الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منا، فما تركنا في أيديهم منا رجلًا إلا استنقذناه، وغلبنا على من في أيدينا منهم، فجئت بستة من المشركين متسلحين أسوقهم، ما يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا، فأَتيت بهم النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسلب ولم يقتل، وعفا (1).
قريش تقتل رجلا من المسلمين:
بل لقد بلغ البغي بقريش إلى أَن أقدمت على قتل أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بقصد استفزاز المسلمين، وكان هـہدف السفهہاء الذين أقدموا على القتل استدراج المسلمين إلى الدخول في حرب شاملة تجعل المتعقِّلين في المعسكر القرشي أمام الأمر الواقع، فيخوضوا حربًا هم لها كارهون
…
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم فوّت على هؤلاء المتطرّفين فرصتهم، إذ التزم جانب الحكمة والحلم والتروّي، فلم يسمح لأن يكون ذلك العدوان الطائش باعثًا للمسلمين على خوض حرب شاملة لا يرغبون فيها.
فقد روى الطبري في تاريخه - بإسناده إلى قتادة - أَن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: زنيم، اطلع الثنيّة من الحديبية، فرماه المشركون فقتلوه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلًا فأتوه باثنى عشر فارسًا من الكفار، فقال لهم نبي الله:"هل لكم عليّ عهد؟ هل لكم عليَّ ذمة؟ " قالوا: لا، قال: فأرسلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المبعوث النبوي عثمان في مكة:
بالرغم من محاولات إحلال السلام التي بذلت جديًّا - بنيَّة صادقة -
(1) تاريخ الطبري ج 2 ص 629.
من قبل النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، ومن قبل بعض الوسطاء الآخرين، فقد ظل الموقف في الحديبية وفي بلدح (1) متوترًا بل زاده توترًا، أَن قام سبعون من سفهاء المشركين بالتسلل - ليلًا - إلى معسكر المسلمين في الحديبية للعدوان، وتمكنوا من قتل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد الحكماء وإمام العقلاء لم يقفل باب الأمل في التوصل إلى حلّ سلمي لهذه الأزمة الخطيرة التي بدت مؤشراتها تشير إلى أنها ستتحول إلى حرب ضروس لا تبقي ولا تذر .. حرب أعلن النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم أنه سيعمل على تجنبها ما وجد إلى ذلك سبيلًا.
كان النبي صلى الله عليه وسلم ليؤكد لأهله وعشيرته نواياه السلمية في مجيئه هذا - قد بعث حال نزوله الحديبية مبعوث خاص إلى قريش، يبلغها - وهي في بلد حسب هذه النوايا وينصحها بالتعقل والتخلي عن فكرة الحرب وكان مبعوثه الخاص هذا -كما تقدم - هو خراش بن أُمية الكعبي ثم الخزاعي.
غير أَن الحمية الجاهلية والعنجهية الوثنية لم تترك فرصة لسادات مكة لينظروا بتعقل في العرض السلمي النبوي الذي حمله إليهم مبعوثه الخاص، فلم يكتفوا برفض هذا العرض السلمي وعدم النظر فيه، بل حاول سفاؤهم قتل حامله خراش بن أُمية، بمجرد علمهم أنه جاءَ يہحمل هذا العرض، فعاد المبعوث النبوي الأول دون أَن يتمكن من إبلاغ قريش هذا العرض السلمي، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ابعث رجلًا - أمنع مني - أي أقوى وأكثر عصبية بين قريش.
(1) هو الوادي الذي كانت قريش فيه بجيوشها أثناء أزمة الحديبية.