الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث العاشر
عَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"لا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفعَ الشَّمْسُ، ولَا صَلَاةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ"(1).
يُقَالُ: شَرَقَتِ الشَّمْسُ: إِذَا طَلَعَتْ، وَأَشْرَقَتْ: إِذَا أَضَاءَتْ وَصَفَتْ.
وفي الباب: عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وعبدِ الله بنِ مسعودٍ، وعبدِ الله بنِ عمرَ بنِ الخطاب، وعبدِ الله بنِ عمرِو بنِ العاص، وأبي هريرةَ، وسَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ، وسَلَمَةَ بنِ الأكوعِ، وزيدِ بنِ ثابتٍ، ومُعاذِ بنِ عفراءَ، وكَعْبِ بنِ
(1) تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (561)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: لا يتحرَّى الصلاة قبل غروب الشمس، واللفظ له، و (1139)، كتاب: التطوع، باب: مسجد بيت المقدس، ومسلم (827)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، وأبو داود (2417)، كتاب: الصوم، باب: في صوم العيدين، والنسائي (566)، كتاب: المواقيت، باب: النهي عن الصلاة بعد العصر، وابن ماجه (1249)، كتاب: الصلاة، باب: النهي عن الصلاة بعد الفجر وبعد العصر.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"فتح الباري" لابن حجر (2/ 61)، و"عمدة القاري" للعيني (5/ 81)، و"سبل السلام" للصنعاني (1/ 111). وانظر: مصادر شرح الحديث السابق.
مُرَّةَ، وأبي أمامةَ الباهِلِيِّ، وعَمْرِو بنِ عَبَسَةَ السلميِّ، وعائشةَ - رضوان الله عليهم أجمعين -، والصُّنابِحِيِّ، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم.
* * *
(عن أبي سعيد) سعدِ بنِ مالكِ بن سنانَ بنِ ثعلبةَ بنِ عبيدِ بنِ الأبجرِ (الخدري) نسبة إلى خُدْرَة من الأنصار، وخُدرةُ هو: الأبجرُ بن عوفِ بنِ الحارث بنِ الخزرج الأنصاريُّ، اشتهر بكنيته.
كان من الحفاظِ المكثرين العلماءِ الفضلاءِ العقلاءِ.
أولُ مشاهده الخندقُ، وذلك أنه قال: عُرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد، وأنا ابن ثلاثَ عشرةَ، فجعل أبي يأخذُ بيدي، فيقول: يا رسول الله! إنه عبد الفطام، وإن كان مؤدنًا -بالدال المهملة مهموزًا-؛ أي: قصيرًا، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يُصَعِّد فيَّ بصرَه ويُصَوِّبه، ثم قال: رُدُّه، فردني، فخرجنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبلَ من أُحد، فنظر إليَّ، فقال:"سعد بن مالك! "، فقلت: نعم، بأبي وأمي، فدنوتُ فقبلت ركبتيه، فقال:"آجرَكَ الله في أبيكَ"، وكان قُتل يومئذ شهيدًا.
وغزا أبو سعيد مع النبي صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرةَ غزوةً.
روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين، منهم: ابنُ عمر، وجابرٌ، وزيدُ بن ثابت، وغيرُهم.
مات سنة أربع وسبعين، ودفن بالبقيع.
روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفُ حديث، ومئة وسبعون حديثًا، أُخرج له منها في "الصحيحين" مئةٌ وأحدَ عشرَ، المتفق عليه منها: ثلاثة وأربعون، وانفرد البخاري بستة عشر، ومسلم: باثنين وخمسين (1).
(1) وانظر ترجمته في: "التاريخ الكبير" للبخاري (4/ 44)، و"الثقات" لابن حبان =
فمن المتفق عليه: ما روى (رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: لا صلاة بعد الصبح)، يعني: من النوافل المطلقة؛ أي: تحرم ولا تصح، ويستمر المنعُ من طلوع الفجر (حتى ترتفع الشمس) ارتفاعًا يذهب عنه صفرة الشمس أو حمرتها، وهو مقدَّرٌ بقدر رُمْح، (ولا صلاة)، أي: يحرم النفل المطلَق، ولا يصحُّ (بعد) صلاة (العصر)، ويستمر المنع من فراغ صلاة العصر (حتى تغيب الشمس)، أي: يغيب حاجبها الفوقاني.
قال الحافظ المصنف رحمه الله، ورضي عنه -:(يقال: شرقت الشمس)، يعني: من الثلاثي: (إذا طلعت).
(و) يقال: (أشرقَتْ) من الرباعي: إذا (أضاءت) بنورها، (وصَفَتْ) من الصفرة والحمرة.
وتقدم أنه روي باللفظين معًا.
قال في "الفتح": حكى أبو الفتح اليعمريُّ عن جماعة من السلف: أنهم قالوا: إن النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، إنما هو إعلامٌ بأنهما لا يُتطوع بعدهما، ولم يقصد الوقت بالنهي كما قصد به وقت الطلوع ووقت الغروب (1).
= (3/ 150)، و"المستدرك" للحاكم (3/ 650)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (2/ 602)، و"تاريخ بغداد" للخطيب (1/ 180)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (20/ 373)، و"صفة الصفوة" لابن الجوزي (1/ 714)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (6/ 138)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (2/ 518)، و"تهذيب الكمال" للمزي (10/ 294)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 168)، و"تذكرة الحفاظ" له أيضاً (1/ 44)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (3/ 78)، و"تهذيب التهذيب" له أيضاً (3/ 416).
