الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الأول
عَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "صَلَاةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبع وَعِشْرِينَ دَرَجَةً"(1).
* * *
(عن) أبي عبد الرحمن (عبدِ الله بنِ) أمير المؤمنين (عمرَ) بنِ الخطاب (- رضي الله عن هـ) ما -: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الجماعة أفضل من
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (619)، كتاب: الجماعة والإمامة، باب: فضل صلاة الجماعة، و (621)، باب: فضل صلاة الفجر في جماعة، ومسلم (650)، (1/ 450 - 451) كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: صلاة الجماعة، واللفظ له، والنسائي (837)، كتاب: الإما مة، باب: فضل الجماعة، والترمذي (215)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في فضل الجماعة، وابن ماجه (789)، كتاب: الصلاة، باب: فضل الصلاة في جماعة.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 135)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (2/ 15)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 617)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 274)، و"شرح مسلم" للنووي (5/ 151)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 157)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (1/ 340)، و"فتح الباري" لابن رجب (4/ 29)، و"طرح التثريب" للعراقي (2/ 296)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 131)، و"عمدة القاري" للعيني (5/ 165)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 18).
صلاة الفذ) -بالفاء والذال المعجمة-: المنفرد، يقال: فَذَّ الرجلُ من أصحابه: إذا بقي وحده (1).
وفي لفظ لمسلم: "صلاةُ الرجلِ في الجماعة تزيدُ على صلاته وحده"(بسبعٍ وعشرين درجةً).
قال الترمذي: عامة من رواه قالوا: "خمسًا وعشرين"، إلا ابن عمر؛ فإنه قال:"سبعًا وعشرين"(2).
قال في "الفتح": لم يختلف عنه في ذلك إلا ما وقع عن عبد الرزاق (3)، عن عبد الله العمري، عن نافع، فقال:"خمس وعشرون"(4)، والعمري: ضعيف (5).
وعلى كل حال ما في "الصحيحين" هو الصحيح.
ويأتي في الحديث الثاني، عن أبي هريرة:"خمس وعشرون".
وقد جمع العلماء بين الحديثين بوجوه:
منها: أن ذكرَ القليل لا ينفي الكثير، وهذا قول من لا يَعتبرُ مفهومَ العدد.
ومنها: احتمالُ أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بالخَمْس، ثم أعلمه الله بزيادة الفضل، فأخبر بالسبع.
(1) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (3/ 422)، و"لسان العرب" لابن منظور (3/ 502)، (مادة: فذذ).
(2)
تقدم تخريجه في حديث الباب برقم (650)، (1/ 451) عنده.
(3)
انظر: "سنن الترمذي"(1/ 420).
(4)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(2005).
(5)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 132).
وتُعقب: بجهل التاريخ، وبأن دخول النسخ في الفضائل مختلَفٌ فيه.
ومنها: احتمالُ اختلاف العددين باختلاف مميزهما، وعلى هذا فقيل: الدرجةُ أصغر من الجزء.
وتُعقب: بأن الذي رُوي عنه الجزء، روى الدرجةَ.
وقال بعضهم: الجزء في الدنيا، والدرجة في الآخرة، وهو مبني على التغاير.
ومنها: الفرق بقرب المسجد وبعده.
ومنها: الفرق في حال المصلي؛ كأن يكون أعلمَ أو أخشعَ.
ومنها: الفرق بإيقاعها في المسجد وغيره، أو المنتظر للصلاة وغيره، أو أدركها كلَّها أو بعضَها، أو بكثرة الجماعة وقِلَّتهم، أو أن السبعَ مختصة بالفجر والعشاء.
وقيل: الفجر والعصر، والخمس ما عدا ذلك، أو السبع مختصة بالجهرية والخمس بالسرية، واستوجهه في "الفتح"(1).
وقال صدر الوزراء عونُ الدين بنُ هبيرة -رحم الله روحه-: لما كانت صلاةُ الفَذِّ مفردةً، أشبهت العددَ المفرد، فلما جمعتْ مع غيرها، أشبهت ضربَ العدد، وكانت خمسًا، فضربت في خمس، فصارت خمسًا وعشرين، وهي غاية ما يرتفع إليه ضربُ الشيء في نفسه.
قال: فأما رواية: "سبع وعشرين"، فإن صلاة المنفرد وصلاة الإمام أدخلتا مع المضاعفة في الحساب، انتهى (2).
