المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث التاسع عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَن النَّبِيَّ صلى الله - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ٢

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادى عشر

- ‌باب فضل صلاة الجماعة ووجوبها

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب الأذان

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الصفوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الإمامة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌باب القراءة في الصلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب ترك الجهر ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌باب سجود السهو

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب المرور بين يدي المصلي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب جامع لأحكام متفرقة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌باب التشهد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث التاسع عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَن النَّبِيَّ صلى الله

‌الحديث التاسع

عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ أَكلَ البَصَلَ وَالثُّومَ والكُرَّاثَ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا؛ فَإِنَّ المَلائِكَةَ تَتأَذَّى مِمَّا يَتأَذَى مِنْهُ بنو آدم"(1).

* * *

(عن جابر) أيضًا رضي الله عنه، (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أكل البصل

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (816)، كتاب: صفة الصلاة، باب: ما جاء في الثوم النيء والبصل والكراث، ومسلم (564/ 74)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: نهي من أكل ثومًا أو بصلًا أو كراثًا أو نحوها، واللفظ له، والنسائي (707)، كتاب: المساجد، باب: من يمنع من المسجد، والترمذي (1806)، كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في كراهية أكل الثوم والبصل، وابن ماجه (3365)، كتاب: الأطعمة، باب: أكل الثوم والبصل والكراث.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"عارضة الأحوذي" لابن العربي (3/ 312)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 499)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 167)، و"شرح مسلم" للنووي (5/ 49)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 67)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (1/ 590)، و"فتح الباري" لابن رجب (5/ 281)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 117)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 340)، و"عمدة القاري" للعيني (6/ 145)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (2/ 161).

ص: 559

والثوم والكراث)؛ كرمان، وكتان: بقل شبيه بالبصل، إلا أنه طويل بمقدار ثلثي شبر غالبًا (1).

(فلا يقربن) -بفتح الراء الموحدة وتشديد النون- (مسجدنا)، وفي لفظ:"مساجدنا" بصيغة الجمع (2)، أراد به: المكان الذي أُعد ليصلي فيه صلى الله عليه وسلم مدة إقامته بخيبر؛ فإنه صلى الله عليه وسلم نهاهم عن ذلك بخيبر، ففي الحديث: أنهم لما فتحت خيبر، وقعوا في هذه البقلة، والناس جياع، الحديث (3).

وذكر في "الفتح"، في كتاب الأطعمة: أنه وقع له سبب هذا الحديث، فأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الأطعمة، من رواية أبي عمرو؛ وهو بشر بن حرب، عنه، قال: جاء قوم مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أكلوا الثوم والبصل، فكأنه تأذى بذلك، فقال، فذكره (4).

والمراد بالمسجد: الجنس، والإضافة إلى المسلمين؛ أي: فلا يقرب مسجد المسلمين، ويؤيده رواية الإمام أحمد، بلفظ:"فلا يقربن المساجد"(5)، ونحوه لمسلم (6)، وهذا يدفع قول من خص النهي بمسجد

(1) انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 223)، (مادة: كرث).

(2)

رواه مسلم (561/ 69)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: نهي من أكل ثومًا أو بصلًا أو كراثًا أو نحوها، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

(3)

رواه مسلم (565)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: نهي من أكل ثومًا أكل ثومًا أو بصلًا أو كراثًا أو نحوها، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

(4)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 575). وقد رواه الحافظ بإسناده إلى عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه "تغليق التعليق"(4/ 490).

(5)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 20)، من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ:"فلا يأتين المساجد".

(6)

تقدم تخريجه برقم (561/ 69) عنده.

ص: 560

النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في "البخاري"، من رواية الكشميهني، وأبي الوقت:"مساجدنا" بصيغة الجمع (1).

(فإن الملائكة) الكرام عليهم السلام؛ وهذا تعليل للنهي، وهو يشمل ما لو خلا المسجد عن آدمي؛ لأنها (تتأذى مما يتأذى منه) الآدميون، وفي لفظ:"مما يتأذى منه"(بنو آدم)(2)، وفي رواية:"الإنسان"(3) من الرائحة الكريهة، وغيرها.

قال في "الفروع": والمراد: حضور جماعة، ولو لم تكن بمسجد، ولو في غير صلاة، ولعله مراد قوله فى "الرعاية"، وهو ظاهر "الفصول": تكره صلاة من أكل ذا رائحة كريهة؛ لأجل رائحته، أراد دخول المسجد، أو لا (4).