(1)
وانظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (1/ 113).
ويؤيد ذلك ما رواه أبو داود، والنسائي، بإسناد حسن، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُصَلُّوا بعدَ الصُّبح، ولا بعدَ العصر، إلا أن تكونَ الشمسُ نقيةً". وفي رواية: "مرتفعة"(1)، فدل على أن المرأد بالبعدية ليس على عمومه، وإنما المراد وقتُ الطلوع، ووقتُ الغروب، وما قاربهما، كذا قال (2).
قال الحافظ المصنف - رحمه الله تعالى، ورضي عنه -:(وفي) هذا (الباب) -وهو بابُ النهي عن صلاة التطوُّع في أوقات النهي- أحاديثُ صحيحة ثابتة عن حضرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم،رُويت عن عدة من الصحابة - رضي الله
عنهم (3).
منها: (عن علي) أميرِ المؤمنين (بنِ أبي طالب) رضي الله عنه، (و) عن أبي عبد الرحمن (عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه.
(و) روي أيضاً: عن (عبد الله) أبي عبد الرحمن (بن) أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب)، وتقدمت ترجمتهما.
(و) روي أيضاً في الباب: عن أبي عبد الرحمن، وقيل: أبي محمد (عبدِ الله) أحدِ المُكثرين، وتقدَّمت ترجمتُه (بنِ عمرِو بنِ العاص)، وهو
(1) رواه أبو داود (1274)، كتاب: الصلاة، باب: من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، والنسائي (573)، كتاب: المواقيت، باب: الرخصة في الصلاة بعد العصر.
(2)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 61 - 62).
(3)
قال الزركشي في "النكت"(ص: 68): هذا تابع فيه الترمذي يعني: في "سننه"(1/ 344) -، لكن المصنف قد توهم أن ذلك كله متفق عليه، وليس كذلك، وإنما اتفقا على حديث ابن عمر، وأبي هريرة، وانفرد مسلم بحديث عائشة، وابن عَبسَة، انتهى.
أبو عبد الله، ويقال: أبو محمد، عمرُو بنُ العاص بنِ وائل بنِ هاشمِ بنِ سعيدِ بنِ سعدِ بنِ سهمٍ القرشيُّ السهميُّ، أسلم بعدَ عمرة القضية هو وخالدُ بن الوليد، وعثمانُ بن طلحة في يوم واحد على الصحيح. وقيل: أسلم سنة خمس.
وولَّاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على عُمان، فلم يزل عليها حتى قُبض النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وعمل لعمرَ، وعثمانَ، ومعاويةَ.
وهو الذي افتتح مصرَ لعمرَ، ولم يزل عاملًا عليها إلى آخر وفاته، وأقرَّه عثمانُ عليها نحوًا من أربع سنين، وعزله، ثم أقطعه إياها معاويةُ لما استقرَّ الأمر إليه، فمات بها سنة ثلاثٍ وأربعين. وقيل: اثنتين وأربعين. وقيل: ثمان وأربعين. وقيل: إحدى وخمسين. والصحيح: الأول، وله يومئذ تسعون سنة.
وولي مصر بعده ابنُه عبدُ الله، ثم عزله معاويةُ.
وكان معدودًا من الدُّهاة.
رُوي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثون حديثًا؛ منها في "الصحيحين" ستة، المتفقُ عليه منها ثلاثة، وانفرد البخاري بطرف من حديث، رواه عنه ابنُه عبد الله، ومسلم بحديثين (1).
(و) في الباب أيضاً: عن حافظ الأمة (أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه، وتقدمت ترجمته.
(1) وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 493)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 265)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1184)، و"تهذيب الكمال" للمزي (22/ 78)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 54)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (4/ 650)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (8/ 49).
(و) فيه أيضاً: عن (سَمُرَةَ بنِ جندُب): هو أبو سعيد، ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو سليمان، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو عبد الرحمن، سمرةُ بن جندب بن هلال بن حَريِج -بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وبالجيم- بن مرة بن حَزْن -بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي وبالنون- بن عمر بن جابر الفزاري، حليف الأنصار.
نزل الكوفة، وولي البصرة، وعِدادُه في البصريين.
كان زياد يستخلفه على الكوفة ستة أشهر، وعلى البصرة ستة أشهر، فلما مات زياد، كان بالبصرة، فأقرَّه معاوية عليها عامًا، ثم عزله.
وكان رضي الله عنه شديدًا على الحرورية (1).
روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مئة وثلاثة وستون حديثًا، اتفق الشيخان منها على حديثين، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بأربعة.
ومات بالبصرة سنة تسع وخمسين، سقط في قدر مملوءة ماءً حارًا كان يتعالج بالصُّعود عليها من كُزَازٍ شديدٍ أصابه، فكان ذلك مصداقَ قوله صلى الله عليه وسلم له ولأبي هريرة وثالثٍ معهما:"آخِرُكُمْ مَوْتًا في النار"(2).
(1) تقدم ذكر الحرورية ومعناها في حديث عائشة رضي الله عنها: "أحرورية أنت؟ ".
(2)
رواه البخاري في "التاريخ الأوسط"(1/ 106)، والطبراني في "المعجم الأوسط " (6206). وانظر ترجمته في:"الطبقات الكبرى" لابن سعد (6/ 34)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (4/ 176)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (2/ 653)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (2/ 554)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 226)، و "تهذيب الكمال" للمزي (12/ 130)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 83)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (3/ 178)، و"تهذيب التهذيب" له أيضاً (4/ 207).
