المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ٢

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادى عشر

- ‌باب فضل صلاة الجماعة ووجوبها

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب الأذان

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الصفوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الإمامة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌باب القراءة في الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب ترك الجهر ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌باب سجود السهو

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب المرور بين يدي المصلي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب جامع لأحكام متفرقة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌باب التشهد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله

‌الحديث الثالث

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إِذَا اشْتد الحَرُّ، فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ؛ فَإن شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّم"(1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (510)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الإبراد بالظهر في شدة الحر، من حديث عبد اللَّه بن عمر، وأبي هريرة رضي الله عنهم، واللفظ له. ورواه البخاري (512)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب الإبراد بالظهر في شدة الحر، ومسلم (615/ 180 - 183)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر، وأبو داود (402)، كتاب: الصلاة، باب: في وقت صلاة الظهر، والنسائي (500)، كتاب: المواقيت، باب: الإبراد بالظهر إذا اشتد الحر، والترمذي (157)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في تأخير الظهر في شدة الحر، وابن ماجه (677 - 678)، كتاب: الصلاة، باب: الإبراد بالظهر في شدة الحر، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" للخطابي (1/ 128)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (1/ 97)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (1/ 266)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 579)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 243)، و"شرح مسلم" للنووي (5/ 119)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 54)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (1/ 570)، و"فتح الباري" لابن رجب =

ص: 524

(عن) أبي عبد الرحمن (عبد اللَّه بن عمر) بن الخطاب، (و) عن، (أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر (رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: إذا اشتد)، أصله: اشتدد -بوزن افتعل- من الشدة، ثم أدغمت إحدى الدالين في الأخرى (1).

(الحر) ضد: البرد؛ كالحرور -بالضم-، والحرارة؛ كذا في "القاموس"(2).

وفي "المطالع": الحَرور -بفتح الحاء:- هو الحر الشديد استعاره بالنهار والليل، وأما السموم، فلا تكون إلا نهارًا مع الشمس؛ قاله أبو عبيدة. وقال الكسائي والأصمعي: الحر [ور]: هي السموم، انتهى (3).

(فأبردوا) -بقطع الهمزة، وكسر الراء-، أي: أخروا إلى أن يبرد الوقت، يقال: أبرد: إذا دخل في البرد، كأظهر: إذا دخل في الظهيرة؛ ومثله في المكان: أنجد: إذا دخل نجدًا، وأتهم: إذا دخل تهامة (4).

والأمر بالإبراد للندب، وقيل: للإرشاد، وقيل: للوجوب؛ حكاه عياض (5)، وغيره، وغفل [الكرماني] فنقل الإجماع على عدم الوجوب.

= (3/ 61)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 113)، و"طرح التثريب" للعراقي (2/ 150)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 15)، و"عمدة القاري" للعيني (5/ 19)، و"سبل السلام" للصنعاني (1/ 109)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (1/ 384).

(1)

انظر: "عمدة القاري" للعيني (5/ 20).

(2)

انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 478)، (مادة: حرر).

(3)

وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 187).

(4)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 16).

(5)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 579).

ص: 525

نعم، قال جمهور أهل العلم: يستحب تأخير الظهر في شدة الحر إلى أن يبرد الوقت، وينكسر الوهج.

وخصه بعضهم بالجماعة، فأما المنفرد: فالتعجيل في حقه أفضل، وهذا قول أكثر المالكية والشافعية، لكن خصه الشافعي بالبلد الحارة (1).

ومعتمد مذهبنا: يسن الإبراد؛ بأن تؤخر صلاة الظهر في شدة الحر حتى ينكسر، ولو صلى وحده.

قال في "الفروع": في صلاة الظهر: يستحب تعجيلها بأن يتأهب لها بدخول الوقت. وذكر الأزجي قولًا: [لا] يتطهر قبله إلا مع حر؛ وفاقًا لأبي حنيفة، ومالك. وقيل: لقاصد جماعة، قال جماعة: ليمشي في الفيء، وقيل: في بلد حار؛ وفاقًا للشافعي. وفي "الواضح": لا بمسجد سودق، انتهى (2).

وفي "الفتح"، عن مذهب الشافعية: لو كان الجماعة مجتمعين، أو كانوا يمشون في كِنّ؛ فالأفضل في حقهم التعجيل. والمشهور عن الإمام أحمد: التسوية من غير تخصيص ولا قيد، وهو قول إسحاق، والكوفيين، وابن المنذر.

فإن قلت: كيف هذا، مع حديث خباب عند مسلم: شكونا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا، وأكفنا، فلم يُشْكِنا (3)؛ أي: لم يزل

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 16).

(2)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 260).

(3)

رواه مسلم (619)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر. دون قوله: "في جباهنا وأكفنا". ورواه كذلك الطبراني في "المعجم الكبير"(3704)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 104).

ص: 526

شكوانا، مع الأحاديث الدالة على فضيلة أول الوقت، وبأن الصلاة حينئذ أكثر مشقة؛ فتكون أفضل؟

فالجواب عن حديث خباب: بأنه محمول على أنهم طلبوا تأخيرًا زائدًا عن وقت الإبراد؛ وهو زوال حر الرمضاء، وذلك قد يستلزم خروج الوقت؛ فلذلك لم يجبهم، أو هو منسوخ بأحاديث الإبراد؛ فإنها متأخرة عنه.

