الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ في الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَينِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ؛ بفاتِحَةِ الكِتَابِ، وَسُورَتَيْن؛ يُطَوِّلُ فِي الأُولَى، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ، يُسْمعُ الآيةَ أحياناً، وكان يقرأ في العَصْرِ بفاتِحَةِ الكِتابِ وسُورَتَيْنِ، يُطَوِّلُ في الأُوَلى، وَيُقَصِّرُ في الثانِيَةِ، وكَانَ يُطَوِّلُ فَي الأُولَى مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ؛ بِأُمِّ الكِتَابِ (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (725)، كتاب: صفة الصلاة، باب: القراءة في الظهر، واللفظ له، و (728)، باب: القراءة في العصر، و (743)، باب: يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب، و (745)، باب: إذا أسمع الإمام الآية، و (746)، باب: يطول في الركعة الأولى، ومسلم (451)، (154 - 155)، كتاب: الصلاة، باب: القراءة في الظهر والعصر، وأبو داود (798 - 800)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القراءة في الظهر، والنسائي (974)، كتاب: الافتتاح، باب: تطويل القيام في الركعة الأولى من صلاة الظهر، و (975)، باب إسماع الإمام الآية في الظهر، و (976)، باب: تقصير القيام في الركعة الثانية من الظهر، و (977)، باب: القراءة في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر، و (978)، باب: القراءة في الركعتين الأوليين من صلاة العصر، وابن ماجه (819)، كتاب: الصلاة، باب: القراءة في صلاة الفجر، و (829)، باب: الجهر بالآية أحيانا في صلاة الظهر والعصر. =
(عن أبي قتادة) الحارت بن ربعي (الأنصاري رضي الله عنه، قال: كان)، تقدم -غير مرة-: أنها تفيد الكثرة، أو المداومة (رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين) بتحتانيتين تثنية أولى (من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب) تقدم سبب تسميتها بذلك، وباقي أسمائها، ومن أسمائها -غير ما تقدم-: سورة الحمد، والحمد لله، وسورة الصلاة، وسورة الشفاء، والأساس، وسورة الشكر، وسورة الدعاء (1).
(و) كان صلى الله عليه وسلم يقرأ مع فاتحة الكتاب بـ (سورتين) تتنية سورة" وهي من القرآن معروفة، سميت بذلك؛ لأنها مَنْزِلة بعد مَنْزِلة، مقطوعة عن الأخرى (2)، (يطول في الأولى) من الركعتين الأوليين، لطول السورة التي يقرؤها فيها، (ويقصر في) الركعة (الثانية).
قال في "الفتح" -كغيره-: كأن السبب في ذلك: أن النشاط [كان](3) في الأولى يكون أكثر؛ فناسب التخفيف في الثانية؛ حذراً من الملل (4).
وقد روى عبد الرزاق، عن معمر، عن يحيى، في آخر هذا الحديث:
= * مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (1/ 201)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 367)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 71)، و"شرح مسلم" للنووي (4/ 171)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 15)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (1/ 510)، و"فتح الباري" لابن رجب (4/ 414)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 244)، و"عمدة القاري" للعيني (6/ 21)، و"سبل السلام" للصنعاني (1/ 174)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (2/ 248).
(1)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (8/ 156).
(2)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 527)، (مادة: سور).
(3)
كذا في الأصل: "كان"، ولا موضع لها في سياق الكلام.
(4)
حكاه الحافظ ابن حجر في: "فتح الباري"(2/ 244)، عن الإمام ابن دقيق العيد في "شرح" عمدة الأحكام" (2/ 139).
فظننا أنه يريد بذلك: أن يدرك الناس الركعة الأولى (1). ولأبي داود، وابن خزيمة، نحوه؛ من رواية أبي خالد، عن سفيان، عن معمر (2).
وروى عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: إني لأحب أن يطول الإمام الركعة الأولى، على الثانية (3).