(و) في الباب أيضاً: عن أبي مسلم، ويقال: أبو عامر، ويقال: أبو إياس (سلمةَ بنِ الأكوع)، ويقال: سلمة بن عمرو بن الأكوع.
واسم الأكوع: سنانُ بنُ عبد الله بنِ قُشَير -بضم القاف وفتح الشين المعجمة وسكون الياء- ابن خزيمة بن مالك بن سلامان بن أسلم بن أَفْصَى - بالفاء والصاد المهملة- الأسلميُّ المدنيُّ.
كان ممن بايع تحت الشجرة مرتين أو ثلاثًا، وكان من أشد الناس وأشجعهم راجلًا.
ويقال: إنه الذي كلمه الذئب.
قال سلمة رضي الله عنه: رأيت الذئب قد أخذ ظَبْيًا، فطلبتُه حتى نزعتُه منه، فقال: ويحَك مالي ومالك، عمدتَ إلى رزقٍ رزقنيه الله، فنزعْتَه مني؟! قال: فقلت: أيا عباد الله! إن هذا لعجبٌ؛ ذئبٌ يتكلم، قال الذئب: أعجبُ من هذا: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم في أصول النخل يدعوكم إلى عبادة الله، وتأبَوْن إلا عبادةَ الأوثان! قال: فلحقتُ برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلمت (1).
سكن سلمة رضي الله عنه الرَّبذةَ، وتزوَّج هناك، وولد له، ولم يزل بها إلى قبل وفاته بليالٍ، فعاد إلى المدينة، وتوفي بها سنة أربع وأربعين، وهو ابن ثمانين سنة.
روى عنه: ابنه إياس، والحسنُ بنُ محمدِ بنِ الحنفية، وعبدُ الله وعبدُ الرحمن ابنا كعب بن مالك.
(1) ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب"(2/ 639).
روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة وسبعون حديثًا، اتفقا على ستة عشر، وانفرد البخاري بخمسة، ومسلم بتسعة (1).
(و) في الباب أيضاً: عن أبي سعيد، وقيل: أبي خارجة، وقيل: أبي عبد الرحمن (زيد بن ثابت) بنِ الضحاكِ بنِ زيدِ بنِ لَوْذان -بفتح اللام وسكون الواو وبالذال المعجمة فألف فنون- بن عمرو بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري، كاتبِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وكان له حين قدم النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ إحدى عشرة سنة، وكان له يوم بعاث ستُّ سنين.
وبُعاث: وقعة كانت بين الأوس والخزرج قبل الهجرة بنحو خمس سنين، وفي حرب بعاث قُتل أبوه، واستصغره النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ بدر، ثم شهد أحدًا وما بعدها من المشاهد. وقيل: إن أول مشاهده الخندق.
وكان رضي الله عنه أحدَ فقهاء الصحابة الجِلَّة، القائمَ بالفرائض، وهو أحدُ من جمع القرآن وكتبه في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ونقله من المصحف في خلافة عثمان.
روى عنه: عمر، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وابناه خارجةُ وسليمان.
(1) وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (4/ 305)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (4/ 69)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (2/ 639)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (22/ 83)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (2/ 517)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 220)، و"تهذيب الكمال" للمزي (11/ 301)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 326)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (3/ 151)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (4/ 133).
وكان أعلمَ الصحابة بالفرائض بشاهدِ قولهِ صلى الله عليه وسلم: "أَفْرَضُكُمْ زيدٌ"(1).
مات رضي الله عنه بالمدينة سنةَ خمس وأربعين، وله ستٌّ وخمسون سنة.
روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنان وسبعون حديثًا، اتفق الشيخان منها على خمسة، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بحديث (2).
(و) في الباب أيضاً: (معاذُ بنُ عَفْراء) -بفتح العين المهملة وسكون الفاء- اسم أمه، اشتهر بالنسبة إليها؛ كابن البيضاء، وابن سلول، وغيرهم.
وهذه عفراءُ بنتُ عبيدِ بنِ ثعلبة من بني النجار.
وأما أبوه: فهو الحارث بنُ رفاعة بنِ سواد بنِ مالكِ بنِ غنمِ بنِ مالكِ بنِ النجَّارِ الأنصاريُّ.
كان هو ورافعُ بنُ مالك أولَ من أسلم من الخزرج، شهد بدرًا هو
(1) رواه الترمذي (3790)، كتاب: المناقب، باب: مناقب معاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأُبيّ، وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم، وقال: حسن غريب، وابن ماجه (154) في المقدمة، والإمام أحمد في "المسند"(3/ 281)، وغيرهم عن أنس بن مالك رضي الله عنه في حديث، وفيه: "
…
وأفرضهم زيد بن ثابت
…
".
(2)
وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2/ 358)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (3/ 380)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 135)، و"المستدرك" للحاكم (3/ 475)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (2/ 537)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (19/ 295)، و"صفة الصفوة" لابن الجوزي (1/ 704)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (2/ 346)، و"تهذيب الكمال" للمزي (10/ 24)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (2/ 426)، و"تذكرة الحفاظ" له أيضاً (1/ 30)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (2/ 592)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (3/ 344).
وأخواه عوذٌ ومعوَّذ، ابنا عفراء، وقتل أخواه ببدر، وشهد المشاهد كلها في قول، وقيل: إنه جرح يوم بدر، فمات بالمدينة من جراحته، وقيل: بل عاش إلى زمن عثمان، وقيل: مات في خلافة علي رضي الله عنه. روى عنه: ابنُ عباس، وابنُ عمر، وغيرُهما (1).
