الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلَامَ، وَرَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بالنَّاس بمنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ، فَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ في الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (76)، كتاب: العلم، باب: متى يصح سماع الصغير، و (471)، كتاب: سترة المصلي، باب: سترة الإمام سترة من خلفه، و (823)، كتاب: صفة الصلاة، باب: وضوء الصبيان، و (1758)، كتاب: الإحصار وجزاء الصيد، باب: حج الصبيان، و (4150)، كتاب: المغازي، باب: حجة الوداع، ومسلم (504)، (254 - 257)، كتاب: الصلاة، باب: سترة المصلي، وأبو داود (715 - 716)، كتاب: الصلاة، باب: من قال: الحمار لا يقطع الصلاة، والنسائي (752، 754)، كتاب: القبلة، باب: ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة، والترمذي (337)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء لا يقطع الصلاة شيء، وابن ماجه (947)، كتاب: الصلاة، باب: ما يقطع الصلاة.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"الاستذكار" لابن عبد البر 21/ 282)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (2/ 132)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 417)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 103)، و"شرح مسلم" للنووي (4/ 221)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 42)، و"العدة في شرح =
(عن عبد اللَّه بن عباس رضي الله عنهما، قال: أقبلت راكبًا على حمار أتان) -بالتاء المثناة-: الحمارة، ولا تقل أتانة، وثلاث آتن؛ مثل عَناق، و [أ] عْنُق (1).
(وأنا يومئذ [قد] ناهزت)؛ أي: قاربت (الاحتلام)؛ وذلك أن عمره كان لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنة؛ كما رجحه الإمام أحمد، وقيل: ثلاث عشرة سنة، وقيل: عشرة (2).
(ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى)، وذلك في حجة الوداع. وشذ ابن عيينة فقال: بعرفة (3)، وشك معمر، فقال: في حجة الوداع، أو الفتح (4). والحق: أنه بمنى في حجة الوداع (5).
(إلى غير جدار) متعلق بـ: "يصلي"، ولا ينفي غير الجدار، إلا أن إخبار ابن عباس عن مروره بهم، وعدم إنكار هـ[ـم] لذلك مشعر بحدوث أمر لم يعهدوه، فلو فرض هناك سترة أخرى غير الجدار، لم يكن لهذا الإخبار فائدة؛ إذ مروره حينئذ لا ينكره أحد أصلًا (6).
= العمدة" لابن العطار (1/ 552)، و"فتح الباري" لابن رجب (2/ 607)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 109)، و"فتح الباري" لابن حجر (1/ 171، 572)، و"عمدة القاري" للعيني (2/ 68)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (3/ 16).
(1)
انظر: "مختار الصحاح"(ص: 2)، (مادة: أتن).
(2)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (11/ 90).
(3)
تقدم تخريجه عند مسلم برقم (504/ 256).
(4)
تقدم تخريجه عند مسلم برقم (504/ 257).
(5)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 572).
(6)
المرجع السابق، (1/ 571).
قال ابن عباس: (فمررت بين يدي بعض الصف)، وفي لفظ: حتى سرت بين يدي الصف الأول (1)، (فنزلت) عن الأتان، (فأرسلت الأتان ترتع)؛ أي: ترعى، يقال: رتع؛ كمنع: رتعًا، ورتوعًا، ورِتاعًا -بالكسر-: أكل وشرب ما شاء في خصب وسَعَة، أو هو الأكل والشرب رغدًا في الريف (2).
(ودخلت في الصف) أصلي معه، (فلم ينكر ذلك)؛ أي: مروري بالأتان بين يدي بعض الصف (عليَّ أحد)؛ لا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه.
قال ابن دقيق العيد: استدل ابن عباس بترك الإنكار، ولم يستدل بترك إعادتهم للصلاة؛ لأن ترك الإنكار أكثر فائدة (3).
وتوجيهه: أن ترك الإعادة يدل على صحتها فقط، لا على جواز المرور، وترك الإنكار يدل على جواز المرور وصحة الصلاة معًا.
ويستفاد منه: أن ترك الإنكار حجة على الجواز، بشرط انتفاء الموانع من الإنكار، وثبوت العلم بالاطلاع على الفعل.
واستدل بهذا الحديث على: أن مرور الحمار لا يقطع الصلاة؛ فيكون ناسخًا لحديث أبي ذر -الذي ذكرناه قريبًا- في كون مرور الحمار يقطع الصلاة، وكذا المرأة، والكلب الأسود؛ فإن مرور الحمار محقق في حال مرور ابن عباس وهو راكبه.
(1) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1758).
(2)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 930)، (مادة: رتع).
(3)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 43).
ورد ذلك؛ لكونه إنما مر بين يدي بعض الصف، وسترة الإمام سترة لمن خلفه (1).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية، في "الفتاوى المصرية": الصواب: أنه إذا مر الكلب الأسود، والمرأة، والحمار بين يدي المصلي دون سترة، أو قريبًا منه: أنه يقطع صلاته؛ فإنه قد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في "الصحيح"، ولم يعارضه شيء.
فإن ما سوى هذا الحديث -يعني: حديث أبي ذر- إنما فيه: أنه صلى الله عليه وسلم صلى إلى امرأة لم تمر أمامه، وأن الحمار مر بين يدي بعض الصف، وحكم اللبث خلاف المرور؛ باتفاق العلماء، وسترة الإمام سترة لمن خلفه، انتهى (2).
* * *
(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 572).
(2)
وانظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (21/ 15).