وفي "الصحيحين"، عن أنس، مرفوعًا:"من أكل من هذه الشجرة، فلا يقربنا، ولا يصلي معنا"؛ يعني: الثوم (5).

وفي لفظ: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن أكل الثوم يوم خيبر (6)، وزاد مسلم، من رواية ابن نمير، عن عبيد اللَّه: حتى يذهب ريحها (7).

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 340).

(2)

كما هو لفظ الحديث عند مسلم.

(3)

رواه ابن ماجه (3365)، كتاب: الأطعمة، باب: أكل الثوم والبصل والكراث. وقد رواه مسلم (564/ 72)، بلفظ:"الإنس".

(4)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 34).

(5)

تقدم تخريجه.

(6)

رواه البخاري (3978)، كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر، عن ابن عمر رضي الله عنهما.

(7)

تقدم تخريجه.

ص: 561

وفي قوله: "شجرة" مجاز؛ لأن المعروف في اللغة: أن الشجرة ما كان لها ساق، وما لا ساق له يقال له: نجم؛ وبهذا فسر ابن عباس رضي الله عنهما قوله سبحانه: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} (1)[الرحمن: 6].

ومن أهل اللغة من قال: كل ما نبت له أرومة؛ أي: أصل في الأرض يخلف ما قطع منه فهو شجر، وإلا فنجم، ومنهم من قال: بين النجم والشجر عموم وخصوص؛ فكل نجم شجر، بلا عكس (2).

وفي "الصحيحين": أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس يوم الجمعة، وقال عن البصل والثوم: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا وجد ريحهما من الرجل، أمر به فأخرج إلى البقيع (3).

قال في "الفروع": وقد ترك صلى الله عليه وسلم المغيرة في المسجد، وقد أكل ثومًا، وقال:"إن لك عذرًا" حديث صحيح، رواه الإمام أحمد، وأبو داود (4)، واحتج به الشيخ الموفق على أنه لا يحرم، وظاهره: أنه لا يُخرج. وأطلق غير واحد أنه يُخرج منه مطلقًا؛ وهو معنى كلام المالكية، والشافعية، وغيرهم.

(1) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(27/ 117)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(10/ 3322)، والحاكم في "المستدرك"(3769)، وأبو الشيخ في "العظمة"(5/ 1733).

(2)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 340). وانظر: "لسان العرب" لابن منظور (12/ 568)، (مادة: نجم).

(3)

رواه مسلم (567)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: نهي من أكل ثومًا أو بصلًا أو كراثًا أو نحوها.

(4)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 249)، وأبو داود (3826)، كتاب: الأطعمة، باب: في أكل الثوم.

ص: 562

لكن إن حرم دخوله، وجب إخراجه، وإلا، استحب، وسأل أبو طالب الإمام أحمد رضي الله عنه: إذا شم الإمام ريح الثوم، ينهاهم؟ قال: نعم، يقول: لا تؤذوا أهل المسجد بريح الثوم (1).

تنبيه:

معتمد المذهب: كراهة حضور مسجد لمن أكل بصلًا أو ثومًا أو فجلًا ونحو ذلك، وتستمر الكراهة له حتى يذهب ريحه، والمراد بالكراهة: تنزيهًا.

قال في "الفروع"، عن بعض الأطباء: يقطع الرائحة الكريهة، من المأكول؛ مضخ السَّذاب، أو السُّعْد (2).

واستوجه العلامة الشيخ مرعي في "غايته": أنه من الأعذار في ترك الجمعة والجماعة (3).

قلت: وهو ظاهر صنيع صاحب "الفروع"، وغيره؛ حيث ذكروا ذلك في باب: العذر في تركهما (4).

وقد استدل بعضهم بأحاديث الباب على عدم وجوب [الجماعة](5)

(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 35).

(2)

المرجع السابق، الموضع نفسه. والسَّذاب -بتشديد السين، وفتح الذال-: نوع من النباتات الطبية، له رائحة قوية خاصة. انظر:"المعجم الوسيط"(مادة: السذاب). والسُّعد -بضم السين المشددة، وسكون العين-: طِيب معروف، فيه منفعة عجيبة في القروح التي عَسُر اندمالها. انظر:"القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 368)، (مادة: سعد).