(و) في الباب أيضاً: عن (كعب بن مرة) البَهْزي -بفتح الباء الموحدة وسكون الهاء وبالزاي- نسبة إلى بهز بن امرىء القيس بن بُهْثَة -بضم الموحدة وسكون الهاء فمثلثة- ابن سُلَيم -بضم السين المهملة وفتح اللام- بن عيلان بن مضر.
ويقال: اسمه مرة بن كعب، على القلب، والأول أكثر.
نزل البصرة، ثم سكن الأردن من الشام، ومات بها سنة تسع وخمسين (2).
(و) في الباب أيضاً: عن (أبي أمامة)، واسمه صُدَيّ -بضم الصاد
(1) وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3/ 491)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (7/ 360)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 370)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8/ 245)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1408)، و"صفوة الصفوة" لابن الجوزي (1/ 427)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (5/ 190)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (2/ 405)، و"تهذيب الكمال" للمزي (28/ 115)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (6/ 140)، و"تهذيب التهذيب" له أيضاً (10/ 140).
(2)
انظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 414)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (8/ 5)، و"الثقاث" لابن حبان (3/ 353)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1326)، و"تهذيب الكمال" للمزي (24/ 196)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (4/ 462)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (5/ 612)، و"تهذيب التهذيب" له أيضاً (8/ 395).
المهملة وتشديد الياء المثناة تحت بينهما دال مهملة مشددة-، وربما: قيل الصُّدَيّ -بزيادة الألف واللام-، وهو ابن عجلان (الباهليِّ) نسبة إلى باهل بنتِ سعدِ العشيرة من مَذْحِج -بفتح الميم وسكون الذال المعجمة وكسر الحاء المهملة وبالجيم-.
سكن مصر، ثم انتقل إلى حمص، ومات بها، وأكثر حديثه عند الشاميين.
مات سنة ست وثمانين، وقيل: سنة إحدى وثمانين، وله إحدى وتسعون سنة، وهو آخر من مات من الصحابة بالشام، وقيل: إن آخر من مات منهم بالشام عبد الله بن بُسر.
روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مئتا حديث، وخمسون حديثًا، روى له منها البخاري خمسة، ومسلم ثلاثة (1).
(و) في الباب أيضاً: عن (عمرو) هو أبو نجيح، ويقال: أبو شعيب (بن عَبَسَة) -بفتح العين المهملة وفتح الباء الموحدة على ما في "جامع الأصول" لابن الأثير (2)، وبالسين المهملة -بن عامر بن خالد بن غَاضِرة- بالغين
(1) انظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 411)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (4/ 326)، و"المستدرك" للحاكم (3/ 743)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (2/ 736)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (24/ 50)، و"صفة الصفوة" لابن الجوزي (1/ 733)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (3/ 15)، و"تهذيب الكمال" للمزي (13/ 158)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 359)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (2/ 468)، و"الإصابة في تمييز الصحابة"(3/ 420).
(2)
انظر: "جامع الأصول" لابن الأثير (14/ 558 - قسم التراجم). قال ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام"(ق 28 / ب): ومن ضَعَفة الفقهاء والطلبة من يزيد نونًا =
والضاد المعجمتين - بن عَتَّاب -بفتح العين المهملة وتشديد المثناة فوق فألف فموحدة- بن امرىء القيس بن بُهْثة -بضم الموحدة وسكون الهاء وبالثاء المثلثة- بن سُلَيم (السلمي).
أسلم قديمًا في أول الإسلام.
قيل: إنه رابع أربعة في الإسلام، ثم رجع إلى قومه من بني سليم، وكان قد قال له النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا سمعتَ أني قد خرجْتُ، فاتبعني"(1).
فلم يزل مقيمًا بقومه حتى انقضت خيبر، فقدم بعد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، فأقام بالمدينة، وعِدادُه في الشاميين.
روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية وأربعون حديثًا، روى له مسلم حديثًا واحدًا (2).
(و) في الباب أيضاً: عن أم المؤمنين (الصِّديقةِ) بنتِ الصِّديق- رضي الله عنهما، وتقدمت ترجمتها.
فهؤلاء الثلاثةَ عشرَ من الصحابة (- رضوان الله عليهم أجمعين-) لهم رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن الصلاة في أوقات النهي.
= بين العين والباء -يعني: عنبسة-، وهو خطأ كبير، وتصحيف شديد.
(1)
رواه مسلم (832)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: إسلام عمرو بن عبسة، بلفظ:"فإذا سمعت بي قد ظهرت، فأتني".
(2)
وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (4/ 214)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 269)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1192)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (46/ 249)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (4/ 239)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (2/ 347)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (2/ 456)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (4/ 658)، و"تهذيب التهذيب" له أيضاً (8/ 61).
(و) في الباب أيضاً: عن عبد الله (الصُّنَابحِيِّ) -بضم الصاد المهملة وتخفيف النون وكسر الباء الموحدة وبالحاء المَهملة آخره ياء النسبة- نسبة إلى صُنابحِ بنِ زاهرِ بنِ عامرٍ، بطنٍ من مراد، قبيلةٍ من اليمن.
قال الحافظ المصنف رحمه الله، ورضي عنه -:(ولم يسمع)؛ يعني: الصنابحيَّ (من النبي صلى الله عليه وسلم)، فعلى هذا يكون حديثه مرسلًا، وهو في ذلك متبع للبخاري، والترمذي.
قال الترمذي في حديث الوضوء: سألت البخاريَّ عنه، فقال:
أبو عبد الله الصنابحي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه مرسل، انتهى (1).
