الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، وَلَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلَاةَ، وانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ، كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ، فسجد سجدتين قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (795)، كتاب: صفة الصلاة، باب: من لم ير التشهد الأول واجبًا، واللفظ له، و (796) باب: التشهد في الأولى، و (1166، 1167)، كتاب: السهو، باب: ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة، و (1173)، باب: من يكبر في سجدتي السهو، و (6293)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: إذا حنث ناسيًا في الأيمان، ومسلم (570)، (85 - 87)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: السهو في الصلاة والسجود له، وأبو داود (1034، 1035)، كتاب: الصلاة، باب: من قام من ثنتين ولم يتشهد، والنسائي (1177، 1178)، كتاب: التطبيق، باب: ترك التشهد الأول، و (1222، 1223)، كتاب: السهو، باب: ما يفعل من قام من اثنتين ناسيًا ولم يتشهد، و (1261)، باب: التكبير في سجدتي السهو، والترمذي (391)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في سجدتي السهو قبل التسليم، وابن ماجه (1206، 1207)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء فيمن قام من اثنتين ساهيًا.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (1/ 238)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (1/ 520)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (2/ 182)، =
(عن) أبي محمد (عبد اللَّه) بن مالك (بن بحينة) -بضم الباء الموحدة، وفتح الحاء المهملة، وسكون المثناة تحت، فنون، فهاء تأنيث- بنت الأرث؛ كما تقدم رضي الله عنه، وعن أبيه-.
قال الحافظ: (وكان) -يعني: عبد اللَّه بن بحينة- (من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم)؛ وكذا قال البخاري (1).
(أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر)؛ هكذا أفصح بأنها الظهر، وفي بعض الروايات: أنه قال: صلى لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات (2)، (فقام في الركعتين الأوليين) من صلاة الظهر.
(ولم يجلس)؛ أي: ترك التشهد مع قعوده المشروع له، المستلزم تركُه تركَ التشهد.
(فقام الناس معه) إلى الثالثة، زاد الضحاك بن عثمان، عن الأعرج عند ابن خزيمة: فسبحوا به، فمضى في صلاته (3).
واستنبط منه: أن من سها عن التشهد الأول حتى قام إلى الركعة، ثم
= و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 511)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 176)، و"شرح مسلم" للنووي (5/ 56)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 37)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (1/ 544)، و"فتح الباري" لابن رجب (5/ 166، 6/ 489)، و"فتح الباري" لابن حجر (3/ 92)، و"عمدة القاري" للعيني (6/ 107)، و"سبل السلام" للصنعاني (1/ 202)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (2/ 305).
(1)
في حديث (795) المتقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1166)، ومسلم برقم (570/ 85).
(3)
رواه ابن خزيمة في "صحيحه"(1030)، بلفظ: فسبح به، فمضى حتى فرغ من صلاته.
ذكر، لا يرجع؛ فقد سبحوا به عليه الصلاة والسلام، فلم يرجع؛ لتلبسه بالفرض، فلم يبطله للسنة (1).
وحاصل معتمد المذهب: أن من نهض تاركًا للتشهد الأول؛ إما أن يتذكر قبل أن يستتم قائمًا، أو بعد استتمامه قائمًا، وقبل الشروع في القراءة. أو لا يتذكر إلا بعد قيامه وشروعه في القراءة.
فإن تذكر قبل أن يستتم قائمًا: وجب عليه؛ ليرجع، فيأتي بالتشهد؛ لأنه واجب، ولم يتلبس في فرض مقصود؛ فوجب الرجوع إليه.
وإن استتم قائمًا، ولم يشرع في القراءة: جاز له الرجوع والمضي، لكن المضي أولى؛ لأنه قد تلبس بركن، وهو القيام، إلا أنه غير مقصود لذاته، بل لأجل القراءة، نعم يكره له الرجوع والحالة هذه.
وأما إن شرع في القراءة: امتنع عليه الرجوع؛ لأنه تلبس في ركن مقصود لذاته، وهو القراءة، فإن رجع عالمًا ذاكرًا: بطلت صلاته، وناسيًا أو جاهلًا: لم تبطل، ولم يعتد بما أتى به بعد رجوعه، وعليه سجود السهو في الكل (2).
(حتى)، وفي لفظ:"فلما"(3)، ([إذا] قضى) عليه الصلاة والسلام (الصلاة)؛ أي: فرغ منها، ما عدا تسليم التحليل؛ بدليل قوله:(وانتظر الناس)، وفي لفظ: ونظرنا (4)(تسليمه) عليه الصلاة والسلام.
(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (3/ 93).
