الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الإمام أحمد ابن حنبل وغيره: إن سعيد بن المسيب أفضل التابعين، ومرادهم: أفضلهم في علوم الشرع، وإلا .. ففي «صحيح مسلم»: أن خير التابعين رجل يقال له: أويس (1).
وله مراسيل كثيرة ثبتت يوجد أكثرها عن أبي هريرة، وكان زوج بنت أبي هريرة.
جمع رضي الله عنه بين الحديث والورع والعبادة، وكان إذا سئل عن شيء .. قال:
اللهم؛ سلمني، وحج أربعين حجة، ولم تفته تكبيرة الإحرام منذ خمسين سنة، بل كان ملازما الصف الأول، ويقال: إنه صلّى الصبح بوضوء العشاء خمسين سنة.
وخطب ابنته بعض ملوك بني أمية، فامتنع عليه من تزويجها، وزوجها بعض الفقراء المشتغلين بالعلم والعبادة، فذكر الفقير ذلك لأمه، فقالت: البعيد مجنون، سعيد بن المسيب يزوجك وبنته يخطبها الملوك؟ ! فلما كان بعد العشاء .. إذ بباب الفقير يدق، فقال: من هذا؟ قال: سعيد، قال: فو الله؛ لقد دار بخاطري كل سعيد بالمدينة إلا سعيد بن المسيب؛ لما أعلم من عدم خروجه من المسجد، ففتحت الباب؛ فإذا هو سعيد بن المسيب وقد لف بنته بثوبه وأتى بها، فقالت أم الفقير له: والله؛ ما تقربها حتى نصلح من شأنها، فدعت جيرانها فاجتمعن، وهيأن لها ما يصلح للعروس على حسب ما تيسر في ذلك الوقت، ثم أدخلتها عليه، وزارها أبوها بعد حول، وبرّهما بشيء من الدنيا رضي الله عنه.
توفي سنة أربع وتسعين، وقيل: ثلاث، ورجحه النووي في «تهذيبه» (2).
قلت: قال ابن حجر في «تقريبه» : (سعيد بن المسيب أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل.
وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما منه) اهـ ملخصا (3)، والله أعلم.
464 - [عروة بن الزبير]
(4)
عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي التابعي الجليل، أحد فقهاء المدينة السبعة.
(1)«صحيح مسلم» (2542).
(2)
انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 220).
(3)
«تقريب التهذيب» (ص 241).
(4)
«طبقات ابن سعد» (7/ 177)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 331)، و «وفيات الأعيان» (3/ 255)، -
سمع أباه وأخاه عبد الله وأمه أسماء وخالته عائشة، وأكثر الرواية عنها.
ولد عروة سنة اثنتين وعشرين، وقيل: سنة ست وعشرين، وهو شقيق عبد الله، وأما مصعب: فأخوهما من الأب، وسمع سعيد بن زيد وحكيم بن حزام، وغيرهم من الصحابة والتابعين، وروى عنه جمع من التابعين.
قال ابن شهاب: كان عروة بحرا لا تكدره الدلاء.
وكان ثقة كثير الحديث، فقيها عالما، مأمونا ثبتا، ومناقبه كثيرة مشهورة، وهو مجمع على جلالته، وعلو مرتبته، ووفور علمه، وأصابت الأكلة رجله، فقيل له: إن لم نقطعها .. سرت إلى غيرها، فقطعت رجله، ولم يشعر الوليد بن عبد الملك بقطعها وهو حاضر عنده لعدم تحركه وأنينه حتى كويت، فوجد الوليد رائحة الكي، ومات ولد له في تلك الحالة، فقال: الحمد لله، لئن قطعت عضوا .. لقد أبقيت أعضاء، ولئن أخذت ولدا .. فلقد أبقيت أولادا.
وكان عبد الملك يقول: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة .. فلينظر إلى عروة؛ وذلك لما يحكى: أنه اجتمع عروة وأخواه عبد الله ومصعب وعبد الملك بن مروان بالمسجد الحرام أيام تآلفهم بعهد معاوية، فقالوا: هلمّ فلنتمنه.
فقال عبد الله بن الزبير: منيتي أن أملك الحرمين وأنال الخلافة.
وقال مصعب: منيتي أن أملك العراقين وأجمع بين عقيلتي قريش: سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة.
وقال عبد الملك: منيتي أن أملك الأرض وأخلف معاوية.
وقال عروة: لست في شيء مما أنتم فيه، منيتي الزهد في الدنيا والفوز بالجنة في الأخرى، وأن أكون ممن يروى عنه العلم، فما ماتوا حتى بلغ كل واحد منهم إلى أمله.
توفي عروة سنة أربع وتسعين، وقال البخاري:(سنة تسع وتسعين)(1).
= و «تهذيب الكمال» (20/ 11)، و «سير أعلام النبلاء» (4/ 421)، و «تاريخ الإسلام» (6/ 424)، و «مرآة الجنان» (1/ 187)، و «البداية والنهاية» (9/ 124)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 92)، و «شذرات الذهب» (1/ 372).
(1)
«التاريخ الأوسط» (1/ 375).