الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستخبارات النبوية في خيبر:
ولم تكن المدينة غافلة عن التحركات المشبوهة التي يقوم بها اليهود في خيبر ضد المسلمين فقد جعلتهم أعمال الخيانة إلى قام بها اليهود في غزوة الأَحزاب على حذر دائم وتنبّه مستمر لكل حركة أَو سكنة تقوم بها الزعامة اليهودية في منطقة خيبر.
ولذلك فقد تبلَّغ النبي صلى الله عليه وسلم من عيونه على اليهود نبأَ المشروع العدواني الذي أَخذ أُسير بن زارم (ماك خيبر الجديد) في الإعداد لتنفيذه ضد المسلمين.
وكان هذا كافيًا لقيام النبي صلى الله عليه وسلم بقتل هذا اليهودي المتآمر الخطير .. إلا أَن النبي القائد صلى الله عليه وسلم أحب التأَكد من هذه الأَنباء قبل الإقدام على أَى عمل كما هي عادته صلى الله عليه وسلم في تحرِّي الأَمور وعدم التسرع في تصديق كل ما يصل إلى أذنه من أخبار.
عبد الله بن رواحة في خيبر:
فاستدعى ثلاثة من أَصحابه على رأْسهم عبد الله بن رواحة (1) أَمره صلى الله عليه وسلم بأَن يذهب مع صاحبيه إلى خيبر المتحرّي عن الذي بلغه من اعتزام (أُسير بن زارم) تحشيد الأَعراب وقيادتهم لغزو النبي صلى الله عليه وسلم ، ومحاربته في المدينة.
فصدع عبد الله بن رواحة الأَمر وانطلق مع صاحبيه حتى دخلوا خيبر متنكرين، وبعد التحرّي والبحث وجدوا أَن الخبر كان صحيحًا كما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم.
(1) انظر ترجمته في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).
وهنا رأَى النبي صلى الله عليه وسلم أَنه لا بد من القيام بعمل حاسم لدرء خطر هذا اليهودي الشرير، لئلا تتعرض المدينة لغزوة أَحزاب أُخرى قد يصعب على المسلمين النجاة من أَهوالها.
لذلك استدعى ثلاثين من أَصحابه وأَعطى قيادتهم لعبد الله بن رواحة، وأَمره بأَن يتوجه برجاله إلى خيبر، وأَن يتصل أَولًا (بأُسير بن زارم) ويحاول بالطرق السامية إقناعه بالتخلي عن فكرة الحشد ومحاربة المسلمين وأن يجنح للسلم والتفاوض مع النبي صلى الله عليه وسلم.
ففي أَوائل شهر شوال من تلك السنة تحرك عبد الله بن رواحة في ثلاثين راكبًا نحو خيبر وحتي إذا ما وصلوا مشاوفها بعث الأَمير عبد الله بن رواحة إلى ملكها (أُسَير) بضم أَوله وفتح ثانيه: بأَنه يرغب في مفاوضته ويطلب منه الأَمان والسماح له ولرجاله بدخول خيبر قائلًا: (نحن آمنون - نعرض عليك - ما جئنا له؟ ) فوافق (أُسَير) على طلبهم قائلًا: نعم، ولي منكم مثل ذلك، فقالوا: نعم (1).
وبعد أَن وثق كل من الفريقين بأَمان الآخر، دخل عبد الله بن رواحة برجاله مدينة خيبر ولدى اجتماعه بملكها (أُسَير بن زارم) أَبلغه بأَنه يحمل إليه رسالة شفوية من النبي صلى الله عليه وسلم.
وكانت الرسالة تتضمن دعوة ملك اليهود (أُسير) الذهاب إلى المدينة ليقابل النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه لينهوا حالة الحرب القائمة بين الفريقين على أَن يبقيه النبي صلى الله عليه وسلم أَميرًا على خيبر
…
حيث قال له ابن رواحة: يا أُسير إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا إليك لتخرج إليه فيستعملك على خيبر ويحسن إليك (2).
(1) طبقات ابن سعد الكبرى ج 2 ص 92.
(2)
انظر سيرة ابن هشام ج 2 ص 618 والحلبية ج 2 ص 306.