(2)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 453).
(3)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1166 - 1167، 6293)، ومسلم برقم (570/ 85).
(4)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1166)، ومسلم برقم (570/ 85).
(كبر، وهو جالس)؛ أي: أتى بالتكبير في حال جلوسه، (فسجد سجدتين) للسهو؛ كسجدتي صلب الصلاة (قبل أن يسلم). وفي لفظ: كبر قبل التسليم، فسجد سجدتين، وهو جالس (1).
(ثم سلم)، وسلم الناس معه بعد ذلك.
قال الأزهري: وفعله قبل السلام هو آخر الأمرين من فعله عليه السلام؛ ولأنه لمصلحة الصلاة، فكان قبل السلام؛ كما لو نسي سجدة منها.
وفي الحديث من الفقه:
- أن سجود السهو سجدتان، وإن كثر السهو.
- وأنه يكبر لهما؛ كما يكبر في غيرهما من السجود.
- وأن المأموم يتابع إمامه، ويلحقه سهو إمامه؛ فإن سجد، لزمه متابعته، فإن تركها عمدًا، بطلت صلاته، وإن لم يسجد إمامه، فعليه هو؛ على النص (2).
تنبيهات:
* الأول: سجود السهو يشرع لزيادة أو نقص، لا لعمد؛ خلافًا للشافعي، ولشك في الجملة، لا إذا كثر حتى صار كوسواس؛ بنفل وفرض سوى صلاة جنازة، وسجود تلاوة، وشكر، وسهو (3).
وحاصل معتمد المذهب: وجوب سجود السهو؛ لما يبطل عمدُه
(1) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1166)، ومسلم برقم (570/ 85).
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 38).
(3)
انظر: "الإقناع" للحجاوي (1/ 209)
الصلاةَ، وللَّحْنِ يُحيل المعنى سهوًا أو جهلًا؛ إلا ما محلُّ أفضليته بعد السلام.
وحاصل المذهب: جواز سجود السهو قبل السلام وبعده؛ لكن إن سلم قبل إتمامها سهوًا -وفي "الإقناع": عن نقص ركعة، فصاعدًا-، فمحل أفضليته بعد السلام، وإلا، فقبله (1).
* الثاني:
قال [في]"تنقيح التحقيق": سجود السهو قبل السلام، إلا في موضعين:
أحدهما: إذا سلم من نقصان. قلت: وهذا معتمد.
الثاني: إذا شك الإمام، وقلنا: يتحرى، على رواية، قلت: وهذا مرجوح، بل عليه أن يبني على اليقين، وهو الأقل، ويسجد للسهو، والأولى كون سجوده قبل السلام.
وقال مالك: إن كان من نقصان، كان قبل السلام، وإن كان من زيادة، فبعده.
وقال أبو حنيفة، وداود: كله بعد السلام.
وقال الشافعي: كله قبل السلام (2).
ونصَّ الإمام أحمد: أنه يستعمل كل حديث فيما يرد فيه، وما لم يرد فيه شيء، يسجد فيه قبل السلام (3).
(1) المرجع السابق، (1/ 217).
(2)
انظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (1/ 466).
(3)
انظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 377)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 36)، و"فتح الباري" لابن حجر (3/ 94).
وحاصل المذهب: ما قدمنا من جواز الأمرين.
وعند الشافعي: أن سجود السهو، من حيث هو شرع: سنة. وأوجبه مالك لنقص.
وأوجبه أبو حنيفة: لجهر، وإخفات، وسورة، وقنوت، وتشهدين؛ كزيادة ركن، كركوع فأكثر؛ خلافًا لمالك. وأبطلها مالك بالزيادة بما فوق نصفها، والله أعلم (1).
* الثالث:
يجب سجود السهو لزيادة ركن فعلي من قيام، أو قعود، أو ركوع، أو سجود، أو شك، ونحو ذلك.
ويسن لإتيانه بقولٍ مشروعٍ في غير محله سهوًا، نعم تبطل بتعمد السلام، مع كونه ركنًا قوليًا، فلو تشهد في قيامه، أو قرأ نحو الفاتحة في محل تشهده، أو قرأ سورة فيما بعد الأوليين: سن له أن يسجد للسهو.
ويباح إن ترك مسنونًا سهوًا.
ويحرم سجود السهو بلا موجب له، أو ما ذكرنا؛ لأنه زيادة سجود في الصلاة، فتبطل بعمده، واللَّه تعالى الموفق (2).
* * *
(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 450).
(2)
انظر: "دليل الطالب لنيل المطالب" للشيخ مرعي بن يوسف (ص: 35 - 36).