(3)

انظر: "غاية المنتهى" لمرعي الحنبلي (1/ 705).

(4)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 33).

(5)

في الأصل: "الجمعة" بدل "الجماعة"، والصواب ما أثبت.

ص: 563

على الأعيان؛ لأن اللازم من منعه أحد الأمرين؛ إما أن يكون أكل هذه الأمور مباحًا، فتكون صلاة الجماعة ليست بفرض عين، أو حرامًا، فتكون الجماعة فرضًا.

وجمهور الأمة: على إباحة أكلها؛ فيلزم ألا تكون الجماعة فرض عين (1).

قلت: ولا يخفى على ذي بصيرة فساد ذلك؛ لأمور:

الأول: أنه قياس في مقابلة نص، ومقابلة القياس للنص فاسد، ودليل المقدمة الأولى ما ذكرنا في وجوب صلاة الجماعة، فليراجع.

الثاني: أنا نعلم من الشارع: أنه لم يُرِد بالنهي إلا لعدم الإيذاء، لا لترك الجماعة.

الثالث: أن غاية ما يقال فيه: أنه صاحب عذر، وقد سقطت الجماعة عمن اتصف بأقل منه من الأعذار، كالجوع والنعاس والوحل والريح وغيرها.

الرابع: إنما ينهض دليلهم -على فرض تسليمه-، أن لو قلنا: الجماعة شرط لصحة الصلاة، وأما إذا قلنا: إنها تجب، وليست شرطًا للصحة، لم ينهض.

على أن ابن حزم قال بوجوب الجماعة على الأعيان، وعدم حرمة أكل الثوم ونحوه (2)؛ وهو من قد علم تحقيقه وتدقيقه.

نعم، بعض الظاهرية نقل تحريمها، بناء على أن الجماعة فرض عين، ولا تصح الصلاة إلا بها.

(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 65).

(2)

انظر: "المحلى" لابن حزم (4/ 202).

ص: 564

وتقريره أن يقال: الجماعة فرض عين، ولا تتم إلا بترك أكلها، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب؛ فتكون حرامًا.

وانفصل ابن حزم عن اللزوم المذكور: بأن المنع من أكلها يختص بمن علم بخروج الوقت قبل زوال الرائحة، ونظيره: أن صلاة الجماعة فرض عين بشروطها، ومع ذلك تسقط بالسفر، وهو في أصله مباح، لكن يحرم على من أنشأه بعد سماع النداء (1).

وقال ابن دقيق العيد: قد يستدل بهذا الحديث على أنَّ كل هذه الأمور من الأعذار المرخصة في ترك حضور الجماعة، وقد يقال: إن هذا الكلام خرج مخرج الزجر عنها، فلا يقتضي ذلك أن يكون عذرًا في تركها، إلا أن يدعو إلى أكلها ضرورة.

قال: ويبعد هذا من وجه تقريبه إلى بعض أصحابه؛ فإن ذلك ينفي الزجر، انتهى (2).

قال في "الفتح": ويمكن حمله على حالتين، والفرق بينهما: أن الزجر في حق من أراد إتيان المسجد، والإذن في التقريب وقع في حالة لم يكن فيها ذلك، بل لم يكن المسجد النبوي إذ ذاك بني.

فقد ظهر مما تقدم: أن الزجر متأخر عن قصة التقرب، بست سنين (3)؛ يعني: من أكل أبي أيوب، ونحوه؛ لما فيه من ذلك، كما تقدمت الإشارة إليه.

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 343).

(2)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 66).

(3)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 343).

ص: 565

تتمة:

ألحق علماؤنا وغيرهم بما تقدم: كلَّ ذي رائحة كريهة؛ ولهذا لما سأل جعفر بن محمد أحد أصحاب الإمام أحمد، عن النفط يسرج به؟ قال الإمام أحمد رضي الله عنه: لم أسمع فيه بشيء، ولكن يتأذى بريحته، ذكره ابن البناء، في "أحكام المساجد"(1).

وفي "الإقناع": وكذا؛ أي: مثل من به رائحة نحو الثوم -في كراهة حضور المسجد- جزَّار له رائحة كريهة منتنة، ومن له صُنَان؛ وكذا من به برص، أو جذام، يتأذى الناس به، واللَّه أعلم (2).

* * *

(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (2/ 35).

(2)

انظر: "الإقناع" للحجاوي (1/ 270).

ص: 566