لكن جاء في "مسند الإمام أحمد" تصريحُه بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم (2).
ونقل البيهقي في "سننه الكبرى"، عن عباس الدوري: سمعتُ يحيى بنَ معين يجعلُهما اثنين (3)، وإلى هذا مال أبو الحسن القطان (4)، وغيره.
(1) انظر: "علل الترمذي"(ص: 21).
(2)
انظر: "مسند الإمام أحمد"(4/ 113)، حديث: "من أعتق رقبة، أعتق الله بكل عضو منها عضوًا منه في النار
…
".
(3)
انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (1/ 81). وانظر: "تاريخ يحيى بن معين -رواية الدوري"(3/ 38).
(4)
قال أبو الحسن القطان في كتابه: "بيان الوهم والإيهام"(1/ 615): والمتحصل من هذا: أنهما رجلان: أحدهما: أبو عبد الله عبد الرحمن بن عُسيلة الصنابحي، ليست له صحبة، يروي عن أبي بكر وعبادة، والآخر: عبد الله الصنابحي، يروي أيضاً عن أبي بكر وعن عبادة، والظاهر منه أن له صحبة، ولا أبتُّ ذلك، ولا أيضاً أجعله أبا عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة، فإن توهيم أربعة من الثقات في ذلك لا يصح، فاعلمه، والله الموفق.
قال البرماوي: قال شيخنا شيخ الإسلام أبو حفص سراجُ الدين عمرُ البلقينيُّ: الصواب أنهما اثنان، أحدهما: عبد الرحمن بن عسيلة تابعي، جاء ليلقى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقُبض النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق بالجحفة قبل أن يصل بخمسٍ أو ستٍّ، ثم نزل الشام، وهذا ليس هو المذكور في حديث:"لا صلاةَ بعدَ الصبح حتى ترتفعَ الشمس" كما توهَّمَه مَنْ توهَّمَه.
والثاني: الصنابحيُّ عبدُ الله صحابي، وهو المذكور في هذا الحديث.
فقول الحافظ: ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم تَبِعَ فيه البخاريَّ وابنَ المديني.
وفي "جامع الأصول" لابن الأثير: قال يحيى بن معين، يقال: عبد الله، وأبو عبد الله، وخالفه غيره، فقال: هذا عبد الله.
وأما عبدُ الله الصنابحيُّ: فاسمُه عبد الرحمن، وذكره -يعني: عبد الرحمن- في التابعين (1).
وقال ابن عبد البر: الصوابُ عندي أن الصنابحيَّ أبو عبد الله التابعيُّ، لا عبدُ الله الصحابي، والصنابحيُّ الصحابيُّ قد أخرج حديثه في "الموطأ"، والنسائي في "سننه"(2).
فظهر أن التحقيق في هذا أنَّ اسمه عبدُ الله، وأنه صحابي.
وأما الثاني: وهو عبد الرحمن، ويكنى أبا عبد الله، فهو تابعي جليل، روى عن: أبي بكر الصديق ومَنْ بعده؛ كعمر، وبلال، وعبادة بن الصامت، وكان عبادة يُثني عليه.
ومشى ابن دقيق العيد في "شرحه على العمدة" على أن الصنابحي الذي
(1) انظر: "جامع الأصول" لابن الأثير (14/ 463 - قسم التراجم).
(2)
انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (4/ 3)، و"الاستيعاب" له أيضاً (2/ 740).
ذكره الحافظ هو عبد الرحمن بن عُسَيْلة؛ أي: -بضم العين وفتح السين المهملتين وسكون المثناة تحت-، وأن كنيته: أبو عبد الله.
قال: وكان مسلمًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقصدَه، فلما انتهى إلى الجحفة، لقيه الخبرُ بموته صلى الله عليه وسلم، انتهى (1).
وقد علمت أن الصواب خلافه (2).
تنبيهات:
* الأول: قال الحافظ ابن حجر في "شرح البخاري": لم يقع لنا تسمية الرجال المرضيين الذين حدثوا ابنَ عباس بهذا الحديث.
قال: وبلغني أن بعض من تكلم على "العمدة" تجاسَرَ، وزعم أنهم المذكورون فيها عند قول مصنفها: وفي الباب: عن فلان، وفلان. قال: ولقد أخطأ هذا المتجاسِرُ خطأ بينًا، فلا حول ولا قوة إلا بالله، انتهى (3).
قلت: أراد بالمتجاسر: أبا عبد الله محمد شمس الدين بن عبد الدائم البرماوي حيث قال في منظومته "الزهر البسام في رجال عمدة الأحكام" ما نصه: [من الرجز]
وَفِي رِجَالٍ شَهِدُوا أَيْ بِخَبَرْ
…
عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَرْضَاهُمْ عُمَرْ
(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 154).
(2)
وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 509)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (5/ 321)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (5/ 262)، و"الثقات" لابن حبان (5/ 74)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (2/ 841)، و"تهذيب الكمال" للمزي (17/ 282)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 505)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (5/ 105)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (6/ 208).
(3)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 59).
يَحْتَمِلُ الأُلَى رَوَوْا ذَا الخَبَرا
…
لِمَنْ لَهُمْ في الأَصْلِ عُدَّ مُكْثِرَا
قال في "شرحه" لما ذكر حديث ابن عباس عن عمر: قد رواه جمع كثير، وقد ذكر المصنف منهم طائفةً، وهو معنى قولي: مكثراً؛ أي: أكثرَ من ذكر الرواة على خلاف عادته حيث قال: وفي الباب: عن علي بن أبي طالب إلخ .. ، فيحتمل أن يكون الرجال الذين رووا لابن عباس من هؤلاء الذين اتصلت روايتهم بالأئمة، ويحتمل أن يكون غيرهم.
