الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا. قال سعيد للضَّمري: ويحك، اذهب إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك، قال: بعيري والله أَهمُّ إِليّ من أَن يستغفر لي - وإِذا هو قد أَضلّ بعيرًا له يتبع العسكر يتوصل بهم ويطلب بعيره - وأَنه لفي عسكركم فأَدُّوا لي بعيري. فقال سعيد: تحوَّل عني لا حيَّاك الله إِلا لا أَرى قربى إِلا داهية، وما أَشعر به.
فانطلق الأَعرابي يطلب بعيره بعد أَن استبرأَ العسكر، فبينا هو في جبال سراوع إِذ زلقت نعله فتردّى فمات فما علم به حتى أكلته السباع (1).
عودة خالد إلى مكة:
وبعد أَن تأَكد لدى خالد بن الوليد أَن النبي صلى الله عليه وسلم قد التف حوله ذات اليمين وأَنه قد وصل بأَصحابه إِلى سهل الحديبية (عبْر ذلك الطريق الوعر الغير المسلوك)، وأَنه يعتزم دخول الحرم من ناحية الغرب (عبر الحديبية) أَغاظه ذلك، لأَن النبي بانحرافه ذات اليمين فوَّت على خالد الفرصة إِذ نسف خطته المحكمة التي رسمها لملاقاة المسلمين وضربهم في موقع استراتيجي اختاره هو وعسكر فيه بفرسانه لينقَضَّ منه على المسلمين حالة وصولهم.
ولقد كرَّ خالد بفرسانه راجعًا إِلى مكة ليُبلغَ قادة قريش بما حدث ويتلقى منهم تعليمات جديدة بعد أَن نسف: الرسول صلى الله عليه وسلم خطته الأَساسية باتجاهه بأَصحابه نحو الحديبية بدلًا من التنعم الطريق
(1) مغازي الواقدي ج 2 ص 585 وما بعدها.
[خريطة]
(1)
الطريق الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية عن الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة.
الطبيعي الرئيسي والأَقرب لمن يريد مكة قادمًا من المدينة (انظر خريطة الحرم).
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقصد بتحاشي الصدام مع فرسان خالد في كراع الغمام علي الطريق الرئيسي
…
لم يكن يقصد التراجع عن دخول مكة لأَداء مناسك العمرة .. وإنما يقصد التنزُّه عن سفك الدم وإعطاء قريش فرصة أطول لعلها تعود إلى صوابها، فتخلِّي بينه وأَصحابه وبين البيت ليطوفوا به ويسعوا سالمين ثم يعودوا من حيث أَتوا سالمين كما هي خطتهم منذ تحركوا من المدينة.
ومع رغبة النبي صلى الله عليه وسلم في تجنب الحرب .. وابتعاده لذلك عمّا يؤدّي إلى الصدام المسلح كما فعل عندما تحاشي المرور بفرسان خالد في كراع الغميم .. مع ذلك فقد ظل الجو مكهربًا والموقف على غاية من الدقة.
فالمسلمون قد قطعوا أكثر من مائتين وخمسين ميلًا محرمين بالعمرة، وها هم بعد ذلك السفر الشاق قد وصلوا حدود الحرم ولم يبق بينهم وبين البيت العتيق الذي خرجوا لزيارته سوى عدة أَميال لا تزيد على العشرة.
ومن الصعب عليهم جدًّا، أن يعودوا إلى المدينة دون أَن يحققوا أمنيتهم التي قطعوا كل هذه المسافات الطويلة الشاقة من أجل تحقيقها وهي زيارة البيت العتيق.
وقريش من ناحيتها قد أقسمت أن لا يدخل محمد وأصحابه مكة عَنْوةً .. وحشدت لتبر بهذا القسم الآثم كل إمكاناتها العسكرية، كما