الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من طريق تقضي بهم إلى مكة دون أَن تمرُّوا بالطريق الذي يرابط فيه خالد بن الوليد بفرسان قريش، فقال صلى الله عليه وسلم:(هل من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها؟ )(1).
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم آمرًا بتغيير اتجاه السير -: تيامنوا في هذا العمل، فإِن عيون قريش بمرِّ الظهران أَو بضجنان، فأَيكم يعرف ثنية ذات الحَنظل؟ .
وبعد أَن سأَل ما إِذا كان أَحد من أَصحابه يعرف طريقًا إِلى مكة لا تمر خيل خالد بن الوليد، ويعرف ثنيّة ذات الحنظل قال بُريدة بن الخصيب الأَسلمي: أَنا يا رسول الله عالم بها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اُسلك أَمامنا.
وقد سلك الدليل بالنبي صلى الله عليه وسلم وأَصحابه ذات اليمين بعد أَن انحرف بهم عن الجادة، فسلك بهم طريقًا وعرًا غير مطروق، وما زالوا يسيرون في مسالك مجهولة، وعرة حتى أَفضوا إِلى سهل الحديبية، عبر مضيق (ذات الحنظل).
النبي وأصحابه يضلون الطريق عدة مرات:
وبسبب كون المسالك التي سلكها النبي صلى الله عليه وسلم وأَصحابه مهجورة وليست من الطرق المعروفة إلا لدى أَفراد قلائل من بادية المنطقة، لقى النبي وأَصحابه عَناءً شديدًا أَثناءِ مرورهم بهذا الطريق.
(1) سيرة ابن هشام ج 2 ص 309.
فقد ضلوا الطريق إلى الحديبية ثلاث مرات بعد أَن فشل ثلاثة من بني سُليم (العالمين بمسالك المنطقة) في معرفة هذا الطريق، وتحيّروا فيها، بالرغم من أَنه قد سبق لهم أَن مروا بها عدة مرات.
فقد جاءَ في (مغازي الواقدي ج 2 ص 583)، أَن الدليل الأَول (بريدة بن الخصيب الأَسلمي) قاد النبي وأَصحابه في طريق متعرّج كان قد سلكه عدة مرات قبال جبال سراوع قبال الغرب، فسار قليلًا تنكّبة الحجارة وتعلقه الشجر، وحار حتى كأَنه لم يعرفها قط، فقال بريدة:(وكأَنه أَعلن فشله في معرفة الطريق): فوالله إِن كنت لأَسلكها في الجمعة مررًا.
فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم حائرًا لا يتوجه، قال له: اركب، ثم نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رجل يدلنا على طريق ذات الحنظل؟ فنزل حمزة، بن عمرو الأَسلمي فقال: أَنا يا رسول الله أَدلّك، فسار قليلًا ثم سقط بهم في خَمر الشجر فلا يدري أَين يتوجه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اركب، ثم نادى صلى الله عليه وسلم مرة أُخرى: من رجل يدلنا على طريق ذات الحنظل، فنزل عمرو بن عبد نهم الأَسلمي فقال: أَنا يا رسول الله أَدلّك، فقال: انطلق أَمامنا، فانطلق عمرو أَمامهم حتى نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى الثنية فقال: هذه ثنيّة ذات الحنظل؟ فقال عمرو: نعم يا رسول الله، فلما وقف على رأْسها تحدّر به. قال عمرو: والله إنْ كان ليهمني نفسي وجدّي، إِنما كانت مثل الشراك فاتسعت لي حتى برزت وكانت محجة لا حبة، ولقد كان النفر يسيرون تلك الليلة جميعًا معطفين من سعتها يتحدثون.