قال: ولكن الظاهر الأول، ولعل هذا السبب في تعداد المصنف لهم على خلاف عادته في سائر الأحاديث، انتهى.
* الثاني: أوقاتُ النهي خمسةٌ:
الأول: من طلوع الفجر الثاني، وفاقًا لأبي حنيفة ومالك، إلى طلوع الشمس.
الثاني: من طلوعها إلى ارتفاعها قِيْدَ (1) رمح.
والثالث: من بعد صلاة العصر بالإجماع، حتى جَمْعًا (2)، إلى غروبها، لا اصفرارِها؛ خلافًا لمالك، والشافعي.
الرابع: من بدو غروبها حتى تتم.
الخامس: عند قيام الشمس في قبة الفلك إلى زوالها، وفيه وجه؛ وفاقًا لمالك (3).
(1) القِيد -بكسر القاف-: القَدْر. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (3/ 373)، (مادة: قيد).
(2)
أي: حتى في الجَمْع؛ أي: إذا جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر حصل النهيُ.
(3)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 511).
والمذهب: أنه وقت نهي؛ لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال:"ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلِّيَ فيهنَّ، وأن نقبر فيهنَّ موتانا: حين تطلعُ الشمسُ بازغة حتى ترتفع، وحين يقومُ قائمُ الظهيرة حتى تميلَ الشمس، وحين تَضَيَّفُ للغروب حتى تغربَ"، رواه مسلم (1).
وحديث عمرو بنِ عَبَسَةَ رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صَلِّ صلاةَ الصبح، ثم أَقْصِرْ عن الصلاة حينَ تطلُع الشمسُ حتى ترتفعَ، فإنها تطلُعُ حين تطلُع بين قرنَيْ شيطان، وحينئذ يسجدُ لها الكفار، ثم صَلِّ؛ فإن الصلاةَ مشهودةٌ محضورة". وفيه: "حتى يستقلَّ الظلُّ بالرمح، فإذا أقبلَ الفيءُ فَصَلِّ" رواه مسلم (2). وفي لفظ لأبي داود: "حتى يعدل الرمح ظلَّه"(3).
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عند ابن ماجه، والبيهقي، ولفظه:"حتى تستويَ الشمسُ على رأسك كالرمح، فإذا زالتْ، فَصَلِّ"(4).
وحديمث الصنابحيِّ في "الموطأ": "ثم إذا استوت، قارنَها، فإذا زالتْ، فارقَها"، وفي آخره: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات (5).
(1) رواه مسلم (831)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها.
(2)
رواه مسلم (832)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: إسلام عمرو بن عبسة رضي الله عنه.
(3)
رواه أبو داود (1277)، كتاب: الصلاة، باب: من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة.
(4)
رواه ابن ماجه (1253)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الساعات التي تكره فيها الصلاة، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 455).
(5)
رواه الإمام مالك في "الموطأ"(1/ 219)، ومن طريقه: الإمام الشافعي في =
وعن عمر رضي الله عنه: نهى عن الصلاة نصف النهار.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: كنا نُنهى عن ذلك.
وعن أبي سعيد المقبري، قال: أدركتُ الناسَ وهم يتقون ذلك (1).
وهذا مذهب الأئمة الثلاثة، والجمهور؛ خلافًا لمالك، مع أنه روى حديثَ الصنابحيِّ.
قال ابن عبد البر: فإما أنه لم يصحَّ عنده، وإما ردَّه؛ لقوله: ما أدركتُ أهلَ الفضل إلا وهم يجتهدون ويصلُّون نصف النهار، فكأنه رأى العملَ علي خلافه (2)، وفيه نظر (3).
* الثالث: استثنى بعضُ علمائنا كالشافعية يومَ الجمعة، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية. قال الإمام أحمد في الجمعة: إذن لا يعجبني، وظاهره الجواز، ولو لم يحضر الجامع، وقال الشافعي: إن حضره (4).
قال الحافظ ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق": يكره التنفُّل يوم الجمعة عند الزوال. وقال الشافعي: لا يكره.
لنا: عمومُ النهي في الأحاديث المتقدمة.
وللشافعي: حديث أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة، وقال:"إن جهنم تُسْجَرُ إلا يومَ الجمعة" رواه
= "مسنده"(ص: 166)، والنسائي (559)، كتاب: المواقيت، باب: الساعات التي نهي عن الصلاة فيها.
(1)
انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (4/ 28).
(2)
المرجع السابق، (4/ 17 - 18).
(3)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 63).
(4)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 511).
أبو داود، وهو مرسل، وأبو خليل من رجاله لم يسمع من أبي قتادة (1) وفيه ليثٌ: ضعيفٌ بِمرَّة.
وروى البيهقي، عن أبي هريرة مرفوعًا:"تحرم -يعني: الصلاة- إذا انتصف النهار كلَّ يوم إلا يومَ الجمعة"(2)، وفيه: إبراهيم بن محمد: هو ابن أبي يحيى الأسلمي، وقد كذبه الإمام مالك، ويحيى القطان، ويحيى بن معين، وغيرهم (3).
* الرابع: تحريمُ النوافل عندنا- كالحنفي والمالكي- منوطٌ بطلوع الفجر، إلا ركعتي الفجر.