واستدل بظاهر الحديث: على أن قراءة سورة أفضل من قراءة قدرها من طويلة (4)، زاد البغوي: ولو قصرت السورة عن المقروء، وكأنه مأخوذ من قوله: كان يفعل " لدلالته على الدوام، أو الغالب (5).
وفي "الفروع": تستحب سورة؛ نص على ذلك -يعني: الإمام أحمد-، قال القاضي وغيره: تجوز آية، إلا أن الإمام أحمد استحب كونَها طويلة؛ فإنه قال: تجزىء مع {الحمد} آية؛ مثل: آية الدين، وآية الكرسي (6).
(يسمع الآية) -بضم المثناة تحت-، وفي رواية: ويسمعنا (7)، وفي حديث البراء: كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم الظهر، فنسمع منه الآية بعد الآية؛ من سورة لقمان، والذاريات. رواه النسائي (8)، ورواه ابن خزيمة، من
(1) رواه عبد الرازق في "المصنف"(2675).
(2)
رواه أبو داود برقم (855)، كما تقدم تخريجه عنه، من طريق عبذ الرازق، به. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه"(1580)، من طريق أبي خالد، به.
(3)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(3710)، بلفظ: إني لأحب أن يطول الإمام الأولى من كل صلاة، حتى يكثر الناس.
(4)
قاله النووي في "شرح مسلم"(4/ 174).
(5)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 244).
(6)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 368).
(7)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (728، 743 ، 745)، وعند مسلم برقم (451).
(8)
رواه النسائي (971)، كتاب: الافتتاح، باب: القراءة في الظهر، وابن ماجه =
حديث أنس بمعناه، ولكن من:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، والغاشية (1).
(أحياناً) يدل على: تكرر ذلك منه.
وقال ابن دقيق العيد: فيه دليل على: جواز الاكتفاء بظاهر الحال في الأخبار، دون التوقف على اليقين، لأن الطريق إلى العلم بقراءة السورة، كأنه مأخوذ من سماع بعضها، مع قيام القرينة على قراءة باقيها، واحتمالُ كونِ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخبرهم عقب الصلاة دائماً أو غالباً بقراءة السورتين بعيد جداً (2).
(وكان) رسول الله صلى الله عليه وسلم، (يقرأ في) صلاة (العصر بفاتحة الكتاب، وسورتين).
ذكر في "الفروع": ذكر جماعة: أن المستحب أن تكون القراءة في الظهر أزيدَ من العصر، ونقل حرب -يعني: عن الإمام أحمد رضي الله عنه: في العصر يعني: المستحب-: أن تكون القراءة في العصر- نصف الظهر؛ لخبر أبي سعيد (3)، وإن عكس، فقيل: يكره، وقيل: لا (4).
= (830)، كتاب: الصلاة، باب: الجهر بالآية أحياناً في صلاة الظهر والعصر. (1) رواه ابن خزيمة في "صحيحه"(512).
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 16).
(3)
رواه مسلم (452/ 156)، كتاب: الصلاة، باب: القراءة في الظهر والعصر، بلفظ: كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر قراءة {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظهر، وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك.
(4)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 368).
وكان صلى الله عليه وسلم (يطول) القراءة (في) الركعة (الأولى)؛ كما هو مندوب لما تقدم في الظهر، (ويقصر في الثانية).
ومن لم يستحب من العلماء تطويل الركعة الأولى على الثانية، قال: إنما طالت الأولى بدعاء الاستفتاح والتعوذ، وأما في القراءة، فهما سواء (1)، يدل له حديث أبي سعيد، عند مسلم: كان يقرأ في الظهر في الأوليين، في كل ركعة؛ قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين؛ خمس عشرة آية، قال: ونصف ذلك في العصر، في الركعتين الأوليين، في كل ركعة؛ قدر قراءة خمس عشرة آية، وفي الأخريين؛ قدر نصف ذلك (2).
