الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشادة بين الصديق وعروة بن مسعود:
وكان أَبو بكر الصدّيق واقفًا خلف النبي صلى الله عليه وسلم أَثناء المحادثات فغضب غضبًا شديدًا لقول عروة بن مسعود الذي هدّد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، بقوة قريش وتنقّص أَصحابه، وقال أَبو بكر العروة (غاضبًا): أَعضض بظر اللات، (واللات صنم ثقيف) أَنحن نفرّ عنه؟ ؟ .
فقال عروة: من هذا يا محمد؟ .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا أَبو بكر بن أَبي قحافة.
فقال عروة (يخاطب أَبا بكر): أَما والله لولا يد لك عندي لم أَجزك بها بعد لا أَجبتك (1).
مفارقة رائعة:
ومن عجائب المفارقات التي يستشف منها الدليل القاطع على قدرة تعاليم الإِسلام على تحويل الإِنسان من شيطان مريد إلى آدمي مثالي فاضل نبيل، أَن المغيرة بن شعبة (2) الثقفي (ابن أَخي عروة بن مسعود)
(1) كانت اليد التي لأبي بكر الصديق على عروة بن مسعود أنه كان سيدًا في قومه، يحمل الديات لفض المنازعات القبلية، فحمل مرة دية فاستعان بالأشراف فأعانه بالفريضتين والثلاث وأعانه أَبو بكر بعشر فرائض، فكانت هذه هي اليد التي لأبي بكر عند عروة.
(2)
هو المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود (الثقفي) يكنى بأبي عيسى وأبي محمد، كان من الشباب الفاتك في الجاهلية، طوال من الرجال ضخم قوي، عبل الذراعين بعيد ما بين المنكبين، يعد من الشجعان، وكان من قطاع الطرق والعادين على الناس في الجاهلية، من المهاجرين، أسلم قبل الحديبية وكانت أولى مشاهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. شهد بيعة الرضوان، فكان من أهل الشجرة الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلن الله في القرآن رضاه عنهم (لقد رضي الله عنه المؤمنين =
كان أَحد الذين يتولون حراسة النبي الأَعظم صلى الله عليه وسلم أثناء محادثاته مع عروة.
وكان المغيرة (قبل أَن يهديه الله للإسلام) شابًّا صعلوكًا سكيرًا قاطع طريق، غير أَن اعتناقه للإسلام حوَّله إلى إنسان آخر، صار من الصفوة المختارة والشباب المؤمن القوي الذين اختيروا للقيام بمهمة حراسة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الجوّ الملبد بغيوم الحرب.
= إذ يبايعونك الآية)، وكان من دهاة العرب المشهورين، قال قبيصة بن جابر: صحبت المغيرة فلو أَن مدينة لها ثلاثة أبواب لا يخرج من باب منها إلا بالمكر لخرج المغيرة من أبوابها كلها، كان من قادة الفتح الإسلامي، ولاه الخليفة عمر البصرة، فغزا ميسان وهمذان وفتحها مع بلاد أخرى، حضر حروب الفرس في عهد عمر، وكان ضمن الوفد الذي أرسله القائد سعد إلى قائد الفرس الأعلى للتفاوض ودعوتهم إلى الإسلام أو الجزية أو الحرب، وهو الذي خرق برمحه بساط رستم، وجلس معه على سريره تحديًا، ولما غضب حراس رستم، فجبذوه من الكرسي بالقوة، قال: الآن علمت أن ملككم سيزول، كان أحسن من الذي صنعتم لو أخبرتموني أن بعضكم أربابًا لبعض، إننا معشر المسلمين نتساوى، وفي صحيح البخاري أن المغيرة كان من مستشاريي القائد الثقي الورع العظيم النعمان بن مقرن، فاتح نهاوند التي يسمى فتحها بفتح الفتوح، لأنه لم تقم للفرس بعد فتحها قائمة، عزل الخليفة عمر المغيرة بعد تلك التهمة التي وجهت إليه والتي جلد بسببها الخليفة ثلاثة من الصحابة بسبب عدم ثبوت هذه التهمة شرعًا .. كذلك ولاه الفاروق إمارة البحرين، وكان المغيرة، أول من سلم عليه بالإمارة .. عندما نشب الصراع الدامي المؤسف بين علي ومعاوية، اعتزل المغيرة الفريقين والتزم الحياد، إلا أنه في النهاية بايع معاوية عندما اجتمع عليه المسلمون بعد مقتل أمير المؤمنين علي وتنازل الحسن رضي الله عنهم أجمعين. شهد المغيرة معركة اليرموك التاريخية، وفقد فيها إحدى عينيه، فصار بعدها أعور ويسميه خصومه السياسيون بأعور ثقيف تنقصًا له، ولاه الخليفة معاوية الكوفة فاستمر عليها واليًا حتى مات سنة خمسين، قال الطبري: لا يقع المغيرة في أمر إلا وجد له مخرجًا، ولا يلتبس عليه أمران إلا ظهر الرأي في أحدهما، اشترك المغيرة مع أبي سفيان في هدم اللات طاغية ومعبود ثقيف، وكان قد عرف مصر حيث سافر إليها وقابل المقوقس في الجاهلية وكان إسلامه عقب عودته من مصر.