واستدل الطحاوي: بحديث المغيرة بن شعبة، قال: كنا نصلي مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الظهر بالهاجرة، ثم قال لنا:"أبردوا بالصلاة"، الحديث؛ وهو حديث رجاله ثقات، رواه الإمام أحمد، وابن ماجه، وصححه ابن حبان (1).

ونقل الخلال، عن الإمام أحمد: أنه قال: هذا آخر الأمرين من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (2).

وجمع بعضهم بين الحديثين: بأن الإبراد رخصة، والتعجيل أفضل؛ وهذا على رأي من قال: بأنه أمر إرشاد، وعكسه من جعل الأمر للندب.

وأما الجواب عن أحاديث فضيلة أول الوقت، فإنها عامة، أو مطلقة، والأمر بالإبراد خاص؛ فهو مقدم.

وأما زعم من زعم: أن التعجيل أكثر مشقة، فيكون أفضل؛ فلا التفات له؛ لأن الأفضلية لم تنحصر في الأشق، بل قد يكون الأخف أفضل؛ كما في قصر الصلاة في السفر.

(1) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 187). ورواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 250)، وابن ماجه (680)، كتاب: الصلاة، باب: الإبراد بالظهر في شدة الحر، وابن حبان في "صحيحه"(1505).

(2)

انظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 234).

ص: 527

وأما قول من قال: معنى "أبردوا": صلوا في أول الوقت؛ أخذًا من برد النهار، وهو أوله؛ فهو تأويل بعيد، ويرده قوله:"فإن شدة الحر من فيح جهنم"؛ فإن التعليل المذكور يدل على أن التأخير هو المطلوب، واللَّه أعلم (1).

(عن الصلاة)، "أل" في الصلاة: للعهد؛ أي: صلاة الظهر، وفي لفظ:"بالصلاة"(2)، وأما لفظة "عن"؛ فهي رواية الكشميهني، قيل: إنها زائدة، ومعنى أبردوا: أخروا؛ على سبيل التضمين، أو أنها بمعنى الباء، أو على أصلها؛ وهي للمجاوزة؛ أي: تجاوزوا وقتها المعتاد إلى أن تنكسر شدة الحر (3)، وجاء في حديث أبي سعيد الخدري التصريح بصلاة الظهر (4).

(فإن شدة الحر) تعليل لمشروعية التأخير المذكور، وهل الحكمة فيه دفع المشقة؛ لكونها قد تسلب الخشوع؟ وهذا أظهر، أو كونها الحالة التي ينشر فيها العذاب؟ ويؤيده حديث عمرو بن عنبسة (5)، عند مسلم، حيث قال له:"أقصر عن الصلاة عند استواء الشمس؛ فإنها ساعة تسجر فيها جهنم"(6).

واستشكل: بأن الصلاة مظنة وجود الرحمة، ففعلها مظنة لطرد العذاب، فكيف أمر صلى الله عليه وسلم بتركها؟! وأجيب: بأن التعليل إذا جاء من جهة

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 16 - 17).

(2)

تقدم تخريجه عند البخاري برقم (512)، ومسلم برقم (615).

(3)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 17).

(4)

رواه البخاري (513)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الإبراد بالظهر في شدة الحر.

(5)

في المخطوط: "عنبسة"، والتصويب من "صحيح مسلم".

(6)

تقدم تخريجه عند مسلم برقم (832).

ص: 528

الشرع، وجب قبوله، وإن لم يفهم معناه.

واستنبط له الزين بن المنير معنًى مناسبًا، فقال: وقت ظهور أثر الغضب، لا ينجع فيه الطلب، إلا ممن أذن له فيه، والصلاة لا تنفك عن كونها طلبًا، ودعاء، فناسب الإقصار عنها حينئذ، واستدل بحديث الشفاعة؛ حيث اعتذر الأنبياء كلهم للأمم: بأن اللَّه غضب غضبًا، لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، سوى نبينا صلى الله عليه وسلم؛ فلم يعتذر، بل طلب؛ لكونه أذن له في ذلك (1).

ويمكن أن يقال: سجر جهنم فيحها، وفيحها سبب وجود شدة الحر؛ وهو سبب المشقة التي هي مظنة سلب الخشوع؛ فناسب ألا يصلَّى فيها. لكن يرد عليه: أن سجرها موجود في جميع السنة، والإبراد يختص بشدة الحر.

ويمكن أن يقال: الحكمتان في ذلك متغايرتان؛ فحكمة الإبراد المشقة، وحكمة الترك وقت سجرها؛ لكونه وقت ظهور أثر الغضب (2).

(من فيح)؛ أي: من سعة انتشارها (جهنم)، وتنفسها؛ ومنه: مكان أفيح، أي: متسع (3)؛ وهذا كناية عن شدة استعارها.

وظاهره: أن مثار وهج الحر في الأرض من فيح جهنم حقيقة، وقيل:

(1) كما رواه البخاري (3162)، كتاب: الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} [نوح: 1]، ومسلم (194)، كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 17).

(3)

انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 300)، (مادة: فيح). وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (2/ 165).

ص: 529

هو من مجاز التشبيه؛ أي: كأنه نار جهنم في الحر. والأول أولى (1)، ويؤيده الحديث الذي فيه:"أن النار اشتكت إلى ربها، فأذن لها بنفسين: نفس في الصيف، ونفس في الشتاء" فشدة الحر من فيح جهنم، وشدة البرد من زمهريرها، وهو حديث صحيح في البخاري، ومسلم، وغيرهما (2).

* * *

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 17).

(2)

رواه البخاري (3087)، كتاب: بدء الخلق، باب: صفة النار وأنها مخلوقة، ومسلم (617)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 530