/ 420)، وأما وفاته بحوران .. فقد أخرجها ابن عساكر (20/ 267)، والحاكم (3/ 252)، وابن سعد (3/ 569).
(5)
الأبيات في «مستدرك الحاكم» (3/ 253)، و «طبقات ابن سعد» (3/ 570)، قال اليافعي في «مرآة الجنان» (1/ 71):(قوله: «نحن» من الخزم المعروف في علم العروض-بالخاء المعجمة-، وهو ما يزاد في أول البيت زائدا على وزنه، وأكثر ما يكون أربعة أحرف).