وفي رواية لابن ماجه: أن الذين حزروا ذلك من الصحابة، كانوا ثلاثين (3).
(وكان) صلى الله عليه وسلم (يطول في) قراءة (الأولى من صلاة الصبح، ويقصر في) قراءة الركعة (الثانية) دون الأولى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى المصرية": كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر بنحو ستين آية، إلى مئة آية (4)، يقرأ في الركعة الواحدة: بقاف (5)، أو الطور، أو {الم (1) تَنْزِيلُ} ، وفي
(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 244).
(2)
تقدم تخريجه قريباً. وانظر هذا اللفظ في: "صحيح مسلم" برقم (452/ 157).
(3)
رواه ابن ماجه (828)، كتاب: الصلاة، باب: القراءة في الظهر والعصر، بلفظ: اجتمع ثلاثون بدرياً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
، الحديث.
(4)
رواه البخاري (516)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت الظهر عند الزوال، ومسلم (461)، كتاب: الصلاة، باب: القراءة في الصبح، عن أبي برزة رضي الله عنه.
(5)
رواه مسلم (457)، كتاب: الصلاة، باب: القراءة في الصبح، عن قطبة بن =
الأخرى: بـ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} (1).
قال: وكانت قراءته في الظهر، بدون ذلك؛ يقرأ في الركعة الأولى: تارة بثلاثين آية؛ كتبارك الذي بيده الملك، أو دونها، وفي الثانية: بأقل من ذلك، ويقرأ في العصر: بأقل مما يقرأ في الظهر؛ إما النصف، أو غيره (2)، ودي العشاء الآخرة، بمثل:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (3)؛ ونحو ذلك من أوساط المفصل (4)، وأما المغرب: فكان يقرأ فيها أقصر من ذلك، وكان يطيلها أحياناً؛ حتى قرأ فيها مرة بالأعراف (5)، ومرة بالطور (6)، ومرة بالمرسلات (7)، انتهى (8).
= مالك رضي الله عنه.
(1)
رواه البخاري (851)، كتاب: الجمعة، باب: ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة، ومسلم (880)، كتاب: الجمعة، باب: ما يقرأ في يوم الجمعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
تقدم تخريجه من حديث أبي سعد الخدري رضي الله عنه عند مسلم.
(3)
سيأتي تخريجه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
(4)
سيأتي تخريجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
رواه البخاري (730)، كتاب: صفة الصلاة، باب: القراءة في المغرب، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، بلفظ: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بطولى الطوليين. زاد أبو داود (812): قال: -يعني: مروان بن الحكم-: قلت: ما طولى الطوليين؟ قال -يعني: زيد بن ثابت-: الأعراف، والأخرى الأنعام. قال: وسألت أنا ابن أبي مليكة، فقال لي من قبل نفسه: المائدة والأعراف.
(6)
سيأتي تخريجه من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه.
(7)
رواه البخاري (729)، كتاب: صفة الصلاة، باب: القراءة في المغرب، ومسلم (462)، كتاب: الصلاة، باب: القراءة في الصبح، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(8)
انظر: "الفتاوى الحصرية الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 507).
(و) كان صلى الله عليه وسلم، يقرأ (في الركعتين الأخريين: بأم الكتاب) -يعني: من غير زيادة-.
قال في "الفتح": سميت أم الكتاب؛ لأن أم الشيء: ابتداؤه، وأصله؛ ومنه سميت مكة: أم القرى؛ لأن الأرض دُحيت من تحتها، وسميت أم القرآن؛ لاشتمالها على المعاني التي في القرآن؛ من الثناء على الله، والتعبد بالأمر والنهي؛ كما تقدم (1).
تنبيه: قال في "تنقيح التحقيق": لا تسن قراءة السورة في الأخريين؛ خلافاً لأحد قولي الشافعي، واحتج لنا: بحديث أبي قتادة المذكور (2)، والله أعلم.
* * *
(1) وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (8/ 156).
(2)
انظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (1/ 385).