الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا له: إن شئت أَن تطوف بالبيت فطف به، وما كانوا ليقولوا له ذلك لولا أَنه في جوار بني عبد شمس وحمايتهم.
غير أَن عثمان رفض عرض القرشيين فقال: ما كنت لأَفعل حتى يطوف رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
وشاع بين المسلمين في الحديبية بأَن عثمان طاف بالبيت، فقال الصحابة: يا رسول الله وصل عثمان إلى البيت فطاف، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ما أظن عثمان يطوف بالبيت ونحن محصورون، قالوا: يا رسول الله وما يمنعه وقد وصل إلى البيت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ظني به أَلّا يطوف حتى نطوف (2).
بئس ما ظننتم:
فلما رجع عثمان إلى الحديبية قال له الصحابة: اشتفيت من البيت يا عبد الله؟ ؟ فقال عثمان: بئس ما ظننتم بي، لو كنت بها سنة والنبي صلى الله عليه وسلم مقيم بالحديبية ما طفت، ولقد دعتني قريش إِلى أَن أَطوف فأَبيت ذلك عليها، فقال المسلمون لرسول صلى الله عليه وسلم: كان أَعلم بالله تعالى وأحسننا ظنًّا (3).
مبعوث السلام يزور المستضعفين في مكة:
وقد انتهز مبعوث النبي صلى الله عليه وسلم قريش عثمان بن عفان فرصة وجوده في مكة والحرية الكاملة التي أُعطيت له في ظلّ جوار قومه بني
(1) تاريخ الطبري ج 2 ص 631.
(2)
مغازي الواقدي ج 2 ص 601 وما بعدها.
(3)
مغازي الواقدي ج 2 ص 602.
أَمية المشركين .. انتهز فرصة وجوده هذه، فقام بزيارة المستضعفين المسلمين من النساء والرجال الذين ظلوا يعيشون داخل المجتمع القرشي المشرك في مكة، لعدم تمكنهم من الهجرة واللحاق بالمسلمين في المدينة، إما لكونهم من النساء، وإما لكونهم من الذين لا عصبية لهم في قريش تحميهم من الاضطهاد، كالموالي أَو كالأَفراد الذين استوطنوا مكة وهم ليسوا من أَهلها.
فقد قام عثمان بزيارة هؤلاء المستضعفين المسلمين في مكة (فردًا فردًا) وبشَّرهم بأَن عهد التخلص من الظلم الوثني قد أَزف وأَن اليوم يكونون فيه أَحرارًا لا يستخفون فيه بدينهم من أَحد بمكة لقريب جدًّا، وقد كان هذا التبشير ضمن رسالة خاصة حملها عثمان إلى هؤلاء المستضعفين من النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
فقد قال عثمان نفسه - فيما يرويه المحدثون عنه ضمن قصة سفارته إلى قريش
…
: ثم كنت أَدخل على قوم مؤمنين من رجال ونساء - مستضعفين فأَقول: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشركم بالفتح ويقول: "أَظلّكم حتى لا يستخفى بمكة الإِيمان"، قال عثمان: فقد كان الرجل منهم والمرأَة تنتعب حتى أَظن أَنه يموت فرحًا بما خبّرته، فيسأَل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخفي المسأَلة، ويشتد ذلك على أَنفسهم، ويقولون: اقرأْ على رسول الله صلى الله عليه وسلم منا السلام، إنَّ الذي أَنزله بالحديبية لقادر أن يدخله مكة (1).
(1) مغازي الواقدي ج 2 ص 601 (نشر جامعة أكسفورد).