وقال أكثر العلماء: التحريمُ منوط بفراغ صلاة الفجر، وهو مذهب الشافعي، واختاره من علمائنا أبو محمد رزق الله التميمي (4).
لنا: ما رواه الترمذي، عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا:"لا صلاةَ بعدَ الفجرِ إلا سجدَتَين"، قال الترمذي: غريب، لا نعرفه إلا من حديث قدامة (5).
(1) رواه أبو داود (1083)، كتاب: الصلاة، باب: الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال.
(2)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 464).
(3)
انظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (1/ 485 - 486).
(4)
هو الشيخ الواعظ المعمَّر عبد الوهاب بن عبد العزيز بن أبي الفرج التميمي البغدادي، شيخ العراق، وفقيه الحنابلة وإمامهم، قرأ القرآن والفقه والحديث والتفسير والفرائض والعربية، وعُمّر حتى قصد من كل جانب، توفي سنة (488 هـ). انظر:"ذيل طبقات الحنابلة" لابن رجب (1/ 77).
(5)
رواه الترمذي (419)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء: لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين.
قال ابن الجوزي (1): قدامةُ معروف، ذكره البخاري في "تاريخه"(2)، وأخرج عنه مسلم في "صحيحه"(3).
وأخرج الإمام أحمد، وأبو داود، عن يسار مولى عبد الله بن عمر، قال: رآني ابن عمر رضي الله عنهما وأنا أصلي بعدَما طلع الفجر، فقال: يا يسار! كم صليت؟ قلت: لا أدري، قال: لا دَرَيْتَ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علينا ونحنُ نصلي هذه الصلاةَ، فقال:"ألا ليبلِّغْ شاهدُكم غائبكُمْ، أَلا لا صلاةَ بعدَ الصبح إلا سجدتان"(4).
وروى ابن ماجه منه: "ليبلغ شاهدُكم غائبَكم"(5).
ورواه [الطبراني](6)، ولفظه: أن عبد الله بن عمر رأى مولًى له يقال له: يسار يصلِّي بعد طلوع الفجر، فقال: ما هذه الصلاة؟ قال: شيءٌ لا بقي عليَّ من حزبي، فقال ابن عمر: خرج علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الفجر، فقال:"إذا طلعَ الفجرُ، فلا صلاةَ إلا ركعتين، فليبلغِ الشاهدُ الغائبَ".
وفي الباب: أحاديث وطرق متعددة لا تخلو من نظر.
والمختار من جهة الدليل: أن النهي في الفجر كالنهي في العصر، لا يتعلق بالوقت، بل بفعل الصلاة.
(1) انظر: "التحقيق في أحاديث الخلاف" لابن الجوزي (1/ 446).
(2)
انظر: "التاريخ الكبير" للبخاري (7/ 179).
(3)
انظر: "صحيح مسلم"(2720)، (4/ 2087).
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 104)، وأبو داود (1278)، كتاب: الصلاة، باب: من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة.
(5)
رواه ابن ماجه (235)، في المقدمة.
(6)
في الأصل: الدارقطني، والصواب ما أثبت، كما عزاه إليه ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق"(1/ 487 - 488)، وقال محمد بن النبيل وشيخه لا يعرفان.
ودليله: ما خرجاه في "الصحيحين" -واللفظ لمسلم-، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاةَ بعدَ صلاةِ العصرِ حتى تغربَ الشمس، ولا صلاةَ بعدَ صلاة الفجرِ حتى تطلعَ الشمسُ"(1).
وفي البخاري: من حديث عمر رضي الله عنه: "لا صلاةَ بعدَ صلاةِ الصبحِ حتى تطلعَ الشمسُ"(2).
ورواه الإمام أحمد، وأبو داود، وقالا فيه:"بعدَ صلاةِ العصر، وبعدَ صلاةِ الصبح"(3).
وفي حديث عَمرو بن عَبَسَةَ: "صلِّ الصبحَ، ثم أَقصِرْ عنِ الصلاةِ حتى تطلعَ الشمسُ" رواه مسلم (4).
ولفظ الإمام أحمد، وأبي داود، وابن ماجه:"حَتَّى تصلِّيَ الفجرَ، ثم انْهَهْ حتى تطلعَ الشمس، ومادامتْ كالحجفةِ حتى تنتشرَ"(5).
(1) تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: شهد عندي رجال مرضيون
…
الحديث، وانظر لفظه في موضعه.
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 18). وتقدم تخريجه عند أبي داود برقم (1276) عنده.
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 111)، وابن ماجة (1251)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الساعات التي تكره فيها الصلاة، وتقدم تخريجه عند أبي داود. وقوله:"ثم انهه": أمرٌ من النهي، والهاء للسكت؛ أي: ثم انه نفسك عن الصلاة. وقوله: "كالحَجَفة" -بتقديم الحاء على الجيم-؛ أي: كالترس في إمكان النظر إليها؛ لقلة ضوئها وحرها.
* الخامس: يجوز قضاءُ الفوائت في أوقات النهي عند الثلاثة؛ خلافًا لأبي حنيفة؛ لظاهر النهي العام (1).
ولنا: ما في "الصحيحين" من حديث أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نسي صلاة، أو نام عنها، فكفارتها أن يصلِّيَها إذا ذكرها"(2).
ورواه مسلم، من حديث أبي هريرة (3).
ورواه الإمام أحمد، والترمذي، وصححه، من حديث أبي قتادة (4).