(1) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(2)
نقلًا عن "كشاف القناع" للبهوتي (1/ 455).
وقد أشار إلى مثل ذلك الكرماني (1).
وقد ذكر بعضهم الأسباب المقتضية للدرجات المذكورة، ولم ير ذلك ابن الجوزي، بل قال عن الذين عينوا ذلك: لم يأتوا بطائل (2).
وذكر الطبري (3): أن في حديث أبي هريرة الآتي إشارةً إلى بعض ذلك.
وحاصل ذلك: إجابة المؤذن بنية الصلاة في الجماعة، التبكير إليها في أول الوقت، المشي إليها بالسكينة، دخول المسجد داعيًا، صلاة التحية عند دخوله- كل ذلك بنية الصلاة في الجماعة-، انتظار صلاة الجماعة والتعاون على الطاعة، صلاة الملائكة واستغفارهم له، شهادتهم له، إجابة الإقامة، السلامة من الشيطان حين يفر عند الإقامة، الوقوف منتظرًا إحرامَ الإمامِ والدخولَ معه في أي هيئة وجده عليها، إدراك تكبيرة الإحرام كذلك، تسوية الصفوف وسد فُرَجها، جواب الإمام عند قوله: سمع الله لمن حمده، الأمن من السهو غالبًا، تذكير الإمام بالتسبيح والفتح عليه، حصول الخشوع والسلامة عما يُلهي غالبًا، تحسين الهيئة غالبًا، احتفاف الملائكة، التدربُ على تجويد القراءة وتعلم الأركان والأبعاض، إظهار شعائر الإسلام، إرغام الشيطان بالاجتماع على العبادة والتعاون على الطاعة ونشاط المتكاسل، السلامة من صفة النفاق، ومن إساءة ظن غيره به بأنه تارك الصلاة رأسًا، نية رد السلام على الإمام، الانتفاع باجتماعهم على الدعاء والذكر وعود بركة الكامل على الناقص، قيام نظام الألفة [بين
(1) كما نقل عنه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(2/ 133).
(2)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(3)
هو المحب الطبري، كما في "الفتح".
الجيران] (1) وحصولُ تعاهدهم في أوقات الصلوات، فهذه خمس وعشرون خصلة، ورد في كل واحد منها أمرٌ أو ترغيب، وثَمَّ أمران يختصان بالجهرية، وهما: الإنصات عند قراءة الإمام، والاستماع لها، والتأمينُ عند تأمينه؛ ليوافق تأمينَ الملائكة، ذكر ذلك في "الفتح"، قال: وبهذا يرجح أن السبع تختص بالجهرية، انتهى (2).
فإن قيل: التضعيفُ يقتضي اختصاص الخصال بالتجميع، والمشي للمساجد ودخولها، والتحيةُ لا اختصاص لها بذلك؟.
فالجواب: يمكن أن يعوض عنها مما ذكرنا مما يشتمل على خصلتين متقاربتين أقيمتا مقام خصلة واحدة؛ كاجتماعهم على الانتفاع بالدعاء والذكر، وعود بركة الكامل على الناقص، وكذا فائدةُ قيام الألفة غيرُ فائدة حصول التعاهد، وكذا فائدةُ أمن المأمومين من السهو غالبًا غيرُ فائدة تنبيه الإمام إذا سها، فهذه ثلاثة يمكن أن تكون عوضًا من الثلاثة المذكورة، فيحصل المطلوب، والله أعلم (3).
تتمة:
ورد في حديث صحيح: تضعيفُ الصلاة في الفلاة على صلاة الجماعة، ففي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلاةُ في جماعة تعدلُ خمسًا وعشرين صلاة، فإذا صلاها في فلاة، فأتمَّ ركوعَها وسجودَها، بلغت خمسين صلاة" رواه أبو داود، والحاكم، وقال: على شرطهما، وابن حبان بمعناه.
(1) في الأصل: "من الخسران"، والتصويب من "الفتح".
(2)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 133 - 134).
(3)
المرجع السابق (2/ 134).
قال عبد الواحد بن زياد: في هذا الحديث صلاة الرجل في فلاة تضاعف على صلاته في الجماعة (1).
* * *
(1) رواه أبو داود (560)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة، والحاكم في "المستدرك"(753)، وابن حبان في "صحيحه"(2055)، وهذا لفظ أبي داود.