الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم أَحبط محاولة خالد الغادرة إِذ صلى بأَصحابه صلاة الخوف) قال الواقدي: (فحانت العصر فأَذَّن بلال، وأَقام، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مواجهًا القبلة والعدو وأَمامه وكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر الصفان جميعًا، ثم ركع وركع الصفان جميعًا، ثم سجد فسجد الصف الذي يليه وقام الآخرون يحرسونه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم السجود بالصف الأَول وقاموا معه، سجد الصف المؤخر السجدتين، ثم استأَخر الصف الذي يلونه، وتقدم الصف المؤخر، فكانوا يلون رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاموا جميعًا، ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم فركع الصفَّان جميعًا، ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد الصف الذي يلونه، وقام الصف المؤخر يحرسونه مقبلين على العدو، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأْسه من السجدتين سجد الصف المؤخر السجادتين اللتين بقيتا عليهم، واستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا فتشهد، ثم سلم عليهم، فكان ابن عباس يقول: هذه أَول صلاة صلّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوف.
وعن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع، ثم صلّاها بعد بعسفان بينهما أَربع سنين (1)، قال الواقدي: وهذا أَثبت عندنا.
الحديبية بدلا من التنعيم:
ومع كل ما أَقدمت عليه قريش من تحدّ واستفزاز بحشد جيوشها وإعلانها أَنها ستصد المسلمين عن المسجد الحرام، وبالرغم من تكليفها
(1) انظر تفاصيل غزوة ذات الرقاع في كتابنا (غزوة الأحزاب) الفصل الأول.
قائد سلاح فرسانها خالد بن الوليد باعتراض سبيل المسلمين في الطريق ومحاولة الهجوم عليهم في عُسفان إن أَمكنه ذلك، وهو ما قام به خالد بن الوليد (فعلًا) كما تقدم، الأَمر الذي يعتبر (صراحة) عملًا حربيًّا تقوم به قريش (بغيًا وعدوانًا ضد المسلمين) مع كل هذا قرر النبي صلى الله عليه وسلم أَن يتحاشى الصدام المسلح مع خالد بن الوليد الذي قطع الطريق على المسلمين بخيله محاولًا استدراجهم إِلى الاشتباك معه وجرَّهم إلى خوض حرب ما جاؤوا لها ولا يرغبون فيها.
وقد كان قرار النبي هذا نابعًا من حرصه على حقن الدماء التي لا مبرر لإِراقتها وخاصة في تلك الظروف التي لم يأْت فيها لحرب وإنما جاءَ (فقط) زائرًا لبيت الله الحرام.
لذلك قرر أَن لا يمر (في طريقه إِلى مكة) بالطريق الرئيسي الذي سدَّه خالد بن الوليد بمائتين من الفرسان، والذي لا يمكن للنبي وأَصحابه أَن يمرُّوا به دون أَن يشتبكوا مع خالد وفرسانه في صدام مسلح.
لقد كان المفروض أَن يستمر النبي صلى الله عليه وسلم وأَصحابه في تحركهم من عسفان نحو الجنوب في اتجاه مكة (عبر التنعيم)(1) وهو الطريق الرئيسي المعتاد أَن يطرقه كل من يقصد مكة من المدينة.
ولكنه بناءً على القرار الذي اتخذه بتجنب الاشتباك مع فرسان خالد بن الوليد - وبالتالي بتجنب القتال مع قومه بصورة عامة، ما وجد إِلى ذلك سبيلًا - فقد قرر أَن يغيّر اتجاهه بحيث يمكنه المرور بأَصحابه
(1) التنعيم، قال في مراصد الاطلاع:(موضع بمكة خارج الحرم، وهو أدنى الحل إليها على طريق المدينة وهو على ثلاثة أميال عن مكة).