وفي مسلم، عن أبي قتادة رضي الله عنه، قال: ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومَهم عن الصلاة، قال:"إنه ليسَ في النوم تفريطٌ، إنما التفريطُ على من لم يُصَلِّ الصلاة حتى يجيءَ وقتُ الأخرى، فمن فعلَ ذلك، فليصلِّها حين ينتبهُ لها، فإذا كانَ الغدُ، فليصلِّها عند وقتِها"(5).
وقد وَهَّموا في هذه الزيادة رباح الذي روى عن أبي قتادة (6).
(1) إنظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (1/ 477).
(2)
رواه البخاري (572)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من نسي صلاة، فليصل إذا ذكرها، ولا يعيد إلا تلك الصلاة، ومسلم (684)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، واللفظ له.
(3)
رواه مسلم (680)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة، الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها.
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 298)، والترمذي (177)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في النوم عن الصلاة.
(5)
رواه مسلم (681)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها.
(6)
انظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (1/ 478).
* السادس: لا يجوز فعلُ النافلة في أوقات النهي؛ وإن كان لها سبب.
وعن الإمام أحمد جوازُ ذات السبب؛ كقول الشافعي (1).
دليل الأول: عمومُ الأحاديث المتقدمة، وحديثُ أبي هريرة عند الترمذي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يُصَلِّ ركعتي الفجرِ، فليصلِّهما بعدَما تطلعُ الشمس"، قال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث عَمرو بن العاصم (2)، وهو ثقة، أخرج عنه البخاري في "صحيحه"(3)، ورواه الحاكم، وقال: على شرطهما (4).
وأما حديث قيس بن عمرو بن سهل: خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأقيمت الصلاة، فصلَّيتُ معه الصبح، ثم انصرفَ، فوجدني أصلِّي، فقال:"مهلًا ياقيس، أصلاتانِ معًا؟ "، قلت: يا رسول! إني لم أكن ركعتُ ركعتي الفجر، قال:"فلا إذن"(5)، فإسناده ليس بمتصل، قاله الإمام أحمد، والترمذي (6).
واختار فعلَ ذاتِ السبب في أوقات النهي: أبو الخطاب في "الهداية"، وابنُ عقيل، وابن الجوزي في "المُذْهَب"، و"مسبوك الذهب"، والسَّامُرِّيُّ
(1) المرجع السابق (1/ 480).
(2)
رواه الترمذي (423)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في إعادتهما بعد طلوع الشمس.
(3)
انظر على سبيل المثال حديث: (550، 3277، 6437).
(4)
رواه الحاكم في "المستدرك"(1015).
(5)
رواه الترمذي (422)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر، يصليهما بعد صلاة الفجر.
(6)
انظر: "التحقيق في أحاديث الخلاف" لابن الجوزي (1/ 445).
في "المستوعب"(1)، وصاحب "الفائق"، و"مجمع البحرين"، وشيخ الإسلام ابن تيمية (2)، وغيرهم (3).
* السابع: المنع من التطوع في أوقات النهي متعلق بجميع البلدان، فمكة كغيرها، والمراد: غير ركعتي الطواف.
وأما حديث: "لا يصلينَّ أحدٌ بعدَ الصبحِ إلى طلوع الشمس، ولا بعدَ العصرِ حتى تغربَ الشمسُ، إلا بمكةَ" يقول ذلك ثلاثًا (4)، فهذا الحديث لا يصح.
قال الإمام أحمد: رواه عبد الله بن المؤمل المخزومي، عن حميد مولى عفراء، عن قيس بن سعد، عن مجاهد، قال: قدم أبو ذر، فأخذ بِعِضادَةِ بابِ الكعبة، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره (5).
قال الإمام أحمد: أحاديث ابن المؤمل مناكير (6).
وقال يحيى: هو ضعيف (7).
ورواه الشافعي، وغيره، عن ابن المؤمل، قال البيهقي: هذا الحديث يعد في أفراد عبد الله بن المؤمل، وهو ضعيف (8).
(1) انظر: "المستوعب" للسامري (2/ 288).
(2)
انظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (22/ 297).
(3)
انظر: "تصحيح الفروع" للمرداوي (2/ 414).
(4)
رواه الدارقطني في "سننه"(1/ 424)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 461).
(5)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 165).
(6)
رواه عبد الله بن الإمام أحمد في "العلل"(1/ 567)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(5/ 175).
(7)
رواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(5/ 175).
(8)
انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (2/ 461).
وأما حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"يا بني عبدِ مناف! لا تمنعوا أحدًا طافَ بهذا البيتِ وصَلَّى أيَّةَ ساعةٍ شاءَ من ليلٍ أو نهار" رواه الترمذي، وصححه، ورواه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وأبو حاتم البستي، وغيرهم (1).
فيدل على ركعتي الطواف، كما في بعض ألفاظه:"من طافَ، فَلْيُصَلِّ أَيَّ حين طافَ"(2)، والله تعالى أعلم.
* * *
(1) رواه الترمذي (868)، كتاب: الحج، باب: ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، والإمام أحمد في "المسند"(4/ 80)، وأبو داود (1894)، كتاب: المناسك، باب: الطواف بعد العصر، وابن ماجه (1254)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، وابن حبان في "صحيحه"(1553)، وغيرهم.
(2)
رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(3/ 389)، ومن طريقه: البيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 462)، عن أبي هريرة رضي الله عنه. ويعني الشارح بقوله:"في بعض ألفاظه" أي: ألفاظ حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق بلفظ: "لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس
…
الحديث" فلا يتوهم أنه يريد حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه السالف الذكر، وبالله التوفيق.